جامعة زيان عاشور-الجلفة-
كلية الحقوق والعلوم السياسية
قسم العلوم السياسية
محاضرات
مقياس رسم السياسات وصنع القرار
موجهة لطلبة السنة الثانية
ليسانس علوم سياسية جذع مشترك
من إعداد الاستاذ : بن علال علي
المحاضرة الاولى
نشأة السياسة العامة وتطورها
تشكل الظاهرة السياسية امتدادا طبيعيا يرتبط بحياة الانسانية و المجتمعات حيث بدأت هده الظاهرة مع بداية وجود الانسان و تطورت مع تطور حياته و انخراطه في المجتمعات على مر الازمان فكان الاهتمام بقضايا تطور المجتمعات وسبل تنظيمها و انصهارها في شكل معين من اشكال الدولة يمثل جل العناية المكثفة التي اولتها الدراسات الفلسفية للفلاسفة و العلماء و المفكرين السياسيين وقد تجلى هذا الاهتمام في ذلك الجهد التقليدي الذي استمر بادئ ذي بدء قديما لحين بلوغ الحياة الاجتماعية و الانسانية منتصف القرن التاسع عشر حينما كانت معظم الجامعات الاوربية آنذاك تدرس السياسة و الحكم كفرع من فروع الفلسفة الاخلاقية.
وقد شهدت الفترة بين الحربين العالميتين تطورا مرحليا هاما في مفهوم السياسة العامة جراء شيوع نتاجات و تجارب المدرسة السلوكية و بروز التوجه السلوكي لعلم السياسة الحديث الذي صب اهتمامه اولا على السلوكيات المصاحبة لأعمال الحكومة و تحليلها و دراسة القواعد النفسية او الاجتماعية لسلوك الافراد و الجماعات ودراسة محددات التصويت في الانتخابات و النشاطات السياسية الاخرى ووظائف الجماعات المصلحية و الاحزاب السياسية و عمليات التوزيع المختلفة و السلوك التصارعي بين السلطة التشريعية و التنفيذية و القضائية وقد اعتمد هذا المدخل على الية واضحة لوصف العمليات السياسة العامة وشرح الاسباب و النتائج لأنشطة الحكومة و التركيز على وصف واضح لمضمون السياسة العامة من خلال تحليل اثر القوى السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية فضلا عن تقويم نتائج السياسات العامة على المجتمع المتوقعة وغير المتوقعة.
وتعاظم الاهتمام بموضوع السياسة العامة بعد الحرب العالمية الثانية حين جرى التركيز على مفهوم السياسة العامة وكيفية بلورتها و التبصر في اهدافها ومضامينها و اساليب تنفيذها ضمن اطار تحليلي بحسب الاولويات و الامكانيات المتوفرة بفعل تنامي الاصوات المنادية بضرورة تدخل الدولة كمحرك للنشاط الاقتصادي القومي و توجيه الموارد الاقتصادية بسد حاجات عموم المواطنين و لأجل استيعاب النمو المتزايد في الخدمات المطلوبة و ضرورة توفيرها و تحقيقها كالتعليم و الصحة و المواصلات و اقامة الجسور و توفير فرص العمل و تنظيم التجارة و اقامة الصناعات و تأميم المشروعات و المنتجات و غير ذلك مما يتعدى حدود القطاع الخاص و قدراته الخدمية و يستدعي بالمقابل نهوض الدولة بمؤسساتها الحكومية لغرض القيام بذلك و الاضطلاع به في اطار
السياسة العامة وكانت هذه الضرورات تشكل مطلبا هاما بالنسبة للدول النامية التي حظيت بالاستقلال الوطني و السياسي عن الحكم الاجنبي و سعيها في مباشرة بنائها الاقتصادي و التنموي و تحسين اوضاعها المتردية من خلال اشرافها على وضع و تنفيذ العديد من السياسات العامة الشاملة في المجتمع وهذه الاسباب هي التي جعلت السياسة العامة ذات اهمية متقدمة في الحياة المجتمعية و بوصفها المحور الفاعل في دراسات علم السياسة و ابحاثه و توجيهاته .
وكان من نتائج المجهود الفكري لسنوات الخمسينات للقرن العشرين انبعاث و بروز مصطلح علم السياسة العامة بطابعه الفكري و التجريبي الذي تبلور بفضل الجهود الفكرية لعالم الاقتصادي السياسي هارولد دي لاسويل HARLOD D.LASSEL الذي قدم من خلال كتابة الموسوم السياسة من يحوز على ماذا؟ متى؟ وكيف ؟اساسا للعمليات التبادلية و التوزيعية للقيم و المنافع المتضمنة في رسم السياسات العامة و تنفيذ عملياتها .
وبصورة عامة فان علماء السياسة اليوم قد حولو اهتماماتهم الى دراسة قضايا السياسة العامة و برزت من خلال ذلك دراسات عدة تولي اهتماما بالمؤسسات السياسية و السلوك السياسي و المؤثرات الثقاقية و الاجتماعية و الشخصية على السياسة فضلا عن الاهتمام ببنية المؤسسات الحكومية و ممارساتها و بدور المؤسسات السياسية غير الحكومية و المؤسسات الاهلية و الافراد في صنع السياسة العامة الى جانب معالجة السياسة العامة المقارنة وحاليا هناك موضوعات خاصة في الجامعات الغربية تدرس بوصفها محاور مستقلة تعنى بها العلوم السياسية مثل :
سياسة التمدن -
-سياسة الرفاه -
سياسة مكافحة الجريمة -
سياسة حماية البيئة -
سياسة الحريات العامة
و الان وخلال مرحلة التسعينات و ما بعدها و انتقالا الى متطلبات القرن الحادي و العشرين حيث حصلت تبدلات في دور الدولة و ارتفاع مستويات التفاعل بين مؤسسات و منظمات القطاعين الخاص و العام فضلا عن تزايد و تعاظم الادوار للشركات متعددة الجنسيات و المنظمات الدولية وكذلك المنظمات غير الحكومية الدولية في صياغة الاوليات للسياسات العامة وتحديد مساراتها وقد ساعد على تبلور هذا الدور التغيير في مفهوم السيادة و التسارع في الانجازات المعلوماتية وفي ثورة الاتصالات التي منحت المنظمات الدولية غير الحكومية مثل منظمات حقوق الانسان و القدرة السريعة على التدخل في السياسات العامة الداخلية للدول ومن ثم التأثير في مضامين هذه السياسات و تعديلها او تغيير توجهاتها و ظهرت كتابات جديدة تركز على دور الفاعلين الجدد في السياسات العام و عن دور الشركات الكبرى و منظمات حقوق الانسان للتأثير في بعض السياسات العامة وعن دور ما يسمى القطاع الثالث المنظمات غير الحكومية في صنع السياسة العامة.
