وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

جامعة زيان عاشور

كلية الحقوق والعلوم السياسية

قسم العلوم السياسية

 

مقياس : التحرير الاداري                            السنة : الثالثة ليسانس/السداسي الثاني

أستاذ المقياس: د بن احمد علي                     تخصص : تنظيمات سياسية وإداريــــة

السنة الجامعية : 2019-2020

 

 

 

         ما تعريف التحرير الإداري ؟

 

         هو نمط من أنماط الكتابة ، أو هو فنٌ من فنونها المختلفة ، كالتحرير الأدبي ، أو الفلسفي ، أو القضائي وغيرها ...إلا أن هذا الفن يختص بالنشاط الإداري ، حيث النصوص الإدارية ، المراسلات ، وما له علاقة بالإدارة عموما ، فهو أسلوب الاتصال بين الإدارة ذاتها أو بين الأشخاص الاعتبارين والإدارة .

 

         ولا يمكننا أن نحصر أنواع المحررات التي تصدر عن الإدارة جميعها، لكثرتها وتنوعها من جهة إلى أخرى حسب نشاطاتها ، لكنها قد تلتقي في عددٍ من المحررات الواسعة الاستعمال ، كالرسائل العادية مثلا، أو جداول الإرسال ، أو رسائل الإحالة ، أو المحاضر بأنواعها ، أو التقارير المتعددة الأغراض أو المناشير ، أو المذكرات الداخلية  ، وغيرها مما  نفصل فيه لا حقا ...

 

         والمعلوم أن للتحرير الإداري أسلوبا خاصا ، يختلف بطبيعة الحال عن الأساليب الأخرى من حيث التحرير ، فهو يتم بالدقَّة ، فلا يجب أن تكون العبارة المختارة عند التحرير فضفاضة لا تؤدي المعني المقصود أو يفهم منها معانٍ كثيرة ، ويجب أن يكون هنا وضوحا كاملا لا لبس فيه ، مجردا وموضوعيا .

 

         ولكل هذه الوثائق المشار إليها أعلاه صفة الرسمية ، فهي وثائق إدارية صادرة عن جهات رسمية مخولة قانونا ، فهي تحمل رقم تسجيل وتاريخ انجاز أو صدور وإمضاء مسؤول وختما رسميا.

 

         والجدير بالملاحظة أن عملية  التحرير عموما  تعتمد على الرصيد العلمي الذي يحوزه المحرر أو تحصل عليه من خلال التجربة واكتساب الخبرة في العديد من الإدارات والمؤسسات العمومية وغيرها... أو من كثرة اطلاعه عن تلك الوثائق الإدارية أو من خلال النصوص المنشورة في الجرائد الرسمية أو المناشير الوزارية أو الوزارية المشتركة ، والقرارات بمختلف أنواعها أو الرسائل ، ورسائل المنشور ...  فليس هناك نمط واحد يعتمد عليه عند عملية التحرير.

 

         من هنا وبناء على ما سلف سندرس ذلك بصفة مرتبطة ومسلسلة حتى نتمكن من الإلمام بالموضوع ومن ثمَّ سهوله استيعابه وفهمه.

المحور الأول / الوثائق الإدارية .

 

 

1-  المحررات الإدارية .

 

            ذكرنا أن المحررات الإدارية كثيرة ومختلفة من إدارة إلى أخرى ، واشرنا أن بعضها وخاصة ذات لاستعمال الواسع قد تشترك في الصياغة – في اختيار جمل قصيرة مفهومة ، دقيقة وواضحة، لا لُبْس فيه ولا غموض - وكذا الشكل .ولكنها تختلف باختلاف مقدرة محرريها ، فهو وإن كان ملزما بالأسلوب الإداري ، فقد يحتاج في الكثير من الأحيان أثناء التحرير لمرادفات وعبارات يفرضها الواقع العملي خاصة في بعض  التقارير والرسائل المهمة.

 

 

اهم المراسلات الادارية الواسعة الاستعمال.

 

        من اهم المراسلات الادارية  نذكر:

 

1-  الرسائل لإدارية:

 

               الرسالة الإدارية هي ذاك الكتاب الذي ترسله الإدارة إلى مصالحها الخاصة الداخلية أو غير المُمَركز أو إلى أشخاص اعتباريين أو طبيعيين غايته تبليغ كتابيا مسألة ما أو إخطار بنتائج تم الوصول إليها، أو فكرة ظهرت في هذا الملف أو غيرها.

