جامعة الجلفة

كلية الحقوق والعلوم السياسية

قسم العلوم السياسية

 

 

 

 

محاضرات مقياس تنمية الموارد البشرية

 

موجه لطلبة السنة الأولى ماستر تخصص سياسات عامة وتنمية

إعداد الأستاذ قيرع سليم

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة:

يمكن تقسيم وظائف، الإدارة في أي مؤسسة إلى ثلاثة وظائف هي التخطيط، التنفيذ والرقابة، ويعتبر التخطيط من الوظائف الجوهرية للإدارة عموما و لإدارة الموارد البشرية بالخصوص، حيث يرتبط استمرار و بقاء و نمو المؤسسة بمدى التخطيط الجيد و الدقيق، المبني على معلومات حقيقة و منهجية علمية، هذا التخطيط من خلاله يتم النظر إلى المستقبل البعيد وتحديد احتمالاته و الاستعداد لها، في ظل اقتصاد ديناميكي يتميز بالتغيير الدائم و المستمر، و هو ما من شأنه أن يؤدي إلى ظهور العديد من المشكلات التي يواجهها القائمين بعملية التخطيط على مستوى المؤسسات، و يعتبر التقدير جزءا من العملية التخطيطية حيث من شانه أن يحوّل المخططات إلى قيم تقديرية قابلة للقياس الكمي الدقيق، ولا يتأتى كل هذا إلا من خلال تنمية العنصر البشري الذي يقوم على التخطيط للمؤسسة والنهوض بها.

1-          مفهوم إدارة الموارد البشرية:

يرى أصحاب وجهة النظر الحديثة، أن إدارة الموارد البشرية، تعتبر إحدى الوظائف الأساسية في المنشأة، ولها أهمية تلك الوظائف الخاصة بالإنتاج، التسويق، التمويل، وغيرها...، وذلك لأهمية العنصر الإنساني وتأثيره على الكفاية الإنتاجية للمنشأة.

فهي بذلك العملية التي تشمل مجموعة من النشاطات المتعلقة بالاهتمام بالعمال من حيث توقعهم كما و كيفا و استقطابهم وتطويرهم، والمحافظة عليهم في إطار تحقيق أهداف المنظمة وتحقيق أهداف العاملين على حد سواء.

2-         مفهوم تخطيط الموارد البشرية:

يعرف (آسكوف راسل) التخطيط على انه : "وضع تصور للمستقبل المرغوب، وتصميم الوسائل الفعالة لتحقيقه"، و انطلاقا من ذلك يمكن تعريف التخطيط على انه طريقة أو وسيلة لاتخاذ القرار، والتنظيم والتحفيز، وهو يتطلب بذل مجهود ذهني – دراسة، تحليل، تنبؤ، وتكامل – يسمح بإعداد وثائق ملموسة تسمى "الخطط".

و منه فإن تخطيط الموارد البشرية هي العملية التي تسعى المنظمة من خلالها إلى الحصول في الوقت المناسب على احتياجاتها من العاملين القادرين والمؤهلين على تنفيذ المهام الموكلة إليهم لتحقيق أهداف المنظمة، و هو بذلك يعتبر أحد الوظائف الرئيسية التي تقوم بها مصلحة (أو قسم) ادارة الموارد البشرية، باعتبار أن العنصر البشري يمثل الركيزة الأساسية التي تعتمد عليها كافة الخطط والبرامج الإنتاجية والتسويقية في المؤسسة، فبدونه تبقى كافة عناصر الإنتاج الأخرى جامدة.

 3-         مفهوم التسيير التقديري للموارد البشرية:

يرتبط مفهوم التسيير التقديري ارتباطا وثيقا بمفهوم التنبؤ، و الذي يمثل توقع حادثة معينة أو موقف معين أي الحصول على تقديرات لظاهرة ما في ظل مجموعة معينة من الظروف.

فالتنبؤ اذا لا يعتبر تخمينا أو حدسا وإنما هو دراسة علمية تقوم على أسس وقواعد متعارف عليها، و يعتمد على دراسة معلومات وبيانات وإحصاءات ، ومحاولة استنتاج العلاقات والمعاملات، واستخدامها في التنبؤ بما ستكون عليه لحالة أو الظاهرة المدروسة خلال فترة مقبلة من الزمن.

