د. عسالي صباح
السنة الثانية ليسانس.2020/2021
سلام عليكم أبنائي الطلبة الأعزاء.. هذه محاضراتي موجهة لطلبة السنة الثانية ليسانس .السداسي الثالث .المجموعة الأولى في مادة القانون المدني (مصادر الالتزام)
المحاضرة الثانية عشرة .المسئولية الناشئة عن الحريق و تهدم البناء والمنتج
*مسؤولية حائز العقار أو المنقول عن الحريق الذي ينشب فيهما.
لقد أفرد المشرع الجزائري للمسؤولية عن الأضرار الناتجة عن الحريق الذي ينشب في عقارات أو منقولات رغم أن هذه الأخيرة أشياء، حكما خاصا وهو نص المادة 140 الفقرة الأولى من ق م ج واستثناها بذلك من حكم نص المادة 138 ق.م.ج و يظهر ذلك أساسا من خلال المسئول عن الأضرار وأساس هاته المسؤولية وكيفية دفعها.
شروط مسؤولية حائز العقار أو المنقول عن الحريق .
تنص المادة 140 في فقرتها الأولى مايلي :" من كان حائزا بأي وجه كان لعقار أو جزء من عقار أو منقولات ، حدث فيها حريق لا يكون مسؤولا نحو الغير عن الأضرار التي يسببها هذا الحريق إلا إذا ثبت أن الحريق ينسب إلى خطئه أو خطأ من هو مسئول عنهم ".
يتضح أن هناك شرطان لتحقق المسؤولية عن الحريق .
1/حيازة عقار أو جزء من عقار أو منقول.
الحائـــــــز:
يقصد بالحائز من كان الشيء في حيازته وله السلطة الفعلية عليه أي له سلطة الاستعمال والرقابة والتسيير بأي وجه كان، سواء كان مالكا أو غير مالك فالأساس هنا هو الحيازة بأي صفة وهو بهذا المعنى كالحارس بل هو الحارس نفسه سواء كانت سلطته شرعية أو غير شرعية.
والمالك في الأصل هو الحائز، فإذا كان يدعي خلاف ذلك فعليه أن يثبت أن الحيازة انتقلت إلى غيره وقت وقوع الضرر الناشئ عن الحريق ،فسارق الشيء الذي يشب فيه الحريق مسئول عن الضرر الذي يحدثه ذلك الشيء إذا ثبت الخطأ في جانبه ،ذلك أن الحراسة انتقلت إليه ولو لم تكن مشروعة نظر لسرقته الشيء.
2/ الشيء الذي حدث فيه الحريق:
حسب نص المادة 140 الفقرة الأولى من ق م ج بأن الشيء هو العقار أو الجزء من العقار أو منقول.
وحسب المادة 683 ق م ج التي تنص على أنه " كل شيء مستقر بحيزه وثابت فيه و لا يمكن نقله منه دون تلف فهو عقار، و كل ما عدا ذلك من شيء فهو منقول".
وعليه فإن المشرع الجزائري لم يفرق بين العقارات والمنقولات و سواءا كان العقار كاملا أو جزء منه خطرا أو ليس خطرا ، كما لا يفرق بين الأشياء التي تتيح فرصا أكبر لاندلاع الحريق وبين الأشياء التي لا تتيح هذه الفــرص .
أن يكون الحريق هو سبب وقوع الضـــرر:
لتحقق المسؤولية عن الحريق طبقا لنص المادة 140 الفقرة الأولى من ق م ج لا بد أن يكون سبب الضرر هو(أ) اشتعال النار في مال المسئول ثم تسرب هذا الحريق إلى الغير ليحدث بها ضررا.(ب).
أ/ حريق مال المسئول .
بقصد بالحريق هو اشتعال النار في عقار الحائز أو في جزء منه أو في منقولاته و يستوي أن يكون سبب الحريق محدد أو غير محدد فإذا لم يحترق مال المسؤول فلا مجال لتطبيق نص المادة 140 /01 ق م ج و كذلك إذا لم يترتب عن الحريق تحطيم مال المسؤول كليا أو جزئيا كأن يتضرر الغير من شرارات النار التي تسربت من قطار أو محرك و ذلك لإنعدام الحريق بالقطار أو المحرك، كما لا يعتبر حريقا انفجار أو ألتماس كهربائي أدى إلى نشوب الحريق في مال الغير.
ويجب أن يكون للحريق أهمية من حيث حجمه فلا يعتبر حريقا النار التي تشتعل في ورقة كراس ،أو عود كبريت.
ب/تسرب الحريق إلى ممتلكات الغير.
تهدف المادة140/01 ق م ج إلى تعويض الأضرار التي سببها الحريق الذي اندلع في منقولات أو عقار المسئول، لممتلكات الغير و هذا الشرط يقتضي تسرب الحريق من مال المسئول إلى ممتلكات الغير فيلحق بها أضرار.
*ثبوت الخطأ في جانب الحائز أو في جانب من هو مسئول عنهم.
تشترط المادة 140/01 ق م ج لتحقق مسؤولية الحائز عن الأضرار التي تصيب الغير نتيجة حريق عقار أو جزء منه أو منقولات، أن يثبت الخطأ في جانب الحائز أومن يكون الحائز مسئول عنهم و يجب على الضحية حينئذ إضافة إلى إثبات الضرر الذي أصابها وعلاقة السببية، بإثبات أن الحريق ينسب إلى خطأ الحائز، أو إلى خطأ من هو مسئول عنهم و المراد بالأشخاص الذين يكون الحائز مسئول عنهم،على وجه الخصوص الأشخاص الخاضعين للرقابة طبقا للمادتين 134 ،135 ق م ج و التابع طبقا للمادة 136 ق م ج.