 

               والواضح إنه لا يقتصر دور الرسالة الإدارية  فيما ذكرنا بل يتعداها إلى مجالات أخرى فقد تستعمل في بعض الأحيان إلى إحالة بعض الوثائق الهامة ، قد تكون سرية أو ذات أهمية قصوى ، فقد تشبه هنا جدول الإرسال ولكن في شكل آخر.وقد تكون رسالة إخطارٍ تشبه المذكرة الداخلية كان تأمر بالتزام أو النهي عن ممارسة اعتادها الموظف في تلك المؤسسة أو تلك الإدارة ؛ وقد تستعمل الرسالة الإدارية لأغراض كثيرة ومتنوعة أخرى...

 

 

عناصر الرسالة الإدارية :

 

 

    للرسالة الإدارية عناصر شتى نذكرها كالتالي :

 

             الطابع الرسمي للجهة التي صدرت عنها ، التسجيل أو الرقم التسلسلي ، مكان الصدور والتاريخ ، بيان صفة المُرسل ، بيان صفة المرسل إلية وعنوانه ، الإشارة إلى الموضوع باختصار، ذكر المرجع أو المراجع إن وجدت ، الإشارة إلى المرفقات وعددها  ،  المَتْن أو مضمونها ، عبارة المجاملة إن كانت تجب ، التوقيع والختم ، الإشارة في أسفل الرسالة في الجهة اليُمنى الغرض من الكتاب .

1-  الطابع الرسمي للجهة التي صدرت عنها :

 

         المقصود من ذلك تحديد الجهة الإدارية التي حررت تلك الرسالة، كأن تكون مثلا ولاية كذا ، مديرية كذا ، المديرية الفرعية كذا أو مصلحة كذا ، وهذا يبين بوضوح للمرسل إليه الجهة المخاطبة ، فيتمكن من الاتصال بها ومخاطبتها بكل سهولة .

 

2-  التسجيل أو الرقم التسلسلي :

 

هذه العملية مهمة جدا وغايتها إضفاء الطابع الرسمي على تلك الوثيقة ، فالرقم يؤخذ من السجل الرسمي للصادرات  ( - الرسمية- هنا أن هذا السجل يكون مُرقما ومُؤشر على كل صفحة منه موضوع عليها ختم الإدارة المعنية وممضي من طرف المسؤول المؤهل تحت العبارة التاليــة : - سجل خاصة بالمراسلات الصادرة يحتوي على كذا صفحة، مؤشرة قمنا نحن – ذكر الصفة – بإمضائه بتاريخ اليوم .

 

         للإشارة فأن الرقم التسجيل هذا يُتبَع عادة بالحروف الأولي للجهة الرسمية المُصدرة للمراسلة، وهذا لتسهيل العودة للملف، خاصة إذا ما طال الزمان وأصبحت تلك الوثائق أرشيفا.

 

 

3-  مكان الصدور والتاريخ :

 

لابد من ذكر المكان وبجانبه مباشرة تاريخ تحرير الرسالة ؛ فقد تقول أما يكفي الطابع الرسمي للجهة التي صدرت عنها تلك الرسالة ؟ نقول نعم ولكن قد  يكون الطابع الرسمي لوزارة مثلا والمراسلة صادرة عن جهة تابعة لها غير مُمركزة ، وتحتاج المراسلة الإدارية إلى تاريخ ، والتاريخ يُمَكن من حساب المواعيد، والمواعيد من النظام العام ، علما أن المراسلة الإدارية وثيقة رسمية مُعدّة بصفة قانونية ، يمكن الاحتجاج بها عند الضرورة أمام الجهات القضائية المختصة.

 

 

4-   بيان صفة المُرسل :

 

قد يكون المسؤول الأعلى في الإدارة أو من فَوَّضه تفويضا رسميــــــا – بمقتضى قرار إداري – والتفويض كما نعلم يكون في حدود الصلاحيات الممنوحة للمفوض له وفق قرار التفويض لا يمكنه أن يتجاوزها بأي حال من الأحوال- ، ومثال ذلك : الوالي ، عن الوالي، مدير الإدارة المحلية ...

 

هام : هناك من أصحاب الوظائف العليا في الدولة لا يحتاجون إلى تفويض بالإمضاء مكتوبا  من قِبَلِ المسؤول الأعلى إذا خولهم القانون هذه الصلاحيات، فهم بقوة القانون يؤدون تلك المهام، ومن الأمثلة عن ذلك الأمين العام للولاية فلا يمضي الوثائق الإدارية جميعا  تحت عبارة – عن الوالي الأمين العام مما يوحي أن له تفويضا من طرف الوالي- بل يمض كل الوثائق تحت عبارة: الأمين العام للولاية.

