د. عسالي صباح
السنة الثانية ليسانس.2020/2021
سلام عليكم ابنائي الطلبة الاعزاء.. هذه محاضراتي موجهة لطلبة السنة الثانية ليسانس .السداسي الثالث .المجموعة الاولى في مادة القانون المدني (مصادر الالتزام)
المحاضرة السابعة. اثار العقد من حيث الاشخاص والموضوع
درسنا سابقا ان العقد يلزم طرفيه ، ولكن قد تمتد اثار العقد الى غير طرفيه فقد يرتب حقوقا للغير، وهذا ما سنتناوله كما يلي:
أثر العقد بالنسبة للمتعاقدين
المتعاقدان هما :طرفا العقد الاصيلان او من يمثلهما في العقد، وعليه فإن مبدأ النسبية من حيث الأشخاص لا يحول دون التزام الخلف العام بما التزم به سلفه، كما لا يحول دون التزام الخلف الخاص أحيانا بما التزم به من تلقى الحق عنه، وفي حدود انصراف أثر العقد إلى الخلف العام أو الخاص فإن كل منهما لا يعتبر من الغير.
اثر العقد بالنسبة للخلف العام:
الخلف العام هو من يخلف الشخص في ذمته المالية كلها أو في جزء شائع منها كالوارث الذي يرث التركة، أو يرث حصة منها كالنصف أو الثلث أو الربع.
*وقد عرض المشرع لآثار العقد بالنسبة للخلف العام في نص المادة 108/109 ق.م.ج، فبمقتضى هذا النص تكون القاعدة هي أن اثر العقد ينصرف إلى الخلف العام مع عدم الإخلال بقواعد الميراث.
وهناك استثناءات ترد على هاته القاعدة هي:
1/ عدم انصراف آثار العقد إلى الخلف العام بناء على اتفاق:
لان هذا الاتفاق لا يتعارض مع النظام العام و الآداب العامة،
2/ إذا حالت طبيعة الحق أو الالتزام دون انتقاله إلى الورثة:
كما في طبيعة حق الانتفاع فانها تمنع انتقاله إلى الورثة حيث ينقضي قانونا بوفاة صاحب حق الانتفاع.
3/ إذا وجد نص في القانون يمنع انتقال الحق إلى الخلف العام.
انصراف أثر العقد إلى الخلف الخاص:
الخلف الخاص هو من يخلف المتعاقد الاصيل في عين معينة أو في حق عيني عليها، و مثاله المشتري أو الموصى له بعين في التركة، و من تقرر له حق انتفاع، و قد نصت المادة 109 ق م ج على أنه " إذا أنشأ العقد التزامات و حقوقا شخصية تتصل بشيء انتقل بعد ذلك إلى خلف خاص، فإن هذه الالتزامات و الحقوق تنتقل إلى هذا الخلف في الوقت الذي ينتقل فيه الشيء إذا كانت من مستلزماته و كان الخلف الخاص يعلم بها وقت انتقال الحق عليه.
*يشترط لانصراف آثار العقد للخلف الخاص أن يكون هذا العقد من ناحية قد أبرم في شأن الشيء الذي انتقل إلى الخلف الخاص، فإذا كان في شيء آخر فلا محل لوجود الخلف الخاص، و من ناحية ثانية يجب أن يكون العقد سابقا على انتقال الشيء إلى الخلف، و تثبت هذه الأسبقية بثبوت تاريخ العقد.
آثار العقد بالنسبة للغير:
الغير هو من لم يكن طرفا في العقد أو ممثلا فيه، أي غير المتعاقدين و خلفهما العام و الخاص في حدود معينة، و لكن مع ملاحظة أن الخلف العام قد يعامل معاملة الغير حين يقصد القانون حمايته من تصرفات مورثه، و كذلك الخلف الخاص لا يتأثر بتصرفات سلفه إذا كانت لاحقة على التصرف أو كان موضوع التصرف لا يكمل الشيء و لا يحدده.
