الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
                 

                                                           جامعة زيان عاشور بالجلفة                              

 

     

                   محاضرة العروض وموسيقى الشعر

                    د/ محمد عزلاوي

العروض لغة : الخشبة، أو العارضة التي تقوم وسط بيت من الشعر.وقد أوصل اللغويون معاني لفظة (عروض) إلى أربعة عشر معنی)، لا داعي لإيرادها جميعا.

أما اصطلاحا: فهو علم يعرف به صحيح أوزان الشعر العربي وفاسدها وما يعتريها من الزحافات والعلل  وقد وضعه الخليل بن أحمد الفراهيدي ( 100-175ه) في القرن الثاني من الهجرة.

وقد تباين المؤرخون في تحديد الدافع الذي جعل الخليل يضع هذا العلم ). إلا أن أكثرها قربا هو قول بعضهم إن الخليل لما رأی ما اجترأ عليه الشعراء المحدثون في عهده من الجري على أوزان لم تسمع عن العرب هالهُ ذلك. فاعتزل الناس في حجرة له كان يقضي فيها الساعات والأيام يوقع بأصابعه ويحركها حتى حصر أوزان الشعر العربي وضبط أحوال قافيته. ومعنى هذا أن الخليل قد توصل إلى قوانين هذا العلم بتقطيع الشعر إيقاعيا ، وعن طريق هذا الإيقاع وضع قواعده، وقوانينه، وليس قبل ذلك، أي أن مرحلة التحليل هي التي قادت إلى مرحلة التنظير، لذلك فإن ایراد الزحافات والعلل قبل معرفة الأوزان ، وإيراد الضرورات الشعرية قبل فهم قوانين الالتزام بضوابط النغم في الوزن الواحد يفضي إلى تعقيد دراسة العروض لا إلى تيسيرها. من هنا كان علينا أن نخفف بعض الشيء من المصطلحات، ونتجنب قدر الإمكان ما بعقد دراسة هذا العلم النغمي الجميل.

لذلك فإن الاقلال من المصطلحات العروضية كان ضرورة منهجية تعليمية، وإليك

 أهم هذه المصطلحات العروضية:

1- البحور الشعرية ، وهي الأوزان التي نظم بها العرب أشعارهم، ومفردها بحر.. وسمي الوزن بحرا لأنه يوزن به مالا يتناهى من الشعر، فأشبه بالبحر الذي لا يتناهى بما يغترف منه ، أما عددها فهي ستة عشر بحرا، ومن يتبع طريقة (الفك) التي اصطنعها الخليل يوقن ان الخليل ذكرها كلها، لأنها تستقيم جميعا بالفك وإن لم ينض. عليها، لكن العروضيين يجمعون على أن الخليل ذكر منها خمسة عشر بحرا، وان الاخفش زاد عليها واحدا هو المتدارك، وهم في هذا قد وقعوا في وهم على وفق رأي أستاذنا الدكتور مهدي المخزومي، لأن في (الفك) ردا يدحض الزعم بأن الخبب قد فات الخليل فتدارك الأخفش لأن أول السبب الخفيف في الدائرة المتفقة مفك المتدارك)، وانما لم يجده الخليل إلا مخبونا في تفعيلاته الثماني.

وسنذكر تلك البحور مع مفاتيحها بعد معرفتنا لكيفية وزن الشعر.

2- البيت المفرد: کلام منظوم تام، يتألف من أجزاء، وينتهي بقافية، ويتكون من قسمين: يسمى الأول صدرا، والثاني عجزا، وهما مصراعا البيت، ويعرفان بالشطرين أيضا، وفي كل بيت من الشعر ما يأتي من المصطلحات

أ- العروض: آخر جزء ، أو (آخر تفعيلة) في الصدر.. أو في الشطر الأول، أو آخر جزء في المصراع الأول... كيفما شئت . وهي مؤنثة

ب- الضرب: آخر جزء ، أو (آخر تفعيلة) في العجز... أو في الشطر الثاني.. أو المصراع الثاني. وهو مذگر.

ج- الحشو: كل ما في البيت من أجزاء عدا العروض والضرب.

3- البيت التام، وعلى وفق ما مر فإن البيت التام هو الذي استوفي جميع اجزائه المفردة كاملة، وكان حكم العلل والزحافات واحدا في جميع تفاعيله. حشوة ، وعروضا، وضربة، مثل قول عنترة :

                     وإذا صحوت فما أقصر عن ندى *** وكما علمت شمائلي وتكرمي

ولا يكون ذلك إلا في الكامل الصحيح، والرجز الصحيح .

4- البيت الوافي : هو البيت الذي استوفي أجزاءه (مثل التام) إلا أن حكم العلل والزحافات يختلف في عروضه، أوضربه عنه في حشوه، ويكون ذلك في جميع الأوزان عدا ما ذكر في البيت التام من الكامل والرجز الصحيحين .

 -5 البيت المجزوء: هو البيت الذي حذف منه آخر جزء (أو آخر تفعيلة) من الصدر، وآخر جزء (أو تفعيلة) من العجز، فإذا كانت أجزاؤه ستة، ثلاثة في الصدر،

ومثلها في العجز، فإنه عند جزئه يصبح مؤلفا من أربع تفعيلات، اثنتين في الصدر، واثنتين في العجز.