إنّ التنبؤ بالقيم الاتجاهية لظاهرة معينة يستلزم تقدير القيم الرقمية لمعاملات هذه العلاقات من واقع البيانات المتوفرة عن الماضي وتصحيحها إذا لزم الأمر، بناء على ما يتوقع حدوثه من متغيرات هيكلية، و تكوين تقديرات عن الظاهرة في المستقبل، و مقارنة النتائج التي تؤدي إليها هذه الطرق البديلة، وانتقاء أفضلها بناء على مناقشة واقعية ومنطقية، و هو جوهر مفهوم التسيير التقديري للمورد البشري.

و يعتبر "محمد قاسم القريوتي" أن التسيير التقديري للموارد البشرية لا يخرج عن نطاق التخطيط للموارد البشرية و هو يتمثل في تحديد الطلب المستقبلي على العمالة  و مقارنة ذلك بمستوى المعروض منها خلال نفس الفترة الزمنية".

و منه، يمكن اعتبار التسيير التقديري للموارد البشرية بأنه الاهتمام و المتابعة المستقبلية من حيث الكم و الكيف للمورد البشري، من حيث العدد و الوظائف و التكاليف في ظل ظروف معينة، من اجل التحكم العقلاني في تسيير المؤسسة و الوصول إلى درجة اكبر في ملائمتها للأوضاع المستقبلية الجديدة و تحقيق أفضل مردودية ممكنة، و من أهم أهدافها الأساسية إيجاد قوى عاملة بتقدير احتياجات المؤسسة من المورد البشري، تكون على الأقل مؤهلة وبحجم مناسب، و توفير إمكانيات مالية: سيولة، رؤوس أموال في المدى القصير، المتوسط والطويل، تناسب هذه الحاجات.

4- تعريف تنمية الموارد البشرية:

تعرف تنمية الموارد البشرية على أنّها كلّ جهد أو خطوات أو تدابير علمية منظمة تؤخذ وتطبق لتؤدي إلى زيادة كفاءة الموظفين العاملين بمنشئة أو مؤسسة معينة، ويتم ذلك عن طريق التدريب والتأهيل لهؤلاء العاملين، بالإضافة إلى زيادة قدراتهم ومهارتهم الخاصة واستثمارها بشكل يصب في زيادة العملية الإنتاجية بطريقة إيجابية، ونظراً لأهمية تنمية الموارد البشرية تم إيجاد علم خاص به في الجامعات والمدارس يسمى بعلم تنمية الموارد البشرية ليتم دراسته بمراحل عمرية مبكرة وزيادة إمكانيات الابتكار والتطوير. أهداف تنمية الموارد البشرية نظراً لكون الموارد البشرية هي العصب الحقيقي لأي منشأة أو مؤسسة، ينبغي أن يكون هناك قسم خاص بالموارد البشرية فيها، حيث يتولى هذا القسم مهمة تقييم الموظفين وطرق تطوير أدائهم، ورفع جودة كفاءتهم من أجل تعزيز قدرات الشركة، وزيادة قدرتها على منافسة غيرها من المنشأة والمؤسسات، ويمكن تلخيص أهداف تنمية الموارد البشرية بما يأتي:

-  توزيع العمل وفقاً لقدرات العاملين ومهاراتهم الخاصة

-  تنمية قدرات الابتكار والإبداع لدى العاملين في المؤسسة من أجل الدفع بعجلة الإنتاج قدماً

-  دعم الهيكلية الإدارية الخاصة بالمؤسسة وزيادة كفاءتها

-  تقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية

-  تطوير الموظفين بشكل مستمر وتدريبهم على مواجهة التحديات

-  حصر جميع المهارات والكفاءات الفعالة بالمؤسسة، وتحديد الأوجه الأفضل للاستفادة منها

-  عمل خطة للتدريب مع تحديد الزمان والمكان

-  تحديد النقاط الإيجابية والسلبية للتدريب بعد انتهاء فترته، وكيف سيؤدي إلى النهوض بمستقبل المؤسسة