وهذا كله قد اسهم في بلورة الاتجاهات الحديثة التي ترى ان السياسات العامة ماهي الا محصلة متجمعة للتفاعلات الرسمية وغير الرسمية بين عدد من المؤثرين و الفاعلين على المستويين المحلي و المركزي و السياسات العامة في ضوء ذلك تعبير عن ارادة الفاعلين و المؤثرين الذين هم عادة ما يكونون اعضاء في شبكة منتظمة صارت تعرف اليوم باسم شبكة السياسة POLICY NETWORK
المحاضرة الثانية
مفاهيم السياسة العامة وتطورها في ضوء المنظورات الفكرية الحديثة
حاول المعنيون من علماء السياسة و الادارة العامة و الاجتماع و من خلال توجهاتهم التي اولت العناية بموضوعنا ان يربطوا مفهوم السياسة العامة بقضايا الشؤون المجتمعية العامة و مجالاتها التي تتمثل بالحاجات و المطالب و القضايا و المشكلات على الرغم من وجود تفاوت وتباين في وجهات النظر حول الاسس التي ينطلقون منها عند بيان موقفهم او تعريفهم للسياسة العامة فضلا عن اختلاف آرائهم حول تعريف المجال العام الذي رأى فيه الفيلسوف الامريكي جان ديوي بان الانشطة تصبح عامة حين تتولد عنها نتائج يتعدى تأثير نطاق الافراد و الجماعات المرتبطين فيها بصورة مباشرة.
وهذا يؤكد متانة الصلة بين الظواهر الحاصلة في المجتمع ومنحها صفة التلازم وتبادل التأثير بأبعد مساحتها وتساميها بالقدر الذي تشترك فيه ظواهر اخرى عضويا و موضوعيا.
وسوف نقدم تعريفات متعددة لمفهوم السياسة العامة ،وبحسب منطلقاتها التي تمثل توجهات اصحابها من العلماء والداعين لها، لضمان الاحاطة الوافية في هذا الخصوص.
1-السياسة العامة من منظور ممارسة القوة
تمثل القوة تللك القدرة التي يحظى بها شخص ما للتأثير على الافراد و الجماعات والقرارات و مجريات الامور بشكل مميز عن غيره نتيجة امتلاكه لواحد او لأكثر من مصادر القوة المعروفة مقل الاكراه، المال ، المنصب، الخبرة الشخصية.
فقد عرف هاروليد لاسويل السياسة العامة بانها من يحوز على ماذا ومتى وكيف من خلال نشاطات تتعلق بتوزيع الموارد و المكاسب والقيم و المزايا المادية و المعنوية و تقاسم الوظائف و المكانة الاجتماعية بفعل ممارسة القوة او النفوذ و التأثير بين افراد المجتمع من قبل المستحوذين على
مصادر القوة.
كما توسع في بسط ذات المنطلق كل من مارك ليندنبيرك وبنيامين كروسبي حين عرفا السياسة العامة من منطلق برغماتي عملي يخضع لعمليات الاخذ و الجذب و المساومات من انها عملية نظامية تحظى بميزات دينامية متحركة للمبادلة و المساومة و للتعبير عمن يحوز على ماذا ومتى وكيف كما تعبر عن ماذا اريد ومن يملكه وكيف يمكن ان احصل عليه.
ان منظور القوة يعكس امكانية الصفوة في حصولها على القيم الهامة عبر التأثير على قوة الاخرين في المجتمع وان السياسة العامة يمكن لها ان تكون انعكاسا لوجهة نظر او بإرادة اصحاب النفوذ و القوة الذين يسيطرون على محاور المنتظم السياسي و نشاطات مؤسساته المختلفة.
غير ان هذا المنظور قد وجهت اليها انتقادات من لندن كثير من المفكرين و العلماء المعنيين الذين لا يؤمنون بان القوة لوحدها قادرة على تفسير كل العلاقات و التفاعلات و النشاطات التي تدور في فلك السياسة العامة ضمن المجتمع فضلا عن تداخل المضامين السياسية و غير السياسية للقوة دون التمييز بينها حين التعامل مع السياسات العامة وكذلك ان القوة ليست العامل الوحيد
الذي يتحكم في النشاطات و التفاعلات المعبرة عن جوهر السياسة العامة.
2-السياسة العامة من منظور تحليل النظام
يمثل مفهوم النظام وحدة كلية مؤلفة من مجموعة اجزاء فرعية او نظم فرعية تشكل فيما بينها نسقا من العلاقات المتبادلة في اطار من تلك الوحدة الكلية، ويشكل هذا المفهوم اهتماما عند ديفيد استون الذي كان يرى ان النظام يتألف من مجموعة من متغيرات بدرجة من العلاقات المكثفة ذات التأثير المتبادل فيما بينها، و بالتالي فانه ينظر الى السياسة العامة كنتيجة متحصلة في حياة المجتمع من منطلق تفاعلها الصحيح مع البيئة الشاملة التي تشكل فيها المؤسسات و المرتكزات و السلوكيات و العلاقات اصولا للظاهرة السياسية التي يتعامل معها النظام السياسي وعليه فهو يعرفها توزيع القيم <الحاجات المادية و المعنوية> في المجتمع بطريقة سلطوية امرة من خلال القرارات و الانشطة الالزامية الموزعة لتلك القيم في اطار عملية تفاعلية بين المدخلات و المخرجات و التغذية الراجعة،
فالمدخلات تمثل القرارات و الانظمة او دعمهم، و المخرجات تمثل القرارات و الانظمة و الانشطة الملزمة للأفراد، و التغذية الراجعة تمثل ردود افعال الافراد حيال المخرجات.
وبذات المنهجية يرى كابريل الموند بان السياسة العامة تمثل محصلة علمية منتظمة من تفاعل المدخلات <مطالب + دعم> مع المخرجات <قدرات و قرارات > وسياسات للتعبير عن اداء النظام السياسي في قدرته <الاستخراجية ،التنظيمية، التوزيعية، الرمزية، الاستجابية، الدولية> من خلال القرارات او السياسات المتخذة.
كما ويراها من زاوية فنية اجرائية تعبيرات عن النوايا يتم سنها و اقرارها من قبل السلطة التنفيذية و السلطة التشريعية التي تقوم ايضا بتخصيص الموارد وتحديد الجهات المسؤولة عن تطبيق وانجاز هذه الاهداف.
وتتفق مع تلك الجهات بربارة مكلينان حيث تعرف السياسة العامة بانها النشاطات و التوجيهات الناجمة عن العمليات الحكومية استجابة للمطالب الموجهة من قبل النظام الاجتماعي الى النظام السياسي.
ويحذو مثل ذلك ايضا ميشيل روسكن وزملاؤه بتعريفهم للسياسة العامة بانها طلبات المواطنين المدخلات التي يستشعرها متخذو القرار في الحكومة ومعالجتها عن طريق المخرجات التي تتمثل بالعمليات والنشاطات و القرارات السلطوية و تفعيل دور التغذية الراجعة لأغراض التعديل و لأغراض الاضافات.
ومع كون هذا المنظور يمثل أهمية كبيرة حين التعامل مع محور السياسة العامة، إلا أنه لم يسلم من الانتقادات التي وجهت إليه، والتي على رأسها إغفاله للجوانب غير الرسمية وتأثيراتها على قرارات السياسة، حيث اتصف بالعمومية وعدم التركيز المتخصص بأجزاء الانظام السياسي نتيجة تركيزه الشامل على البيئة الواسعة، وعدم عنايته بالسلوك الفردي للأشخاص ممن لهم دور في مجريات السياسة العامة، فضلا عن تغييب واضح لفاعلية النظم الأخرى ، كما أنه يغالي في كون الحكومة او النظام السياسي يستجيب للمطالب الاجتماعية، وأن السياسة العامة ما هي إلا ترجمة فعلية لهذه المطالب ، في حين أن الحقيقة قد تشير إلى عكس ذلك، وهي أن النظام السياسي يفرض سياساته على المجتمع في أغلب الأحيان.
