أركان عقد البيع
بالرجوع للقواعد العامة للعقد فإن للعقد ثلاثة أركان هي: الرضا والمحل والسبب، فإذا انعدم ركن لم ينعقد العقد أصلا ويكون العقد باطلا بطلانا مطلقا، وقد يفرض القانون أركانا أخرى خاصة بكل عقد على حدة ،كأن يشترط الشكلية كركن كما في بيع العقار وبيع السفينة وبيع المحل التجاري، أو أن يشترط التسليم في العقود العينية[1] كالوديعة، العارية، وعقد الهبة[2] في بعض القوانين العربية والغربية[3] وبعض المذاهب الفقهية الإسلامية[4].
ويشترط لكل ركن من هذه الأركان ( الرضا والمحل والسبب ) شروطا إذا تخلف شرط منها اختل الركن ولم ينعقد العقد بسبب انعدام الشرط.
الركن الأول: التراضي في عقد البيع
يُعرَّف التراضي بأنه: " تطابق إرادتين على إحداث أثر قانوني" ،كما عرفنا في القواعد العامة للعقد فيما يتعلق بطرق التعبير عن الإرادة ووقتها والقوة الملزمة للإيجاب وسقوطه ومكان وزمان التعاقد وغيره من الأحكام، فلا ينعقد البيع إلا بتطابق الإرادتين إرادة البائع وإرادة المشتري على نقل ملكية الشيء المبيع من البائع إلى المشتري مقابل ثمن نقدي، غير أن في البيع نوعين من المسائل التي تكون محلا لتطابق الإرادتين: مسائل جوهرية ومسائل تفصيلية، نفصلها فيما يلي:
المسائل الجوهرية: وهي تمثل الحد الأدنى من مسائل البيع التي يجب أن يتم حولها تطابق إرادتين البائع والمشتري وبدون اتفاق عليهما لا ينعقد البيع وهي: طبيعة العقد و المبيع والثمن.
الاتفاق على طبيعة العقد: فيجب أن تتجه إرادة المتعاقدين إلى إبرام عقد بيع أي نقل الملكية في مقابل ثمن نقدي فلو قصد المتعاقد الأول البيع وقصد الثاني الإيجار فلا ينعقد أي من العقدين لاختلاف الإرادتين وعدم تطابقهما.
الاتفاق على المبيع: كما يجب أن تتفق إرادة المتعاقدين على ذات الشيء المبيع، فإذا اتجهت إرادة البائع إلى نقل ملكية سيارة من نوع معين، وكان قصد المشتري تملك سيارة أخرى غير التي قصدها البائع ففي هذه الحال لا ينعقد البيع أصلا، أو قصد البائع سكنا معينا وكان المشتري يقصد سكنا آخر فلا يتعقد البيع لعدم تطابق الإرادتين، وهكذا.
الاتفاق على الثمن: كما يجب كذلك أن تتفق الإرادتان على ثمن نقدي محدد ومعلوم، فلا ينعقد البيع إا عرض احد الطرفين البيع بثمن معين فقبل الطرف الآخر الشراء بثمن اقل. مثلا إذا عرض البائع سيارته بمبلغ معين و قبل المشتري الشراء بثمن اقل لا ينعقد البيع ما دامت الإرادتين غير متفقتين. وإذا عرض المشتري ثمنا اكبر من الثمن الذي عرضه البائع، فإن عقد البيع ينعقد باقل الثمنين. المشتري الذي يقبل الشراء بالثمن الاكبر يعتبر راضيا بالثمن الاقل ، ويمكن أن يتفق العاقدان على أسس تحديد الثمن، دون أن يحددا الثمن بقدر معلوم، ومن الأمثلة على أسس تحديد الثمن: ثمن السوق فإذا اختلفا في الثمن أو اختلفا في الأساس المحدد للثمن لم ينعقد البيع.
المسائل التفصيلية:
تنص المادة 65 ق.م ج على أنه " إذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد ولم يشترط أن لا أثر للعقد عند عدم الاتفاق عليه اعتبر العقد منبرما، وإذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الاتفاق عليها فإن المحكمة تقضي فيها طبقا لطبيعة المعاملة ولأحكام القانون والعرف والعدالة "
من خلال هذا النص يفهم أن مجرد الاتفاق على المسائل الجوهرية كافية لانعقاد البيع حتى ولو لم يتفق الطرفان على المسائل التفصيلية ، فيمكن عدم الاتفاق على نفقات عقد البيع مثلا أو زمان ومكان التسليم ومصاريفه إلخ.
شروط الرضا : يجب لتوافر ركن الرضا
شروط وجود الرضا: أي الشروط التي يجب أن تتوفر لوجود التراضي
1- توافر الأهلية لدى المتعاقدين. استكمال العاقدين لأهلية الأداء 19 سنة كاملة وأهلية التبرع مع انتفاء عوارض الأهلية
2- وتطابق إرادتيهما الإيجاب والقبول وبانعدام شرطي الوجود بكون العقد باطلا بطلانا مطلقا.
شروط صحة التراضي: وهي الشروط التي يجب أن تتوفر لتكون إرادة المتعاقد صحيحة
1- وهو شرط خلو إرادة كل من المتعاقدين من عيوب الرضا، وهي : الغلط، التدليس، الإكراه، الاستغلال، ووجود هذه العيوب يجعل العقد باطلا بطلانا نسبيا أي يعتبر قابلا للإبطال بالنسبة للعاقد ناقص الأهلية أو الذي شاب رضاؤه عيب من العيوب السالف ذكرها دون الآخر.