-  متابعة أداء العمل والتدريب لبلوغ أفضل الإمكانات، حيث تجب متابعة أداء العمال بشكل مستمر ومنتظم وإتاحة الفرص أمامهم لتقديم الأفكار والابتكار، وتدريبهم على استعمالات الآلات بأمان إن وجدت، وتطوير أنظمة وقوانين العمل بشكل مستمر، وتوظيف الأنظمة والأساليب المتطورة التي تعتمد على استعمال الحاسوب وغيره من مظاهر التطور العلمي

-  التدريب بهدف النقل والترقية، حيث يتم تدريب الموظفين وتطوير أدائهم بهدف نقل الموظف لقسم أخر، حيث يتم تدريبه على أنظمة القسم الجديد، أو تدريبه من أجل ترقيته لمسمى وظيفي أفضل نظراً لكفاءته العالية، فيتم تزويده بالمهارات اللازمة والتدريبات التي تعمل على أن يكون مناسباً للمسمى الوظيفي الجديد.

5- مفهوم التدريب:

لقد تعددت التعريفات فيما يخص التدريب فهناك من يرى أنه مرادف لمصطلح التكوين، رغم أن التدريب لا يختلف كثيرا عن التكوين، غير أن الأول يعني كل أوجه التعلم التي يتلقاها الفرد من قيم ومهارات وثقافات وأفكار ومعلومات، والثاني يسري مفهومه على التعلم أيضا، لكن في نطاق مهني معين باعتبار ارتباطها بالجانب العملي، لذا فإن مصطلح التدريب هو الأكثر استخداما.

و يعرّف التدريب بأنه " الوسيلة التي من خلالها يتم إكساب الأفراد العاملين الأفكار والمعارف الضرورية لمزاولة العمل والقدرة على استخدام وسائل جديدة بأسلوب فعال أو استخدام نفس الوسائل بطرق أكثر كفاءة مما يؤدي إلى تغيير سلوك واتجاهات الأفراد.

فالتدريب إذا هو مجموعة الأفعال التي تسمح لأعضاء المنظمة لأن يكونوا في حالة من الاستعداد والتأهب بشكل دائم ومتقدم من أجل وظائفهم الحالية والمستقبلية في إطار منظمتهم وبيئتها.

عموما، لقد أثبتت مختلف الدراسات والأبحاث التي قام بها الباحثون أن هناك اختلاف بين التكوينTRAINING  والتعليم EDUCATION، فالتكوين يؤدي إلى تعميق المعرفة المتخصصة والمهارة لدى الفرد بخصوص إنجاز عمل وأداء وظيفة معينة بذاتها، أما التعليم فيؤدي إلى زيادة وتعميق المعرفة والثقافة العامة والإلمام بالبيئة ككل.

  وتزداد الحاجة للتعليم أي الإلمام بالبيئة والقدرة على فهم ما يدور بها وأثر ذلك على التنظيم ككل كلما اتجهنا إلى الوظائف الإدارية العليا. وتعد وظيفة التكوين في المنظمات الاقتصادية الحديثة من أهم مقومات التنمية التي تعتمدها هذه المنظمات في بناء جهاز قادر في الحاضر وفي المستقبل على مواجهة الضغوطات والتحديات الإنسانية، التقنية الإنتاجية والإدارية التي ترتبط مباشرة بالفرد كونه إنسان من جهة والمحرك الأساسي لكافة عناصر الإنتاج من جهة أخرى، وتتوقف على كفاءته كفاءة كافة هذه العناصر وبالتالي كفاءة الأداء التنظيمي في مواجهة كافة التغييرات ذات الاتجاهات المختلفة التي تؤثر على هذا الأداء.

وتدل كافة المؤشرات إلى تزايد الاهتمام بوظيفة التكوين نظرا لارتباط هذه الوظيفة بمستوى أداء الفرد للوظيفة التي يشغلها والإنتاجية أو الكفاءة الإنتاجية، فانخفاض أداء الفرد والكفاءة الإنتاجية يعتبران علامة واضحة للتدخل المباشر من قبل إدارة الأفراد لاتخاذ كافة الإجراءات لمواجهة هذا الانخفاض بحيث ينتج عن هذا التدخل رفع مستوى أداء الفرد إلى المستوى المطلوب ورفع الإنتاجية إلى مستوى المقاييس المطلوبة.