6- البيت المشطور: هو البيت الذي حذف منه شطره، أي نصف أجزائه ، وبعد شطره الباقي بيتا عروضه ضربه (أي أن عروضه هي ضربه في الوقت نفسه) و لا يستعمل مشطورا من الأوزان غير الرجز والسريع

7- البيت المنهوك : وهو البيت الذي حذف ثلثاه وبقي ثلثه... وهذا الثلث الباقي بعد بيتا، عروضه ضربه (أي أن عروضه هي ضربه في الوقت نفسه) ولا يستعمل منهوكا غير الرجز

8- البيت المصرع: هو البيت الذي غيرت عروضه لتلحق بضربه وزنا وقافية، ويكون التغيير إما بزيادة، وإما بنقصان، إما بالزيادة كقول امرئ القيس:

                قفا نبك من ذكرى حبيب و عرفان*** ورسم عفت آياته منذ أزمان

فالبيت من الطويل ، وعروضه يجب أن تكون مقبوضة (مفاعلن) إلا أن الشاعر جاء بها زائدة (وعرفان) لأنها على وزن (مفاعیلن) وما ذلك إلا ليجعل من العروض توافق الضرب (ذأزمان) التي هي على وزن مفاعیلن

أما التصريع بنقص فمثاله قول المتنبي :

            ليالي بعد الظاعنين شكول*** طوال وليل العاشقين طويل

فالبيت من الطويل، وعروضه يجب أن تكون مقبوضة (مفاعلن) إلا إن الشاعر جاء بها ناقصة ، هي (شكول) لأنها على وزن (فعولن)، وما ذلك إلا ليجعل من العروض توافق الضرب (طويل) التي هي على وزن (فعولن).

9 - البيت المقفى: وهو البيت الذي وافقت عروضه ضربه في الوزن والقافية

من غير زيادة أو نقصان ، كقول المتنبي:

           عواذل ذات الخال في حواسد*** وإن ضجيع الخود مني لماجد

فالبيت من الطويل، وعروضه (حواس) على وزن (مفاعلن) جاءت لتوافق

ضربه وزنا وقافية (لماجد) من غير تغيير، لا بنقص ، ولا بزيادة.

10- البيت المدود: وهو البيت الذي اشترك شطراه بكلمة واحدة، مثل قول أبي العلاء المعري:

              ليلتي هذه عروس من الرنــــــ          ج عليها قلائد من جمان

فكلمة (الزنج) اشتركت بين الشطرين، ويرمز للمدور عادة بالحرف (م).

11- الزحاف: تغيير لازم يختص بثواني الأسباب، كتسكين التاء من (مُتَفَاعِلُنْ) فتصير (مُتْفَاعِلُنْ)، وحذف الألف من (فَاعِلُنْ) فتصير (فَعِلُنْ) ويدخل الحشو، والعروض والضرب، وستفهم ذلك.

12- العلة:  تغيير لازم، تختص بالأسباب والأوتاد، كحذف السبب الأخير برمته من (فاعلاتن) فتصير (فاعلا) وتنقل الى (فاعلن) المساوية لها بالحركات والسكنات وتسكين التاء من (مفعولاتُ) فتصير (مفعولاتْ) وتنقل إلى (مفعولانْ) المساوية لها بالحركات والسكنات، وتختص بالأعاريض والضروب دون الحشو من الأجزاء.

الأجزاء( التفعيلات):

يقوم علم العروض على موازین معينّة تسمى الأجزاء ، أو التفعيلات وهي عبارة عن أصوات متحركة وساكنة متتابعة على نحو معين. فهي إذن وحدات موسيقية وضعت لتكون أوزانا نزن بها الشعر، فنعرف سليمه من مكسوره. أمّا عدد هذه الأجزاء ، أو التفاعل ، أو الوحدات الموسيقية فهي ثمانية  : فَعُوْلُنْ. مَفَاْعِیْلُنْ مُفَاْعَلَتُنْ فَاْعِلاْتُنْ فَاْعِلُنْ مُتَفَاعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ، مَفْعُوْلاْتُ. وواضح أن اثنتين منها خماسيتان (فعولن فاعلن) في حين ان الست الأخرى سباعيّة.

وتتألف هذه التفاعيل (او الوحدات) من ثلاثة أقسام جزئية هي الأسباب، والأوتاد، والفواصل، وإليك تعريفاتها على وفق ما أجمع عليه العروضيون .

1- السبب هو القسم الذي يتألف من حرفين، فإذا كانا متحركين فهو السبب الثقيل مثل بِكَ ، لَكَ، مَعَ، لِمَ، وإن كان الأول متحركا والثاني ساكنا فهو السبب الخفيف مثل ، قَدْ، لَمْ، بَلْ، إِنْ، عَنْ.

2- الوتد : هو القسم الذي يتألف من ثلاثة أحرف، وهو نوعان: الوتد المجموع، والوتد المفروق، فالمجموع : حرفان متحركان بعدهما ساكن مثل : إِلَىْ نَعَمْ، دَعَاْ. رَمَىْ. |

والمفروق : حرفان متحركان بينهما حرف ساکن ، مثل : نَاْمَ. قَاْلَ، عَنْكَ.

 3- الفاصلة: وهي نوعان ، صغرى ، وكبرى .