3- السياسة العامة من منظور الحكومة
بوصف الحكومة سلطة تمارس السيادة في الدولة لأجل حفظ النظام وتنظيم الأمور داخليا وخارجيا، فضلا عن كونها بنية تنظيمية، تتمثل في بالأجهزة والمؤسسات التي تقوم بوضع القواعد القانونية وتنفيذها، إلى جانب كونها كممارسة تمثل عملية اتخاذ القرارات ورسم السياسات العامة داخل الأجهزة والمؤسسات الحكومية، وكيفية انسياب العلاقة بين التشريع والتنفيذ والقضاء.
فإن السياسة العامة ، يمكن النظر إليها من خلال كونها ممارسة لاتخاذ القرارات ورسم السياسات العامة في سبيل صيانة بنيتها التنظيمية، وممارسة أعمالها لأجل حفظ النظام والأمن لمجتمعها داخليا وخارجيا.
فمن هذا المنظور المركب المستوعب لطبيعة الحكومة من حيث مواصفاتها وخصائصها، نحاول تقديم التعريفات الدالة على هذا المنظور، حيث عرفها هنري توني على أنها تلك الوسائل المعتمدة من طرف الحكومة في سبيل إحداث تغييرات معينة، داخل النظام الاجتماعي للدولة.
كما عرفها دي كوسولاس بأنها تلك القرارات والخطط التي تضعها الهيئات الحكومية، من أجل معالجة القضايا العامة في المجتمع.
ومن جهته عرفها توماس داي من خلال تعريفات متعددة في سبيل الإلمام بمعظيات النشاط الحكومي :
• أنها اختيار الحكومات لما تفعله وما لا تفعله ضمن مجال معين
• توضيح لماهية أفكار الحكومة
• عملية لضبط الصراع بين المجتمع وأعضاء التنظيم
• عملية تضبط السلوك و بيروقراطيات التنظيم، وتوزيع المنافع واستحصال الضرائب وغير ذلك
ومثله عرفها كارل فردريك بانها مجموعة من القرارات الحكومية المتضمنة لكل ما يجب
ان يعمل او لا يعمل في ظل معطيات الاوضاع القائمة فيها
و بأكثر تفصيلية في النشاط يعرفها جيمس اندرسون بانها :
• طريقة عمل هادفة يتبعها منفذ او منفذون في تعاملهم مع مشكلة او مسالة ذات اهتمام بارز تندرج في اطار ما هو واقع فعليا
• تلك السياسات التي تطورها الاجهزة الحكومية و المسؤولون الحكوميون رغم تأثير الاشخاص و العوامل غير الحكومية في تطويرها
و يضيف الى تلك المعطيات الجوانب الفنية و ربط المتغيرات الاجرائية بالسلوكية و البيئة
كل من روبرت ناكا مورا و زميله فرانك سمالود من خلال وجهات نظر متنوعة للتعريف بالسياسة العامة
• انها دليل او مرشد لوضع توصيات صانعيها موضع التنفيذ العملي من خلال الموائمة بين الوسائل و الاهداف و الانجاز
• انها مرشد اولي يشير الى التكفل في انجاز بعض الاهداف الثابتة الى جانب احلال التغيير المنتظم في المجتمع
• انها وسائل لتغيير السلوك و توجيه الاعمال بواسطة صانعيها
هذا وان تقدم تعريف محدد بذاته دون غيره للسياسة العامة يعتبر من الامور غير المنطقية او المقبولة نظرا لتعدد المجالات و لتباين وجهات النظر في الفلسفات و الافكار و المعارف التي تستند اليها كل تعريف
حيث ان السياسة العامة تمثل طبيعة حركية من الفعل او السلوك متضمنة اتخاذ قرارات و افعال و يرى روبرت لينبيري بان الاهتمام ينبغي ان يعطى لفهم السياسة العامة من حيث الاجراءات التي تعمل على تعزيز توجهاتها او اضعافها او حذفها من الحياة الاجتماعية بأكثر مما يكون الاهتمام متمركزا على تعريف السياسة العامة
فالسياسة العامة هي ما تقوله و ما تفعله بخصوص المشكلات المدركة او المستشعرة تمثل مرشدا لا نواع القرارات وان معظم نشاطات ممثليها تجري في مكاتب الادارة العامة و اجهزتها المعنية باستلام طلبات والتماسات الناس من ابناء المجتمع المتقدمين بها والتي تستدعي وبشكل مباشر من الدفع و التأثير على الحكومة لكي تقوم بفعل شيء معين او عدم القيام به مما ينسجم عن مثل هذه الالية النظامية تبلور المهمة الفعلية للحكومة من خلال اصدا القوانين او جمع الضرائب و اجراء التنفيذات و اقامة المنظمات ووضع خطط الامن و دفع الرواتب و اجراءات التقاعد و الضمان الاجتماعي وبناء الجسور و التصديق على سلامة الادوية وتقديم المنح الدراسية للطلبة وغير ذلك الكثير مما يرتبط بأعمال السياسة و تنفيذ الادارة العامة ولما يحقق المصالح الحكومية و الاجتماعية العامة.
المحاضرة الثالثة
1- عناصر السياسة العامة :
• المطالب الأساسية والاحتياجات:
وهي ما يطرح على طاولة الحكومة من طرف المواطنين بصرف النظر عن هويتهم وانتمائهم وأجناسهم، وتتمثل في الاحتياجات الاجتماعية المختلفة، حيث تعمل التنظيمات الموجودة في النظام السياسي كالجمعيات المحلية والأحزاب السياسية والنقابات وجماعات الضغط والرأي العام ووسائل الإعلام على تنظيم وتعبئة هذه المطالب، بهدف إثارة انتباه راسمي السياسة العامة، وبالتالي تعد نقطة البدء في عملية صنعها.
• قرارات السياسة العامة :
وهي القرارات التي تتخذها الجماعات الرسمية ( صانعو القرارات والموظفون العموميون) المخولة بإصدار المراسيم والأوامر والتوجيهات المحركة للفعل الحكومي الذي قد يكون إيجابيا كما قد يكون سلبيا ( الفعل أو عدم الفعل، الاستجابة أو عدم الاستجابة).
• إعلان محتويات السياسة العامة:
وتتمثل في الخطابات والإعلانات الرسمية والتصريحات الحكومية العامة الموجهة للمجتمع أو الرأي العام، والتي تعبر عن اتجاهات الحكومة وما تنوي القيام به وكذا موقفها إزاء المشاكل المطروحة كالتلوث والجزيمة والبطالة والفساد وتبديد الأموال...
• مخرجات السياسة العامة :
وتتمثل في البيانات والمؤشرات الملموسة الناتجة عن السياسات العامة، والتي تمثل ما تم إنجازه نتيجة القرارات المتخذة.
وتعني ما أجزته الحكومة بالمقارنة مع ما تدعي إنجازه مستقبلا، وبالتالي فهي لا تشمل النوايا والوعود.
• آثار السياسة العامة :
والتي تمثل صدى السياسة العامة في المجتمع، وما تحققه من عوائد سواء بالرضى والقبول أو بالرفض والتنديد، فلكل سياسة عامة آثار معينة، فإما أن تكون إيجابية وناجحة بمعنى أنها تحقق المصالح العامة وبالتالي رضى المواطنين، وإما أن تكون سلبية وفاشلة بمعنى أنها لا تحقق أهدافها، وهنا لابد من سياسة عامة أخرى جديدة تحل محلها وتحاول أن تحقق ما عجزت عن تحقيقه سابقتها.