فإذا طلب العاقد الذي تقرر البطلان النسبي لمصلحته إبطال العقد حكم له القاضي بذلك وله أن يتنازل هو أو وليه عن البطلان بإجازة العقد وعندئذ يستقر العقد وينتج آثاره – كما مر معنا في النظرية العامة للعقد.
صور خاصة للتراضي في عقد البيع
سنتناول بعض الصور الخاصة للتراضي فنعالج الوعد بالبيع والشراء وبعض البيوع الموصوفة الأخرى كالبيع بالعربون، والبيع بشرط التجربة، والبيع بالعينة ، والبيع بشرط المذاق.
أولا/ الوعد بالبيع
لم يخصص الوعد بالبيع بنص خاص وإنما نرجع إلى الأحكام العامة المتعلقة بالوعد بالعقد التي تنطبق على الوعد بالبيع وبالرجوع إلى المادة 71 ق.م ج يتبين لنا أن الوعد بالبيع ليس مجرد إيجاب بل هو عقد تام يتم بتطابق الإيجاب والقبول،إلا أن الوعد بالبيع ليس هو عقد البيع المقصود النهائي ذاته وإنما هو تمهيد له ( فهو عقد ابتدائي) ، ويتضمن الوعد بالبيع التزاما من الواعد عن طريق وعده ببيع شيء معين بثمن محدد إذا ما أبدى الطرف الآخر الموعود له رغبة في الشراء خلال مدة معينة، فلا بد لانعقاده من تحديد المسائل الجوهرية للبيع المراد إبرامه لاحقا بالإضافة إلى المدة.
صوره: له ثلاث صور
أ- الوعد بالبيع:
والملتزم فيه ( المدين ) هو البائع أما الموعود له ( المشتري ) فلا التزام عليه.
ب- الوعد بالشراء: وهذه عكس الصورة الأولى: فالواعد الملتزم هو المشتري ولا التزام على البائع.
ج- الوعد بالبيع والشراء معا: أي الوعد التبادلي فنكون بصدد عقد كل منهما ملزم لجانب واحد فقط هو الواعد فالأول ملتزم بالوعد بالبيع والثاني ملتزم بالوعد بالشراء خلال المدة المتفق عليها، وقد تختلف مدتا الوعدين ويكون كل من الطرفين واعد وموعود له في آن واحد، وينعقد البيع النهائي بمجرد إبداء الموعود له رغبته في البيع أو الشراء خلال المدة المحددة وإلا سقط الواعدان وتحلل الطرفان من التزامهما
شروطه:
1. تحديد المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه وهي: طبيعة العقد البيع والمبيع والثمن أو أساسه تحديد الثمن كما في عقد البيع.
2تحديد المدة: التي يجب على الموعود له إبداء رغبته خلالها وعدم الاتفاق على المدة يبطل الوعد بالبيع إذ لا يعقل أن يبقى الواعد ملتزما بوعده أبدا، ويعتبر إبداء الرغبة فاصلا بين مرحلتين مختلفتين ففي الفترة السابقة لإبداء الرغبة بالبيع يرتب الوعد التزامات في ذمة الواعد وحقوق شخصية للموعود له،
وتبعا لذلك يلتزم الواعد بالامتناع عن أي تصرف في الشيء الموعود ببيعه يضر بالموعود له،فإذا تصرف في ( الشيء ) الموعود به بالبيع مثلا لطرف ثالث أو أي تصرف اعتبر مخلا بالتزامه، لكن لا تبطل تصرفاته لأنه تصرف في ملكيته إذ يبقى تصرفه قائما وصحيحا بين الواعد والمتصرف إليه )طرف ثالث( وبالتالي لا يمكن للموعود له الاحتجاج بوعده اتجاه المتصرف إليه بل له المطالبة بالتعويض من قبل الواعد على أساس المسؤولية العقدية.
ويبقى الموعود له في حل من أمره غير ملتزم بأي شيء تجاه الواعد، فليس عليه أي التزام طيلة فترة الوعد، وله أن يبدي رغبته في البيع أو رفضه، وإذا انتهت المدة وسكت الموعود له تحلل الواعد من التزامه .
وأما بعد إبداء الموعود له رغبته فإن البيع ينعقد بمجرد إبدائها من طرفه دون الحاجة إلى قبول جديد من الواعد، ووفقا للمادة 71 من ق م ج فإن الموعود له حق اللجوء إل القضاء وطلب تنفيذ الوعد إذا نكل الواعد بوعده ويقوم الحكم الحائز لقوة الشيء المقضي به مقام العقد.
وليس لإبداء الرغبة أثر رجعي ويجب أن تصل إلى علم الواعد أثناء المدة المحددة فلو أدى الموعود له رغبته أثناء المدة ولم تصل إلى الواعد إلا بعد انتهائها فإنها تعتبر عدما ولو بسبب قوة قاهرة.
ثانيا/ البيع بالعربون: المادة 72 مكرر
- القاضي ليس له الحق أن يعدل العربون.
- الشرط الجزائي شرط اتفاق يخضع لإرادة الطرفين لا ينفذ إلا إذا استحال التنفيذ العيني.
- لقاضي الموضوع في حالة الضرر الشرط الجزائي حيث يرهق أحد المتعاقدين يمكن للقاضي أن يعدل الشرط الجزائي.
- استحدث القانون المدني الجزائري نصا خاصا بالتعاقد بالعربون في تعديل 2005[5] فنصت المادة 72 مكرر من ق م ج: ( يمنح دفع العربون وقت إبرام العقد لكل من المتعاقدين الحق في العدول عنه خلال المدة المتفق عليها إلا إذا قضى الاتفاق على خلاف ذلك.