فالصغرى . ثلاثة أحرف متحركة يليها ساكن، مثل : أَكَلُوْا سَمَكًا. شَرِبُوْا لَبَنًا. (وواضح انها تتألف من سببين، الأول ثقيل، والثاني خفيف. وقد حذفها بعض العروضيين مكتفيا بالأسباب، وحسنا فعل).

والكبرى: أربعة أحرف متحركة يليها ساكن، مثل . قَدُرَنْا. عَلَمُنَا وَطَنُنَا. أَدَبُنَا وواضح أنها تتألف من سبب ثقيل ووتد مجموع، وقد حذفها بعضهم كما هو الحال في الصغرى).

ويقال إن الخليل جمع الأسباب، والأوتاد، والفواصل في جملة واحدة تسهيلا لحفظها)، وهي " لَمْ أَرَ عَلَى ظَهْرِ جَبَلٍ سَمَكَهٌ، مع مراعاة كتابتها بالحركات والسكنات عروضيا:

لَمَ أَرَ عَلَىْ ظَهَرِ جَبَلَنْ سَمَكَتَنْ

وعلى وفق ما مرَ فإن التفاعيل الثمانية تتألف من أسباب وأوتاد (بإلغاء الفواصل على النحو الآتي

فعولن . وتتالف من وتد مجموع (ممو) وسبب خفيف (لن). مفاعیلن : وتتالف من وتد مجموع (مقا) وسببين خفيفين : (عي) و(لن). مفاعلن وتتالف من وتد مجموع (ما) وسببين . ثقيل (عل) وخفيف (ن).

فاعلاتن: وتتالف من سبب خفيف (فا) ووتد مجموع (ع) وسبب خفيف (نن).

فاعلن: وتتألف من سبب خفيف (فا) ووتد مجموع (علن).

الدوائر العروضية:

البحور الشعرية على وفق رأي الخليل ستة عشر، (وإن ذكر منها خمسة عشر، لأن فكرة الدوائر تقود إلى هذه النتيجة وسيأتي توضيح ذلك) صفها خمس مجاميع سماها دوائر، وهذه الدوائر هي :

أولا- الدائرة المختلفة ، وسميت بذلك لاختلاف اجزائها بين خماسية (فعولن) و(فاعلن) وبين سباعيّة (مفاعیلن) و(مستفعلن) ويفك من هذه الدائرة ثلاثة أبحر مستعملة هي : الطويل، والمديد، والبسيط، وبحرين مهملين : الأول المستطيل ويسمى الوسيط أيضا، ووزنه.

 مفاعیلن فعولن مفاعیلن فعولن*** مفاعیلن فعولن مفاعیلن فعولن

وهو كما يبدو معكوس الطويل .

والثاني الممتد ، ويسمى الوسيم أيضا، وهو معكوس المديد، ووزنة :

 فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن*** فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن

والطويل أصل هذه الدائرة، ومنه تفك بقية بحورها.

ثانيا - الدائرة المؤتلفة : وسميت بذلك لائتلاف اجزائها السباعية (مفاعلتن) و (متفاعلن). ويفك منها بحران مستعملان هما: الوافر والكامل، وثالث مهمل هو المتوفر) ويسمى المعتمد، ووزنه :

 فاعلاتُكَ فاعلاتُكَ فاعلاتُكَ*** فاعلاتُكَ فاعلاتُكَ فاعلاتُكَ

والوافر أصل هذه الدائرة، ومنه تُفكُ سائر بحورها.

ثالثا- الدائرة المجتلبة: وسميت بذلك لأن جميع اجزائها اجتلبت من الدائرة المختلفة، ويفك منها ثلاثة أبحر كلها مستعملة هي :الهزج ، الرجز ، الرمل.

والهزج أصل هذه الدائرة ومنه يفك الرجز، ومن الرجز يفك الرمل على ما سيأتي توضيحه.

رابعا: الدائرة المشتبهة : وسميت بذلك لاشتباه اجزائها، إذ تشتبه فيها مستفعلن، ذات الوتد المجموع بـ «مستفع لن» ذات الوتد المفروق، كما تشتبه فيها فاعلاتن، مجموعة الوتد ، بـ «فاع لاتن»، مفروقة الوتد.

ويفك من هذه الدائرة تسعة بحور، ستة منها مستعملة، وثلاثة مهملة، فأما المستعملة فهي ، السريع، والمنسرح، والخفيف، والمضارع، والمقتضب، والمجتث.

وأما المهملة فهي:

1-                   المتئد: ويسمي الغريب ووزنه :

 فاعلاتن فاعلاتن مستفع لن*** فاعلاتن فاعلاتن مستفع لن

2-                   المنسرد : ويسمى القريب أيضا: ووزنه :

 فاع لاتن مفاعیلن مفاعیلن** فاع لاتن مفاعیلن مفاعیلن

3-                   المطرد: ويسمّى الُمشاكل أيضا، ووزنه :

 مفاعیلن مفاعیلن فاع لاتن*** مفاعیلن مفاعیلن فاع لاتن

 والسريع أصل هذه الدائرة ومنه تفك سائر بحورها.

خامسا - الدائرة المتفقة : وسميت بذلك لاتفاق اجزائها الخماسية (فعولن) و (فاعلن) .

 

القافية:

القافية: هي مجموعة أصوات تكون مقطعا موسيقيا، واحدا يرتكز عليه الشاعر في البيت الأول، فيكرره في نهايات أبيات القصيدة كلها مهما كان عددها( في القوافي المفردة) أو أن يكون المقطع الموسيقي الصوتي مزدوجا في كل بيت بين شطره وعجزه (كما في القوافي المزدوجة).

