د. عسالي صباح

السنة الثانية ليسانس.2020/2021

سلام عليكم ابنائي الطلبة الاعزاء.. هذه محاضراتي موجهة لطلبة السنة الثانية ليسانس .السداسي الثالث .المجموعة الاولى في مادة القانون المدني (مصادر الالتزام)

 

المحاضرة الحادية عشرة .المسئولية الناشئة عن الاشياء

لقد اكتسبت المسئولية عن الاشياء اهمية عظيمة في مجتمعاتنا الحديثة نظرا لارتباطها الوثيق بالتطور الصناعي العالمي،  وتقتصر دراستنا على المسؤولية الناشئة عن فعل الأشياء المنصوص عليها في القانون المدني الجزائري ، والمتمثلة في مسؤولية حارس الشيء المنصوص عليها في المادة 138 ، ومسؤولية حارس الحيوان المنصوص عليها في المادة 139 ، ومسؤولية حائز العقار، أو المنقول الذي حدث فيه حريق ، ومسؤولية المالك عن تهدم البناء المنصوص عليهما بالمادة 140 .

وقد أخذ المشرع الجزائري بأحدث أحكام هذا النوع من المسؤولية التقصيرية من القانون المدني الفرنسي الذي عرف تطورات كثيرة بشأنها بفضل جهود الفقه والقضاء ، كما نتعرض إلى الصورة الجديدة من المسؤولية عن الأشياء التي استحدثها المشرع الجزائري إثر تعديل القانون المدني بموجب القانون 05/10 وخصص لها المادة 140 مكرر والمتمثلة في مسؤولية المنتج عن الأضرار التي تسببها منتجاته المعيبة للغير.

*وتجدر الإشارة أن الأشياء المقصودة في المادة 138 ق، م، ج هي الأشياء غير الحية نظرا لأن المشرع الجزائري خص المسؤولية عن الأشياء الحية وهي الحيوانات بنص المادة 139 من ق، م، ج، وذلك اعتبارا إلى تقسيم الأشياء إلى أشياء حية، وأشياء غير حية.

 

شرطان للمسؤولية عن الأشياء طبقا لنص المادة 138 ق م ج .

تقتضي قيام مسؤولية حارس الشيء طبقا لنص المادة 138 ق م ج توافر شرطان: شرط أول " حراسة الشيء " شرط ثاني " وقوع ضرر بفعل شيء ".

حراسة الشيء.

إن عبارة الشيء الواردة في المادة 138 ق م ج جاءت عامة فهي تنصرف إلى كل الأشياء إلا ما استثني بنصوص خاصة.

يقصد بالشيء في هذا النص بأنه كل شيء غير حي بغض النظر عن صفته أو نوعه ، أو المادة التي يتكون منها سواء كان عقارا أو منقولا، سائلا أو جامدا أو غازيا ، صغيرا أو كبيرا، متحرك أو ساكن ذاتيا أو بفعل الإنسان به عيب أو خال منه، خطر أو غير كذلك .

ويدخل ضمن تعريف الشيء طبقا للمادة 138 ق.م .ج على سبيل المثال المصاعد ولوحات الإعلانات وقنوات الغاز والمياه و الأسلاك الكهربائية أو الهاتفية أو الآلات الصناعية بمختلف أنواعها ، الغازات الضارة، ...الخ.

 وتعتبر كذلك الحيوانات الميتة شيء غير حي وكذلك البناء عما يحدثه من ضرر في غير حالة التهدم وكذلك بخار الماء المنبعث عن تجمع كهربائي الذي يتسبب في انزلاق الطريق .

*استثناءات من نص المادة 138 ق م ج.

ان حكم المادة 138 ق م ج على كل الاشياء لا يستعمل على اطلاقه بل يستثنى منه الأشياء الموضحة بنصوص خاصة أو بحكم طبيعة الشيء، فبحكم القانون نجد مثلا استثناء الحيوانات باعتبارها أشياء حية طبقا لنص المادة 139 ق م ج ،ونجد كذلك الأبنية اثر تهدمها 140 /2 ق م ج والمنقولات والعقارات في حالة حريقها و تسببها في ضرر للغير طبقا للمادة 140 /1 ق م ج وكذلك المنتجات المعيبة، وما تسببه من أضرار طبقا لنص م 140مكرر ق، م، ج.

