دروس السداسي الثاني الملخص الأول:
بدخول سنة 232ه/847م إلى غاية سقوط العاصمة بغداد على يد المغول سنة 656ه/1258م دخل العباسيون مرحلة جديدة من تاريخهم ، تميزت بضعف مركز الخليفة، وتدخل الحاشية ، والوزراء، وقادة الجيش، وتغلغل العناصر غير العربية في أجهزة السلطة، حتى أصبح الخليفة مجرد اسم فقط، وأما الحُكم والمُلك الحقيقيان فكانا بيد قادة الجيش تارة، والحاشية تارة أخرى، إما تركية، أو فارسية، مما أصاب الدولة العباسية الضعف، والاضمحلال شيئا ، فشيئا، الأمر الذي أدى إلى تفشي الفتن والاضطرابات، وظهور الحركات الإنفصالية، وقيام دول استقلت عن مركز الخلافة العباسية سواء في المشرق أو في المغرب، ومما يلي عرض لتلك الأحداث حسب العصور العباسية مابعد العصر العباسي الأول، والتي تميزت بالنفوذ العرقي أو المذهبي على سلطة ومركز الخليفة العباسي :
1-العصر العباسي الثاني(232-334ه/847-945م): مميزات العصر: بدأ هذا العصر بخلافة جعفر المتوكل (232-247ه/847-861م) وانتهى بخلافة أبي القاسم المستكفي(333-334ه/944-945م)، وتميز بالنفوذ التركي، وسيطرتهم على أجهزة الدولة خاصة بعد أن مكنهم المعتصم بالله( 218- 227ه/ 833-841م)، ويلاحظ أن هذا الأخيرقد شعر بالخطأ الفادح الذي ارتكبه ، فأصابه الندم، لهذا اضطر إلى بناء مدينة سامراء التي ستكون عاصمته الرسمية، زيادة على هذافقد تقلص نفوذ الخليفة وصلاحياته في هذا العصر، وأصبح مع مرور الوقت مجرد ألعوبة في يد قادة الجيش الأتراك الذين أضحوا يتدخلوان حتى في تعيين الخلفاء، وعزلهم، ومراقبتهم بما يخدم مصالحهم، واقتصر نفوذ السلطة المركزية للخلافة العباسية على العراق، وبعض مناطق فارس، والأهواز، ولقد أدت سيطرة الأتراك على مقاليد السلطة إلى تذمر العناصر والأجناس العرقية الأخرى كالعرب، والفرس، والخراسانيين؛ فظهرت الثورات، والحركات الإنفصالية التي انتهت باستقلال بعض الولايات؛ فظهرت الدولة الطاهرية، والدولة الصفارية في بلاد فارس، والدولة السامانية في إقليم ماوراء النهر، والدولة الطولونية، والدولة الإخشيدية في مصر، وظهر الحمدانيون في الموصل وحلب.
وحاول بعض الخلفاء الانتفاض ضد نفوذ الأتراك وتسلطهم خاصة في فترات حكم كل من الخليفة أحمد المعتمد (256-279ه/870-892م)، والمعتضد (279-289ه/892-902م)، والمكتفي (289-295ه/902-908م)، وأطلق على هذه الفترات بـــ:" صحوة الخلافة " ، إلا أن هذه الصحوة لم تستمر مع خلفائهم .
- Course creator: BENHADJ MILOUD