*أما إذا بقي سبب الحريق مجهول فلا يعتبر الحائز مسئولا عما يحدثه من ضرر لممتلكات الغير إلا إذا شارك إهماله أو عدم تبصره في اشتعال النار وثبت ذلك في جانبه .
* أساس مسؤولية حائز العقار أو المنقول عن الحريق وكيفية دفعها.
أساس مسؤولية حائز العقار أو المنقول عن الحريق.
حسب المادة 140 ف01 ق م ج ،لا يكون الحائز العقار أو المنقول الذي حدث فيه حريق مسئول عن الضرر التي يسببها هذا الحريق إلا إذا ثبت أن الحريق ينسب إلى خطئه أو خطأ من هو مسئول عنهم.
*وعليه فإن المسؤولية عن الحريق في القانون المدني الجزائري وهي مسؤولية قوامها الخطأ الواجب الإثبات في جانب الحائز أو الأشخاص الذين يسأل عنهم، فإذا ثبت الخطأ قامت المسؤولية عن الحريق واستحق المضرور التعويض وعلى هذا الأساس فإن المسؤولية عن الحريق تخضع للقواعد العامة الواردة في م 124 ق م ج التي تقوم على الخطأ الواجب الإثبات من جانب المضرور وعليه فإن الخطأ في المسؤولية عن الحريق ليس مفترضا بل هو واجب الإثبات من طرف المضرور لتحقق مسؤولية الحائز والخطأ في هذه الحالة يجب على المضرور إثباته في جانب الحائز أو في جانب من هو مسئول عنهم، و تجدر الإشارة في هذا المقام لنص المادة 496 ق م ج التي تنص على أن:"المستأجر مسئول عن حريق العين المؤجرة إلا إذا أثبت أن الحريق نشأ عن سبب ليس من فعله .".
و عليه فإن خطأ المستأجر مفترضا افتراضا بسيطا حيث يستطيع أن يثبت عكسه ويكون خطأ المستأجر مفترض باعتباره أن المسؤولية المترتبة عليه هي مسؤولية عقدية و ليست مسؤولية تقصيرية و من بين الالتزامات التي يتحملها المستأجر نحو المؤجر، الاعتناء بالعين المؤجرة و المحافظة عليها و استعمالها استعمالا عاديا، وعليه يكون مسئولا عن الحريق الذي نشب في العين المؤجرة إلا إذا أثبت أن الحريق لا يد له فيه.
وإذا تعدد المستأجرون لعقار واحد كان كل واحد منهم مسئول عن الحريق بالنسبة للجزء الذي يشغله بما فيهم المؤجر إذا كان يسكن العقار، إلا إذا أثبت أن الحريق بدأ نشوبه في الجزء الذي يشغله أحد المستأجرين فيكون هذا الأخير وحده مسئولا عن الحريق وهذا عملا بأحكام المادة 496 من ق، م، ج في فقرتها الثانية.
* كيفية دفع حائز العقار أو المنقول مسؤوليته عن الحريق.
إذا تحققت شروط المسؤولية عن الحريق كما سبق الإشارة إليه أصبح الحائز مسئولا طبقا لنص المادة 140/01 ق م ج و بما أن هذه المسؤولية تقوم على أساس الخطأ الواجب الإثبات في جانب الحائز أو في جانب من هو مسئول عنهم فإنه لا يستطيع التخلص من هذه المسؤولية إلا بنفي الخطأ عن نفسه أو بنفي الخطأ عن الذين يسأل عنهم وذلك بإثبات أنه لم يبدر منه أو من هو مسئولا عنهم أي إهمال أو تقصير أو انحراف في سلوك أدى إلى نشوب حريق في عقاراته أو جزء من عقاراته و في منقولاته و انتقل هذا الحريق إلى ممتلكات الغير و أصابتها بضرر .
*كما يستطيع المسئول الحائز أن يتخلص من هذه المسؤولية بإثبات السبب الأجنبي في إحدى صوره و بكامل الشروط كما سبقت الإشارة سالفا .
*أن المسؤولية عن الحريق طبقا للمادة 140/01 ق م ج ما هي إلا صورة خاصة للمسؤولية عن الأشياء و يظهر ذلك جليا من خلال المسئول وهو الحائز و إن كان مفهومه لا يتعدى إلا أن يكون حارسا وفق نص المادة 138 ق م ج و كذا من حيث أساس المسؤولية عن الحريق،و المتمثلة في الخطأ الواجب الإثبات و هذا على عكس المسؤولية عن الأشياء طبقا لنص المادة 138،التي تقوم على أساس الخطأ المفترض افتراضا لا يقبل إثبات العكس وكذا من حيث كيفية دفع المسؤولية عن الحريق بحيث يجوز للحائز أن ينفي عن نفسه أو عن المسئول عنهم الخطأ بالإضافة إلى إمكانية إثبات السبب الأجنبي حتى يتخلص من هذه المسؤولية.
***********************************************
مسؤولية المالك عن تهدم البناء .
لقد خصص المشرع الجزائري للمسؤولية عن الأضرار التي يسببها تهدم البناء نصا قانونيا وهو نص المادة 140 الفقرة الثانية من ق.م.ج .