تهتم المنظمات بالتكوين لأن ما ينفق فيه يمثل استثمارا في الموارد البشرية قد يكون له عائد في شكل زيادة الإنتاجية الكلية، أما على مستوى الفرد فتظهر أهمية التكوين في زيادة المعارف والمهارات الأمر الذي قد يؤدي إلى رفع دافعية وقدرة الفرد على العمل.

يعتبر التكوين TRAINING  من الأنشطة التي ترفع القدرات والمهارات الحالية والمقبلة للعاملين، ويختلف التكوين عن التعليم كما ذكرنا سابقا وذلك أن التكوين يركز على زيادة القدرات والمهارات التي لها علاقة بعمل محدد، بينما يعتبر التعليم  EDUCATIONعن زيادة المعارف والإدراك التي ترتبط بالضرورة بعمل محدد.

يسعى التكوين إلى زيادة مهارات الأفراد لأداء عمل محدد ومجموعة الأنشطة التي تسعى إلى هذا الغرض تمثل في مجموعها أنشطة التكوين، كما يمكن اعتبار التكوين على أنه تأقلم مع العمل أو أنه تغيير في الاتجاهات النفسية والذهنية للفرد اتجاه عمله تمهيدا لتقديم معارف رفع مهارات الفرد في أداء العمل.

إن التكوين في حد ذاته يؤدي إلى تحقيق عدد من الفوائد لمنظمات الأعمال وغيرها والمتمثلة في زيادة الإنتاجية هذه الأخيرة تعكس زيادة مهارة الفرد والناتجة عن التكوين على حجم الإنتاج وجودته هذا بالإضافة إلى أن التزايد المستمر في الجوانب الفنية للوظائف والأعمال في الوقت الحاضر تدعو إلى التكوين المنظم حتى يتوافر لدى الفرد على الأقل الحد الأدنى المطلوب للأداء الملائم لهذه الأعمال، كما يكتسب الفرد من وراء كل هذا معنويات مرتفعة لا شك أن اكتسابها يؤدي إلى ثقة الفرد بنفسه، ولا شك أن وجود برنامج للعلاقات الإنسانية له تأثير على المعنويات، لكن إذا لم يتم التكامل بين الجانبين فلن يتحقق الهدف ونخلص من هذا أن الاهتمام بآدمية الفرد وتعميق العلاقات الحسنة بين الإدارة والجماعات العاملة، مع التكوين المنظم والمستمر للأفراد لتوفير القدر المناسب من المهارات يؤديان إلى رفع الروح المعنوية للأفراد وزيادة الإنتاجية، ويؤدي كل ما ذكرناه في هذا الإطار إلى تخفيض حوادث العمل ويعني هذا أن التكوين الجيد على الأسلوب المأمون لأداء العمل وعلى كيفية أدائه يؤدي بلا شك إلى تخفيض معدل تكرار الحادث.

 - التكوين السابق (الإعداد): إن مصطلح الإعداد أو مايسمى بالتكوين السابق على التوظيف يستخدم في كثير من الحالات للدلالة على عدة عمليات كالتعليم و التكوين وغير ذلك، إلا أننا نجد البعض يدقق في استعمال هذا المصطلح الذي يعني في نفس الوقت عملية تستهدف إضافة معلومات ومعارف جديدة للفرد، ويبدأ الإعداد حيث ينتهي التعليم، كما يبتدئ التكوين بعد يبتدئ التكوين بعد إنتهاء الإعداد بالنسبة للفرد.

- إعادة التكوين: يعتبر مصطلح إعادة التكوين كنوع من أنواع التكوين، مع أن البعض يستعمل مرادفا بالفرنسية (Recyclage) الرسكلة.

وتحدث عملية إعادة التكوين عند إنتقال الفرد إلى وظيفة جديدة نظرا لضرورة إلمامه وإحاطته ببعض المعلومات المتخصصة التي سوف يحتاجها في الوظيفة الجديدة، كما أن هذه العملية تستهدف أحيانا ترقية الأفراد أو ضرورة إتقانهم لفنيات وتقنيات جديدة أدخلت على طرق و أساليب العمل.

- التأهيل: إن مصطلح التأهيل تتمثل في خدمات مهنية تقدم للعاجزين لتمكينهم من إستعادة قدرتهم على مباشرة عملهم الأصلي أو أداء أية أعمال أخرى تتناسب مع حالتهم الصحية والنفسية.

