مخطط الموضوع

  • الموضوع 1

    تعتبر البنيوية التكوينية منهجا علميا يهدف إلى تجاوز الحدود الشكلية للبنيوية، ويسعى للوصول إلى تحقيق وحدة بين الشكل والمضمون، حيث استفاد هذا المنهج من مجموع البحوث الفلسفية والنفسية وعلم الجمال وعلم الاجتماع والتاريخ، وهذا ما أشار إليه لوسيان غولدمان في عدة مباحث ومقالات، حيث انطلقت االبنيوية التكوينية من الفرضية القائلة بأن كل حالة من حالات السلوك الإنساني هي محاولة الاستجابة الدالة لموقف معين وبالتالي فإن (الحالة السلوكية) تميل نحو خلق نوع من التوازن بين الذات الفاعلة والموضوع الذي تلقى الفعل، ومنه نستكشف مدى الترابط بين تلك الجدلية في وجود وقائع وشخصيات غير مستقرة، تقف دائما عند متضادين متناميين، «وهكذا فالواقع البشري يبرر نفسه من خلال عمليات ذات اتجاهين متضادين: هدم البنى القديمة وإنشاء بنى كلية جديدة قادرة على خلق توازنات يمكن أن ترضي مستجدات الجماعة البشرية التي...ويمكن استخلاص البعد التفاعلي بين المبدع والنص والجماعة في البنيوية التكوينية حين أشار غولدمان إلى أنها مثّلتْ «حول هذه النقطة تغييرا كاملا في الاتجاه، باعتبار أن فرضيتها الأصولية هي على وجه الدقة أن الطابع الجماعي للإبداع الأدبي آتٍ من أن بنى عالم المبدع متجانسة مع البنى العقلية لبعض الجماعات الاجتماعية أو هي على علاقة واضحة معها، في حين يملك الكاتب على مستوى المضامين، أي على مستوى إبداع عوالم خيالية تحركها هذه البنى، حرية كاملة»، ومن ثمّ، فإذا كانت البنيوية التكوينية تتشكل من بعدين هامين يجعلان النص الأدبي في تحليله لا ينغلق على نفسه كما هو في البنيوية الشكلية أو ينفتح إلى درجة استبعاد البنية كما هو في الاتجاه السياقي، فإن المنهج البنيوي التكويني وبعيدا عن التفسيرات الفردية، هناك من يراه أنه حلٌّ وسطٌ «بين المناهج النقدية السياقية التي تفسر النص استنادا على خارج النص، والمنهج البنيوي الذي يغلق النص على نفسه»، ومن ثم يمكن أن نتتبع منهج البنيوية التكوينية من خلال ما يلي:

    1- دراسة ما هو جوهري في النص، وذلك عن طريق عزل بعض العناصر (الجزئية) من السياق، وجعلها كليات مستقلة.

    2- إدخال (العناصر) الجزئية في (الكل)، علما بأننا لا نستطيع الوصول إلى كلية لا تكون هي نفسها عنصرا أو جزءا، فجزئيات العالم مرتبطة ببعضها البعض، ومتداخلة بحيث يبدو من المستحيل معرفة واحدة منها دون معرفة الأخرى، أو دون معرفة الكل.

    3- دمج العمل الأدبي في (الحياة الشخصية لمبدعه).

    4- إلقاء الضوء على (خلفية النص) الاجتماعية، وذلك بدراسة مفهوم (العالم) عند الجماعة التي ينتمي إليها الكاتب، والتساؤل عن الأسباب الاجتماعية والفردية التي أدت إلى هذه الرؤية كظاهرة فكرية عبّر عنها العمل الأدبي في زمان ومكان محددين، وهذه الرؤية هي ظاهرة من ظواهر الوعي الجمالي الذي يبلغ ذروة وضوحه في نتاج المبدع.