حيث تنص المادة على ما يليّ: " مالك البناء مسئول عما يحدثه انهدام البناء من ضرر و لو كان انهداما جزئيا ما لم يثبت أن الحادث لا يرجع سببه إلى إهمالا في الصيانة أو قدم في البناء أو عيب فيه ".
شرطان لمسؤولية المالك عن تهدم البناء .
ملكية البناء.
*المقصود بالبناء.
البناء هو الشيء المتماسك الذي يكون من صنع الإنسان ويتصل بالأرض اتصال قرار وهو مجموعة من المواد مهما كان نوعها خشبا ، جبسا ، إسمنتا ، حديدا ، حجارة أو كل ذلك، شيدها الإنسان لتتصل بالأرض اتصال قرار سواء استخدم ذلك البناء للسكن أو التجارة أو الصناعة أو الزراعة ،أوغير ذلك وسواءا شيد البناء فوق الأرض أو في باطنها .
و ليس شرطا أن يكون البناء قد شيد بقصد الدوام بل يكفي أن يستقر على الأرض أو في باطنها و لو مؤقتا كمعارض البضائع وأكشاك البيع بشرط أن يتصل البناء بالأرض اتصال قرار و لا يمكن نقله من مكانه دون تلف .
كما يتبع البناء كل ما يعد من مشتملاته وخصص في خدمة البناء و اتصل به، كالأبواب،النوافذ، الشرفات ، مداخن السطوح ، المصاعد، و غيرها .
و تبعا لذلك لا يعتبر بناءا العقارات بالتخصيص حالة عدم اتصالها بالبناء كآلة الحرث و الري غير المثبتة بالأرض و أحواض الزهور، وأسماك الزينة، وأسلاك الكهرباء، و أسلاك الهاتف المعلقة، و كذلك الأرض و الأشجار لا تعتبر بناءا .
و لا يعتبر بناءا ما جمع من مواد بفعل الطبيعة كالنباتات و الصخور و الرمال التي تجمعها مياه الأودية و الرياح و تشقق الأرض بفعل المطار أو الزلزال لذلك قلنا سابقا أنه لا بد أن يتم تشييد البناء من طرف الإنسان .
*مسؤولية مالك البناء.
طبقا للفقرة الثانية من المادة 140 ق م ج يكون مالك البناء مسؤولا عما يحدثه تهدم البناء من ضرر للغير و المفروض أن المالك هو من له السيطرة الفعلية على البناء و لكن يسأل حتى و لو كان البناء في حيازة المستأجر بل حتى و لو تقرر الاستيلاء عليه من السلطة العامة بمعنى آخر حتى و لو كان البناء في حراسة شخص آخر غير المالك يظل المالك مسئول عما يحدثه البناء من ضرر للغير عند تهدمه سواء كان المالك شخصا طبيعيا،أو شخصا معنويا، ومالك البناء هو صاحب حق الرقبة ومن ثم لا يعتبر صاحب حق الانتفاع أو صاحب حق الاستعمال أو صاحب حق السكن ملاكا ، في حين يعتبر راهن العقار المبني مالكا له حتى و لو انتقلت حيازة البناء إلى الدائن المرتهن.ويكون مالك البناء وقت الحادث مسئولا ولا عبرة بذلك للحيازة.
*وتحديد مالك البناء لا تثير صعوبة عند المضرور نظرا لأن المشرع حدد إجراءات اكتساب الملكية العقارية ،وانتقالها من شخص لأخر ،وعلى العموم تنتقل الملكية العقارية(البناء) فبمجرد إتمام إجراءات الشهر العقاري عملا بأحكام المادة 793من القانون المدني الجزائري .
فبائع العقار قبل شهر عقد البيع هو المالك ، حتى ولو انتقلت حيازة البناء إلى المشتري والمشتري هو المالك ولو علق عقد البيع على شرط فاسخ أو مضافا إلى أجل فاسخ، بمجرد شهر عقد البيع ،ما دام لم يتحقق الشرط أو لم يحل الأجل .
ومن أقام البناء على أرضه بمواد مملوكة للغير يعتبر مالكا عملا بأحكام المادة 783 ق،م،ج، وكذلك من أقام بناءا على أرض مملوكة للغير بحسن نية أو بسوء نية المادة 784 ق، م، ج .
وإذا كانت ملكية البناء جماعية فهنا إما أن تكون الملكية شائعة طبقا لنص المادة 713 ق م ج فيكون كل شريك في الشيوع مسئولا باعتباره مالكا عن الأضرار التي تسبب فيها تهدم البناء محل الشيوع أي أن الملاك على الشيوع مسئولين بالتضامن عن الضرر اللاحق بالغير إثر تهدم البناء.
أما إذا كان البناء المتهدم محل ملكية مشتركة طبقا لنص المادة 743 ق م ج التي تنص على أنه " الحالة القانونية التي يكون عليها العقار المبني أو مجموعة العقارات المبنية والتي تكون ملكيتها مقسمة حصصا بين عدة أشخاص تشتمل كل واحدة منها على جزء خاص ونصيب في الأجزاء المشتركة" ، ففي هذه الحالة يتحمل الشريك لوحده المسؤولية المترتبة عن تهدم الأجزاء الخاصة للمبنى، بينما يتحمل كل الشركاء وبالتضامن مسؤولية الأضرار التي تتسبب فيها تهدم الأجزاء المشتركة للبناء .