فإذا عدل من دفع العربون فقده، وإذا عدل من قبضه رده ومثله ولو لم يترتب على العدول أي ضرر ).
وقد عالج القضاء الجزائري البيع بالعربون قبل هذا النص بقرار أصدرته المحكمة العليا ( الغرفة المدنية ) يتعلق بالبيع بالعربون بتاريخ 31/01/1981 تحت رقم 447/14 جاء فيه ( إذا عدل البائع عن البيع وجب عليه رد ضعف العربون وينقضي كل قرار يقضي بخلاف هذا المبدأ القضائي الثابت ) والعربون مبلغ نقدي يدفعه المشتري للبائع عادة عند إبرام العقد .
ويمكن تكييف العربون أي المبلغ النقدي الذي يدفعه المشتري باعتبار قصد المتعاقدين تكييفين :
1-على أنه شروع في تنفيذ العقد، إذا استمر المشتري في العقد، لأنه يعتبر جزءا من الثمن.
2-أنه احتفاظ بحق العدول عن التعاقد (التزام بدين عن الالتزام الأصلي )
والتكييف الثاني هو الذي يقرره النص والعرف (أي أنه استبقاء لحق العدول عن العقد ابتداء وليس بدءا في التنفيذ، فالمشتري يقدم العربون بدلا عن الثمن والبائع يقدمه بدلا عن نقل الملكية ولسنا هنا بصدد قاعدة آمرة بل مكملة، فيجوز أن يتفق المتعاقدان على اعتبار العربون بدءا في تنفيذ العقد ولا يمكن بالتالي العدول عنه[6].
3- البيع بشرط التجربة
يقصد به إعطاء المشتري إمكانية تجربة المبيع فبل الشراء النهائي، ويمكن أن يكون صريحا أو ضمنيا حسب طبيعة المبيع ،كشراء الملابس، أو شراء آلات معقدة لا تُعرف صلاحيتها إلا بالتجربة[7]، وفي أغلب هذه البيوع يعتبر شرطا ضمنيا، ويمكن تكييف هذا النوع من البيع تكييفين مختلفين :
أ) التكييف الأول : أنه عقد بيع معلق على شرط واقف، وهو ما ارتآه المشرع ابتداء فنصت المادة 355/2 على أنه (يعتبر البيع على شرط التجربة بيعا موقوفا على شرط القبول إلا إذا تبين من الاتفاق أو الظروف أن البيع معلق على شرط فاسخ.والشرط الوقف في هذا البيع هو قبول المشتري بالمبيع بعد تجربته ، فإذا جربه ولم يرتضه لم يتحقق الشرط الواقف.
وإذا تحقق هذا الشرط الواقف (القبول) فإن البيع يعتبر مبرما من وقت الاتفاق على الشرط ، أي أن تنتقل الملكية للمشتري بأثر رجعي وتزول ملكية البائع بأثر رجعي كذلك، والشرط الواقف بالنسبة للمشتري هو في الوقت نفسه شرط فاسخ بالنسبة للبائع ولذلك فبتحققه تثبت حقوق الغير التي رتبها المشتري أثناء مدة التجربة بأثر رجعي وتزول الحقوق التي رتبها البائع بأثر رجعي.
ووفق هذا التكييف (المعلق على شرط واقف) فإن ملكية المبيع قبل تحقق الشرط تبقى للبائع، وإذا هلك المبيع أثناء مدة التجربة تحت يد المشتري تحمل البائع تبعة الهلاك.
كما يمكن لدائني البائع الحجز على مبيع تحت يد المشتري (دعوى غير مباشرة من دعاوى التنفيذ الجبري = حجز ما للمدين لدى الغير) : وذلك إذا اتفق المتعاقدان صراحة على هذا التكييف أو يتبين من ظروف العقد أن البيع معلق على شرط فاسخ (الشرط الفاسخ هنا هو رفض المشتري للمبيع بعد تجربته) ووفقا لهذا التكييف فإن عقد البيع مبرم تترتب عليه جميع آثاره بما في ذلك نقل الملكية، فيصبح المشتري مالكا للمبيع أثناء مدة التجربة، فإذا تحقق الشرط الفاسخ فإن العقد يزول بأثر رجعي،أي زالت ملكية المشتري بأثر رجعي وكذا الحقوق التي يكون المشتري قد رتبها للغير قبل رفضه للمبيع.
والشرط الفاسخ بالنسبة للمشتري هو نفسه شرط واقف بالنسبة للبائع فيتحقق الشرط الفاسخ ( رفض المشتري للمبيع ) تثبت ملكية البائع بأثر رجعي وكذا الحقوق التي يكون قد رتبها قبل تحقق الشرط الفاسخ ووفقا لهذا التكييف أيضا فإن هلك المبيع أثناء فترة التجربة تحمل تبعته المشتري لكونه مالكا، وبالنسبة لمدة التجربة فإنها تحدد في العقد،فإذا أغفلت حدد البائع مدة معقولة للتجربة.
وقد ألزم المشرع الجزائري البائع بتمكين المشتري من تجربة المبيع خلال المدة المحددة طبقا للمادة 355 مدني، فإذا رفض البائع ذلك جاز للمشتري إجباره قضاء، ومقابل هذا الالتزام من البائع فإن على المشتري كذلك التزاما يتمثل في وجوب القيام بالتجربة بنفسه أو من ينوبه، فإذا تسلم المشتري المبيع بالتجربة والتزم السكوت حتى انتهاء المدة أعتبر سكوته قبولا.