أما الأشياء التي تخرج عن مفهوم الأشياء بنص المادة 138 ق م ج بحكم طبيعتها هي: جسم الإنسان حيث لا يعتبر هذا الأخير شيئا ما دام صاحبه حيا ولا يكون أمام المضرور إلا المطالبة بالتعويض عن الضرر الناجم عن جسم الإنسان وفقا لنص المادة 124 ق م ج، ولو كان في حالة إغماء أو نوم ، وكذلك الأشياء السائبة وهي الأشياء التي تخلى عنها حارسها أو لم تكن مملوكة لأحد مثال : المطر ، الثلوج ،أو لم يكن الشيء في حيازة إنسان وقت الحادث.

وذلك نظرا لأن المسؤولية عن الأشياء تقوم على أساس فكرة الحراسة وليس الشيء في حد ذاته .

مفهوم الحراسة.

يقصد بالحراسة حسب نص المادة 138 ق م ج " السلطة الفعلية على الشيء والتصرف فيه بالاستعمال والتسيير والرقابة.

وعليه فان الحراسة تقتضي السلطات الثلاث: الاستعمال، والتسيير، والرقابة.

سلطة الاستعمال:

معناها استخدام الشيء باعتباره أداة لتحقيق غرض معين أو الغاية التي أعد من أجلها، كاستعمال سيارة باعتبارها وسيلة نقل وليس بلازم وجود الشيء ماديا لدى الحارس أو واضعا يده عليه ، بل يكفي أن تكون له سلطة استعماله وإن لم يمارسها ماديا ،فلا تقتضي سلطة الاستعمال أن يكون الشيء بيد الحارس فالمتبوع الذي يكلف تابعه بنقل أشخاص أو بضائع يعد مستعملا للسيارة لكونه هو الذي يصدر الأوامر بشأن الاستعمال .

سلطة التسيير:ومفهومها له معنيان:

*المعنى المادي:الذي يعني أن يكون الشيء بين يدي شخص يتولى استعماله كالعامل الذي يستعمل آلة تابعه له سلطة التسيير بالمعنى المادي،

*أما التسيير في معناه المعنوي يقصد به سلطة إصدار الأوامر

والتعليمات بشأن استعمال الشيء فصاحب العمل هو الذي يتولى تحديد الطريقة الواجب إتباعها لاستعمال الآلة وأيام و ساعات العمل في حين يكتفي العامل بالتسيير المادي للآلة طبقا للأوامر السالفة الذكر، والمقصود بالتسيير في نص م 138 من ق، م، ج هو سلطة التسيير المعنوي و عادة من كان له سلطة استعمال الشيء تكون له في نفس الوقت سلطة تسييـــــره .

* سلطة الرقابة:

 تتحقق متى كانت للحارس سلطة فحص الشيء و تعهده بالصيانة اللازمة حتى يؤدي الغرض الذي خصص له كما يدخل في مفهوم الرقابة أيضا سلطة الملاحظة وتتبع الشيء في استعماله وتفحصه و تأمين صيانته و إصلاح العيب الذي يظهر فيه ومحاسبة، و تتبع استعمال الشيء من طرف الغير .

إذن الحراسة المقصودة بنص المادة 138 ق م ج، تقتضي أن يكون للحارس السلطات الثلاث (الاستعمال، التسيير،الرقابة )على الشيء حتى تتحقق مسؤوليته عن الأضرار التي تحدثها الأشياء محل الحراسة.

وتجدر الإشارة أنه قد تنتقل حراسة الشيء من شخص لآخر ، سواءا بإرادة الحارس كأن يبيع الشيء محل الحراسة أو يؤجره أو يعيره شخصا آخر و الحقيقة أنه لا يوجد عقد محدد بالذات من شأنه أن ينقل حتما الحراسة ، بل لابد أن نرجع في كل مرة إلى مضمون التصرف القانوني و البحث ما إذ كان الحارس قد تخلى عن سلطات الاستعمال و الرقابة و التسيير لفائدة الشخص الثاني أم لا ، فبائع المنقول مثلا يبقى حارسا للشيء ما لم يتسلمه المشتري رغم اكتسابه ملكية الشيء.