*تهدم البناء كليا أو جزئيا وإلحاقه ضررا بالغير.
لتطبيق المادة 140 الفقرة الثانية من ق م ج لا بد أن يكون هناك تهدم لبناء(أ) وأن ينتج عن التهدم ضررا للغير .(ب)
*يقصد بتهدم بالبناء:
تفكك أجزاء البناء كلها أو بعضها وانفصالها عنه أو عن الأرض المقام عليها سواءا كان تهدما كليا أو جزئيا كانهيار البناء ،وقوع سقفه،أو انهيار حائطه، أو انهيار شرفته ، أو سقوط سلمه ، أو بعض أبوابه ،أو نوافذه .
أما الأشياء التي تسقط من البناء والمنفصلة عنه لا تعتبر تهدما للبناء كأن يلقي صاحب المنزل شيء صلب أو حجر من الشرفة وأصابت الغير بأضرار ، كما لا يعتبر تهدما للبناء حتى و لو سقط جزء من البناء عقب إطفاء الحريق الذي شب فيه ، أما إذا تهدم البناء الذي شب فيه الحريق بعد مدة طويلة من هذا الحريق فإنما ينجم عنه من ضرر للغير يعتبر راجع إلى تهدم البناء إذ يعتبر المالك مقصرا في قيامه بالصيانة اللازمة للبناء طوال هذه المدة.
ولا يعتبر تهدما بمفهوم نص المادة 140 /02 ق م ج الانهدام الإرادي كأن يقوم المالك بتهديم البناء لتفادي خطر انهياره أو لتشييد بناء آخر أو لسبب ما .
كما أن الجدار المثبت في الأرض بواسطة أوتاد لا يعتبر بناءا حسب المادة 140 /02 ق م ج و الأضرار الناجمة عن سقوطه يسأل عنها المسؤول وفقا لأحكام المادة 138 ق م ج.
ويشترط أن يكون التهدم البناء راجعا إلى حالة البناء بحيث يكون مرده إهمال في الصيانة أو قدم في البناء أو عيب فيه و من ثم يتعين أن يثبت المضرور أن تهدم يرجع إلى إهمال المالك صيانة البناء،أو وجود عيب في هذا الأخير أو قدم فيه و عليه فإذا حدث الانهدام نتيجة انفجار آلة موجودة فيه أو بفعل الحريق فلا يعتبر تهدما بمفهوم نص م 140/02 ق م ج.
أن يكون تهدم البناء هو الذي أحدث ضررا للغير:
إن مسؤولية مالك البناء في القانون المدني الجزائري طبقا للمادة 140 /02 تقتصر على ما يصيب الغير من ضرر نتيجة تهدم البناء ومن ثم يجب أن يكون التهدم هو السبب في وقوع الضرر فسقوط شيء من نافذة منزل على أحد المارة و إصابته بضرر دون أن يكون السقوط بسبب الانهيار أو التهدم فلا ينطبق حكم المادة 140 /02 ق م ج وكذلك الحال لو سقط شخص في فتحة توجد على سطح المنزل لم تكن محاطة بحاجز وقائي أو شخص اصطدم بالبناء أو انزلق من سلم البناء فأصابه ضرر من ذلك نظرا لأن هذه الأضرار لم يكن سببها تهدم البناء وعليه فلا تطبق بشأنها مسؤولية مالك البناء طبقا للمادة 140 / 02 ق م ج.
و يقصد بالغير هنا هو غير المالك بمعنى الضرر الذي يصيب الغير حتى و لو كان هذا تابعا للمالك .
*أساس مسؤولية المالك عن تهدم البناء وكيفية دفعها .
*أساس مسؤولية المالك عن تهدم البناء .
متى توافرت شروط مسؤولية المالك عن تهدم البناء طبقا للمادة 140/02 ق م ج التزم بالتعويض إزاء المضرور عما يلحقه من ضرر بسبب تهدم البناء ، و شروط هاته المسؤولية يقع عبء إثباتها على المضرور دون أن يكلف بإثبات خطأ مالك البناء و عليه فإن أساس المسؤولية الناشئة عن تهدم البناء هو الخطأ المفترض في جانب المالك و ينحصر في هذا النوع من المسؤولية في ثلاث صور و هي : الإهمال في الصيانة ، أو قدم في البناء أو وجود عيب فيه و هو خطأ مفترض افتراضا بسيطا يستطيع مالك البناء إثبات عكسه وذلك بإثبات أن إنهدام البناء لم يكن سببه إهمال في صيانة البناء من طرفه أو قدم، أو عيب فيه .
و تجدر الإشارة أن حكم المادة 140/02 ق م ج لا يعمل به إلا في مجال المسؤولية التقصيرية فإذا كان المضرور هو مستأجر البناء مثلا وتهدم البناء فأصابه بضرر فإن المستأجر يرجع على المؤجر بمقتضى المسؤولية العقدية و مصدرها عقد الإيجار وكذلك فإنه إذا كان المضرور نزيلا في فندق فمالك الفندق مسؤولا قبله بمقتضى العقد ، أما إذا كان المضرور تابعا لمالك البناء أو خادما لديه فإن العقد لا يلزم المتبوع في هاته الحالة بكفالة سلامة التابع و لذلك يكون مالك البناء مسؤولا قبل تابعه أو خادمه طبقا للمسؤولية التقصيرية و يقوم الخطأ المفترض في جانب مالك البناء طبقا لنص المادة 140/02 ق م ج.