 

 

 

 

5-  بيان صفة المُرسل إليه وعنوانه :

 

المُرسل إليه قد يكون شخصا اعتباريا أو شخصا طبيعيا فالإشارة إلى الشخص الاعتباري مع العنوان تكون كالتالي : إلى السيد مدير الفلاحة والإصلاح الزراعي لولاية كذا ، أما إذا تعلق الأمر بشخص طبيعي تكون كالتالي : إلى السيد فلان أو السيّدة أو الأنيسة فلانة الساكن بالعمارة رقم ... رقم الشقة... مدينة أو قرية كذا.  

 

6-   الإشارة إلى الموضوع باختصار :

 

الموضوع هو عبارة عن موجز مختصر لمتن الرسالة ، فبمجر قراءته تكون عندك معرفة لمحتوى الرسالة ، ما ينقصك إذ ذاك إلا التفاصيل ، ومثال ذلك، الموضوع : ف/ي بملف ترقيتكم الاختيارية  ، أي فيما يتعلق بطلبكم الترقية في الرتبة بنمط الاختيار- كون الموظف تتوفر فيه الشروط المطلوبة المنصوص عليها في القوانين الخاصة ، مما جعله يُقيَّدُ على قائمة التأهيل حين إعداد مخطط الموارد البشرية.

 

 

7-  ذكر المرجع أو المراجع إن وجدت.

 

ليس بالضرورة أن تكتب المرجع أو المراجع وتتركها خاوية، اعتقادا منك المحافظة على الشكل فلا تكتب المرجع أصلا إذا لم يكن هناك مرجعا؛ المرجع يكتب لتنبيه المُرسل إليه بتلك الرسالة أو ذاك القانون أو النص التنظيمي، حتى يتمكن من الرجوع إليه ومعالجة الموضوع وفقه ، وقد يكون المرجع في بعض الأحيان : لقاء تم َّ أو اجتماع عُقِد أو مكالمة هاتفية .

 

 

8-  المرفقات وعددها.

 

يعبر عن المرفقات تلك الوثائق التي يجب إرفاقها مع الرسالة لتمكن الجهة المُرسلة إليها من الاطلاع عليها وبسط الرقابة  لتعزيز ما ورد في الموضوع ، ويجب عدّها وجردها بصفة تدقيقية ؛ فان لم تكن هناك مرفقات فلا ضرورة للإشارة إليها أصلا.

 

9-  المُتن أو مضمونها: 

 

المتن هو صلب الرسالة الذي يعبر عن الدافع والهدف من كتابتها وقد يتضمن هدفا أو أهداف يرمي إليها ذاك الخطاب ، أو طلب صريح أو التماس أو غير ذلك من ما هو مشروع .

 

     10-عبارة المجاملة ان كانت تجب :

 

         في بعض المراسلات لا تجب عبارة المجاملة ،  كالمراسلات التي تقع بين المرؤوس ورئيسه                         بين الوالي مثلا ورئيس الدائرة ، بين الوزير والوالي بين إدارة وأخرى .

         لكنها تبقى بين الإدارة والأشخاص المطبعيين كعربون تقدير للمواطن والمقيم على السواء.  

        ويعبر عنها في أغلب الرسائل بالتالي:  تقبلوا مني سيدي فائق الاحترام والتقدير ...

 

 

     11-التوقيع والختم:

 

 

         الرسالة الإدارية كما ذكرنا لها صفة الرسمية ، يحتج بها أمام الجهات القضائية المختصة إذا مــا

         وقع نزاع، ولذلك يلزم الإشارة الى الاسم الشخصي لموقعها فضلا عن صفته الوظيفية فلا يجوز

         تركها مبهمة ، وتختم بالختم الرسمي للمؤسسة أو الإدارة العمومية .

 

 

     12- الإشارة في الجهة اليُمْنى من الرسالة إلى الغرض من الكتاب:

 

           قد تكون نسخ من الرسالة موجهة إلى عدّة جهات ،فإنه يشار إلى هذه الحالة لإبلاغ الجهــــــة         

          المُرسل إليها الغاية والهدف من مخاطبتها، وقد تكون كالتالي:  " لكل غاية مفيدة " أو "نسخــة

          للاطلاع" أو " نسخة عرض حال " أو " للمتابعة " أو " للتنفيذ " أو للدراسة   وإعطاء الرأي "

          أو للتأكد وموافاتي بالنتائج " وغيرها ..