كما أن كيفية تجربة المبيع متروكة للمشتري فقد يقوم بها بنفسه وقد يكلف غيره وقد تكون بحضور البائع أو في غيابه، لكن يعتبر المشتري مخلا إذا جرب السلعة بطريقة غير عادية كأن يخالف تعليمات الاستعمال ويبقى اتفاق المتعاقدين ساريا.
البيع بالمذاق:
نصت المادة 355 مدني جزائري على أنه ( يتعين على المشتري في البيع بشرط المذاق أن يقبل المبيع كيفما شاء غير أنه يجب عليه أن يعلن بقبوله بالأجل المحدد بعقد الاتفاق أو العرف ولا ينعقد البيع إلا من يوم هذا الإعلان(
ويقصد به إعطاء المشتري إمكانية تذوق بعضا من الشيء المبيع، ويتوقف انعقاد البيع على رغبة المشتري بعد التذوق، وعادة ما يكون في المبيعات التي لا تُعرف إلا بالمذاق ، كزيت الزيتون والعسل والسمن البلدي ... وواضح من نص المادة أن المعيار في هذه الحالة شخصي حيث يمكن للمشتري رفض السلعة تبعا لذوقه، وربما تكون السلعة جيدة ، ولا ينعقد هذا العقد أصلا إلا من وقت إعلان المشتري للقبول،أي لا وجود لعقد بيع في لفترة السابقة، إذ توجد إرادة البائع وحدها دون إرادة المشتري وعليه يكيف هذا العقد قبل إعلان المشتري قبوله بأنه "وعد بالبيع "[8] يلتزم فيه الواعد )البائع( بالبيع إذا قبل المشتري المبيع بعد تذوقه ولا سلطة للمشتري على المبيع قبل ذلك.
وبما أنه وعد بالبيع فإن البائع الواعد يلتزم بتمكين المشتري من التذوق كما يلتزم بإبرام البيع إذا قبل المشتري، يتم التذوق في الزمان والمكان المتفق عليهما في العقد أو في مكان التسليم أو وفق ما يقضي به العرف،وخلال المدة المحددة.
5-البيع بالعينة:
نصت المادة 353 على ما يلي: ( إذا انعقد البيع بالعينة يجب أن يكون المبيع مطابقا لها، وإذا تلفت العينة أو هلكت في يد أحد المتعاقدين ولو دون خطإ كان علىالمتعاقد بائعا أو مشتريا أن يثبت أن الشيء مطابق أو غير مطابق للعينة )
فبيع العينة هو أن يقوم البائع بعرض عينة على المشتري ، وقد يكون العكس أي أن المشتري يقدم العينة ويطلب السلعة المطابقة لها من البائع، كقطعة قماش أو حفنة من قمح، أو نوع من الثمار... ، ويعتبر تعيين العينة تعيينا للشيء المبيع من حيث الجنس والنوع ودرجة الجودة ورؤية العينة تغني عن رؤية المبيع[9]، ويمكن تكييف هذا العقد تكييفين لهما نفس الأثر:
فيمكن تكييفه بأنه بيع تام وبات من وقت الاتفاق على العينة، فإذا نكل البائع عن الالتزام بتقديم بضاعة مطابقة للعينة كان للمشتري إلزامه بتقديمها عن طريق القضاء، وللقاضي أن يلزم البائع بشرائها من السوق وله أن يأذن للمشتري بشرائها على حساب البائع وعلى البائع دفع الفرق إذا زاد سعر السوق عن السعر المتفق عليه في العقد، بشرط أن تكون زيادة عادية أي زيادة غير مرهقة، وإذا قدم البائع بضاعة مطابقة تماما للعينة فليس للمشتري رفض المبيع لعدم مطابقته لرغبته الشخصية وإلا اعتبر متعسفا وأمكن للبائع إلزامه بقبول السلعة،أما إذا كانت البضاعة غير مطابقة للعينة سواء كانت أكثر جودة أو أقل جودة فلا يلزم المشتري بتنفيذ التزامه بل له عندئذ طلب الفسخ مع التعويض أو بدونه كما له إلزام البائع بالوفاء العيني[10].
المحل في عقد البيع وهو المبيع و الثمن
المبيع كمحل لعقد البيع:
لا توجد مواد خاصة بعقد البيع وإنما نرجع إلى القواعد العامة لمحل الالتزام أي المواد من 90 إلى 96 ق.م ج فإن المبيع يشترط موجودا ومعينا ومشروعا ووملكا للبائع
أولا: أن يكون موجودا أو قابلا للوجود
ومعنى ذلك أن يوجد المبيع وقت البيع ابتداء أو يكون قابلا للوجود مستقبلا، وإلا بطل العقد بطلان مطلقا ، إذا كان المبيع ممكن الوجود وفق ما نصت عليه المادة92 فقرة1 بشرط أن يكون وجوده محققا، وقد استثنى القانون في 92 فقرة 2 ( على أن التعامل في تركة انسان على قيد الحياة باطل ولو كان برضاه(
ويلاحظ أن شرط الوجود يلازم الأشياء المعينة بذاتها أما إذا كان المبيع معينا بنوعه فلا يُطرح الإشكال وجود المبيع إذا حدد مقداره وهو ما نصت عليها المادة 94 ( إذا لم يكن محل الالتزام معينا بذاته وجب أن يكون معينا بنوعه ومقداره و إلا كان العقد باطلا (
ب. أن يكون المبيع معينا أو قابلا للتعين:
أي يكون المبيع معينا حقيقة أو قابلا للتعين ويختلف ذلك بحسب ما إذا معينا بذاته أو بنوعه فإذا كان المبيع قيميا معينا بالذات كالعقارات والسيارات المستعملة وبعض الحيوانات كالفرس فانه يعين في العقد بذكر أوصافه الخاصة فإذا كان عقارا مثلا يعين بذكر أوصافه وحدوده ومساحته وموقعه وعدد طوابقه وكل ما يعرفه من أوصاف، أما الأشياء المثلية المعينة بنوعها كالحبوب والذهب البضاعة المختلفة فتعين بذكر جنسها ونوعها ومقدارها وزنا أو عدا أو كيلا.