فمن القوافي المفردة قول المتنبي:

  الرأي قبل شجاعة الشجعان*** هو أول وهي المحل الثاني

 فاذا هما اجتمعا لنفس حرة ***بلغت من العلياء كل مكان

 ولربما طعن الفتى أقرانه*** بالراي قبل تطاعن الأقران

 لولا العفو لكان أدنى ضيغم ***أدنى إلى شرف من الأنسان

إذ ترى أن الشاعر وقف في البيت الأول متخذا مركزا  صوتيا كرره في بقية أبيات القصيدة .

ومن القوافي المزدوجة قول أبي العتاهية :

حسبك مما تبتغيه القوت*** ما أكثر القوت لمن يموت

 الفقر فيما جاوز الكفافا** من اتقى الله رجا وخافا

 هي المقادير فلمني أو فذر*** إن كنت اخطأت فما اخطأ القدر

 لكل ما يؤذي وأن قل ألم ***ما أطول الليل على من لم ينم.

إذ ترى أن الشاعر جعل المقطع الصوتي مزدوجا في البيت الواحد، بين نهاية صدره، ونهاية عجزه، ولم يكرره في بقية الأبيات، وإنما غيره حين انتقل إلى غيره .. وهكذا في بقية الأبيات، لذلك سميناها بــــــ "المزدوجة".

وقد اختلف العروضيون في تحديد الأصوات التي تكون القافية، فذهب الأخفش الى «أن القافية آخر كلمة في البيت، وكان رأي قطرب أنها: «حرف الروي» في حين عدها آخرون البيت المفرد ، مع أن بعضا آخر جعلها القصيدة برمتها.

واذا تصفحت كتب القوافي لا تعدم أن تجد آراء اخرى في حدود القافية، لكن الرأي السائد عندهم هو رأي الخليل فهي عنده «ما بين آخر حرف من البيت، إلى أول ساكن يليه، مع المتحرك الذي قبل الساكن.

ففي قول المتنبي : يا أعدل الناس إلا في محاكمتي *** فيك الخصام وانت الخصم والحكم

 تكون القافية على رأي الخليل «الواو ، واللام والحاء و الكاف ، والميم، والواو» أي هي (ولحكمو) بعد اشباع حركة الميم.

لم نر في كتب العروض ما يشير الى حدود أخرى للقافية عند الخليل غير ما ذكر .. باستثناء"كتاب القوافي"، للتنوخي، الذي يورد رايا آخر قائلا: والقافية على قول الخليل الآخر ما بين الساكنين الأخيرين من البيت، مع الساكن الأخير فقط».

ومعنى هذا أن حدود القافية في بيت المتنبي السابق ستكون (حكمو) ... وعلى وفق هذا التعريف الأخير قسم التنوخي وغيره القوافي خمسة أضرب.

ولا كنا نسمي القوافي على نحو هذا التقسيم فنقول : قافية المتكاوس، أو المتراكب  ، وغير ذلك فإن علينا أن نلتزم رأي الخليل الثاني أيضا في توجيه الدارسين، مع عدم اهمال الأول، حتى نقف في يوم قادم إن شاء الله على أسباب دينك الحدين المختلفين، وإن كنا نظن أن الحديث عن حروف القافية لا يكون بغير التعريف الأول، في حين أن الحديث عن أنواع القوافي يلزم ایراد التعريف الثاني.

حروف القافية ستة هي :

1- الروي :

وهو الحرف الذي تبنى عليه القصيدة ، ويلزم تكراره في كل بيت منها في موضع واحد، هو نهايته، وإليه تنسب القصيدة، فيقال : لامية، أو ميميّة، أو نونية وغير ذلك، مثل قول المتنبي :

یاأخت خير أخ يا بنت خیر أب *** کناية بهما عن اشرف النّسب.

 فالباء هو حرف الروي، وقد التزمه الشاعر في نهاية الأبيات الأخرى كلها.

والروي إذا كان متحركا كما في البيت السابق يسمى «مطلقا، أما إذا كان ساکنا، فهو «المقيد، كما في قول أحمد شوقي :

عالجوا الحكمة، واستشفوا بها*** وانشدوا ما ضل منها في السّير.

 وأقرأوا آداب من قبلكم*** ربما علّم حيا من غبر

 واغنموا ما سخّر الله لكم*** من جمال في المعاني والصور

 واطلبوا العلم لذات العلم، لا** لشهادات وآراب أخر

2- الوصل : هو حرف مد (الألف ، أو الواو، أو الياء) ناشئ عن اشباع حركة الروي في القوافي المطلقة.. أو هاء تلي الروي المطلق. ففي قصيدة شوقي السابقة لا يوجد (وصل) لأن القافية مقيدة ... وإليك توضيح ماهية الاشباع .

1-      فالألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا ، كقول جرير :

إذا غضبت عليك بنو تميم *** حسبت الناس كلهم غضابا.