 

1-  جدول الإرسال :

 

ماهو جدول الإرسال ؟ وما هي عناصره ؟

 

جدول الإرسال وثيقة إدارية مُوحدة ين مخلف الإدارات ، كثيرة الاستعمال لبساطتها وسهولة وسرعة تحريرها ، فقد لا تتطلب من الموظف خبرة في التحرير الإداري ولا مستوى ثقافي كبير ولا رتبة إدارية سامية ، ذلكم أن هذه الوثيقة الإدارية ترمي إلى إحالة وثائق إدارية واخرى من جهة إلى جهة ، فهي عبارة عن جرد لتلك الوثائق وتحويلها إلى مبتغاها مع إلزامية الجهة المرسلة إليها بضرورة التأشيرة بالاستلام على نسخة مطابقة لجدول الإرسال نفسه الذي ينجز عادة من نسختين . وبذلك يكون لهذه الوثيقة أهمية كبيرة ومصداقية عالية بين الإدارات والمتعاملين معها.وهنا يمكن القول إن أنت استعملت هذه الوثيقة الإدارية استعمالا سليما ،ـ فلا حاجة لك في عند التبليغ خاصة بين المصالح الإدارية من مُحْضر قضائي أو جهة رسمية أخرى أو إشعار بالاستلام من مصالح البريد.

 

         ولجدول الإرسال عناصر أساسية شبيهة لعناصر المراسلة الإدارية ، فلا تَشُذ عنها إلا في بعض النقاط  ذكرناها سابقا وهي : الجهة المرسلة ، التسجيل ، مكان الصدور والتاريخ ، صفة المرسل ، صفة المرسل إليه ، الإمضاء والختم الرسمي .ولقد اشرنا إلى ذلك تفصيلا أعلاه.

 

2-  المحضــــــــر الإداري:

 

المحضر وثيقة إدارية كثيرة الاستعمال ، لا تستغني عنها الإدارة ، انواعها كثيرة ومتفرعة ، منها ما يتطلب تقنيّة خاصة ومَعْرِفة معتبرة في فن التحرير الإداري ، ومنها ما هو عادي  والمحضر من المراجع الأساسيَّة التي يُعتمد عليها في الإثبات ، وسنبين ذلك بالتفصيل لاحقا.

 

         هناك نماذج من المحاضر تكون لها صياغة موحّدة كمحضر التنصيب ومحضر التثبيت ومحضر التبليغ ... وهناك أخرى تتطلب التحرير الدقيق كمحضر المعاينة او محضر سماع شهود أو محضر إثبات واقعة ... وكلها تصب في وعاء واحد من حيث المِهنية في الصياغة مع توخي  الدقة والاختصار والعمل على تجسيد الواقعة .

 

         وسنتناول بالبحث  بعض أنواع المحاضر المتداولة في المؤسسات والإدارات العمومية كنموذج من خلاله أهمية هذه الوثيقة الإدارية في الحياة المهنية للموظف من جهة وحجيتها القانونية من جهة أخرى:

 

1-  محضر التنصيب أو التسمية :

 

من المعروف أن الشخص حينما يوظف بالإدارة يتم تعيينه بمقتضى قرار أو مقرر تعيين في مهامه الجديدة ، وان هذه الوثيقة الإدارية – القرار أو المقرر– التي تم انجازها من طرف مصلحة المستخدمين تكون قد خضعت لكل الإجراءات القانونية المعروفة ، من انجاز المشروع إلى التأشيرة عليه من قِبَلِ مصالح المراقبة وتم ترقيمها وتأريخها  وإمضائها من الجهة الإدارية الصادرة عنها ، وبذلك تخرج من المشروع إلى القرار الذي  لا يمكن الغاؤه إلا بقرار مثله تجسيدا لقاعدة توازي الأشكال ، ومن ثمّ يتطلب تجسيده ميدانيا بمحضر التنصيب.

    قرار التعيين هذا يتضمن عادة في مادته الأولى : يعين فلان بصفته كذا وقد يشير إلى تاريخ تعيينه في بعض الأحيان ،وقد لا يشير له ؛ ففي هذه الحالات يُعتَمد على المحضر لحل الإشكال الذي قد يظهر عند :

 

-       العمليات المالية لدى مصالح المحاسبة حيث بداية مباشرة العمل.