*كيفية دفع المالك مسؤوليته عن تهدم البناء .
لقد سبقت الإشارة أن مسؤولية مالك البناء عما يحدثه تهدمه، من ضرر للغير تقوم على أساس الخطأ المفترض في جانب المالك و الذي ينحصر في إهمال في صيانة البناء أو قدم أو عيب فيه و هذا الخطأ المفترض يقبل إثبات العكس .
و عليه فإنه بمجرد توافر شرطا المسؤولية قامت مسؤولية مالك البناء و إلتزم بتعويض الضرر و لا يستطيع الإفلات من هاته المسؤولية إلا إذا ثبت أن تهدم البناء لم يكن سببه إهمال في الصيانة أو قدم أو عيب فيه.
و تجدر الإشارة أن الفقرة الثالثة في المادة 140 ق م ج التي تنص على أنه : " يجوز لمن كان مهددا بضرر يصيبه من البناء أن يطالب المالك بإتخاذ ما يلزم من التدابير الضرورية للوقاية من الخطر فإن لم يقم المالك بذلك جاز الحصول على إذن من المحكمة في إتخاذ هذه التدابير على حسابه".
وهكذا نلاحظ أن المسؤولية عن تهدم البناء ما هي إلا صورة خاصة للمسؤولية الناشئة عن الأشياء باعتبار البناء شيء، وهكذا ما ينجر عن تهدمه من ضرر يخضع لأحكام خاصة طبقا للمادة 140/02 ق م ج بشروط هاته المسؤولية ( تهدم البناء و إلحاقه ضرر بالغير، تقرير مسؤولية مالك البناء، أساس هاته المسؤولية المتمثل في الخطأ المفترض الذي ينحصر في ثلاث صور : الإهمال في الصيانة ، أو عيب في البناء أو قدم فيه وهو خطأ مفترض يقبل إثبات العكس.
*************************************************
مسؤولية المنتج عن الأضرار التي تسببها منتجاته المعيبة.
لقد استحدث المشرع الجزائري هذا النوع من المسؤولية عندما عجزت نصوص القانون المدني المتعلقة بالعيوب الخفية عن تقديم الحماية اللازمة للمتضررين من المنتجات المعيبة، نظرا لأن دعوى الضمان لا تكفل غالبا سوى ما يعرف بالأضرار التجارية فقط، كما لا يمكن الاحتجاج بهذه الدعوى إذا كان المضرور من الغير.
أما بالنسبة لقانون المستهلك فقد نصت المادة 2 من القانون 89/02 على أن " كل منتوج سواء كان شيئا ماديا أو خدمة، مهما كانت طبيعته يجب أن يتوفر على ضمانات ضد كل المخاطر التي من شأنها أن تمس صحة المستهلك و\ أو منه، أو تضر بمصالحه المادية " .
وعليه فإن المشرع الجزائري قرر هذه الحماية لصالح المستهلك فقط، و إن كان هو أنسب شخص يستفيد من هذه الحماية إلا انه بالتأكيد ليس الشخـــــص الوحيد، لأن المنتوج قد يكون مصدرا للأضرار بالمستعمل، أو المحترف نفسه كالبائع أو الموزع ، كما في حالة الشخص الذي تصدمه سيارة بفعل عيب بنظام التوجيه فيها .
كل هذه العوامل و أخرى دفعت بالمشرع الجزائري إلى وضع نظام قانوني خاص بمسؤولية المنتــــج عن الأضرار التي تسببها منتجاته المعيبة، فأدرج بموجب القرار 05/10المؤرخ في 20 يونيو 2005 المعدل والمتمم للأمر75/58 المتضمن القانون المدني الجزائري. ضمن الفصل الثالث في القسم الثالث منــــــــه المعنون بالمسؤولية الناشئة عن الأشياء، و بموجب المادة 140 مكرر، نوع جديد المســــــــؤولية عن الأشياء، وهي مسؤولية المنتج عن الأضرار التي تسيبها منتجاته المعيبة .
*أن المشرع الجزائري نقل بعض أحكام هذا النوع من المسؤولية من القانون المدني الفرنسي وضمنها في مادة واحدة(م 140 مكرر من ق. م. ج )، في حين أن المشرع الفرنسي عالجها في 18 مادة ( من المادة 1386-1 إلى المادة 1386-18 من القانون المدني الفرنسي. ) وضح من خلالها مجالها، و شروطها، و طرق دفعها و ميعاد تقادم الدعوى التي يطالب من خلالها المضرور بهذه المسؤولية،
ونلاحظ هنا ان المشرع الجزائري وإن كان قد وضح شروط و مجالات تلك المسئولية إلا أنه أغفل أن يوضح أساسها و كـــذا أسباب الإعفاء منها.
*أن تبني أحكام مسؤولية المنتج عما تسببه منتجاته المعيبة من أضرار للغير، إنما كان الهدف منها هــــــو توفير حماية أكثر للمتضررين مهما كانت صفتهم وعلاقتهم بالمنتج، من المنتجات المعيبة وذلـــــــــــــك نظرا إلى عجز كل من نظرية ضمان العيوب، و قانون المستهلك عن توفير هذه الحماية المناسبــــــــــة.
وبالتالي فان هذا النوع من المسؤولية تطبق إلى جانب ( نظرية ضمان العيوب م379 ق. م. ج )، وقانون المستهلك رقم 89/02. و إن كان لكل منهما نطاقه.