كما قد تنتقل الحراسة استثناءا إلى التابع برضاء متبوعه، كأن يجيز المتبوع(المالك) للتابع أن يستعمل الشيء في غرض خاص و شخصي لا يرتبط بالخدمة .

و قد تنتقل الحراسة بغير إرادة الحارس كما في حالة سرقة الشيء، فالسارق الذي يحوز الشيء و يمارس عليه سلطة الاستعمال و التسيير و الرقابة يكون مسؤولا عن الضرر الذي يتسبب فيه الشيء المسروق باعتباره حارسا له .

و قد تكون الحراسة جماعية بحيث يكون لأكثر من شخص في نفس الوقت سلطات الاستعمال و التسيير و الرقابة، كأن يقوم شخصان يملكان آلة لقطع الخشب، باستثمارها معا فيشتركان في استعمالها و تسييرها و رقابتها، فإنهما يكونان مشتركين في حراسة هذه الآلة، و يكونان بذلك مسؤولين بالتضامن اتجاه الضحية عن الأضرار التي تسببت فيها هاته الآلة .

وقوع الضرر بفعل الشـــيء.

لتحقق مسؤولية حارس الشيء طبقا لنص م 138 ق م ج لا بد أن يكون الضرر راجعا لفعل الشيء، و أن يكون تدخل الشيء تدخلا إيجابيا في إحداث هذا الضرر.

التدخل الإيجابي للشيء في إحداث الضرر.

و المقصود بتدخل الشيء في إحداث الضرر عادة هو التدخل المادي أي مساهمة الشيء في إحداث الضرر بغض النظر عما إذا كان هذا التدخل هو المولد أو المنتج للضرر أم لا .

الدور الإيجابي للشيء في إحداث الضرر.

وحتى يعتبر الضرر الذي لحق بالضحية من تدخل الشيء لا بد أن يكون تدخل هذا الشيء إيجابيا أي أنه هو السبب الفعال في إحداث الضرر. أي هو العامل المولد أو المنتج للضرر و لولاه لما وقع هذا الضرر.

الضرر الذي يحدثه الشيء.

إن الضرر شرط أساسي لقيام المسؤولية التقصيرية بما فيها المسؤولية الناشئة عن الأشياء لأنها تهدف أساسا إلى جبر الضرر الذي أصاب الغير إذ لا مسؤولية بدون ضرر.

أساس المسؤولية عن الأشياء وفقا نص المادة 138 ق، م،ج .

لم يقف الفقه القانوني على تحديد الاتجاه الذي تبناه المشرع الجزائري في تحديد اساس المسئولية عن الاشياء بل يجب أن يستشف من خلال استقراء نص المادة 138 ق م.

* المشرع الجزائري أخذ بأحد ث ما توصل إليه القضاء الفرنسي بخصوص هذا الموضوع، إلا أن الآراء الفقهية و التطبيقات القضائية في الجزائر لم تخرج عن إحدى الاتجاهين الآتييــــن وهما.

* إما الخطأ في الحراسة كأساس لهاته المسؤولية،

*إما أن هذه المسؤولية هي مسؤولية بقوة القانون في جانب الحارس.

الخطأ في الحراسة كأساس للمسؤولية عن الأشياء.

يرى بعض الفقهاء أن أساس المسؤولية عن حراسة الأشياء هو الخطأ في الحراسة، المفترض في جانب الحارس و هو خطأ لا يقبل إثبات العكس، فلا يجوز لحارس الشيء إثبات أنه لم يخطأ أو أنه بذل العناية المطلوبة لمنع وقوع الضرر، فإذا وقع ضرر للغير بفعل الشيء فيفترض أن الحارس قد فقد السيطرة الفعلية على الشيء و أن زمامه قد أفلت منه و هذا الإفلات هو عين الخطأ، و قد ثبت هذا الإفلات بوقوع ضرر و لا حاجة لإثباته بدليل أخر و لا جدوى من إثبات عكسه .