-       الترسيم أو التثبيت لأنه محدد بسنة تربص أو بأكثر من ذلك وفق ما تنص عليه القوانين الخاص بكل سلك.

-       الترقية الاختيارية.

-       حساب الأقدميّة عموما...

 

قد يقول القائل أنه لا جدوى من محضر تنصيب إذا كان قرار التعيين يتضمـــــن

تاريخ التسمية ، نقول انه قد لا ينصب في التاريخ نفسه لسبب ما مما يجعله لا يباشر عماله لدى الجهة المعيين عندها فعليا ،  فمحضر التنصيب ينهي الإشكال ، ويتضمن المحضر التالي :

 

في يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا ( وهو تاريخ الفعلي لمباشرة العمل ) قمنا نحن ( صاحب العمل ) بتنصيب فلان ( الموظف ) في مهامه الجديدة بصفته ( ذكر السلك أو الرتبة ) تطبيقا لقرار التسمية الصادر عن ( ذكر  الجهة الإدارية ، رقم القرار وتاريخ تسجيله )

اقفل المحضر في اليوم والشهر والسنة أعلاه ، وأمضاه معنا المعني .

 

         فالمحضر إذن وثيقة إدارية أساسية، يُكَوِّن حجيّة قانونية، خاصة في المواعيد .

 

          وعلى ذكر المواعيد، وللمزيد من التوضيح فانه في غياب هذه الوثيقة الإدارية، وعند وقوع نزاع إداري أمام الجهات المختصة:

 

- فان القاضي لا يمكنه بسط رقابته على ملف القضية من حيث المواعيد – والمواعيد من النظام العام – ومثال عن ذلك : الموظف المُحال على لجنة الطعن يبلغ رسميا  بمقتض محضر تبليغ بقرار اللجنة 

ليتمكن في المدة القانونية المحددة من رفع دعوى أمام المحكمة الإدارية [1]؛ فعدم وجوده يعرض دعواه إلى الرفض شكلا.

 

- فان رئيس اللجان المتساوية الأعضاء عند دراسة ملف الموظف لا يمكنه في غياب المحضر من اتخاذ القرار – سواء في استئناف القضية إذا ما تعلق الأمر بملف تأديبي أمام لجنة الطعن ، أو في الترسيم أو التثبيت أو الترقية ...

 

2-محضر التثبيت أو الترسيم:

 

         هذه الوثيقة الإدارية لا تختلف كثيرا عن سابقتها ، فهي تأتي لتجسيد عملية إدارية تمت هي الأخرى بمقتضى قرار إداري أنجِز وفق الأشكال الإدارية المعروفة ، فالوثيقة تلك تحدد تاريخ تَحَرُّرِ هذا المستخدم  من وضعية التربص، ليصبح موظفا ينتمي إلى قطاع الوظيفة العمومية.

 

3-محضر التبليــــــــــــــــــغ :

 

         تستعمل هذه الوثيقة بصفة واسعة في الإدارة ، فبمقتضاها  تُبلغ الوثائق الإدارية المختلفة لأصحابها أو للجهات الإدارية – أشخاص طبيعيين أو اعتباريين – فهي تمضى من الطرفين المُبلَغُ والمبلغ له  إيذانا بالاستلام والتسلم للوثيقة أو الوثائق ، فهي تشبه إلى حد كبير جدول الإرسال .

 

4-محضر المعاينــــــــــــــــة :

 

         هذه الوثيقة الإدارية تأتي عادة إذا ما تطلب أمر ما توضيحا اضافيا لمسألة ما أو واقعة حدثت تتطلب من الجهة المعنية دراستها والقضاء فيها ، فتَعْمَد الإدارة على تعيين موظف عمومي للقيام بالمعاينة بناء على نقاط محددة مسبقا لتلك المهمة ؛ وعليه أن يحرر محضرا يقدمه للجهة المعنية في الآجال التي منحت له.

 

6-محضر الاجتمـــــــــــــــاع :

 

         تعمد بعض الجهات الإدارية الى تدوين مجريات ما يدور ف الاجتماعات في سجل رسمي تستصدر منه عند الضرورة نسخ في شكل محاضر ، ولا تعمل جهات أخرى بهذا الإجراء كأن تؤخذ رؤؤس أقلام من طرف كاتب الجلسة الذي يحرر المحضر فيما بعد . و ينقل على محضر الاجتماع هذا كل ما دار في تلك الجلسة بصفة دقيقة وواضحة خاصة إذا ما تعلق بقرارات هامة، وتعد هذه الوثيقة الإدارية مصدرا أساسيا يعاد إليها عند كل إشكال قد يقع.