*بالتالي فالغير هو الشخص الأجنبي تماما عن العقد، و عليه فالعقد لا يسري على هذا الغير أي أنه لا يكتسب منه حقا و لا يتحمل منه التزاما و قد نصت على هذا المبدأ المنطقي المادة 113 ق م ج بنصها " لا يرتب العقد التزاما في ذمة الغير، و لكن يجوز أن يكسبه حقا". فهذا النص يثير مسألة بشقين الأولى هي مسألة التعهد عن الغير، و الثانية هي مسألة الاشتراط لمصلحة الغير.
التعهد عن الغير
التعهد عن الغير حالة يتعهد فيها شخص بالحصول على موافقة شخص آخر على إجراء عمل قانوني يقوم به هذا الأخير، وقد تدعو إلى ذلك ضرورات عملية كما هو الحال في حالة الشيوع، حيث تتصرف الأغلبية مع الالتزام بموافقة الأقلية على التصرف، فيكون المتصرفون أصيلون على أنفسهم و ملتزمين عن غيرهم.
شروط التعهد عن الغير:
1/أن يلتزم المتعهد باسمه شخصيا و ليس باسم من تعهد عنه،.
2/ أن يقصد المتعهد إلزام نفسه و ليس إلزام غيره، ذلك أنه لو تعاقد باسمه و اتجهت إرادته غلى إلزام غيره فإن العقد يقع باطلا لاستحالة محل الالتزام من الناحية القانونية.
3/ أن يكون مضمون التزام المتعهد هو الحصول على قبول الغير للتعهد، و هو ما يعني أن التزام المتعهد هو التزام بعمل مؤداه الحصول على قبول الغير، و هو التزام بتحقيق نتيجة، و لكنه يقف عند تحقيق هذه النتيجة دون أن يضمن تنفيذ المتعهد عنه لالتزامه بعد القبول.
أحكام التعهد عن الغير:
أ/ حالة الموافقة على التعهد:
يعتبر ذلك بمثابة قبول من جانب الغير لإيجاب صادر عن المتعهد لمصلحته، و يترتب على ذلك أن هذا القبول ينعقد به عقد جديد بين الغير و المتعهد لمصلحته، و هذا العقد يختلف عن عقد التعهد عن الغير، و يؤدي انعقاده غلى انقضاء التزام المتعهد و براءة ذمته من تعهده.
ب/ حالة عدم الموافقة على التعهد:
في هذه الحالة فإن الغير لا يتحمل أي مسؤولية، لأن لم يكن طرفا في التعهد و بالتالي لا مسؤولية عليه، و تبقى المسؤولية عن عدم التنفيذ على عاتق المتعهد الذي لم يوف بالتزامه بتحقيق النتيجة التي التزم بها، و تنصرف مسؤوليته إلى دفع تعويض للمتعهد له عما لحقه من ضرر من جراء الإخلال بالالتزام و المتمثل في موافقة الغير.
الاشتراط لمصلحة الغير:
الاشتراط لمصلحة الغير يعني إنشاء حق مباشر عن العقد لفائدة الغير، و هذه الفرضية أعمق من فرضية ( التعهد عن الغير) اذ ان المنطق لا يتصور أن يصبح الشخص مدينا دون أن يعبر عن إرادته بالقبول صراحة أو ضمنا، وعليه فانه من السهل تصور أن يعتبر الشخص دائنا رغم عدم تعبيره عن إرادته في ذلك، لأن في ذلك مصلحة محضة له.
مثل : عقد التأمين على الحياة لمصلحة الغير، ففي هذا العقد يتلقى هذا الغير حقا مباشرا من الاشتراط لمصلحته.
شروط الاشتراط لمصلحة الغير:
1/ ان يتعاقد الشخص باسمه لا باسم المستفيد:
و هذا امر يميز الاشتراط لمصلحة الغير، لأنه بذلك يتميز عما قد يشتبه به من أنظمة قانونية مثل الفضالة و النيابة.