2- خصائص السياسة العامة :
• السياسة العامة هي فعل للمؤسسة الحكومية، فهي تمثل البرامج والأفعال التي تقوم بها الحكومة وتصدر بشأنها قوانين وقرارات تحدد أهدافها، وبالتالي فهي تعبر عن التوجهات الإيديولوجية للحكومة.
• السياسة العامة ذات سلطة شرعية، فبمجرد إقرار سياسة عامة معينة يتم إصدار قانون أو مرسوم بشأنها يحدد طرق وكيفيات تنفيذها.
• السياسة العامة نشاط هادف ومقصود، فهي تشمل أعمال وبرامج موجهة نحو أهداف مقصودة، وبالتالي لا تشمل التصرفات العشوائية والعفوية التي تصدر عن بعض المسؤولين.
• السياسة العامة قد تكون إيجابية في صياغتها كما قد تكون سلبية كذلك، فهي قد تأمر بالتصرف باتجاه معين، وقد تنهى عن القيام بتصرفات غير مرغوبة، فالحكومة مثلا قد تتبنى سياسة عدم التدخل أو رفع اليد إزاء قضية ما.
• تهدف السياسة العامة إلى تحقيق المصلحة العامة، وليس المصالح الخاصة، والمصلحة العامة تقتضي استفادة أكبر عدد من الجمهور المقصود من وراء السياسة المطبقة.
• السياسة العامة هي توازن بين الفئات والجماعات المصلحية، لأنها تمثل خلاصة التفاعلات داخل البيئة من أحزاب سياسية ونقابات وجماعات مصالح، مما يجعلها محلا للصراع والتفاوض بهدف تحقيق أكبر المكاسب والمنافع.
• السياسة العامة تمتاز بالاستمرارية، بمعنى أن صانعي السياسة لا يقومون في العادة بإعداد برامج جديدة كليا، وإنما يكتفون في أغلب الأحيان بإدخال تعديلات جزئية على ما هو مطبق من سياسات وبرامج.
• السياسة العامة هي استجابة واقعية ونتيجة فعلية، فهي تعبر عن قضايا واقعية تشكل مطالبا ملموسة، وبالتالي يجب عليها أن تكون تكوّن نتائجا ومخرجات قابلة للتطبيق على أرض الواقع.
• السياسة العامة تعكس ما يسمى بالجدوى السياسية، أي أنه لابد أن يتم تقييم السياسة العامة قبل الشروع في تنفيذها وتطبيقها على أرض الواقع، ويتم ذلك عن طريق طرح تساؤلات حول النتائج والأهداف المرجوة من هذه السياسات.
المحاضرة الرابعة
1- أنواع السياسات العامة
تتم السياسات العامة على ضوء الأفعال التي تقوم بها الحكومة اتجاه المجتمع المعني بها، ويمكن تقسيمها إلى أربعة أنواع حسب كابرييل ألموند :
• السياسات العامة الاستخراجية :
والتي تتجسد في قيام الحكومة باستخراج وتعبئة الموارد المادية والبشرية، انطلاقا من حسن استخدامها لبيئتها، وأبسط أشكال هذا النوع هو الخدمة العسكرية والأشغال الشاقة المفروضة على السجناء.
كما تعتبر الضرائب من أهم الأشكال الاستخراجية للموارد، والهدف الجوهري منها هو ضمان استمرار الإيرادات بهدف تغطية مختلف النفقات التي تقع على عاتق الدولة .
• السياسات العامة التوزيعية :
وتتمثل في قيام الإدارات و الاجهزة الحكومية بتخصيص الأموال والسلع والخدمات وتوزيعها على الأفراد والجماعات في المجتمع، مثل توزيع القروض لإقامة المشاريع، والمنح التي تقدم لطلبة الجامعات، إضافة إلى الاعتمادات المالية الموجهة للصحة والتعليم والدفاع...
• السياسات العامة التنظيمية :
والتي تتضمن الاجراءات والتدابير التي يتخذها النظام السياسي بهدف ضبط سلوك الأفراد والجماعات في المجتمع، ويقترن تطبيق هذا النوع من السياسات باستعمال القسر القانوني أو التهديد به، وفرض العقوبات اللازمة عند حصول أي تجاوزات، ومن أهم الأمثلة تحديد شروط تولي الوظائف العامة، وتنظيم نشاطات وحدات المجتمع المدني ...
• السياسات العامة الرمزية :
وهي السياسات التي تهدف من ورائها النظم السياسية إلى تعبئة الجماهير والرأي العام بالقيم السياسية المعززة للولاء الوطني والروح الوطنية، وتهدف هذه السياسات إلى تعزيز ثقة المواطنين في القيادة السياسية وبالتالي الإيمان ببرامجهم، مما يضفي مزيدا من الشرعية والمصداقية للحكومة وسياساتها العامة.
ومن أبرز أمثلة هذا النوع من السياسات الاحتفاء بالرموز الوطنية والأحداث التاريخية الهامة في تاريخ الأمة (الثورة...)، الإشادة بالأعمال الرائدة والمتميزة في الدفاع عن الوطن، وكذا الإشادة بأعمال المفكرين المبدعين من أبناء المجتمع.
2 – مستويات السياسة العامة :
قدم جيمس أندرسون ثلاث مستويات للسياسة العامة، تبعا لمستوى المشاركة في اتخاذها وتبعا لنطاقها وطبيعة موضوعها :
• السياسة العامة الكلية :
وهي تلك السياسات التي تعالج القضايا التي تستقطب اهتماما أكبر، أو التي يصبح الاختلاف حولها واسعا مما يستدعي تدخل ومشاركة العديد من الفاعلين ( الأحزاب السياسية، أعضاء البرلمان، وسائل الإعلام والاتصال جماعات الضغط...) لمعالجتها، مثل مسألة التلوث البيئي أو تلوث المياه، البطالة، تدني القدرة الشرائية للمواطنين، الإضرابات... والتي تستدعي تدخل السلطات العمومية في المستويات العليا.
• السياسة العامة الجزئية :
نكون بصدد سياسة عامة جزئية عندا يحاول فرد ما أو بعض الأفراد استصدار أمر إداري لصالحهم كالحصول على منحة لإقامة مشروع ما، أو إعفائهم من متطلبات قانون ما، أو تخفيض الضرائب ...
• السياسة العامة الفرعية :
هي تلك السياسات العامة المتعلقة بالقطاعات المتخصصة كالموانئ والملاحة البحرية والطيران... وهي سياسات عامة ذات طابع تنظيمي.
وتعبر هذه السياسات على أن موضوعات السياسة العامة لا تثير بالضرورة اهتمام جميع أفراد المجتمع.
بالإضافة إلى هذه المستويات الثلاثة التي تشمل المستوى الداخلي (السياسة العامة الداخلية للدولة)، هناك مستوى خارجي أملته المتغيرات الخارجية الدولية، وهي ما تعرف بالسياسات العامة العالمية، والتي تقوم على اللاتوازن وحالة التبعية المفروضة على الدول النامية، وبالتالي فقراراتها وسياساتها غير منطقية وغير عادلة إزاء هذه الدول، ولذلك تعرف بالمستوى العقيم للسياسة العامة.