 

         وتجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من المحاضر الأخرى نذكر منها : القضائية  وشبه القضائية  والتي تصدر عن مديريات أخرى: كالجمارك ، والمالية ، والغابات ، والتجارة ،  متداولة في الحياة العملية.

         وللمحاضر جميعها عناصر مشتركة تضبط الشكل، و يكون التغيير طفيفا حسب الحالة وهي:

 

أ‌-      الرأسية.

ب‌-   الجهة المعنية أو الطابع.

ت‌-   التسجيل.

ث‌-   عنوان الوثيقة .

ج‌-    الإمضاء والختم.

ح‌-   إمضاء الطرف الثاني للوثيقة أو الأطراف الأخرى المعنية.

 

1-  التقريــــــــر الإداري:    

 

          يختلف التقرير الإداري عن محضر المعاينة مثلا أو محضر الاجتماع ، بالرغم من اشتراكهما في العديد من العناصر وتقنية التحرير ، فتحرير هذه الوثيقة الإدارية الهامة تسْنَدُ لذوي الاختصاص من الموظفين الذين لهم باع في هذا الميدان ، لأن التقرير عادة ما يتضمن قرارات مصيرية قد لا يمكن جبرها إذا ما حادت عن الصواب ، فهي تتم بتوجيهات السلطة العليا بعد التحري  و التدقيق والتأكد .

 

        فالتقرير الذي ينجز على مستوى المصالح القاعدية يراعى فيه بعض القواعد الابتدائية  المعروفة في الإدارة منها احترام السلم الإداري ، عدم تقديم الرأي القطعي ولا الاقتراحات  للمسؤول الأعلى، بل الاكتفاء بالوقائع كما هي ؛ في حين يختلف التقرير الموجه من جهة عليا غير ممركز إلى الجهة الأعلى المُمَركز في أن يحاط بسرية كاملة لا يطلع عليها إلا صاحب الوظيفة العليا والمحرر الذي أوكلت له مهمة إعداده.

 

ويجب أن نعلم  أن التقرير الإداري يرمي إلى أهداف مختلفة في التسيير اليومي لدواليب الإدارة  فالتحرير ضرورة يفرضها الواقع الميداني المعاش ومن الأمثلة عن ذلك التالي :

 

أ‌-      التقرير الصادر عن المسؤول الأعلى الموجه للمسؤول المركزي حول نقل أو عزل أو استبدال موظف سامي  اخل بالتزاماته .

ب‌-   التقرير المتضمن إفادة السلطة الحاكمة عن وضعية كارثية بدأت بوادرها تظهر.

ت‌-   التقرير المتضمن الوضعية العامة لجهة معينة قصد التحري واتخاذ القرارات اللازمة في الوقت المناسب.

ث‌-   التقرير المتضمن الوقوف على احتياجات معيبة لفائدة المرفق العام تتطلب التصويب الفوري.

 

1-  أنواع التقاريـــــــر:

 

لا يمكن أبدا حصر التقارير المتداولة بين أجهزة الدولة ، وذلك لكثرتها واختلاف أهدافها وغايتها ، فكل تقرير له موضوع خاص يعالج مسألة محددة  بذاتها ، لكنها تشترك في الشكلية مثلها مثل العديد من الوثائق الإدارية وبيَّنا ذلك سلفا.

 

2-  عرض الحــــــــــال:

 

                  قد يتبادر إلى الذهن أن عرض الحال هو تقرير إداري بشكل مُبسط ومُختصر ، لكن الحقيقة عكس ذلك ، فعرض الحال عبارة عن وثيقة يُخْطِر من خلالها موظف عادي أو مسؤول المسؤول الأعلى أو السلمي لاطلاعه على مسألة ما أو خبر عاجل ، أو نتائج مهمة إدارية رجع منها ، أو ما وقع من أحداث في اجتماع ما ، او قرارات  تمت المصادقة عليها في ذاك الاجتماع وغيرها.



[1] )- آجال الطعن حدّدته المادة : 75  بشهر واحد ابتداء من تاريخ التبليغ الرسمي – الأمر رقم 06-03 المؤرخ في 15 يوليو 2006 المضمن القانون الأساسي للوظيفة العمومية

وعرض الحال وثقة إعلامية مكتوبة وممضاة من طرف مُرسِلها فلا يمكن ان تكون شفهية أو عن طرق الهاتف ، فقد لا يصمد الخبر كما هو ، وقد يتغير المضمون والمحتوى سهوا أو عمدا

 

.مما سبق نستنتج أن لهذه الوثيقة خصائص نوجزها في نقطتين أساسيتين:

 

أ‌-      تمكين المسؤول الأعلى من الاطلاع على ما وقع بالتفصيل .