ويختلف التأهيل عن التكوين في كون الأول يتمركز جوهره على عمليات التأقلم و التكيف مع الآخرين في العمل، بينما الثاني يتمركز حول الأداء.

العلاقة بين التعليم و التكوين: تتركز عملية التكوين حول محورين أساسيين هما :

  1. تزويد الأفراد بالمعلومات
  2. محاولة تغيير سلوك الأفراد

و يحقق التكوين أهدافه من خلال ظاهرة التعليم التي تعرف بأنها " عملية تنمية ثقافية للفرد لا تحتاج لوجود هدف وظيفي محدد، و من خلالها تتم تنمية القدرات الفكرية التطبيقية بشكل عام.

ويعرف باس (BASS) و فوهان (VAUGHAN) التعليم بأنه :

"التغيير الدائم في السلوك و الذي يحدث كنتيجة للممارسة أو التجارب السابقة"

ويهدف التعليم (Education) والتعلم (Learning) الذي يطبق عادة على الدراسة التي يتلقاها الفرد في المدارس و الجامعات إلى تزويد الفرد بحصيلة معينة من العلم والمعرفة في إطار ومجال معين، فهو يهتم بالمعارف كوسيلة لتأهيل الفرد للدخول في الحياة العملية، ولذلك فهو يركز على الموضوع وليس على الفرد، بينما يهدف التكوين إلى تغيير سلوكهم واتجاهاتهم في المؤسسة أو علاقاتهم في العمل، حيث أن محور العملية التكوينية هو الفرد نفسه وليس موضوع التدريب  لذلك فإن أسلوب التدريب أهم من موضوع التدريب في حد ذاته.

وتؤدي مراعاة مبادئ التعليم إلى تحقيق الفعالية للبرنامج التكويني باعتبار أن التكوين هو محاولة للتأثير في اتجاهات المتكونين عن طريق تعليمهم قيما و مبادئ جديدة و إضافة خبرات نافعة لهم يتم التصرف على أساسها في المستقبل.

وقد أشار الدكتور «الشقاوي» في بحثه (التدريب الإداري للتنمية) إلى أن التدريب عملية مستمرة ويتعين على الموظف التعلم باستمرار لتطوير قدراته الإدارية على مدى حياته العملية وبمعنى آخر فالحياة العملية هي عملية تعليم مستمر وهذا يؤكد أن عملية التطور الإداري التقني تفرض على الفرد أن يكون مطلعا على كل جديد مدركا لأسرار مهنته وما يطرأ عليها من تغيير.

وعموما فإن التدريب بجميع أنواعه التعريف النظري والعملي بالجوانب الإدارية والمهنية للنشاط المطلوب أداؤه من قبل المتدرب يهدف إلى إحداث تغييرات وتنمية معارفه ومهارته واتجاهاته ليكون من أرباب المهن وقبل هذا كله إكساب الفرد القناعة بأن التكوين أصبح مطلبا حيويا تفرضه ظروف العصر التقنية ويشير القاسم إلى أن زيادة العائد من رأس المال البشري يتم عن طريق استثمار طاقات الأفراد الإنتاجية لتحقيق أقصى إنتاج ممكن، ويشير « هايسون ومايرز » في تعريفهما للتكوين بأنه عملية يراد بها إحداث آثار معينة في مجموعة أفراد تجعلهم أكثر كفاية ومقدرة في أداء أعمالهم الحالية والمقبلة وذلك بتكوين عادات فكرية وعملية مناسبة واكتساب مهارات ومعارف واتجاهات جديدة .

ينصرف مفهوم التدريب إلى كونه الوسيلة التي من خلالها يتم اكتساب الأفراد العاملين المعارف والأفكار الضرورية لمزاولة العمل والقدرة على استخدام وسائل جديدة لأسلوب فعال أو استخدام نفس الوسائل بطرق أكثر كفاءة مما يؤدي إلى تغيير سلوك واتجاهات الأفراد أو الأشياء والمواقف بطريقة جديدة.