نطاق مسؤولية المنتج.
حسب نص المادة 140 مكرر ق.م.ج التي تنص على أنه " يكون المنتج مسئولا عن الضرر الناتج عن عيب في منتوجه حتى و لو لم تربطه بالمتضرر علاقة تعاقدية.
و يعتبر منتوجا كل مال منقول ولو كان متصلا بعقار، لاسيما المنتوج الصناعي، و تربية الحيوانات ، والصناعة الغذائية، و والصيد البحري و البري، والطاقة الكهربائية.".
وعليه يتحدد نطاق هذه المسؤولية من حيث المنتجات، و من حيث الأشخاص.
اولا : من حيث المنتجات.
تنص المادة 140 مكرر في فقرتها الثانية من القانون المدني الجزائري على أنه " يعتبر منتوجا كل مال منقول و لو كان متصلا بعقار، لا سيما المنتوج الزراعي، و المنتوج الصناعي، و تربية الحيوانـــــــات، والصناعة الغذائية، و الصيد البري و البحري، و الطاقة الكهربائية".
و بالتالي فان المنتوج هو مال منقول و بالتالي تستثنى العقارات، أي العقارات بالطبيعة فقط، و لكن المنقولات المركبة في العقار ( الأجر و الاسمنت )، أو المتصلة به،أو العقارات بالتخصيص تعتبر منتجات.
إن مفهم المنتوج في هذا الصدد، لا يتضمن فقط ما يعتبر نتاج النشاط الصناعي ـ أي الأشياء المصنعة ـ بل يتضمن المنتجات الزراعية .
كمثال عن المنتوج الزراعي الخضر و الفواكه، والمحاصيل الزراعية، مثلا عند سقي الأشجار بمياه ملوثة فيصاب الغير بضرر نتيجة استهلاك ثمارها، ويتضمن كذلك مفهوم المنتوج تربية الحيوانات مثل الدواجن والمواشي كأن تصـــــــاب حيوانات بمرض ورغم ذلك يتم بيعها مثلا للاستهلاك، والصناعة الغذائية كصناعة الحليب،
*أما المنتوج الصناعي فمثلا صناعة الأدوية و المـــــــــــــــواد الصيدلانية الأخرى،وصناعة السيارات ،ومواد التنظيف،ومواد التجميل ، وكذلك يدخل في مفهوم المنتوج الصيد البحري، و الصيد البري،والطاقة الكهربائية بالنسبة لشركة سونلغاز مثلا.
ولكن بالرجوع إلى المادة 140مكرر نرى بأن المشرع قرر حكما خاصا لمسؤولية المنتج ،وذكر عبارة "المنتوج " بصفة عامة دون تحديد طبيعته ) مادي أو معنوي)،ولم يستثني سوى العقار كما سبق الإشارة.
ويفهم من عبارة "لا سيما "المذكورة في المادة 140مكررمن ق،م،ج بخصوص مسؤولية المنتج أنها ذكرت هذه المنتجات على سبيل المثال ،لا على سبيل الحصر،كما أنه لم يشترط أن تكون المنتجات خطرة.
ثانيا : من حيث الأشخاص.
تنص المادة 140 مكرر في فقرتها الأولى على أنه " يكون المنتج مسؤولا عن الضرر الناتج عن عيب في منتوجه حتى و لو تربطه بالمتضرر علاقة تعاقدية".
يتحدد نطاق مسؤولية المنتج من حيث المنتج المسؤول عن الأضرار التي تسببها منتجاته المعيبة، و كذا من حيث ضحايا هذه المنتجات.
*المنتج.
يمكن تعريفه على أنه " الشخص الذي يقوم بصناعة المنتوج، و تحويل الشيء المصنع، ولا يشترط في المنتج أن يكون هو الذي صنع كل المنتوج، وإنما قد يساهم في صنع جزء منه فقط، كما يمكن اعتباره منتجـــــــا الشخص الذي يقوم بعمليات تركيب المنتوج كله أو جزء منه،كتركيب الأجهزة الكهرو منزلية،
فالمورد، أو الموزع، أو التاجر، لا يعتبر منتجا لأنه لا يساهم في عملية الإنتاج، وإن كان يساهم في عملية الاستهلاك، أو التوزيع.
*الضحايا.
حسب نص 140 مكرر ق.م.ج. في فقرتها الأولى أن المنتج يكون مسؤولا عن الضرر الناتج عن عيب في منتوجه و لو لم تربطه بالمتضرر علاقة تعاقدية.
نلاحظ أن المشرع الجزائري تماشيا مع أقره المشرع الفرنسي، بهذا الخصوص أراد أن يضع حدا للتمييز بين المسؤولية التعاقدية و المسؤولية التقصيرية للمنتج، و بالتالي ففي جميع الحالات يبقى المنتج مسؤولا مدنيا عن الضرر مهما كانت العلاقة القانونية التي تربطه بالمتضرر .
وبالتالي فيمكن أن نتصور أن المتضرر هو المستهلك، أي من استهلك المنتوج فسبب له ضررا سواءا كان (ضرر جسمانيا، أو ماديا، أو معنويا....)، نتيجة عيب فيه، رغم أنه لا تربطه علاقة تعاقدية بالمنتج.
