د. عسالي صباح.

السنة الثانية ليسانس.2020/2021

سلام عليكم ابنائي الطلبة الاعزاء.. هذه محاضراتي موجهة لطلبة السنة الثانية ليسانس .السداسي الثالث .المجموعة الاولى في مادة القانون المدني (مصادر الالتزام)

المحاضرة الثالثة . تابع العقد واركانه

الاكراه:

نص المشرع الجزائري في المادة 88 من القانون المدني على انه : (يجوز ابطال العقد للاكراه اذا ىعاقد شخص تحت سلطان رهبة بينة بعثها المتعاقد الاخر في نفسه دون حق.)

 وعليه فنعرف الاكراه بانه :

 هو عبارة عن ضغط مادي أو معنوي يمارسه شخص على شخص آخر فيدفعه للتعاقد معه، فهذا الأخير لم يقع في غلط كما هو الحال بالنسبة للغلط و التدليس وانما لم يكن حر الارادة وقت إبرام العقد .

والإكراه في هذه الحالة لا يؤدي إلى إعدام الإرادة كليا بل فقط يضيق من حرية الاختيار لدى الشخص فيدفعه لتعاقد لم يكن يرتضيه، أما إذا أدى الإكراه إلى إعدام الإرادة بصفة نهائية فإن العقد يكون في هذه الحالة باطل بطلانا مطلقا ، وذلك لانعدام ركن من أركان العقد و هو التراضي، كأن  يمسك شخص شخصا آخر بالقوة و يجبره على التوقيع فهنا الإرادة لم تفسد و إنما أعدمت نهائيا.

شروط الإكراه:

نصت المادة المادة 88 ف 1 من ق.م.ج على أنه: " يجوز إبطال العقد للإكراه إذا تعاقد شخص تحت سلطان رهبة بينة بعثها المتعاقد الآخر في نفسه دون حق).

 كما تنص المادة 89 أنه:( اذا صدر الاكراه من غير المتعاقدين ، فليس للمتعاقد المكره ان يطلب ابطال العقد، الا اذا اثبت ان المتعاقد الاخر كان يعلم او كان من المفروض حتما ان يعلم بهذا الاكراه) .

وعليه فنرى ان شروط الاكراه هي :

1/ استعمال وسائل للإكراه تهدد بخطر جسيم محدق تولد الرهبة الدافعة للتعاقد و التي من شأنها أن تعيب الاردة ،  ولا بد أن يستعمل المكره وسائل معينة تهدد المكره بخطر جسيم محدق الوقوع في جسمه أو ماله أو بأحد أقاربه.

ووسائل الاكراه قد تكون مادية بإلحاق الأذى بالشخص و هو ما يسمى بالإكراه الحسي كالضرب و الإيذاء بأنواعه المختلفة، و قد تكون معنوية نفسية تتمثل في التهديد بالإيذاء الذي يولد رهبة و ألما معنويا كاختطاف طفل من والده لاجباره على التعاقد.

2/ ويشترط في استعمال الإكراه أن يهدد بخطر محدق :

سيلحق الشخص إذا لم يوقع على التصرف القانوني و عليه يشترط أن يكون الخطر جسيما، و العبرة في ذلك بنفسية الشخص المكره ، بمعنى أنه إذا استخدمت وسائل إكراه غير جدية كالشعوذة و السحر و لكنها رغم ذلك أحدثت في نفسه رهبة و خوفا بأن خطرا كبيرا يتهدده فإن ذلك يكفي لإفساد رضاه .

3/ الرهبة في النفس الدافعة للتعاقد:

لان هذا الخوف في النفس يؤكد على وقوع الإكراه الدافع للتعاقد، بحيث لولاه لما أقدم الشخص على التعاقد ، أما إذا لم يترتب على الإكراه أي خوف أو رهبة لدى من تعرض له فإنه لا أثر له على الإرادة .

*والحق ان المعيار هنا شخصي يقاس بجنس كل شخص و سنه و حالته الاجتماعية و الصحية و كل ظرف من شأنه أن يؤثر في جسامة الإكراه في

نظره، وهذا ما اخذ به المشرع الجزائري في نص  المادة 88 ف 2 ق.م.ج.

4/اتصال الإكراه بالطرف الآخر:

فإذا وقع الإكراه من شخص آخر غير المتعاقد  او لم يكن يعلم به فلا يعتد به ، لإن المادة 89 ق م ج تشترط للمطالبة بإبطال العقد علم الطرف الآخر به و بمن صدر عنه أو كان من المفروض حتما أن يعلم بهذا الإكراه.

الاستغلال :

الاستغلال نص عليه المشرع الجزائري في المادة 90 في فقرتين حيث اوردت الفقرة الاولى تعريفا للاستغلال ، و الثانية لشروط الاعتداد به كسبب يجيز المطالبة بإبطال العقد.