وإذا لم تحدد درجة جودة المبيع في العقد فإن ذلك يستخلص من ظروف البيع أو من العرف، وإلا كان على البائع أن يقوم بتسليم مبيع من صنف متوسط، وهو ما نصت عليه المادة 94 فقرة 2 .
ج. أن يكون المبيع مشروعا:
نصت المادة 93 ق م ج "إذا كان محل الالتزام مستحيلا بذاته أو مخالفا للنظام العام أو الآداب كان باطلا مطلقا" وبطبيعة الحال أن كل الأشياء المشروعة تصلح أن تكون محلا للبيع غير أن المشرع استثنى أشياء لايمكن أن تكون محلا للبيع وهي :
الأشياء غير الصالحة للتعامل فيها بحكم طبيعتها: وهي التي لا يمكن أن يستأثر أحد بحيازتها كالهواء وأشعة الشمس لكن لو حيزت وأمكن الاستئثار بها جاز التعامل بها
الأشياء غير الصالحة للتعامل فيها بحكم القانون: كالتعامل في التركة المستقبلية في حياة مالكها ولو برضاه[11]، أو التعامل في الأموال العامة أو المخصصة للمنفعة العامة فلا يجوز حجزها ولا تملكها بالتقادم
أو التعامل في أموال الوقف[12] ،
د. أن يكون المبيع مملوكا للبائع: ويشترط أن يكون المبيع مملوكا للبائع فلا يمكن لشخص أن يبيع شيئا لا يملكه، ومعنى بيع ملك الغير المقصود هنا هو بيع الشيء المعين بالذات غير المملوك للبائع[13]
الثمن كمحل لالتزام المشتري: يجب أن يكون الثمن نقدا وحقيقيا ومعينا أو قابلا للتعيين
أ. أن يكون الثمن نقديا:
ويجب أن يكون الثمن نقديا وهو ما نصت عليه المادة351 من ق م ج، وهو ما يميز البيع عن المقايضة حيث يتميز البيع عن المقايضة بأن أحد المحلين المتبادلين في البيع يجب أن يكون نقوداً وهو الثمن ، فإذا كان الثمن غير نقود فالعقد مقايضة .
ولذلك فلو اتفق المتعاقدان على مقابل من غير النقود فلا يعتبر العقد بيعا، ولكن يمكن اعتبار العقد بيعا إذا كان الثمن نقديا واتفق المتعاقدان على أن الوفاء يتم بما يقابله، وبالعكس لا يمكن أن نعتبر العقدَ بيعا حتى لو اتفق المتعاقدان على الوفاء بما يقابله من نقود إذا كان المقابل مثليا أو معينا غير نقدي أثناء العقد، إذ لا تأثير لكيفية دفع الثمن في تحديد طبيعة العقد، فقد يُدفع الثمن جملة واحدة أو تقسيطا معجلا أو مؤجلا، وقد يدفع إلى البائع أو إلى غيره من طرف المشتري نفسه أومن طرف غيره ما دام ذلك كل باتفاق الطرفين.
وإذا كان الثمن بعضه نقودا وبعضه غير نقود ، نظرنا إلى العنصر الغالب فيه، فإن كان الغالب هو النقود ، كان العقد بيعاً، وإن كان الغالب هو البدل غير النقود ، كان العقد مقايضة، ويجوز أن يكون الثمن على شكل إيراد مرتب مدى الحياة ما دام نقديا
ويلاحظ أيضا أن البيع إذا ورد على عقار وكان الثمن بالتقسيط فإن الشكلية ركن تفرض أن يكون دفع الثمن شكليا أيضا أي أما الموثق الذي أبرم العقد.
ب. أن يكون الثمن جديا حقيقيا: أي أن لا يكون صوريا ولا تافها
* الثمن الصوري : يكون الثمن صورياً إذا كان البائع لا يقصد أن يتقضااه من المشتري ، بل يذكر في العقد مبلغاً من النقود ليكون ثمناً صحيحا ظاهريا حتى يسلم عقد البيع في مظهره الخارجي، ومتى يثبت أن الثمن صوري فإن العقد لا يكون بيعاً، ولكنه قد يكون هبة مستترة في صورة بيع فيصح كهبة دون حاجة إلى ورقة رسمية.
*الثمن التافه : والثمن التافه كالثمن الصوري في الحكم، فكما لا يتم البيع بالثمن الصوري لا يتم بالثمن التافه، والثمن التافه هو مبلغ من النقود يصل من التفاهة في عدم تناسبه مع قيمة المبيع إلى حد يبعث على الاعتقاد بأن البائع لم يتعاقد للحصول على مثل هذا المقدار التافه ، وإن كان قد حصل عليه فعلاً، فالثمن التافه هو الثمن الذي لا يتناسب إطلاقا مع قيمة المبيع حيث يقل عنها كثيرا بصورة تجعله كالمعدوم فإذا تم البيع هكذا عدا باطلا مطلقا لتخلف ركن المحل وهو الثمن .