كما يمكن أن يكون المتضرر هو المحترف ( بائع الجملة، أو بائع التجزئة مثلا ) حتى و لو لم تربطه بالمنتج علاقة تعاقدية، فالمستورد و الموزع و التاجر كل هؤلاء محترفين، و المحترف هو كل شخص يتدخل في عملية الاستهلاك، من عملية الإنتاج إلى عملية الاستهلاك باستثناء المستهلك النهائي لــهذا المنتوج.
و المادة 140 مكرر ق.م.ج، لم تميز بينهم و عليه فإن المحترف بذلك إضافة إلى المستهلك يستفيد من أحكام نص م 140 مكرر، إذا ما سبب له المنتوج المعيب ضررا نتيجة العيب الموجود فيه.
*شروط مسؤولية المنتج عن الأضرار التي تسببها منتجاته المعيبة.
استلزم المشرع الجزائري لقيام مسؤولية المنتج طبقا للمادة 140 مكرر من ق.م.ج، ثلاثة شروط وهي: وجود عيب في المنتوج، الضرر، علاقة السببية بينهما.
* وجود عيب في المنتوج.
اشترطت المادة 140 مكرر الفقرة الأولى من ق.م.ج لتحقق مسؤولية المنتج أن يكون الضرر الحاصل نتيجة عيب في المنتوج.
و مرة أخرى فإن كان المشرع الفرنسي قد وضع العناصر التي يقدر من خلالها العيب الموجود بالمنتوج فان المشرع الجزائري اكتفى بذكره دون أن يعّرفه أو يذكر العناصر التي يقّدر من خلالها،وإن كان المشرع الجزائري قد استعمل مصطلح العيب في المادة 379 من ق،م،ج المتعلقة بضمان العيوب الخفية في الشيء
المبيع ،فإنه يعني في هده الحالة بأن المبيع لا تتوافر فيه المواصفات المتفق عليها في العقد،وهو ما لا يتوافق مع المقصود من مصطلح" العيب" في مسؤولية المنتج.
وعلى كل فيمكن تعريف العيب في المنتوج حسب نص المادة 140 مكرر من ق، م، ج بأنه" عدم مطابقة المنتوج للمواصفات و المعايير التي وضعها القانون من الناحية التقنية للمنتوج".
مثلا عدم اتخاذ الاحتياطيات المادية اللازمة فيما يتعلق بتعبئتها، أو تغليفها، إهمال التأكد من سلامة المواد الأولية الداخلة في تركيبة المنتوج، ولا يعتبر عيبا في المنتوج مثلا انتهاء مدة الصلاحية.
ومع ذلك يبقى مفهوم العيب قاصرا، وكان من الأحسن أن يوضح المشرع الجزائري هذا المفهوم.
* حصول الضرر.
إن عبارة" الضرر" الناتج عن عيب في المنتوج المنصوص عليها في المادة 140 مكرر جاءت عامة، فهذه الأخيرة لم تحدد طبيعة الأضرار، مما يؤدي بنا إلى الأخذ بعبارة الضرر بمفهومها الواسع، وبالتالي قد يكون الضرر الناشئ عن عيب في المنتوج ، ضرر ماديا، أو جسمانيا، أو ماليا ،أو معنويا.
فالضرر الجسماني: يتمثل عادة في الجروح و الأمراض أو ما يمس بالسلامة الجسدية للإنسان بصـــــفة عامة.
والضرر المالي: ما يصيب الشخص من خسارة في ذمته المالية، مصاريف العلاج و غيرها.
والضرر المعنوي: ما يصيب الشخص من آلام (ضرر تألم)....الخ.
* علاقة السببية بين العيب في المنتوج و الضرر اللاحق بالغير.
يجب أن يكون الضرر الذي لحق الضحية نتيجة العيب الموجود بالمنتوج، و إلا فلا تحقق مسؤولية المنتج وفق الأحكام م 140 مكرر ق.م.ج .
ومتى تحققت شروط المسؤولية نشأ حق المضرور في التعويض طبقا لأحكام المادة 140مكرر،ويقدر القاضي التعويض وفقا لأحكام المواد 131 ،182 ،182 مكرر من القانون المدني.والضرر القابل للتعويض هو الضرر المباشر ، المتوقع و غير المتوقع .
*أسـاس مسؤولية المنتج وكيفية دفعــــــها.
لم يوضح المشرع الجزائري في نص المادة 140 مكرر من ق.م.ج أساس مسؤولية المنتج ،ولا طرق دفعها مما يؤدي بنا إلى الاستعانة بالفقه تارة ،والرجوع إلى القواعد العامة تارة أخرى.
*الخطأ كأساس لمسؤولية المنتج.
تقوم تلك الفكرة على أساس الخطأ المرتكب من طرف المنتج، وهو انحراف في سلوك المنتج عن سلوك المنتج العادي والخطأ هنا يقاس بمعيار موضوعي، وقد استقر القضاء الفرنسي على اعتباره خطأ مفترض، أي بمجرد تسليم المنتوج المعيب أو عرضه للتداول، يثبت خطأ المنتج وتقوم مسؤوليته إذا أحدث هذا المنتوج ضررا للغير.
*الضرر كأساس لمسؤولية المنتج.
ان أساس مسؤولية المنتج هو الضرر الذي يقع نتيجة نشاط المنتج، ولا يهم إن كان مخطأ أم لا. وقد اعتبر المشرع الفرنسي مسؤولية المنتج، مسؤولية بقوة القانون، تقوم بمجرد أن يسبب المنتوج ضررا للغير نتيجة عيب فيه، وما على المتضرر إلا إثبات العيب، و الضرر ،وعلاقة السببية بينهما.