ما سبق يتضح أن التدريب أو ما يسمى بالتكوين هو عملية تعلم لمعارف وطرق وسلوكيات جديدة تؤدي إلى تغييرات في قابلية الأفراد لأداء أعمالهم ولذلك فإن فهم مبادئ التعلم والأخذ بها تعد من الأمور الأساسية والمهمة في بناء الخبرات التدريبية الفاعلة.

وخير كلام عن التعلم والتكوين هو كلام الله سبحانه وتعالى، مصداقا لقوله تعالى:

 بسم الله الرحمان الرحيم  «  اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم »  كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«  من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة »

و هناك تعريف آخر للتكوين و هو :

التكوين هو تلك الجهود الهادفة إلى تزويد الموظف بالمعلومات و المعارف التي تكسبه مهارة في أداء العمل، أو تنمية وتطوير ما لديه من مهارات ومعارف وخبرات، مما يزيد من كفاءته في أداء عمله الحالي أو بعده لأداء أعمال ذات مستوى أعلى في المستقبل.

وهناك تعريف آخر للتكوين بأنه:

" الخبرات المنظمة التي تستخدم لتنمية أو تعديل المعلومات و المهارات و الاتجاهات في المشروع. و هذا التعريف أيضا يوضح الهدف من تعديل معلومات ومهارات واتجاهات العاملين في المؤسسة.

ومن التعريفات الهامة التي وردت بشأن التكوين، هو عبارة عن:

" البرامج الرسمية التي تستخدمها المؤسسات لمساعدة الموظفين و العمال على كسب الفاعلية و الكفاية في أعمالهم الحالية والمستقبلية عن طريق تنمية العادات الفكرية والعملية المناسبة والمهارات والمعارف والاتجاهات لما يناسب تحقيق أهداف المنشأة".

و أهم ما يميز هذا التعريف هو أن المؤسسات يجن من وراء تسطير البرامج الرسمية التي تستخدمها لمساعدة الموظفين والعمال و كذلك من أجل تحسين أدائهم ورفع قدراتهم الإنتاجية هي:

1- كسب الفعالية والكفاية المستقبلية

2- تنمية العادات الفكرية و العملية للأفراد

3- رفع مهارات ومعارف العاملين

4- رفع مستوى أدائهم وكذلك الاتجاهات ما يناسب تحقيق أهداف المنظمة.

أما التعريف الذي نراه الأنسب وهو الذي يعرف التكوين بأنه: "عملية منظمة ومستمرة، محورها الفرد في مجمله، تهدف إلى إحداث تغييرات محددة سلوكية وفنية وذهنية لمقابلة احتياجات محدد حالية أو مستقبلية، يتطلبها الفرد و العمل الذي يؤديه و المؤسسة التي يعمل فيها و المجتمع الكبير".

ويعتبر هذا التعريف من أفضل التعريفات التي وردت في التدريب وذلك للاعتبارات التالية:

1- أوضح هذا التعريف أن التكوين عملية منظمة، وهذا لأنه نشاط يقوم على أساس التخطيط و التنظيم، أي إتباع منهجية عملية مبتعدا عن انتهاج أسلوب المحاولة و الخطأ.

2- أوضح التعريف أن التكوين عملية مستمرة، بحيث يكون ملازما للفرد منذ تعيينه حتى نهاية حياته العملية.

3- أبرز التعريف أن التكوين محوره الأساسي هو الفرد و بهذا يمكن أن نفرق بين التكوين و التعليم، فالأول يهتم بالفرد نفسه، أما الثاني فيهتم بموضوع التعليم.

4- أوضح التعريف أن التكوين عملية هادفة، فالتكوين يجب أن يكون له هدف دقيق ومحدد واضح، إذ أن التكوين وسيلة وليس غاية في حد ذاته.

7- تخطيط تكوين المورد البشري:

يبنى البرنامج التكويني وفق احتياجات المؤسسة أو المنظمة أو الدولة ككل لإعداد الأفراد القادرين على القيام بمهام وظيفية ومهنية بدرجة عالية الكفاءة والقدرة على الإنتاج، وبما أن سرعة التطور والتقدم التقني والمتغيرات الحضارية تؤثر على الأفراد سلبا أو إيجابا كان من الواجب على الأنظمة التعليمية والتكوينية في الدول النامية التركيز على تنمية المعارف والمهارات لدى الأفراد لمواكبة هذا التغيير والرقي في تحصيلهم وإنتاجهم إلى درجة أكثر كفاءة ملائمة للعصر الذي يعيشون فيه.