المحاضرة الخامسة :
مراحل صنع السياسة العامة
أولا : تحديد المشكلة
ويتضمن تحديد المشكلة مجموعة من العناصر وهي:
1- تعريف مشاكل السياسة العامة :
ويتم التساؤل هنا من الذي يجعل من الحكومة أو صانعي القرار يهتمون ببعض المشاكل دون الأخرى؟ لهذا فإنه لا يتم الاقتصار فقط على المشاكل وإنما المشاكل العامة التي تمس شريحة واسعة من المجتمع وتثير انتباه الحكومة مثل التلوث البيئي والأوبئة الفتاكة ...
لذا فالمشكلة العامة هي التي تدفع صناع السياسة العامة للتحرك بسرعة لأنها تمثل مجموعة من المطالب والحاجات والقيم التي يجب الاستجابة لها، وصفة العمومية هي الصفة الأساسية في تحديد مشاكل السياسة العامة.
2- خطوات تحليل المشكلة :
تتم عملية تحليل المشاكل بخطوات عدة هي :
• تعريف المشكلة وتمييزها.
• تحليل المشكلة من خلال معرفة أسبابها وأهدافها.
• إعداد قائمة بالحلول الممكن اتباعها لحل المشكلة.
• تقييم الحلول حسب المعايير الملائمة، وتشمل المهارات المطلوبة، الموارد المادية والبشرية، التكلفة، المخاطر ومراعاة البيئة والقيم.
• تحديد الخيار الأفضل واتخاذ القرار.
• وضع خطة التنفيذ.
• المتابعة والتقييم لمعرفة مدى نجاح أو فشل التنفيذ.
ثانيا: الأجندة السياسية أو جدول الأعمال :
تواجه الحكومات العديد من القضايا المجتمعية، لكن لا تستطيع أن تحل كل تلك المشاكل، مهما كانت إمكانياتها المادية والبشرية، لهذا فإنها تقوم بإدراج أهم القضايا أو المطالب العامة الأكثر طلبا من المجتمع في جدول يسمى جدول أعمال السياسة العامة، أو ما يعرف بأجندة سياسة الحكومة، التي تتطلب عملية مناقشة فعلية، يترتب عنها اتخاذ قرارات رسمية مناسبة لتلك المطالب المطروحة، وعليه يميز كوب Coob و إيلدر Alder بين نوعين من جدول الأعمال، الأول نظامي والثاني حكومي.
حيث يضم الأول المسائل التي تتبناها السلطة وتستدعي تدخل السلطات الثلاث وفقا لصلاحياتها واختصاصاتها، أما الثاني فهو بمثابة جدول للنقاش يكتفي عادة بالمستوى الحكومي لمعالجتها.
ثالثا : بلورة وصياغة السياسة العامة
بعد تحديد المشاكل ووضعها على الأجندة السياسية، لابد على الحكومة من بلورة الأفكار والسياسات الممكن اتباعها للتعامل مع المشاكل ذات الأولوية وهذه العملية تأتي محصلة لتفاعل عوامل عدة منها : الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
1- المساومة :
وهي عملية تفاوض بين شخصين أو أكثر ممن يتمتعون بالسلطة والصلاحية، وذلك للاتفاق على حل مقبول ولو جزئيا لمصلحة أهدافها وليس بالضرورة أن يكون حلا مثاليا.
2- التنافس :
هو نشاط يسعى من وراءه طرفان أو أكثر إلى تحقيق نفس الهدف، مثل تنافس الأحزاب من أجل كسب الانتخابات، وتنافس الدول في سبيل تحقيق مكاسب اقتصادية.
3- الصراع :
هو حالة من حالات التفاعل التي تحصل بين الطرفين، فيفوز أحدهما بما يطمح إليه، ولا يوفق الآخر إلى ذلك، ولكنه يتحمل كلفة فوز خصمه، وقد ينشأ الصراع عن موقف تنافسي أي أن المنافسة قد تتكور لتصل إلى حالة من حالات الصراع عندما يحاول الآخر إبعاده عن الموقف.
4- التعاون والإقناع :
هو أن يستميل أحد الأطراف الطرف الآخر بغية الحصول على تأييده لمواقفه أو كسب رضاه حول قضية أو مطلب ما، بعد إقناعه بسلامة الرأي أو القضية المعروضة عليه.
5- الغرض أو الأمر :
يكون توجيه الأمر داخل التنظيم الواحد، ويتم عبر السلم الهرمي من الرؤساء إلى المرؤوسين، وتوجيههم وحثهم للموافقة على مواقفهم أو برامجهم، مستخدمين بذلك الثواب أو العقاب لمن يؤيد أو يخالف.
رابعا : تبني وإقرار السياسة العامة
يتم في هذه المرحلة اتخاذ قرار أو إصدار تشريع أو قانون يجسد الأهداف المراد بلوغها، ويشمل هذا تبني مقترحات بعينها أو تعديلها أو رفض أو قبول بديل آخر.
وهذا يعني أن هذه المرحلة لا تكتفي باختيار بديل ما فقط، بل اختيار قرار حول بديل معين، وهذا القرار يتعلق بالسياسة العامة وليس قرارا روتينيا، حيث يمر إقرار السياسة العامة بمراحل عديدة، فتقدم في البداية على شكل مشاريع قوانين للسلطة التشريعية، حيث تسلمها الأمانة العامة لمجلس الأمة أو مجلس النواب حسب الاختصاص في كل دولة لدراستها، لتحال فيما بعد على لجنة قانونية تعد تقريرا بشأن المشروع لوضع اللمسات النهائية عليه ليقدم بعدها إلى المجلس مجتمعا للتصويت عليه لينشر فيما بعد في الجريدة الرسمية، ليصبح ساري المفعول بعد أجل محدد، وفي حالة رفضه يرجع إلى المجلس ثانية للمراجعة، وفي حالة الموافقة عليه مرة ثانية يصبح ساري المفعول.
خامسا : مرحلة تنفيذ السياسة العامة
بعد انتهاء مرحلة تبني السياسة العامة تصبح مؤهلة ليطلق عليها سياسة عامة، وبالرغم من وجود صعوبة في تحديد المرحلة التي تفصل بين العمل التشريعي والتنفيذي، تعتبر عملية تنفيذ السياسة العامة استمرارا لمختلف العمليات السابقة والتي ينتقل العمل فيها إلى السلطة التنفيذية بمختلف مستوياتها، وتتمتع بسلطات تقديرية واسعة أثناء التنفيذ وذلك لتمتعها بالخبرة اللازمة والثقة والتجربة في كافة الميادين، مما يعطيها الحق في إصدار اللوائح والتنظيمات اللازمة بتفاصيل تنفيذ السياسات العامة.
كما أن التطبيق الجيد هو الذي يجسد السياسة العامة على أرض الواقع، وبناء على ما تقدم فإن نجاح عملية تطبيق السياسة العامة يتطلب توفير عدة عوامل أهمها :
1- رصد الأموال والموارد اللازمة للتنفيذ.
2- دراسة إمكانية التنفيذ ورصد الكفاءات الضرورية لذلك.
3- تحديد الأهداف بدقة، وإيضاحها للمسؤولين عن التنفيذ.
4- إعطاء الشرعية المناسبة للسياسة العامة يجلب أكثر عدد من المؤيدين.
5- الحرص الشديد على التنسيق بين أجهزة التنفيذ والصياغة وبين السياسات نفسها.
ولا تتفرد الأجهزة الإدارية بتنفيذ عملية السياسات العامة، بل تتدخل أجهزة أخرى كالسلطة التشريعية التي وإن كانت مهمتها إقرار السياسة العامة، لكن من خلال عملها بدقة أكبر وتفصيل أشد فإنها تضغط على الإدارة العامة بطرق عديدة وتحدد مساراتها ومبرراتها .