ويستشف من حكم المادة 140 مكرر من ق.م.ج أن المشرع الجزائري قد أخذ بنفس فكرة المشرع الفرنسي بخصوص أساس مسؤولية المنتج، وجعلها مسؤولية بقوة القانون، يكفي لقيامها حدوث ضرر بسبب العيب الموجود في المنتوج،ولا يؤخذ بعين الاعتبار سلوك المنتج ،كمالا يمكنه نفي مسؤوليته بأنه قام بواجب العناية كما ينبغي.
* وسائل دفع مسؤولية المنتج.
لم ينص المشرع الجزائري على طرق دفع هذا النوع من المسؤولية، مما يحتم علينا الرجوع إلى القواعد العامة في هذا الشأن، أي المادة 127 من القانون المدني، باعتبار مسؤولية المنتج مسؤولــــية تقصيرية تقوم عـلى أســـــــاس القانون، وعليه فان المنتج متى تحققت شروط مسؤوليته لا يمكنه التخلص منها إلا بإثبات السبب الأجنبي.
*القوة القاهرة، والحادث المفاجئ.
يقصد بهما ذلك الحادث الذي لا يمــــكن توقعه، ويستحيل دفعه، استحالة مطلقة مثالها:الزلزال، والكوارث الطبيعية بصفة عامة، ويكون خارجا ومستقلا عن فعل المنتج، و المنتوج في حد ذاته.
* خطأ الغير، وخطأ المضرور.
يمكن للمنتج أن ينفي مسؤوليته بإثبات أن الضرر اللاحـق بالمتضرر كان سببـه خطأ من الغير( مثلا التاجر أو الموزع ،أو مخزن السلعة.)، أو خطأ المتضرر نفسه، ويعّرف الخطأ عموما على أنه انحراف سلوك الإنسان عن سلوك الشخص العادي.
ولكن الإعفاء الكلي للمنتج من مسؤوليته يكون استثناءا،لأنه في حالة وجود عيب في المنتوج فخطأ المتضرر ما هو إلا أحد الأسباب التي أدت إلى وقوع الضرر،وبالتالي يكون الإعفاء من المسؤولية جزئيا.
و تجدر الإشارة أخيرا إلى المادة 140 مكرر 01 ق م ج المستحدثة بموجب القانون 05/10 المؤرخ في: 20 جوان 2005 المعدل والمتمم للقانون المدني إذ تنص هذه المادة على ما يلي " إذا انعدم المسؤول عن الضرر الجسماني و لم تكن للمتضرر يد فيه تتكفل الدولة بالتعويض عن هذا الضرر ".
و يشترط لتطبيق أحكام م 140 مكرر 01 ثلاث شروط:
*أولا: أن يكون الضرر جسمانيا وبذلك يستبعد من تطبيق أحكام هذه المادة الضرر المادي، والضرر المعنوي كما سبق الإشارة إلى تعريفها.
*ثانيا:انعدام المسئول عن الضرر اللاحق بالمتضرر نتيجة فعل الشيء أو حيوانات، أو تهدم البناء أو حريق في المنقول أو العقار، أو نتيجة عيب في المنتوج.
مثال: لا يعرف المسؤول أو ظل مجهولا مع تحقق الشروط القانونية للمسؤولية عن الأشياء .
*ثالثـا: ألا يكون للمتضرر يد في حدوث الضرر الجسماني .
بمعنى أن لا يكون المتضرر من الشيء قد تسبب بفعله الخاص في إحداث الضرر الجسماني اللاحق به، مثلا كأن يكون الضرر ناجما عن سوء استعمــال، أو استهلاك المنتوج دون أن يكون به عيب، أو أن يكون المنتوج خطرا مثلا، فلا يتخذ الاحتياطيات اللازمة عند استعماله فتصيبه أضرار جسمانية من جراء ذلك.
و بتحقق هذه الشروط تتكفل الدولة بتعويض الضرر الجسماني اللاحق بالمتضرر جراء فعل الشيء أو عيب في المنتوج.
و يقع على المتضرر عبء إثبات * الضرر الجسماني، * انعدم المسؤول، *و أنه لم يكن له دخل في إحداث هدا الضرر الجسماني.
و تعتبر مسؤولية المنتج طبقا للمادة 140مكرر من ق.م.ج ،صورة خاصة للمسؤولية عـــــــن الأشياء ، لكون المنتوج شيء،فقط أن مسؤولية حارس الشيء طبقا لمادة 138 من ق.م.ج ،تقوم على أساس فقدانه ما كان يجب أن يظل له من سيطرة فعلية على الشيء في استعمــاله ،ورقابته ،تسييره حتى لا يضر بالغير ،في حين أن مسؤولية المنتج تشترط عيب في المنتوج ،كما أن المنتج قبل تصريف منتجاته يعتبر حارسا لما ينتجه ،ويمكن أن تقوم مسؤوليته بهذه الصفة على أساس المسؤولية عن الأشياء طبقا للمـــادة 138 ،كأن يحدث انفجار في المنتجات التي قـــام بتخزينها في مستودع ،وإلحاقها ضررا بالغير، ولكن بعد عرض المنتجات للتداول بالبيع أو التوزيع أو غيرها يسأل كمنتج على أساس المادة 140 مكرر،إذا سبب المنتوج ضررا للغير نتيجة عيب فيه.
- منشئ مقرر دراسي: ASSALI SABAH