إن الدور الرئيسي للتخطيط هو العمل على إيجاد الإطار التنظيمي والنظري لعملية التنمية فمهام التخطيط الرئيسية هي تحديد أهداف كل بعد من الأبعاد التنموية الثلاثة أي البعد الاقتصادي والاجتماعي والتنظيمي ورسم طرق الأكثر فعالية لتحقيقها إن التخطيط للتكوين يأخذ ثلاث مراحل أساسية هي:

 أولا: مرحلة دراسة وتحليل الوضع الراهن: هذه المرحلة مهمة جدا لتحديد نقطة انطلاق البرنامج التكويني يعد معرفة المستوى المهني أو الإداري أو التعليمي للمؤسسة والأفراد المراد تكوينهم.

ثانيا: مرحلة دراسة وتحليل الإمكانيات: هي مرحلة تتم فيها دراسة وتحليل الإمكانيات المادية والطبيعية والبشرية وتحديد حجم احتياجات التكوينية عند تحديد البرامج والجدول الزمني للتنفيذ.

ثالثا: مرحلة تعيين واختيار الجهاز التكويني: سواء كان داخل المؤسسة أو من خارجها واختيار الجهاز التكويني يتم وفق معايير تحددها الدراسات الأولية للوصف الوظيفي أو المهني للمتكونين.

كل هذه المراحل الثلاث تشكل الدراسات الأولية التي تجريها المؤسسة أو الأشخاص الموكل لهم عمليـة التخطيط للبرنامج التكويني في هذا الصدد يقول: «وليم تريسي»"إن الخطوات الأولى في تصميم نظـام تكوين وتطوير متكامل لمنظمة ما هي إلا تحديد الاحتياجات الحالية للتكوين والتطوير بشكل دقيق وتحديد متطلبات التكوين المستقبلية ".

الخاتمة :

في الأخير يمكن القول أن تنمية الموارد البشرية تعتمد بالدرجة الأولى على وظيفة التكوين كمقوم من أهم مقومات بناء جهاز لإدارة الأفراد وتنميتهم وربط العلاقات الإنسانية في المشروع الحديث، فالتكوين هام وضروري لبناء قوة بشرية منتجة وعلى الرغم من أن مشروع قد وضع خطة العمل ويوفر كل الوسائل لتنفيذها فإن إغفال عملية تكوين العاملين ضمن الخطة قد يكون أكثر المسببات لإثبات عجز الخطة عن القدرة لتحقيق الأهداف المرجوة، ومنه نستخلص مدى أهمية التكوين لدى الأفراد الذي يسعى إلى تحقيق عدد من الفوائد منها زيادة الإنتاجية، رفع معنويات الأفراد، تخفيض حوادث العمل ويتم هذا سواء قبل الخدمة أو أثناء الخدمة ومنه، على المؤسسات اليوم الاعتماد على هذه الطريقة لتنمية العنصر البشري، إذ وجب التفطن إلى مدى أهمية العنصر البشري المدرب والمؤهل في العملية الإنتاجية، وبالتالي تقول أن المؤسسة التي تملك أكثر الكفاءات والأطر المؤهلة هي التي تعرف مستوى إنتاجي كبير أو كفاية إنتاجية، وهذا دون الاستغناء عن التطورات التكنولوجية ونذكر منها الآلات الحديثة، والوسائل الإنتاجية الحديثة.

إذا، ما يمكن أن نستخلصه كنتيجة من عملية التكوين في رفعه لإنتاجية المؤسسات وأداء الأفراد أن التكوين والتطور لا يقتصران على إعطاء المعلومات بل يجب أن يقترن بالممارسة الفعلية بأساليب الأداء الجيد. ومما لاشك فيه أن النجاح في تحقيق أهداف التكوين يعود على المنظمة (المؤسسة) بالفائدة، حيث يتخذ سلوك الأفراد مسارا يحقق الأهداف العامة حيث تضمن المنظمة اتفاق سلوك الأفراد مع الاتجاهات السليمة المؤدية إلى ارتفاع مستويات الأداء لذلك.