2-      الواو لا يكون ما قبلها إلا مضموما، كقول الشريف الرضي:

 وللحلم اوقات وللجهل مثلها*** ولكن أوقاتي إلى الحلم أقرب

 وكقول الآخر :

أبكي الذين اذاقوني مودتهم ***حتى إذا ايقظوني للهوى رقدوا

 3- والياء لا يكون ما قبلها إلا مکسورا، كقول المعري:

رب لحد قد صار لحدا مرارا *** ضاحك من تزاحم الأضداد

فالوصل في المثال الأول هو الألف في (غضابا) والوصل في المثال الثاني هو الواو الناشئة من اشباع حركة الباء (الضمة) (اقربوا) وكذلك واو الجماعة في (رقدوا).

والوصل في المثال الثالث هو الياء الناشئة عن اشباع كسرة الدال (الاضدادي).. أما إذا كان الوصل هاء، (في القوافي المطلقة) فيشترط أن يكون ما قبلها متحركا، وهذه الهاء قد تكون :

أ‌-       ساكنة، كقول شوقي في النحلة :

 مخلوق ضعيفة  ***من خلق مصوره

ياما أقل ملكها*** وما أجل خطره

ب‌- أو متحركة مفتوحة : كقول أبي العتاهية يؤنب نفسه :

 بليت بنفس شر نفس رأيتها *** بجرح تمادى بي إذا ما نهيتها

ج- أو متحركة مضمومة كقول المتنبي:

فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله** ولا مال في الدنيا لمن قل مجده

د- أو متحركة مكسورة، كقول الرصافي في «معترك الحياة»:

 فلا عيش في الدنيا لمن لم يكن بها*** قديرا على دفع الأذى والمكاره

3- الخروج : حرف مد ينشا عن اشباع حركة هاء الوصل. ومعنى هذا أن الخروج لا يكون إلا بشرطين:

أ‌-       أن يكون الوصل الذي يلي الروي المطلق هاء

ب‌- أن تكون هذه الهاء متحركة.

كما في قول ابن زريق ( على ما ينسبون):

لا تعذليه فإن العذل يولعه *** قد قلت حقا ولكن ليس يسمعة

وقول ابي العتاهية :

 ترك الأحبة بعده *** يتلذذون بماله

 وقول کشاجم:

 أرتك يد الغيث آثارها*** وأعلنت الأرض أسرارها

فإنت ترى في بيت ابن زريق خروجا بإشباع ضمة الهاء (يسمعهو) حتی تولد منها واو ممدودة، وفي بيت أبي العتاهية خروجا باشباع كسرة الهاء (بما لهي) حتی تولد منها ياء ممدودة، وفي بيت کشاجم خروجا باشباع فتحة الهاء اسرارها حتی تولد منها ألف ممدودة .

ففي بيت ابن زريق تكون :

العين : هي حرف الروي. الهاء : حرف الوصل.

الواو الناشئ عن اشباع الضمة: خروج

وفي بيت أبي العتاهية :

اللام : روي

 الهاء : وصل.

الياء الناشئة عن اشباع الكسرة: خروج.

وفي بيت کشاجم :

الراء : روي

 الهاء : وصل.

الألف الممدودة الناشئة عن اشباع فتحة الهاء : خروج .

4- الدف: حرف مد أو حرف لين ساكن قبل الروي مباشرة، (أي من غیر فاصل) سواء أكان الروي مطلقا، أم مقيدا.

وقولنا حرف مد يعني انه إما أن يكون الحرف الفا - واما أن يكون واوا، أو ياء .. ففي قول أبي العلاء:

سران اسطعت، في الهواء رويدا*** لا اختيالا على رفات العباد

 رب لحد قد صار لحدا مرارا*** ضاحك من تزاحم الأضداد

 ودفين على بقايا دفين*** في طويل الأزمان والآباد

يكون الردف هنا هو الألف، وهو حرف مد. ويجب أن يلتزم في القصيدة كلها، وفي قول ابن الدمينة: وآخذ ما أعطيت عفوا وأنني ***لأزور عما تكرهين هبوب

فلا تتركي نفسي شعاعا فإنها ***من الوجد كادت عليك تذوب

وإني لأستحييك حتى كأنما ***علي بظهر الغيب منك رقيب

يكون الردف هو الواو، وهو حرف مد أيضا في البيتين الأول والثاني وقد لاحظت أن أبن الدّمينة جعل الردف في البيت الثالث ياء، في حين كان الردف في البيت الأول والثاني واوا، ومتى كان الردف واوا أو ياء جاز أن يتعاقبا ومثله قول الرصافي

ما بال نفسي إذا اهتز السرور بها *** يكون للحزن فيها بعض تلوين

 فرب صوت غناء رحت مبتعثا *** بين السرور به انات مهزون

إذ عاقب بين الياء في البيت الأول، والواو في الثاني وكلاهما حرف مد من غير أن نحس بأي نشاز نغمي.

وأما إذا كان الردف حرف لين، فلا يجوز أن يتعاقبا، وحرف اللين هو الياء الساكنة ، أو الواو الساكنة إذا وقعت قبل الروي.

فمن مجيء ياء اللين ردفا قول المعري على لسان بائع درع :

 من يشتريها وهي قضاء الذيل ** *كأنها بقية من السيل

ومن مجيء الواو ردفا قول رويشد الطائي :

يا أيها الراكب المزجي مطيته *** سائل بني اسد ما هذه الصوت

وقل لهم بادروا بالعذر والتمسوا  *** قولا يبرئكم اني انا الموت

5- التأسيس :

هو الف يفصل بينها وبين الروي حرف متحرك لا يلتزم، ولكن حركته تلتزم

ومعنى هذا أن «التأسيس، يقع قبل الروي ايضا ك (الردف) إلا أنه لا يقع قبله مباشرة، وانما يفصل بينهما حرف صحيح متحرك .. وهذا الحرف لا يلتزم، لكن حركته تلتزم، كما أن التأسيس لا يكون غير حرف الألف الساكن ..