 

ب‌-    تمكينه من لاتخاذ القرار اللازم في الوقت المناسب.

 

ت‌-   من خلال ما عرضنا يتبين لنا أن عرض الحال يختلف اختلافا جوهريا عن التقرير الإداري  لا من حيث  السرعة في انجازه ، ولا من حيث تمكينه الجهة المعنية ، ولا إحاطته بالسرية الكبيرة ولا من حيث مصدره ، فقد يكون صادرا عن موظف عادي لا ينتمي لأصحاب المناصب النوعية  ، ولا من حيث الموضوع أو  المتن ، ولا من حيث سَرْد الوقائع .

 

 

1-  القرار الإداري أو المقرر و المقررة :

 

أ/ القرار:

 

                  القرار الإداري في نظام الوظيفة العمومية  تصدره السلطة التي لها حق التعيين ، بمفهوم المرسوم رقم : 90-99 المؤرخ في : 27 مارس 1990 المتضمن سلطة التعيين والتسيير الإداري للموظفين وأعوان الإدارة المركزية والولايات والبلديات والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري [1] والقرارات الأخرى تصدر وفق متطلبات الحال عن الجهات الإدارية ذات الصِلَة أو المقررة تصدر عن مسئولين خولهم القانون ذلك ؛ وفي الأمر تفصيل ...

 

         والمعروف أن السلطة الإدارية التي تصدر القرار تتمثل في : الوزير ، الوالي ، رئيس المجلس الشعبي البلدي ، ولهؤلاء وحدهم الحق على إمضاء القرارات الإدارية   ويمكنه تفويض الإمضاء على هذه الوثيقة الإدارية الهامة - المتعلقة أساسا بتسيير الموارد البشرية -  وفقا لما هو منصوص عليه في المادة الثانية من  المرسوم السالف الذكر التي جاء فيهها:

 

        " يمكن ان تمنح لكل مسؤول مصلحة ،سلطة التعيين وسلطة التسيير الإداري للمستخدمين الموضعين تحت سلطته."

         ونصت الفقرة الثانية على التفويض بالإمضاء :

 

       " وفي هذا الإطار يتلقى مسؤول المصلحة تفويضا بقرار من الوزير المعني بعد أخذ رأي السلطة المكلفة بالوظيفة العمومية."

 

         قد يكون القرار الإداري فردي ، كقرار التسمية أو التعيين ، أو قرار الترسيم أو التثبيت، أو قرار الترقية في الرتبة  ، أو قرار النقل ، أو قرار الانتداب أو الاستيداع وغيرها ... وقد يكون القرار جماعي كالترقية في الدرجات يستصدر منه القرارات الفردية ...

 

         ومن المفيد معرفته أن القرارات المتعلقة بالمسار المهني للموظف انطلاقا من قرار التسمية إلى قرار انتهاء علاقة العمل بينه وبين الإدارة بسبب : الاستقالة ، أو الإقالة،  أو الغزل ،  أو الوفاة، أو التقاعد تخضع إلزاميا لتأشيرة مصالح المراقبة ( الوظيفة العمومية و المراقبة المالية ).

 

         ونشير أيضا إلى أن هناك قرارات أخري تصدر عن وزارات مختلفة قد تكون تنفيذيَّة أو تنظيميَّة وتسمي بالقرار الوزاري؛ في حين إذا اشتركت معها وزارة أو وزارتين تسمى بالقرار الوزاري المشترك.

 

          ب/ المقررة:

 

         بالرغم من أن  المقررة قد تكون لها في بعض الأحيان قوة القرار ( كالتسمية المؤقتة قبل التعيين الرسمي بمرسوم  لبعض الإطارات السامية في الدولة في الوظائف العليا ) فإن هذه الوثيقة الإدارية تختلف عن القرار كونها تستعمل للتنظيم الداخلي كحركة المستخدمين داخل نفس المؤسسة ، في منح ترخيص للموظف بالغياب أو الاستمتاع بالعطل المختلفة ، في توجيه عقوبة تأديبية للموظف ...الخ ، ولها ميزات أخرى كحق إمضائها من طرف رئيس المكتب أو رئيس المصلحة أو المدير الفرعي ، فضلا عن خضوعها لسلطة المراقبة المشار إليها أعلاه كما هو الحال  بالنسبة للقرار.