سادسا : مرحلة تقويم السياسات العامة
1- تعريفها :
عرفها هاتري بأنها عملية منظمة تستهدف تقييم النشاطات الحكومية حتى تقدم معلومات متكاملة عن الآثار بعيدة وقريبة المدى للبرامج الحكومية.
إذن فعملية التقويم عملية أساسية، وذلك لتشخيص وقياس آثار السياسة العامة من أجل التوصل إلى معرفة نتائجها.
2- أنواع التقويم :
للتقويم عدة أنواع، يمكن اختصارها فيما يلي :
• التقويم السابق للتنفيذ، ويتم الاهتمام فيه بجدوى السياسة قبل تنفيذها.
• التقويم الملازم للتنفيذ، ويضم دراسة التكلفة، التشغيل، تطوير أو تحسين عملية الأداء.
• التقويم اللاحق للتنفيذ، يحدد نجاح أو فشل السياسة العامة
• التقويم الاستراتيجي، والذي يهدف إلى تحقيق الفاعلية في التنفيذ، حيث بمكن إدخال التعديل على السياسات لردم الهوة بين الأداء والتخطيط من جهة، وبين النظرية والتطبيق من جهة أخرى.
• تقويم الفاعلية، أي مدى قدرة السياسة أو البرامج على تحقيق الأهداف.
• تقويم الكفاءة، أي الحصول على أقل نفقة ممكنة.
• تقويم النتائج والآثار من حيث السلبية والإيجابية.
3- معايير التقويم :
تعد المعايير أمرا مهما في عملية التقويم، لأنها وسائل للتأكد من تحقيق السياسة العامة لأهدافها، وتشمل :
• المعيار الاقتصادي، الذي يؤكد على التقليل من الإنفاق الحكومي وعيوبه
• الكفاءة، وتعني مستوى الإنجاز أو النتائج مقارنة بالمدخلات
• الفعالية، والتي تقيس مقدار الأهداف التي تم إنجازها
• العدالة، من حيث التوزيع العادل للمنافع بين مختلف الشرائح وتستخدم عددا من المقاييس في كيفية توزيع الموارد والثروات
• الشرعية القانونية، من حيث مطابقة هذه السياسات للتشريعات والقوانين واللوائح المنظمة لتلك السياسات أو البرامج
4- مستلزمات التقويم :
تتطلب عملية التقويم في السياسة العامة مستلزمات عملية وإجرائية في سبيل القيام بها ويتم ذلك وفق هذه المراحل :
• تحديد احتياجات واهتمامات صانع السياسة العامة وإدارة البرامج في عملية التقويم
• تحديد مجال التقويم وأهداف السياسة العامة المراد تقييمها
• تطوير المعايير والمقاييس الشاملة لغرض قياس أهداف البرنامج الخاضع للتقويم
لكن بالرغم من أهمية عملية التقويم، إلا أنها تواجهها العديد من التحديات ومن أهمها : غموض الأهداف، ضعف آثار السياسة العامة، عدم استقرار السياسات، وصعوبة تعميم نتائج التقويم.
المحاضرة السادسة :
دور الفواعل الرسمية وغير الرسمية في صنع السياسة العامة
أولا : الفواعل الرسمية
1- السلطة التشريعية :
تقوم السلطة التشريعية بدور أساسي في أي نظام سياسي من خلال تشريع القوانين وصنع السياسات، وتنظيم الحياة الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق الإرادة الشعبية.
2 – السلطة التنفيذية :
لا إخفاء الدور الهام الذي تلعبه في صنع السياسة العامة، لأنها أصبحت اليوم هي المهيمنة سواء في الدول المتقدمة أو النامية على حد سواء، من خلال تقديم مشاريع قوانين للبرلمان، وهي ذات صلة وثيقة بالسلطتين التشريعية والقضائية، كما تنوب عن البرلمان في تشريع القوانين عن طريق الأوامر والمراسيم، خاصة أثناء العطل البرلمانية، وتقوم بتعيين القضاة، وقد يتدخل الرئيس في أعمال السلطة التنفيذية.
3- الجهاز الإداري (البيروقراطي) :
هناك اتفاق عام حول الدور الكبير الذي يقوم به الجهاز البيروقراطي في صياغة ومناقشة السياسات العامة، وذلك لامتلاك الإدارة المعلومات الهامة والكافية عن السياسة، لذا يعبر عنها بـ (ذاكرة الحكومة)، ويقوم الجهاز الإداري بالدور الرقابي، كما فوضت له السلطة التشريعية سلطات واسعة فيما يعرف بالسلطة التقديرية، والتي تعنى أحيانا بصنع القوانين.
4 – السلطة القضائية :
مكانتها في الدولة تمثل المعيار الأساسي لمدى احترام تلك الدولة لسيادة القانون، وتتجسد هذه المكانة بتأكيد مبدأ استقلالية السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، ولا يجوز لهما التدخل في سير القضاء وأحكامه.
ثانيا : الفواعل غير الرسمية
1- المجتمع المدني :
• تعريفه :
يعرفه ستيفن ديلو Steven Delue على أنه أشكال عدة ومختلفة من الجمعيات، غالبا ما يطلق عليها مجموعات طوعية أو مؤسسات ثانوية، هذه التنظيمات التي توجد خارج الهياكل الرسمية لسلطة الدولة، تشير إلى حيز مستقل يتوفر للأفراد فيه حرية تتيح عددا متنوعا من خبرات الحياة، وأحد الجوانب المهمة في المجتمع المدني أنه كحيز مستقل، يعمل كعازل ضد سلطة الحكومة المركزية، وبدوره هذا يشجع على وجود مناخ لجماعات مختلفة يتيح لها تتبع مساراتها الخاصة بها، دون خوف من تدخلات الحكومة.
• مؤسساته :
- الأحزاب السياسية : التي تمثل إحدى قنوات المشاركة السياسية للمواطن، وكذا أحد قنوات الاتصال السياسي، فهي التي تقوم بالتعبير عن اهتمامات المواطنين ومطالبهم العامة، وتعمل على تحقيقها من قبل الحكومة، بفعل الضغط الذي تمارسه على صناع السياسة العامة، كما تهمل على نقل سياسات وقرارات الحكومة إلى المواطنين، وتسعى إلى تعبئة الجهود والمواقف المتباينة إزاءها، إما دعما وتأييدا، وإما مواجهة ورفضا.
- جماعات المصالح : تسعى إلى التأثير على السياسة العامة بطريقتها، وتلعب دورا هاما في الحياة السياسية، وتحاول إيصال مطالبها وقضاياها من أجل الاسراع في بلورتها في الأجندة السياسية، لذا فإن صانعي السياسة العامة يضطرون إلى المساومة مع هذه الجماعات لإيجاد حلول توفيقية بينهم.
- الرأي العام : يؤثر الرأي العام في السياسة العامة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، والعكس صحيح، لكن هذه العلاقة المتبادلة تختلف حسب النظام السائد، وحسب عوامل أخرى كثيرة، كنوع القضية المطروحة و درجة تماسك ونضج الجماهير ووجود المؤسسات الدستورية التي تتيح تدفق الرأي العام الحر وتأثيره في السياسة العامة.