وهو ثمن لا يقصد البائع طلبه ولا المشتري الوفاء به وهو المذكور في العقد فهو ثمن وهمي يذكر في العقد ليظهر العقد بمظهر البيع ثم يعفى المشتري منه أو من الوفاء به كما قد يتضمن العقد شرط يعفي المشتري من الثمن أو يوهب له.
ويعتبر العقد في هذه الحالات تبرعا مكشوفا والعبرة في جدية الثمن وقت إبرام العقد فلا يعتبر الإجراء من الثمن قرينة قطعية على الصورية،فقد يكون الإجراء لاحقا للعقد منفصلا عنه ونكون بصدد تعديل للعقد
ويمكن أن تتحقق صورية الثمن إذا كان المذكور في العقد ثمن غير وهمي لكنه يخفي ثمنا آخر متفق عليه بين المتعاقدين.
وقد يكون الثمن المذكور أكبر بكثير من الثمن المتفق على دفعه وعادة ما يحدث ذلك إذا قصد البائع أن يحرم الشفيع من استغلال حقه في الشفعة ببيع العقار لكون الثمن المذكور مرهقا للشفيع.
وقد يلجأ المتعاقدان إلى إخفاء جزء من الثمن تهربا من رسوم التسجيل ولذلك نصت المادة 113 قانون التسجيل[14] على أنه ( يكون باطلا وعديم الأثر كل اتفاق يهدف إلى إخفاء جزء من ثمن بيع العقارات أو تنازل عن محل تجاري،ويمكن إثبات إخفاء الثمن بشتى وسائل الإثبات المقبولة في مادة التسجيل(
كما نصت المادة 118 من نفس الأمر على أن إدارة التسجيل تستطيع أن تستعمل لصالح الخزينة حق الشفعة على العقارات أو الحقوق العقارية ...إلخ الذي ترى فيه أن ثمن البيع غير كاف مع دفع هذا الثمن مزاد فيه العشر لذوي الحقوق.
والخلاصة أن الثمن الجدي هو ما لم يكن صوريا أو تافها ويقع البيع صحيحا إذا قل الثمن عن قيمة المبيع ما لم يصل إلى درجة التفاهة إذ لا يشترط تساوي الثمن وقيمة المبيع.
ج. أن يكون معينا أو قابلا للتعين:
الأصل أن الثمن يحدده المتعاقدان أثناء العقد، والأغلب أن يتم تحديده صراحة وقد يحدد صمنا كأن يحدده أحد الطرفين ويسكت الثاني دون اعتراض فيعتبر محدد بإرادته، أما إذا استقل أو انفرد احدهما بتحديده دون علم الثاني فلا ينعقد العقد لانعدام ركن الرضا.
وقد يتفق المتعاقدان على أسس معينة لتحديده فنصت المادة 356/1 انه ( يجوز أن يقتصر على تقدير ثمن المبيع على بيان الأسس التي يحدد بمقتضاها فيما بعد )، ويجب أن تكون هذه الأسس واضحة لا تحدث النزاع وباتفاق الطرفين وقد نص المشرع على أساسين لتحديد الثمن على سبيل المثال لا الحصر:
الأول: تحديده بسعر السوق:
فنصت المادة 365 فقرة 2 على أنه ( إذا وقع الاتفاق على الثمن هو سعر السوق وجب عند الشك الرجوع إلى سعر السوق الذي يضع فيه تسليم المبيع للمشتري في الزمان والمكان، فإذا لم يكن في مكان التسليم سوق وجب الرجوع إلى سعر السوق في المكان الذي يقضي العرف أن تكون أسعاره هي السارية)
الثاني: هو تحديد السعر على أساس السعر المتداول في التجارة أو السعر الذي جرى التعامل به بين البائع والمشتري فنصت المادة 357 ( إذا لم يحدد المتعاقدان ثمن المبيع فلا يترتب على ذلك بطلان البيع متى تبين أن المتعاقدين قد نويا الاعتماد على السعر المتداول في التجارة أو السعر الذي جرى عليه التعامل بينهما)
ويستخلص هذا الاتفاق أو النية من ظروف البيع.
ويمكن إعمالا لمبدأ سلطان الإرادة أن يوكل المتعاقدان أمر تحديد السعر إلى طرف ثالث يعين في العقد أو يتفقان عليه لاحقا، فإذا عين في العقد انبرم البيع وإذا اتفق على تعيينه لاحقا كنا بصدد حالتين:
1.عدم تعيينه لأي سبب كان فالبيع يعتبر عدما لتخلف محل التزام المشتري وهو الثمن
2. إذا عين الشخص الثالث باتفاق لاحق فينعقد البيع معلقا على شرط واقف هو تحديد فعليا للثمن.
أما إذا لم يحدده لم يتحقق الشرط وزال البيع بأثر رجعي أي كأن لم يكن،فإذا حدده تحقق الشرط فالعقد يعتبر منبرما من وقت تعيين الشخص لا من مجرد تحديد الثمن.
وقد يتفق المتعاقدان على أن الثمن هو نفسه الذي اشترى به البائع بدون زيادة أو بزيادة متفق عليها أو بنقصان فإذا ثار خلاف فعلى البائع إثبات الثمن الذي اشترى به.