 

         إذن المقررة وثيقة إدارية داخلية سهلة الاستعمال والمداولة بين عديد  المصالح ، سريعة الانجاز والتنفيذ ، لا تتطلب شكلية خاصة ، أو تأشيرة معيّنة ،  تشارك بشكل كبير في  صيرورة المرفق العام حيث دقّة الانجاز وسرعته.

 

2-  المذكــرة الادارية:

 

اشرنا فيما سبق أن المقررة وثيقة إدارية داخلية كثيرة الاستعمال لبساطتها وسرعة انجازهـــــا

وعدم خضوعها لشكلية خاصة ، فإن المذكرة الإدارية  أو المذكرة المصلحيّة  لا تختلف عنها كثيرا ، إلا أن هذه الأخيرة تُنْجز في شكل رسائل قد تكون قصيرة في الكثيرة من الأحيان من رئيس لمرؤوسه يبلغه أو يخطره أو يلفت انتباهه بخبر أو معلومة ... وقد تستعمل المذكرة كذلك داخل المؤسسة خاصة منها الكبيرة العدد، لإبلاغ المستخدمين بقرار عاجل أُتُخِذ – كتغيير مواعد العمل مثلا أو عطلة استثنائية جَدَّت أو حَث العمال على الالتزام بالنظام الداخلي وغيرها... و يكون للتبليغ الجماعي في مثل هذه الأحوال نخاعة تتمثل في إيصال الخبر لجميع المستخدمين بالسرعة المطلوبة.

 

         فالمذكرة إذن أداة اتصال عمَليّة ، سريعة ، تمكن المرؤوس من إبلاغ مرؤوسيه في وقت قصير من الزمن بكل التعليمات الواجب تطبيقها ميدانيا في إطار القانون.

 

         وأخيرا يجب إن لا يخرج نص المذكرة عن النصوص القانونية المسيّرة لتلك المؤسسة أو الإدارة، بمعنى أنه، لا يحق للمسؤول الأعلى أن يُقَنِن بمقتضى المذكرة الإدارية بما يتعارض والقانون فهو يُذَكِر مخاطبيه ويُلفت انتباههم بضرورة التطبيق السليم للقانون .

 

3-  الدعــوة ة والاستدعاء:

 

الدعوة الصادرة عن الإدارة ليست لها صبغة الإلزامية ، أسلوبها سَلِس ، طوعيّة ، قــــد

تكون لغرض إداري في بعض الأحيان – كأن يستشار أحد أعيان المدينة في مسألة إدارية تخص شؤون المواطن والمدينة – وقد تكون لغرض آخر كالاحتفالات المختلفة أو الكريمات أو بمناسبة تنصيب أو توديع إطار ما ، فهذه الوثيقة الإدارية تحرر وفق نموذج موّحد ، مختصر يراعى فيه عبارات المجاملة .

 

                ام الاستدعاء فهو كتاب يوجه إلى الشخص لطلب حضوره في تاريخ  ومكان معيّن وساعة محددة مع توضيحٍ لسبب الاستدعاء وهذا هو الصحيح ، ألا أنه في بعض الأحيان، وللضرورة تلجأ الإدارة لعبارة " من اجل مصلحة تهمكم " فالاستدعاء إذن له صفة الإلزامية .

 

                والاستدعاء والدعوة كلاهما يمضى ويختم عليه من طرف الجهة المرسلة ، ويمضى بالاستلام عند تبليغ  الاستدعاء لصاحبه خلافا للدعوة .

 

المحور الثاني / النصوص الادارية:

 

         المقصود بالنصوص الإدارية تلك المراسيم الرئاسية والتنفيذية، والقرارات الوزارية، والوزارية المشتركة، وهذا ما يصطلح عليه بالنصوص التنظيمية؛ وكذلك المناشير، والمناشير الوزارية المشتركة والتعليمات والمذكرات التوجيهية أو رسائل المنشور، وهذا ما يعرف بالنصوص التفسيرية.

 

         وسنتعرض لهذه النقاط باختصار تحت عنوانين:

 

1-   النصوص التنظيمية.

2-   النصوص التفسيرية.

 

         يجب هنا أولا وقبل بسط الموضوع، أن نميِّز بين النص التشريعي والنص التنظيمي والتفسيري  وكيفية إعدادها ، والجهة التي تصدر عنها في حدود صلاحياتها ...