أولا: تعريف الاستغلال:

يعرف الاستغلال بأنه عدم التعادل بين ما يحصل عليه المتعاقد و بين ما يلتزم به نتيجة لاستغلال المتعاقد الآخر له.

 و من خلال هذا التعريف يتضح لنا أن المعيار الذي اعتمده المشرع لوجود استغلال من عدمه هو معيار ذاتي و ليس موضوعي أي أنه ينبغي النظر لقيمة الشيء في نظر المتعاقد أما الغبن فيمثل المظهر المادي للاستغلال.

ثانيا: شروط الاستغلال:

من خلال  نص المادة 90 ق م ج فإنه يشترط لاعتبار الاستغلال عيبا من عيوب الإرادة والذي يتيح للشخص المضرور فرصة التمسك بإبطال العقد أن تتوفر فيه الشروط التالية:

1/ عدم التعادل بين ما يحصل عليه المتعاقد و ما يلتزم به:

و المقصود بعدم التعادل وجود اختلال و تفاوت جسيم بين التزامات المتعاقدين، بحيث تكون التزامات أحدهما أقل من التزامات الآخر بصورة كبيرة، لأنه من البديهي ان يوجد تفاوت طفيف في الآداءات بين البائع و المشتري أو بين المؤجر و المستأجر وفقا لمصالحهما المتعارضة، لكن هذا التفاوت يكون في الغالب يسيرا و لا يؤثر في التوازنات المالية للعقود إذ لا يبدو أن أحد الأطراف قد استغل الطرف الآخر.

*العبرة في تقدير قيمة الشيء ليست بقيمته الحقيقية و إنما بقيمته الشخصية لدى المتعاقد و هذا يعني أن القاضي حين يقدر التفاوت لا يستند إلى معيار مادي موضوعي،  وإنما يجب أن يأخذ بعين الاعتبار قيمة الشيء كما قدرها المشتري وقت التعاقد، و هذه المسألة أي التفاوت في الآداءات مسألة واقع و ليست مسألة قانون فهي تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الموضوع وفقا لظروف كل حالة من الحالات التي تطرح أمامه ولا رقابة عليه من طرف المحكمة العليا في هذه النقطة.

2.استغلال الطيش البين او الهوى الجامح في المتعاقد المغبون:

كما نصت المادة 90 ق م ج في الطيش البين أو الهوى الجامح، فالطيش هو الخفة و التسرع في اتخاذ القرارات و عدم المبالاة بنتائجها، و هذا الطيش يجب أن يكون بينا أي واضحا و مشهورا، كالشاب الصغير الذي يتصرف في امواله بما يضره دون ادراك لعواقب تصرفاته المالية .

*أما الهوى الجامح فهو الرغبة اللاعقلانية والتي تسيطر على الانسان فتجعله راضخا لكل ما يمليه عليه هواه دون تعقل او تبصر بالعواقب.

الجزاء المترتب على وقوع عيب من عيوب الإرادة(الرضا)

إذا تحقق عيب من عيوب الإرادة السالفة الذكر فإن العقد يكون قابلا للإبطال و يسمى كذلك  بالبطلان النسبي، أي أن العقد ينشأ صحيحا و لكنه معيب بمعنى أنه مهدد بالزوال متى تمسك به من تقرر الإبطال لمصلحته و هو الطرف الذي كانت إرادته معيبة بغلط أو تدليس أو إكراه أو استغلال.

 *في حالة  التمسك بالإبطال فان أطرف العقد يعادون إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد، ففي البيع مثلا إذا كان المشتري ضحية تدليس من البائع فإن العقد ينفذ بطريقة عادية فتنتقل الملكية للمشتري و يقوم بتسديد الثمن للبائع إلى غاية تمسك المشتري بالإبطال نتيجة التدليس الذي وقع ضحيته، ففي هذه الحالة فإن كل طرف يسترد ما دفعه فيسترجع المشتري الثمن المدفوع و يقوم بإرجاع الشيء المبيع للبائع.

*الا ان البطلان النسبي عكس البطلان المطلق  فانه لا يعتبر من النظام العام، إذ أنه مقرر لمصلحة شخصية و هي مصلحة الشخص الواقع في عيب من عيوب الإرادة الذي يبقى الوحيد المخول بالتمسك دون غيره بإبطال العقد، أما بالنسبة لنقص الأهلية فحق التمسك بالإبطال يملكه الولي أو القاصر عند بلوغه سن الرشد.

*كنتيجة لاعتبار البطلان النسبي غير متعلق بالنظام العام فقد أجاز المشرع في المادة 100 ق م ج لصاحب الحق أن يتنازل عن التمسك به، و ذلك بإجازة التصرف و بالتالي إزالة كل تهديد عن العقد حيث تستقر الحقوق و المراكز القانونية لأصحابها  بالإجازة، وهذه الاجازة قد تكون صريحة و قد تكون ضمنية من خلال قيام الشخص المعيبة إرادته أو ناقص الأهلية باتخاذ أي سلوك.