ويؤثر العام في السياسة العامة عن طريق دفع صانعيها نحو الاهتمام بقضية معينة، والتأثير في مدى إدراكه لأهمية القضية، لأنه توجد العديد من القضايا التي يجهلها صناع السياسة العامة، وبالتالي فإن الرأي العام يساهم في تحديد الأجندة السياسية.
- وسائل الإعلام : تلعب دورا مهما في عملية صنع السياسة العامة من خلال الاهتمامات والمطالب وإيصالها من المواطنين إلى السلطة، بحيث يكون لها تأثير قوي بدءا من تحديد المشكلة وتغطيتها للأحداث، فتقوم بإثارة اهتمام الجمهور وصانعي السياسة العامة أثناء حدوثها.
2- القطاع الخاص :
يمكن القول أن القطاع الخاص عبارة عن مجموعة من المؤسسات التي ينشؤها أرفد أو جماعات بمبادرة فردية، وتكون هذه المؤسسات حرة ومستقلة ماليا ومهنيا عن القطاع العام أو الحكومة، والهدف من إنشاء هذه المؤسسات هو تحقيق الربح وخدمة مصالح أفراد وجماعات معينة، بحيث تنشط هذه المؤسسات في مجالات تنموية واجتماعية واقتصادية متنوعة.
ويمكن إرجاع سبب التحول من القطاع العام إلى القطاع الخاص إلى التخفيف من الأعباء الملقاة على كاهل الدولة في إدارة الوحدات الاقتصادية، ومواجهة مشاكل نقص السيولة والتضخم وتفاقم المديونية، وكذلك فتح باب المنافسة ومزيد من الكفاءة والفعالية.
وللقطاع الخاص دور هام في التوجيه والتأثير على عملية صنع السياسات العامة، فالنقابات العمالية ورجال الأعمال مثلا يتسمان بدرجة عالية من الفعالية، ناتجة عن استقلالها المالي والإداري وتجانس مصالح أعضائها مع قدرة هذه الجماعة على توفير قنوات اتصال تؤثر على صانع القرار لتحقيق مصالحها أو لتبني سياسة معينة.
المحاضرة السابعة :
أهم نماذج صنع السياسة العامة
1 – نموذج الجماعة :
أحدث هذا النموذج تحولا كبيرا في منظور علم السياسة، حيث حول اهتمامه من التركيز على الأبنية والمؤسسات الرسمية إلى العمليات والنشاطات والتفاعلات، أي الانتقال من الدراسة الجامدة إلى ديناميات الحياة السياسية، كما نقل محور اهتمام علماء السياسة من التركيز على الدولة إلى الجماعة دون أن يعير أدنى اهتمام للأفراد، إذ أن السلوك الفردي يصاغ من خلال الجماعة فهي التي تضبط سلوك أعضائها وتوجهه.
ويقوم هذا النموذج على اعتبار أن التفاعل الحاصل بين الجماعات يشكل مركز السياسات العامة، حيث تقوم هذه الجماعات بالضغط على الحكومة بغرض الإلحاح عليها ويؤلفون بذلك جماعة المصلحة وتتفاعل معها بذلك مؤسسات الحكومة.
ووفقا لهذا النموذج فإن السياسة العامة تتخذ مسارها الرغوب من قبل الجماعة التي تتعاظم درجة تأثيرها وضغطها من خلال عدد أفرادها الأقوياء، والثروة التي يحوزون عليها، و التنظيم المحكم والقوة التي تحيط بناءها، باعتبار أن الجماعة هي الجسر القائم بين الحكومة من جهة وبين الأفراد من جهة أخرى، ما يجعل صانع السياسة حسب هذا النموذج مدفوعا بالضغط الذي تمارسه عليه الجماعات.
2 – نموذج النخبة :
يرى أنصار هذا النموذج أنه لا يمكن لأي مجتمع مهما كان مستواه من التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي أن يخلو من أقلية ماهرة تسيطر وأكثرية تخضع لحكم تلك الأقلية، التي يطلقون عليها اسم الصفوة أو النخبة.
ووفقا لهذا النموذج تكون السياسة العامة هي تلك التي تعبر عن قيم و تفضيلات النخبة الحاكمة، وأنها كنخبة متميزة هي التي تشكل رأي الجمهور حول السياسة العامة وهي التي تأثر في الجمهور أكثر مما تتأثر هي به، وبالتالي يتوجب أن ينصب التحليل السياسي على هذه النخبة كمفتاح لفهم العملية السياسية.
3- نموذج النظم :
يقوم هذا النموذج على أساس مفاده أن السياسة العامة هي مخرج للنظام السياسي القائم في المجتمع والبيئة، بمعنى أنها استجابة النظام السياسي للحاجيات والمطالب المطروحة عليه، ويعتمد في ذلك المعلومات المطروحة من خلال المدخلات والمخرجات والتغذية العكسية.
يساعدنا هذا النموذج على تنظيم معرفتنا حول صنع السياسة العامة، مثل كيف تؤثر المدخلات البيئية في السياسة العامة وتطبيق النظام السياسي وكيف تحول المطالب إلى سياسة عامة، إضافة إلى تأثير السياسة العامة في البيئة، وكذا معرفة طبيعة القوى والعوامل البيئية المولدة للمطالب المطروحة على النظام السياسي.
وعلى الرغم من إسهامات هذا النموذج في تطوير الدراسات السياسية إلا أنه يأخذ عليه مايلي :
- أن اهتمامه ينصب على مقومات النظام وطرق دعمه وليس على عوامل تغييره وتطويره، فهو يكشف عن عناصر الاستمرار والاستقرار في النظام دون أن يفسر كيف ولماذا يتطور هذا النظام من وضع إلى آخر بصورة دقيقة، وبالتالي فهو غير صالح لتناول النظم السياسية في فترات التغيير الثوري
- ينظر إلى الحياة السياسية نظرة ميكانيكية تتجاهل تعقيداتها وخصائصها المتميزة، حيث يتجاهل التاريخ، علما بأن الظاهرة السياسية ليست مقطوعة الصلة بالماضي.
- الغموض الذي يكتنف كيفية اتخاذ القرارات وصنع السياسة العامة داخل الصندوق الأسود أي النظام السياسي.
4- النموذج المؤسسي :
وفقا لهذا النموذج فإن الأنشطة السياسية والحكومية تتمحور من خلال المؤسسات الرسمية في الدولة وهي : المؤسسة التشريعية، التنفيذية والقضائية بحيث أن هذه المؤسسات الثلاث هي التي تتخذ القرارات وتصنع السياسة العامة، فالسياسة العامة وفقا لهذا النموذج تتبناها وتنفذها الحكومة، وهي التي تضفي عليها ثلاث صفات أساسية وهي :
• الشرعية : بحيث تصبح هذه السياسات تحظى بالالتزامات القانونية التي تفرض على الجهات الأخرى والمواطن الالتزام والعمل بها
• العمومية : (الطابع العمومي) : أي ان السياسة العامة تتميز بطابعها العام، بحيث تشمل كل أفراد المجتمع
• الفرض : (الإجبار) : أي أن الحكومة وحدها هي التي تستطيع أن تفرض عقوبة على من يخالف سياساتها.
غير أن هذا النموذج لم يعد مجديا في أيامنا هذه، كون أن الدولة لم تعد الفاعل الرئيسي والوحيد في ظل وجود دور بارز لقوى وأطراف أخرى، لذلك اتجه اهتمام المحللين إلى استخدام نظريات تتعلق بدراسة الجماعات والشبكات التي تحكم العلاقات بين الأفراد بدلا من الدولة.