ففي قول الرصافي :

 سيوف لحاظ ام قسي حواجب *** تريش إلى قلبي سهام المعاطب

 ورب كعاب أقبلت في غلائل  *** وقد لاح لي منها حلي الترائب

 لها جيد ظبي، واعتدال وشيجة   ***وعي مهاة وائتلاق الكواكب

 ولا عيب فيها غير ان اولي الهوى *** ينادونها في الحسن بنت العجائب

نلاحظ ان حرف التأسيس (الألف) لم يقع قبل الروي (الباء) مباشرة، وانما فصل بينهما حرف صحیح متحرك بالكسر هو في البيت الأول (الطاء) وفي الثاني الهمزة) وفي الثالث (الكاف) وفي الرابع (الهمزة) .. وهكذا، فالشاعر لم يلتزم هذا الحرف، لكنه التزم حركته، فحركة هذا الحرف (وهي الكسر) التزمت في جميع الأبيات.

6- الدخيل : وهو الحرف الصحيح المتحرك الذي يفصل بين الف التأسيس والروي، وهو لا يلتزم، وانما تلتزم حركته. |

ففي قول المتنبي :

 ومن عرف الأيام معرفتي بها  ***وبالناس روّی رمحه غير راحم

 فليس بمرحوم إذا ظفروا به *** ولا في الرّدى الجاري عليهم بآثم

 يكون الروي : الميم

ويكون التأسيس: الألف .

 ويكون الدخيل : الحاء في الأول ، والثاء في الثاني

ويكون الوصل : الياء الناشئة عن اشباع الميم المكسورة (راحمي).

وليس في البيت ردف، لأن الردف والتأسيس لا يلتقيان في بيت شعري، كما أن التأسيس لا يكون إلا الفا، في حين يكون الردف (ألفا)، او واو)، او ياء).

أنواع القافية:

قسم العروضيّون القافية على وفق عدد حركاتها في البيت أو في الشطر خمسة

اضربهي:

1-      المتكاوس (بكسرالواو)

2-        المتراكب (بكسر الكاف)

3-        المتدارك (بكسرالراء)

4-      - المتواتر (بكسر التاء)

5-      المترادف (بكسر الدال)

ومسوغ هذا التقسيم كما نرى هو تعريف الخليل الثاني لحدود القافية من انها ما بين الساكنين الأخيرين من البيت، مع الساكن الأخير فقط لأننا لو أخذنا بتعريف الخليل الأول لاختلفت قافية البيت الواحد عند التحليل، لأن القافية في التعريف الأول تزيد على القافية في التعريف الثاني بحرفين، اذ ذهب الخليل في تعريفها إلى أنها ما بين آخر حرف من البيت، إلى أول ساكن بيليه، مع المتحرك الذي قبل الساكن .

وفيما يأتي تفصيل لكل نوع :

 المتكاوس:

وهي القافية التي يفصل بين ساكنيها أربعة متحركات، كما في قول العجاج في هذا الشطر :

قد جبر الدين الإله فجبز

فقوله «هفجبر، هو القافية .

 المتراكب :

وهي القافية التي يفصل بين ساكنيها ثلاثة متحركات، كما في قول أبي العلاء:

 منك الصدود، ومني بالصدود رضی***من ذا علي بهذا، في هواك قضى ؟

بي منك مالو غدا بالشمس ما طلعت***من الكآبة، أو بالبرق ما ومضا

إذا الفتى ذم عيشا في شبيبته *** فما يقول ، إذا عصر الشباب مضي ؟

فقوله (درضی) و (ك قضی) و(ومضا) و (بمضي) قواف موحدة، من المتراكب) وهي تساوي بالحركات والسكنات (///0)

المتدارك : وهي التي يفصل بين ساكنيها متحركان، كما في قول الرصافي :

همم الرجال مقيسة بزمانها  ***وسعادة الأوطان في غفرانها

 وأساس عمران البلاد تعاون ***متواصل الأسباب من سكانها 

وتعاون الأقوام ليس بحاصل*** إلا بنشر العلم في أوطانها 

فقوله (نها) في كل الأشطر المقفاة هو القافية، وتساوي بالحركات والسكنات(//0)

المتواتر: وهي التي يفصل بين ساكنيها متحرك واحد: كقول علي الياسري :

 تجادلني فيغريها الجدال *** قصائد كان لي منها وصال

 سجد على يديها بابتهال *** فصلي فوق وجنتها الدلال

 ركبت لها دماء القلب مهرا*** فاسرجها على شفتي المحال

 عصي الشعر اصدقه مقالا*** وقد يلوي الشغاف ولا يقال

 كمثل النجمة العلياء تزهو*** تراها العين لسكن لا تطال

فقوله (لو) في كل الأبيات هو قافية المتواتر، وتساوي بالحركات والسكنات (/0).