و لا يستطيع الحارس دفع هاته المسؤولية عن نفسه إلا بإثبات أن وقوع الضرر كان لسبب أجنبي لا يد له فيه و هذا السبب هو القاهرة أو الحالة الطارئة أو فعل الضحية أو فعل الغير، و المضرور لا يكلف بإثبات الخطأ لأنه مفترض في جانب حارس الشيء بل يكفيه إثبات أن الضرر حدث له من جراء فعل الشيء.

كما يرى هذا الجانب من الفقه أن أساس المسؤولية عن الأشياء هو الخطأ المفترض في جانب الحارس لأن هناك التزاما محددا يقع على حارس الشيء و هو منعه من إحداث الضرر .

كما أن القضاء الجزائري ساير الفقه في بعض الحالات بخصوص فكرة الخطأ كأساس للمسؤولية عن الأشياء .

مسؤولية حارس الشيء مسؤولية بقوة القانون.

* نظرا للانتقادات التي وجهت لفكرة الخطأ كأساس للمسؤولية عن الأشياء ذهب بعض الفقهاء إلى القول بأن المشرع الجزائري افترض مسؤولية حارس الشيء لمجرد أن يترتب عن فعل الشيء محل الحراسة ضرر للغير فالمضرور لا يلزم بإثبات خطأ الحارس بل يكفيه إثبات أنه لحقه ضرر وأن ذلك الضرر هو من فعل الشيء و أن هذا الشيء هو محل الحراسة من قبل الحارس المسئول .

فيفترض القانون مسؤولية الحارس لمجرد أن يسبب الشيء ضررا للغير بغض النظر عن سلوك الحارس ،وجعل هذه المسؤولية مقررة حكما إذا ارتبط الشيء بالضرر ارتباط سببيا ، و لا يعفى الحارس من مسؤوليته بإثبات أنه لم يخطأ ،أو أنه قام بواجب العناية في حراسة الشيء لمنع وقوع الضرر بل يكلف بإثبات السبب الأجنبي حسب ما نصت عليه المادة 138 ق م بأن الضرر الذي حدث كان بسبب لا ينسب إليه ،( القوة القاهرة ، أو الحادث المفاجئ ، أو عمل الضحية ، أو عمل الغير)

وهذا قد ساير القضاء الجزائري من جهته ما ذهب إليه هذا الجانب من الفقه من اعتبار المسؤولية الناشئة عن الأشياء مسؤولية بقوة القانون .

كيفية دفع المسؤولية عن الأشياء .

بعدما رأينا أن المسؤولية عن الأشياء لا تتحقق إلا إذا أثبت المضرور أن الشيء محل الحراسة قد أحدث الضرر،و لا يكلف المضرور بإثبات خطأ الحارس لأن مسؤولية حارس الشيء بقوة القانون و لا تدفع عنه إذا أثبت عدم الخطأ في جانبه و ولا تنتفي إذا ظل سبب الحادث مجهولا، وأن إثبات تدخل الشيء في إحداث الضرر لا يكفي لقيام رابطة السببية بل يجب أن يكون تدخل الشيء إيجابيا في إحداث الضرر، وهذا التدخل يفترض أنه ايجابي في كل مرة ينشأ فيها الضرر عن الشيء غير أنه افتراض يقبل إثبات العكس أي بإثبات أن تدخل الشيء لم يكن إلا سلبيا.

وما يترتب عن هذه الاثبات أن حارس الشيء متى استطاع ذلك، نفى رابطة السببية بين الضرر وتدخل الشيء ومن وسائل دفع مسؤولية حارس الشيء والتي يلجأ إليها هي السبب الأجنبي أواثبات التدخل السلبي للشيء في إحداث الضرر.

فنصت المادة 138 في فقرتها الثانية على ما يلي : "و يعفى من هذه المسؤولية الحارس للشيء إذا أثبت أن ذلك الضرر حدث بسبب لم يكن يتوقعه مثل عمل الضحية أو عمل الغير أو الحالة الطارئة أو القوة القاهرة ".