3 - السبب: أن كون مشروعا غير مخالف للنظام العام
لا يتميز ركن السبب في عقد البيع بمييزات خاصة عن السبب في القواعد العامة لذلك نكتفي بالتذكير بالسبب كركن في العقد في القواعد العامة، حيث تنص المادة 97 من ق م ج على : ( إذا التزم المتعاقد لسبب غير مشروعأو لسبب مخالف للنظام العام والآداب كان العقد باطلا) كما تنص المادة 98 من ق م ج على : ( كل التزام مفترض أن له سببا مشروعا مالم يقم الدليل على ما يخالف ذلك، ويعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك، فإذا قام الدليل على صورية السبب فعلى من يدعي أن للالتزام سببا آخر مشروعا أن يثبت ما يدعيه )
ولذلك يشترط للسبب شرطان :
أن يكون موجودا :
أن يكون مشروعا :
4- الشكلية: كركن في بيع العقار:
الأصل في العقود أنها رضائية فيتم العقد بمجرد تبادل الإيجاب و القبول، حيث نصت المادة 59 من ق م ج على ( يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن إرادتهما المتطابقتين دون الإ خلال بالنصوص القانونية )، وبذلك استثنى المشرع الجزائري بعضا من العقود التي اعتبر الشكلية فيها ركنا أساسيا يبطل العقد بتخلف هذا الركن، ومنها بيع العقار، حيث نصت المادة 793 من ق م ج :( لا تنقل الملكية والحقوق العينية الأخرى في العقار سواء بين المتعاقدين أم في حق الغير إلا إذا روعيت الإجراءات التي ينص عليها القانون وبالأخص القوانين التي تدير مصلحة شهر العقار )
الشكلية
تعريف الشكلية :هي إفراغ العقد في شكل معين يفرضه القانون بالإضافة إلى ركن الرضا، فهي ركن في التصرف القانوني وبتخلفها يكون العقد باطلا.
قد يشترط المشرع لقيام العقد أن يكون مكتوبا، فهي كتابة مطلوبة لقيام الإلتزام بمقتضى القانون وقد يشترط القانون الكتابة من أجل الإثبات أمام القضاء وفي هذه الحالة لا تجعل العقد شكليا وإنما تشترط الكتابة للإثبات فقط فهي ليست ركنا في العقد.
الكتابة الرسمية
وهي تحرير العقد في سند من قبل موظف عام أو محافظ عمومي أو موثق يختص في تحريرها من حيث المضمون والمكان وفق الأوضاع القانونية .
وقد عرفت المادة 324 العقد الرسمي على أنه :( العقد الرسمي عقد يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة ، ما تم لديه أوما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأشكال القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه )
شروط العقد الرسمي : للعقد الرسمي ثلاثة شروط : يتعلق الشرط الأول بمحررالعقد،والشرط الثاني بلإختصاص، والشرط الثالث بالأشكال القانونية الواجب إتباعها.
الشرط الأول : محرر العقد : يشترط في العقد الرسمي أن يكون محررا من قبل :
الموظف : وقد ورد تعريفه في المادة 4 في فقرتها من الأمر 06 / 03 ( يعتبر موظفا كل عون عين في وظيفة عمومية دائمة، ورسم في رتبة في السلم الإداري)
فيتضح مما سبق أن الموظف هو العون المرسم الذي يشغل منصبا دائما في مصلحة عمومية ، و تكون وضعيته بالنسبة للمؤسسة أو الإدارة قانونية.
الضابط العمومي : وهو الشخص الذي يخول له القانون سلطة تصدر وإعطاء الصبغة الرسمية للعقود أو الوثائق كرئيس البلدية, والموثق وكاتب الضبط لدى المحاكم…إلخ.
الشخص المكلف بخدمة عامة : وهم الخواص الذين يساهمون في تسيير بعض المرافق العمومية كالمحامين والموثقين …إلخ وتتولى السلطة العمومية تعيين هؤلاء إلا أنهم يتقاضون أتعابهم من المستفيدين من خدماتهم, ولما كان الأمر يتعلق بتسيير مرافق عمومية تولى القانون تنظيم هذه المهن
الشرط الثاني : الإختصاص :
يشترط في الموظف أو الضابط العمومي أو الشخص المكلف بخدمة عامة أن يكون مختصا إقليميا ونوعيا.فإذا كانت صلاحياته لا تسمح له بمباشرة تحرير العقود الرسمية فلا يمكنه القيام بذلك، كما يجب أن يتقيد الضابط العمومي كذلك بحدود إختصاصه من حيث الموضوع والإقليم.