المترادف :

وهي التي لا يفصل بين ساكنيها فاصل، كقول سعيد الزبيدي :

 لو جئتني من قبل حين*** أطفأت بي عطش السنين

 وأثزت من بين الضلوع*** القلب يخفق بالحنين

وأعدتني والعمر قد*** شد السرى للأربعين

 فتأملي وجهي وعيني*** واقرئي ما تنظرين

 قد أورق اليوم الهوى*** لما رأيتك تبسمين

 فقوله (ين) في كل الأبيات هو قافية المترادف وتساوي بالحركات والسكنات (00) لأن فيها سكونين قد ترادفا .

حركات القافية:

حركات القافية ست: المجري، والنفاذ، والتوجيه، والاشباع، والحذر، والرُس.

1- المجری : حركة حرف الروي، سواء أكانت هذه الحركة كسرة، أم فتحة أم ضمة

فالكسرة مثل قول امرئ القيس :

 قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل***بسقط اللوى بين الدخول فحومل

 والفتحة كفول شوقي :

 وما نيل المطالب بالتمني *** ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

والضمة كقول الرصافي يصف حارة اجتاحها حريق فتركها قاعا صفصفا:

ما للديار تراءى وهي اطلال** هل خف بالقوم عنها اليوم ترحال

 فالألف : ردف

 واللام : روي

 والضمة : مجری

 والواو المتولدة من اشباع الضمة : وصل .

2- النفاذ:

حركة هاء الوصل، سواء أكانت کسرة، أم فتحة، ام ضمة. (أي أن الماء وصل لا روي)

فمثال الكسرة قول صالح بن عبد القدوس:

 لن يبلغ الأعداء من جاهل ***ما يبلغ الجام من نفسه

ومثال الفتحة قول نعمان ماهر الكنعاني :

 والبصرة الفيحاء تاه (خليلها)*** زهوا وقد ملا البحور رجامها

ومثال الضمة قول المتنبي :

 وفي الناس من يرضى بميسور عیشه***ومركوبه رجلاه والثوب جلده

 فالدال : روي وضمة الدال: مجری والهاء : وصل . وضمة الهاء :نفاذ.

أما إن كانت الهاء رويا لا وصلا، فإن حركتها لا تكون (نفاذا) وإنما تكون مجری (وذلك أنه إذا كان ما قبل الهاء ساكنا فهي روي لا وصل) فمثال فتحة الهاء تكون مجرى قول أبي العتاهية :

أيا واها لذكر الله يا واهاله واها

 ومثال الكسرة تكون مجرى قوله ايضا.

 المرء منظور إليه ***مادام يرجى ما لديه

 ومثال الضمة تكون مجرى قوله كذلك :

 انما الذنب على من جناه*** لم يضز قبل جهولا سواه

3-      التوجيه:

 حركة الحرف الذي يسبق الروي المقيد (الساكن) كما في قول أبي العلاء:

 تعاطوا مكاني، وقد فتهم*** فما أدركوا غير لمح البصر

 وقد نبحوني، وما هجتهم ***كما نبح الكل ضوء القمر

 فالراء  روي مقيد وفتحة الصاد، في (البصر) وفتحة الميم في (القمر): توجيه.

4- الاشباع :

حركة الدخيل، سواء أكانت كسرة، ام فتحة، أم ضمة (والضمة قليلة جدا ونادرة) فمثال الكسرة قول المعري :

ولما رأيت الجهل في الناس فاشیا*** تجاهلت حتى ظن اني جاهل

 فوا عجبا اكم يدعي الفضل ناقص***ووااسفا!كم يظهر النقص فاضل

 فكسرة الهاء في جاهل وكسرة الضاد في (فاضل اشباع.

 ومثان الفتحة قول ابن المعتز: إذا كنت ذا ثروة من غنی***فانت المسود في العالم

5- الحذو:

حركة الحرف الذي قبل الردف، ويكون ضمة قبل الواو، وكسرة قبل الياء ويمكن أن يتعاقبا في قصيدة واحدة) كما في قول محمد حسين آل ياسين:

زمن مضى والفكر يهدد بالرؤی ***دررا من المنظوم والمنثور

 لم أبق من غرض يقال بحقه*** إلا وقلت به، بلا تقتیر

حيث جمع بين الضم قبل الواو، في ثاء (المنثور) وبين الكسر قبل الياء في تاء التقتير)

ومثله قول الدكتور المرحوم جلیل رشيد يرثي خليل السامرائي :

 هذي تباريحي، وتلك شجوني*** شرقت بهن معازفي ولحوني

 اشدو بها شدو الحمام في الربی*** لا فرق بين أنينها، وانيني

 ففي قافية الشطر الثاني : النون : روي والواو : ردف

6- الرس:

حركة الحرف الذي قبل الف التأسيس ، ولا تكون هذه الحركة غير الفتحة لأنها حركة ثابتة لمناسبة الألف والرس هو الثبات .

ومثاله قول أحمد الصافي النجفي :

 إني أرى الاصلاح خير عبادة*** تلقى الممات بها بوجه باسم

 هل من نبي في الزوايا، ساكن*** أو عاش والطاغين عیش مسالم

إن العبادة أن تموت مجاهدا*** وتموت في ساح الجهاد الدائم

 فلو حللنا كلمة الروي في البيت الثالث لكانت:

 الميم اروي،  كسرة الميم : مجری . حرف الهمزة دخيل . كسرة الهمزة : اشباع (لأنها حركة الدخيل). حرف الألف تأسيس. فتحة الدال قبل ألف التأسيس : الرس . حرف المد، الياء الناشئ عن اشباع کسرة الميم في (الدائم) : وصل . القافية : متدارك (//0) لأنها (ثمي) .