ويقع عبء إثبات السبب الأجنبي أو الدور السلبي لتدخل الشيء على حارس الشيء حتى ينفي عنه المسؤولية.

 

الصور الخاصة للمسؤولية عن الأشياء .

إذا كان المشرع الجزائري قد أطلق نص المادة 138 ق م ج ليشمل كل شيء تحت الحراسة فلا ينبغي أن يفهم من هذا الإطلاق أن مفهوم الشيء يعم جميع الأشياء بل هناك حالات استثنائية وردت بشأنها أحكام خاصة ومن ثمة لا تخضع هذه الحالات للقواعد العامة التي قدمناها في مسؤولية حارس الأشياء طبقا لنص م 138 ق م ج وإنما تسري عليها أحكام خاصة وهذه الحالات الواردة في التقنين المدني الجزائري، هي المسؤولية عن الحيوان طبقا للمادة 139 ، والمسؤولية حائز العقار أو المنقول عن الحريق طبقا للمادة 140 /01 ، ومسؤولية المالك عن تهدم البناء طبقا للمادة 140/02 ، و مسؤولية المنتج عن الأضرار التي تسببها منتجاته المعيبة للغير طبقا للمادة 140 مكرر.

المسؤولية عن فعل الحيوان.

أوضح المشرع الجزائري الأضرار التي يسببها الحيوان كشيء حي حكما خاصا و هو نص المادة 139 ق م ج التي تنص على أنه: " حارس الحيوان و لو لم يكن مالكا له مسئول عما يحدثه الحيوان من ضرر ، و لو ظل الحيوان أو تسرب ما لم يثبت الحارس أن وقوع الحادث كان بسبب لا ينسب إليه " .

شرطا المسؤولية عن فعل الحيوان.

إن هذه المسؤولية تفترض أن شخصا يتولى حراسة حيوان من أي نوع وهذا الحيوان يحدث ضرر للغير، فيكون الحارس بذلك و لو لم يكن مالكا له، مسؤولا عن تعويض الضرر.

ويتضح من نص المادة 139 ق، م،ج بأنه لا بد من توفر شرطين للتحقق المسؤولية عن فعل الحيوان.

تولي شخص حراسة حيوان.

*المقصود بالحيوان:

يقصد بالحيوان في نص المادة 139 ق، م، ج كل كائن حي عدا الإنسان و النبات و قد يكون الحيوان بذلك من الدواجن أو من الطيور أو من الدواب أو من الزواحف أو من الأسماك و سواءا كان هذا الحيوان مستأنسا كالقط، أو متوحشا كالأسد، أو كبيرا كالفيل، أو صغيرا كالنحل، وقد يكون خطيرا كالأفعى، أو غير خطير كالخروف، و يدخل في هذا الإطار الحيوان الذي يعتبر عقارا بالتخصيص كالمواشي الملحقة بأراضي زراعية و لا يمنع ذلك أن يكون حارسها مسؤولا عنها و لا عبرة أنها تعد عقارا بالتخصيص.

و يشترط أن يكون الحيوان حيا، و مملوكا لأحد من الناس وحراسته ممكنة، فجثة الحيوان الميت تعتبر شيء غير حي، لا حيوانا، وتخضع بذلك لنص المادة 138 ق، م، ج.

و الحيوان الذي لا مالك له لا يسأل شخص عما يحدثه من ضرر مثلا " الطيور الحرة التي لا مالك لها، أو الجراد الذي أصاب زرعا فأتلفه لا يسأل عن فعله إلا شخص ثبت أنه أثار الجراد بخطئه و لكن يسأل طبقا للمادة 124 ق، م، ج المتعلقة بالمسؤولية عن الفعل الشخصي .

حراسة الحيوان.

لتحقق المسؤولية طبقا للمادة139 ق م ج لا بد أن يكون الحيوان تحت حراسة شخص ما .

معنى الحراسة.