المحاضرة الثامنة :
أهم نماذج اتخاذ القرار في السياسة العامة
1 – النموذج الكلي الرشيد :
وفقا لهذا النموذج فإن القرار الرشيد أو السياسة الرشيدة هي تلك التي تحقق أكبر عائد (ناتج) اجتماعي، بمعنى أن يحقق هذا القرار أكبر قدر من الفوائد وبأقل قدر ممكن من التكاليف.
وبالتالي فإنه من غير اللائق حسب هذا النموذج تبني أي سياسة أو قرار حينما تكون التكلفة عالية وتزيد من العوائد المرجوة منها.
2 – النموذج التدريجي :
يعتبر هذا النموذج أن السياسة العامة ماهي في الحقيقة إلا استمرارية للنشاطات الحكومية السابقة، مع وجود بعض التعديلات التدريجية، أي أن السياسة العامة عملية تراكمية محورها الإضافة لما تم في الماضي، ومحاولة لتحسين الوضع بصورة آنية وجزئية.
3 – نموذج الفحص المختلط :
صاحب هذا النموذج هو أميتاي إيتزيوني Amitai Etzioni ، الذي دعا إلى ضرورة إيجاد نموذج توفيقي في عملية صنع القرار واتخاذه، بحيث يأخذ هذا النموذج من النموذجين الكلي الرشيد والنموذج التدريجي، حيث اعتبر إيتزيوني أن عملية التخطيط والتنفيذ وظيفتان متكاملتان، ما يعني أن مرحلة التخطيط تستدعي اعتماد النموذج الكلي الرشيد، فيما تتطلب عملية التنفيذ اعتماد النموذج التدريجي.
وجاءت أفكار إيتزيوني بناء على الانتقادات التي وجهها إلى النموذج العقلاني على أساس أنه نموذج خيالي، وأن صانع القرار هو الإنسان الذي لا يمكن أن يتصف لكل صفات الكمال التي تؤهله لاتخاذ قرار رشيد، كما وجه انتقادات للنموذج التدريجي تجلت في أن الإنسان لا يعرف كل البدائل، وأن هذا النموذج يركز على حاضر المؤسسة وماضيها دون الاهتمام بالمستقبل.
4 – نظرية الاحتمالات :
هي إحدى النظريات الكمية التي تنطلق في حل المشكلة من المعطيات والمعلومات المحيطة بالموقف لتجيب على أسئلة متكررة مفادها : هل المعلومات والمعطيات المتوفرة لدينا حقيقية وكاملة؟ أم لا؟ وهل الظروف المحيطة بالقرار مواتية ومناسبة لاتخاذ القرار؟ وما درجة المواءمة تلك؟
إن الإجابة عن تلك الأسئلة تجعل المدير أو الرئيس في وضعين مختلفين، وضع التأكد من المعطيات المتوفرة، ووضع عدم التأكد من تلك المعطيات والحقائق.
• الوضع الأول : وضع التأكد
بمعنى أن وضع القرار وظروفه والمعلومات المتوفرة مؤكدة، وأن الأسباب والعوامل العشوائية قليلة ومعلومة لدى صانع القرار كما هي، ومثل هذه الأوضاع تجعل من القرار يقينيا ويتصف بالرشد، و تكون احتمالات المخاطرة قليلة أو معدومة، في مثل هذه الحالة يفترض انعدام تأثير قانون الصدفة، لتبقى دقة التقديرات، وبالتالي دقة تحديد العلاقة بين المتغيرات المتوفرة، ثابتة كانت أو عشوائية، ويمكن لصانع القرار استخدام الأساليب الكمية والرياضية لضبط تقديراته كالمحاسبة الإدارية والبرمجة الخطية.
• الوضع الثاني : وضع عدم التأكد
يعود هذا الوضع إلى عدة أسباب من اهمها قلة المعلومات والحقائق أو تعارضها، ارتباط القرار بمتغيرات عشوائية لا يمكن التحكم فيها، وتبعا لذلك فإن النتائج المحتملة للقرار غير مؤكدة، ونسبة التحقق فيها ضعيفة، وإذا تنكرنا بأن القرار متعلق دائما بالمستقبل يتطلب جهدا باختيار احتمالات أكثر واقعية، الإشكال هنا يتوقف على الدوافع والحوافز التي تجعل متخذ القرار يضحي بالشكل الذي يمكنه من تقدير القرار الواقعي.
وعليه فإن صانع القرار يجد أماه عوامل كثيرة تؤثر على عامل اليقين في نتيجة القرار منها العوامل المادية، البشرية، السلوكية، والعوامل السياسية الاقتصادية القانونية، بالإضافة إلى العوامل الثقافية والحضارية، كما أن المستقبل يكتنفه الغموض وتحيط به العوامل الطارئة.
تقدم نظرية الاحتمالات الكثير لصانعي القرار، وترشدهم إلى جدوى القرار، ومن ورائه رشد التسيير وصولا إلى مفهوم الحكم الراشد على مستوى الإدارة، وإدارة الجودة الشاملة على مستوى إدارة الأعمال قصد تحقيق التنمية المستدامة والتنمية الشاملة بفضل صواب رشد القرار.
5- نظرية اللعب (المباراة) : Game theory
بدأ تطوير هذه النظرية في بداية الأربعينات وتحديدا سنة 1944م، من خلال الكتاب الذي ألفه العالمان : فون نيومان Von Neumann وهو عالم رياضيات، و أوسكار مورجنسترن Oskar Morgenstern وهو عالم اقتصاد، والكتاب بعنوان : نظرية الألعاب والسلوك الاقتصادي، وبذلك بدأ الاهتمام بالنظرية لمعالجة المشاكل الاقتصادية والإدارية المطروحة أمام متخذي القرار.
تتلخص نظرية اللعب بوجود مباراة محددة أو مباراة لها هدف نهائي يسعى كل متنافس الوصول إليه، وهذا من خلال مراحل خاصة يتم اختيارها حسب قوانين وأسلوب المباراة، وعليه يمكن أن تقاس المباراة على مقياس كمي إذا كان الهدف يتمثل في الربح أو الخسارة، كما يمكن أن تقاس المباراة بالزمن أو المنفعة نتيجة لاستخدام الاستراتيجيات المتاحة لدى كل متنافس.
• اللعبة الصفرية :
سميت بمباراة ذات المجموع صفر لأن ربح أحد المتنافسين يساوي خسارة المتنافس الخصم، مما يعني أن : الربح + الخسارة = صفر، وأن اختيار معيار لحل مشكل قراري ما يتوقف كثيرا على توفر المعلومات، لكن المباراة عادة ما تفقد الكثير من المعلومات، ومن بين المعلومات صعوبة معرفة أو التنبؤ بتصرفات ونوايا المتنافس الخصم، لهذا فهذا النوع من المباراة قابل للتجسس، ونظرا لصعوبة مهمة التجسس كون المتنافسين كلاهما محاطا بالسرية التامة، فإن المعيار المحافظ عادة ما يعتبر أفضل معيار لحل مثل هذا النوع من المباراة.
• اللعبة غير الصفرية :
تقوم أساسا على بناء التحالفات لضمان الأمن لأجل إيجاد صيغة توفيقية تضمن تحقيق المكاسب لكل الأطراف في ظل مساهمات كل طرف، وهذا ما يتضح خاصة في التعاون بين الدول، أو التحالفات بين الأحزاب السياسية.
- منشئ مقرر دراسي: Benallel Ali