الشرط الثالث : الأشكال القانونية:
إن الأشكال التي يفرضها القانون مثل ما تنص عليه المادة 18 من القانون 88- 27 المتضمن التوثيق بقولها: ( … وفي كل الحالات تحرر العقود باللغة العربية في نص واحد واضح تسهل قراءته بدون إختصار أو بياض أو نقص أو كتابة بين الأسطر، وتكتب المبالغ والسنة والشهر، ويوم التوقيع على العقد بالحروف، وتكتب التواريخ الأخرى بالأرقام، ويصادق على الإحالات في الهامش أو إلى أسفل الصفحات، وعلى عدد الكلمات المشطوبة في العقد، بالتوقيع بالأحرف من قبل كل من الأطراف والشهود والموثق … وما لم ينص التشريع المعمول به على خلاف ذلك يبين هذه العقود ما يلي : … 1- إسم ولقب الموثق الذي يحررها ومكان ومقر إقامته, … 2- إسم ولقب وصفة ومسكن وتاريخ ومحل ولادة الأطراف … 3- إسم ولقب وصفة الشهود … …إلخ ) وجاء في المادة 19 ( لا يقبل ضمن العقد أي تحرير أو كتابة بين الأسطر أو إضافة كلمات … تعتبر الكلمات المحررة أو المكتوبة بين السطور باطلة )
ومن بين التصرفات القانونية الواجب إفراغها في شكلية رسمية تحت طائلة البطلان تذكر المادة 324 من القانون المدني مكرر1 :( … العقود التي تتضمن نقل ملكية عقارية أو حقوق عقارية, أو محلات تجارية أو صناعية أو كل عنصر من عناصرها، أو تنازل عن أسهم في شركة أو حصص فيها، أو عقود إيجار زراعية أو تجارية أو عقود تسيير محلات تجارية أو مؤسسات صناعية في شكل رسمي, ويجب دفع الثمن لدى الضابط العمومي الذي حرر العقد )
إن الإغفال الكلي لهذه الشكلية التي تعد ركنا في العقد تمنع قيامه، ويعتبر العقد منعدما. بينما إغفال بعض الأشكال والشروط يفقد العقد صيغته الرسمية طبقا للمادة 326 مكرر2 من القانون المدني التي تنص: ( يعتبر العقد غير رسمي بسبب عدم كفاءة أو أهلية الضابط العمومي أو إنعدام الشكل كمحرر عرفي إذا كان موقعا من قبل الأطراف )
الكتابة العرفية :
وهو العقد الذي يتولى المتعاقدان كتابته وتوقيعه، فهي المحررات التي يقوم بإعدادها أطراف العقد بأنفسهم أو بواسطة وكيل، ويوقع عليها المتعاقدانويتمثل ركن الشكلية في هذا النوع من العقود في الكتابة العرفية لا غير. ولقد نصت المادة 327 من القانون المدني: ( يعتبر العقد العرفي صادرا ممن وقعه ما لم ينكر صراحة ما هو منسوب إليه من خطأ وإمضاء )
ويتطلب العقد العرفي توفر شرطين: أن يكون مكتوبا بخط المتعاقد الذي ينسب إليه، وأن يكون موقعا.
الشرط الأول : الكتابة والمقصود بالكتابة هو بيان مضمون الواقعة كأن تكون بيعا فيذكر عقد البيع و المبيع والثمن.
الشرط الثاني : التوقيع :وهو الإمضاء، وهو علامة مميزة لصاحبها يعرف بها –عادة– وتتمثل في كتابته بخط اليد إسمه ولقبه في آخر الورقة، ويفيد التوقيع قبول المتعاقد الموقع ما ورد في هذه الورقة .
أهداف الشكلية : قصد المشرع بفرض الشكلية في العقود إلى تحقيق المصلحة العامة وكذا المصالح الخاصة
المصالح العامة: تتمثل في تحقيق الرقابة على التصرفات القانونية وتحقيق إيرادات للخزينة العمومية وتسهيل عمل القاضي،
المصالح الخاصة: وتتمثل في حماية المتعاقدين من التسرع وحفظ حقوقهم وحماية الغير .
ركن الشكلية في عقد البيع : يتمثل ركن الشكلية في عقد البيع في المحرر الذي يحرره الموظف العمومي المختص بصفته ضابطا عموميا وفق الأشكال التي يفرضها القانون.
ركن الشكلية في عقد البيع هو وجوب إفراغ عقد البيع الوارد على عقار في الشكل الرسمي أي العقد التوثيقي والذي يحرره الموثق بصفته ضابطا عموميا في حدود اختصاصه المحلي والنوعي ووفق الأشكال التي نص عليها القانون.
حيث يجب على الأشخاص الراغبين في إبرام عقد بيع عقار أن يتقدموا إلى موثق مختص إقليميا لا يربطه بأحدهما رابطة قرابة أو مصاهرة للدرجة الرابعة ، حيث يتلقى الموثق التصريحات وفق الأصول المعمول بها والمنصوص عليها في القانون المدني والقوانين والتنظيمات المتعلقة بمهنة التوثيق، لا بد لكل طرف من أطراف العقد أن يقدم شهادة ميلاده وبطاقة التعريف الوطنية ،ويضيف لها البائع سند الملكية وشهادة المطابقة وشهادة التأمين ضد خطر الكوارث الطبيعية بالنسبة للعقار المبني ، وتقويم العقار وكذا عند الضرورة مخططا هندسيا وصفيا حال بيع جزء من عقار مبني، مع ضرورة إيداع خمس الثمن المذكور في العقد قانون المالية لسنة 2020
[1] العقود العينية هي العقود التي لا يكفي لانعقادها تبادل الإيجاب والقبول بل يجب أن يتم تسليم العين لينعقد العقد ( عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط ، نظرية الالتزام ) ج 1 ، ص 153
[2] المادة 202 من قانون الأسرة الجزائري: " الهبة تمليك بلا عوض " و تنص المادة 206 من نفس القانون على ما يلي : " تنعقد الهبة بالإيجاب و القبول و تتم بالحيازة .
[3] القانون السويسري في الرهن الحيازي و القانون الألماني في القرض ورهن الحيازة.
[4] يرى الفقه الشافعي أن الهبة لا تنعقد إلا بالتسليم .
[5] قانون رقم 05/10 مؤرخ في 20 يونيو 2005م المعدل للقانون المدني الجزائري.
[6] السنهوري، الوسيط ، ج 4 ، ص 80.
[7] السنهوري ، الوسيط ، ج 4 ، ص 118 .
[8] السنهوري، الوسيط ، ج 4 ، ص 125 .
[9] السنهوري، الوسيط ، ج 4 ، ص 210 .
[10] محمد حسنين ، عقد البيع في القانون الجزائري ص 43 .
[11] المادة 92 فقرة من القانون المدني الجزائري .
[12] المادة 23 من قانون 91/10 المتعلق بالوقف
[13] المادة 397 من القانون المدني الجزائري
[14] الأمر 76/105 مؤرخ في 09 ديسمبر 1976 المتضمن قانون التسجيل .
- Course creator: HAZERCHI ABDERRAHMANE