تنص المادة 139 ق م ج على أنه " حارس الحيوان و لو لم يكن مالكا له مسؤولا عما يحدثه الحيوان من ضرر و لو ظل الحيوان أو تسرب " .

حارس الحيوان هو من يملك بيده زمامه، أي يملك السيطرة الفعلية عليه في التوجيه و الرقابة و يكون هو المتصرف في أمره سواءا كانت هذه السيطرة الفعلية تستند إلى حق أو بدون حق.

ومالك الحيوان هو في الأصل صاحب السيطرة الفعلية عليه فله سلطة التوجيه و الرقابة و هو المتصرف في أمره و من ثمة فهو حارس الحيوان أصلا، إذ هناك قرينة على أن مالك الحيوان هو الحارس فإذا رجع المضرور على المالك فلا يكلف بإثبات أنه الحارس، بل المالك هو من يقع عليه عبء الإثبات أنه لم يكن الشيء تحت حراسته وقت حدوث الضرر، كما هو الحال لمستأجر حصان يركبه على أن يتولى قيادته فيكون مسؤولا عما يحدثه من ضرركحارس ولا يسأل عنه المالك.

و لا يعتبر راعي الحيوان أو الخادم الذي يقوم بالعناية بالحيوان لحساب مخدومه حارسا.

* وعليه فإن المقصود بالحراسة هنا هو ما يراد بها في المسؤولية عن فعل الشيء، طبقا للمادة 138 ق م ج أي السيطرة الفعلية على الحيوان ورقابته أو توجيهه ويستوي بذلك أن تكون هذه السيطرة قانونية أو غير قانونية.

*إنتقال الحراسة.

ليس بالضرورة أن يكون حارس الحيوان هو مالكه، فقد تتنقل السيطرة الفعلية على الحيوان إلى شخص آخر إما بإرادة المالك أو بغير إرادته.

فقد تتنقل السيطرة الفعلية على الحيوان إلى الغير بإرادة المالك كأن يبيعه أو يؤجره أو يعيره فيصبح المشتري أو المستأجر أو المستعير حارسا للحيوان بحكم انتفاعه به إذ هو في سبيل الانتفاع به يصبح له سلطة توجيهه و رقابته و التصرف في أمره.

أما إذا نقل الحيوان لدى شخص للمحافظة عليه أو لعلاجه كصاحب الإسطبل أو الطبيب البيطري فالأصل أن السيطرة الفعلية تنتقل إلى هذا الشخص ويكون بذلك حارسا على الحيوان و لكن قد يستبقي المالك في هذه الحالة السيطرة الفعلية على الحيوان أثناء الوديعة أو وقت العلاج فيبقى هو الحارس.

وتجدر الإشارة أنه لا يوجد عقد محدد بالذات من شأنه أن ينقل الحراسة ومن ثمة يمكن اعتماده كمعيار، بل يجب في كل مرة الرجوع إلى مضمون التصرف القانوني ما إذا تم من خلاله نقل السيطرة الفعلية على الحيوان إلى الغير أم لا إذ أن المعيار المعتمد عليه هو انتقال السيطرة الفعلية على الحيوان إلى الغير من عدمه .

و قد تنتقل السيطرة الفعلية على الحيوان إلى الغير بغير إرادة المالك أو دون علمه كما لو سرق الحيوان فيعتبر السارق هنا حارسا للحيوان لأنه يملك بذلك السيطرة الفعلية عليه.

أما التابع الذي يستعمل حيوان المتبوع لمنفعته الشخصية فإنه يصبح بذلك حارسا للحيوان ويكون حينها مسئولا عما يحدثه من ضرر للغير طبقا للمادة 139 ق م ج وكذلك هو الحال عندما ينقل المتبوع الحراسة إلى التابع، كما لو سمح له بالسفر بالحيوان إلى جهة بعيدة فيعتبر التابع حارسا للحيوان في هذه الحالة.

وعند ضياع الحيوان، يبقى الحارس الأصلي مسؤولا،( معناه المالك )عن الضرر الذي يحدثه الحيوان إلا إذا أثبت أن الحراسة انتقلت على غيره.