عيوب القافية:

لما كان العروضيون قد وضعوا حدودا للقافية، وبينوا حروفها، وسموا حركاتها، فإن معنى ذلك أنهم وضعوا للقافية ضوابطها التي يجب أن يترسمها الشاعر في نظمه، ويلتزم بها، لأنها مستقراة من شعر العرب وإلا فانه سيقع في عيوب ايقاعية لا يرتضيها حسه المرهف.

وعيوب القافية على وفق ما يري العروضيون قسمان: الأول يتعلق بالروي والثاني بما قبل الروي، وهي:

1- الاقواء:

وهو اختلاف حركة حرف الروي (المجرى) بكسرة مرة، وضم في أخرى، كما في قول النابغة الذبياني:

من آل منية رائع و مغتدي*** عجلان ذا زاد وغير مزود

 زعم البوارح أن رحلتنا غدا **وبذاك خبرنا الغراب الأسود

فحركة الروي (وهو حرف الدال) في البيت الأول تختلف عن حركة الروي (الدال) في البيت الثاني، ففي الأول كانت بالكسر، في حين كانت في الثاني بالضم

2- الايطاء : وهو اعادة كلمة الروي بلفظها ومعناها قبل مرور سبعة أبيات على

استخدامها مثل قول الشاعر :

أبي القلب إلا أن تزيد بلابله*** وتهتاج من ذكر الحبيب بلابله

 \ إذ كرر الشاعر (بلابله) بلفظها ومعناها في بيت واحد.

أو كقول الراجز .

 يارب إني رجل كما ترى ***على قلوص صعبة، كماتری

                 أخاف أن تصر عنى كما ترى

فإذا أعيدت كلمة الروي بلفظها مع اختلاف في المعنى لم يكن ذلك ايطاء، كما في قول الشاعر:

لا تصنع العرف إلى مائق***فكل ماتصنعه ضائع

ماضاع معروف لدى أهله*** ذلك مسك أبدا ضائع

 

لأن ضائع في البيت الأول بمعنى المفقود، في حين أنه في البيت الثاني بمعني المنتشر

3- التضمين :

هو أن تتعلق قافية البيت الأول بالبيت الثاني. ليتم المعني. أو هو تمام وزن البيت قبل تمام المعني، أو هو تأخير معني بيت إلى آخر .

4- السناد:

أ- سناد التأسيس:

لما كان معنى السناد الاختلاف، فإن سناد التأسيس معناه اختلاف القافية في الف التأسيس، وذلك بان تكون قافية بيت مؤسسة، وأخرى بغير تأسيس ، ومثاله قول العجاج:

 یا دار سلمی یا اسلمي ثم أسلمي*** فخنذف هامة هذا العالم

 فأسس الشاعر القافية الثانية، في حين أن الأولى غير مؤسسة.

ب-سناد الردف:

وذلك بأن تكون قافية مردفة، واخرى بغير ردف ، كما في قول الشاعر :

 إذا كنت في حاجة مرسلا*** فأرسل حكيما ولا توصیه

 وإن باب أمر عليك التوی ***فشارژ لبيبا ولا تغصه

 فالأول مردف بالواو، والثاني مجرد من الردف .

 ج- سناد التوجيه:

وهو اختلاف حركة ما قبل الروي في القافية المقيدة أي أن يجيء ما قبل الروي مضموما، وتارة مفتوحا، وتارة مكسورا. وبعضهم لا يرى ذلك سناد.

ومثاله قول أحمد شوقي في "انتحار الطلبة" :

وامتحان صعبتة وطاة*** شدتها في العلم استاذ نكر

 لا أرى إلا نظاما فاسدا*** فكك العلم وأودى بالأسر

 من ضحاياه - وما اكثرها ***.ذلك الكاره في غض العمر.

إذ جاءت حركات ما قبل الروي بالكسر والفتح ، والضم. ونحن لا نرى في ذلك ضيرا، لأن ذوقنا يتقبله

د- سناد الإشباع :

 وهو اختلاف حركات الدخيل، كما في قول ورقاء بن زهير :

 دعاني زهير تحت كلكل خالد**** فاقبلت اسعی كالعجول ابادر

 فشلت يميني يوم أضرب خالدا*** ويمنعه منى الحديد المظاهر.

حيث فتح (الهاء) في البيت الثاني مع ان الدخيل في البيت الأول مكسور.. ويقول التنوخي لو كانت مع الكسرة ضمة لكان أقل من العيب»

ه- سناد الحذو:

وهو اختلاف حركة ما قبل الردف، وهذا الاختلاف يكون عيبا في الحالات الآتية:

١- إذا اختلفت الحركة بين الفتح والكسر، كما في قول أمية بن أبي الصلت:

تخبرك القبائل من معد ***إذا عدوا سعاية اولينا

بانا النازلون بكل ثغر*** وانا الضاربون إذا التقينا

۲- إذا اختلفت الحركة بين الفتح والضم، كما في قول عمرو بن كلثوم:

 علينا كل سابغة دلاص*** ترى تحت النجاد لها غضونا

 كان متونهن متون غذر*** تصنفها الرياح إذا جرينا.