2/ أن يتضمن الاشتراط إنشاء حق مباشر للمستفيد:
يعكس هذا الشرط هدف الاشتراط و حقيقته، فهو بحكم منطوقه يتضمن اشتراط حق للغير، فإذا تخلف هذا الشرط بأن كان الاشتراط لمصلحة المشترط نفسه فإن الأمر يخرج عن نطاق مفهوم الاشتراط لمصلحة الغير، حتى و لو تصادف أن استفاد الغير بطريق التبعية.
مثال ذلك أن يبرم شخص عقد تأمين لحسابه و لمصلحته ثم يتوفى فينتقل الحق في مبلغ التأمين إلى الوارث، ففي هذه الحالة تكون الاستفادة بطري قالميراث و ليس الاشتراط.
أحكام و آثار الاشتراط لمصلحة الغير:
*العلاقة بين المشترط و المتعهد:
المشترط و المتعهد هما المتعاقدان أصلا، و تنطبق على علاقتهما قواعد و أحكام العقد في أركانه و شروط صحته وفقا للقواعد العامة، و إذا تعلق الأمر بعقد تامين وجب اسيفاء الشروط التي تفرضها القوانين المنظمة لعقود التأمين.
*إنه من حق الطرفين أن يضعا حدا للاشتراط ما دام المستفيد لم يعلن عن قبوله، فالمستفيد إلى ما قبل إعلان القبول ليس صاحب حق، و ليس طرفا متعاقدا، كما أن لكل من طرفيه التمسك بالفسخ وفقا لضوابطه القانونية، إذا لم يف الطرف الآخر بالتزاماته.
*للمشترط أن يتمسك بالتنفيذ العيني و أن يطالب المتعهد بالوفاء بالتزامه قبل المستفيد:
كما في عقد التأمين مثلا إذا لم تف شركة التأمين بمبلغ التأمين المتفق عليه عند تحقق الخطر المؤمن عنه، فإن للمشترط أن يحرك وسائل المسؤولية وصولا إلى التنفيذ العيني، أو طلب الفسخ إذا أخل المدين بالتزامه.
العلاقة بين المشترط و المستفيد:
يصبح المستفيد دائنا مباشرا للمتعهد من تاريخ توقيع الاتفاق بين المشترط والمتعهد، فالقبول يؤدي فقط إلى تثبيت حق المنتفع و جعله نهائيا، فضلا عن أن هذا القبول ينأى بالاشتراط عن أية إمكانية للنقض من جانب المشترط.
*العلاقة بين المشترط و المنتفع:
نعلم أن المشترط ليس طرفا في العقد حتى بعد قبوله للاشتراط، و كل ما في الأمر أن هذا الاتفاق يخلق له حقا مباشرا قبل المتعهد، و يترتب على ذلك أن المستفيد ليس دائنا للمشترط، و لذلك فمن المتصور أن لا توجد رابطة محددة بين المشترط و المستفيد ، ويترتب على هذا المفهوم عدة نتائج:
*اذا كان دافع المشترط هو التبرع فإن التزام المشترط يكون سببه هو نية التبرع فحسب، و هو ما يحدث في بعض الحالات التي يكون فيها الاشتراط لمصلحة الغير هو وسيلة تنفيذ هبة أو تبرع بطريق غير مباشر.
*اما إذا كان سبب الالتزام هو سعي المشترط للحصول على مقابل، و من ذلك أن يستهدف قضاء مديونية سابقة على عاتق المشترط للمستفيد، ففي هذه الحال يكون سبب التزامه هو قضاء الدين القائم في ذمته.
*يترتب على انتفاء العلاقة العقدية بين المشترط و المنتفع و نشوء حق مباشر لهذا الأخير قبل المتعهد، أنه إذا توفي المشترط فإن منفعة الاشتراط لا تصب في تركته و لا تعتبر جزءا منها، و بالتالي لا يستطيع دائنو المتوفي مزاحمة المنتفع في شأن القيمة موضوع الاشتراط.
- Course creator: ASSALI SABAH