أن يحدث فعل الحيوان ضررا للغير.

لتحقق مسؤولية حارس الحيوان لا بد أن يكون الضرر من فعل الحيوان وهو ما يبرز علاقة السببية بين فعل الحيوان و الضرر اللاحق بالمضرور.

أساس مسؤولية حارس الحيوان.

أساسها الخطأ في الحراسة و هو خطأ مفترض في جانب حارس الحيوان.

*تقوم مسؤولية حارس الحيوان على أساس الخطأ في الحراسة وهو إفلات الحيوان من سيطرة الحارس فالخطأ إذن هو أساس مسؤولية الحارس و لا يمكن القول أن أساسها هو تحمل التبعة وإلا لكان المسئول هو المنتفع بالحيوان لا الحارس،و يكلف المضرور بإثبات الشروط التي تتحقق بها مسؤولية حـــارس الحيوان ، فيجب عليه أن يثبت أولا أن المدعى عليه هو حارس الحيوان وهناك قرينة أن المالك هو الحارس إلا أن يثبت أن حراسة الحيوان قد خرجت من يده و يجب أن يثبت أن الضرر قد وقع بفعل الحيوان أي أن الحيوان تدخل تدخلا إيجابيا في إحداث الضرر، و أن الضرر حدث بفعل الحيوان لا بفعل الإنسان و لا بفعل الشيء آخر.

*الخطأ في الحراسة مفترض في جانب الحارس افتراضا لا يقبل إثبات العكس.

 

تنص المادة 139 ق م ج على أنه " حارس الحيوان و لو لم يكن مالكا له مسؤول عما يحدثه الحيوان من ضرر و لو ظل الحيوان أو تسرب ما لم يثبت الحارس أن وقوع الحادث كان بسبب لا ينسب إليه " .

الخطأ في الحراسة الذي تقوم عليه مسؤولية حارس الحيوان طبقا للمادة 139 ق م ج هو خطأ مفترض في جانب الحارس لا يكلف المضرور بإثباته بل يكفيه إثبات شرطا المسؤولية السالف ذكرهما ، و لا يجوز حينها للحارس أن ينفي الخطأ عن نفسه بأن يثبت أنه لم يرتكب خطأ أو أنه قام بواجب العناية حتى لا يحدث الحيوان الضرر ، ذلك أن الضرر لم يحدث إلا لأن زمام الحيوان قد أفلت من يده و هذا الإفلات هو الخطأ وقد ثبت هذا الإفلات بدليل وقوع الضرر فلا حاجة لإثباته بدليل أخر و لا جدوى من نفيه بإثبات العكس وهذا هو المقصود من أن الخطأ في جانب حارس الحيوان هو خطأ مفترض افتراضا لا يقبل إثبات العكس .

كما لا يستطيع الحارس أن ينفي المسؤولية عن نفسه إذ هو أثبت أن الحيوان ظل أو تسرب لأنه إذا تمسك بذلك فإنه لا ينفي عن نفسه الخطأ بل يؤكده، فالخطأ في القانون الجزائري يقوم في كل حالة يخرج فيها الحيوان عن سيطرة حارسه و يسبب ضررا للغير.

كيفية دفع مسؤولية حارس الحيوان.

مسؤولية حارس الحيوان طبقا للمادة 139 ق م ج تقوم على أساس الخطأ المفترض الذي لا يقبل إثبات العكس.

حيث نصت المادة 139 ق م ج " ...ما لم يثبت الحارس أن وقوع الحادث كان بسبب لا ينسب إليه".

و عليه فنحن بصدد قرينة قاطعة تقضي بأن السبب الأجنبي هو وحده الذي يعفي الحارس من المسؤولية.

و لا يقبل إذن من الحارس نفي الخطأ عن نفسه أو إثبات أنه لم يخطأ أو أنه قام بواجب الرعاية للحيوان حتى لا يحدث ضررا للغير، بل يجب أن يثبت السبب الأجنبي في صورة من صوره وهي القوة القاهرة، أو الحادث المفاجئ، أو خطأ الغير، أو خطأ المضرور .