إن الإنسان لا يمكنه إدراك أي حدث من أحداث التاريخ، ما لم يكن لديه وعي لأحداث ذلك التاريخ ولن يدرك المفهوم الصحيح لوجوده في هذه الحياة ما لم يستوعب العبر من هذا التاريخ، وقد تشكل الوعي بمعنى التاريخ وأهميته مع أول من سجل وثيقة يصف فيها انجازات البشر في أي مجال من المجالات،
ومع تطور فكر الإنسان عبر الزمان تطورت أيضا المعرفة التاريخية ليتحول التاريخ من مرحلة التراكم الكمي والسرد إلى محاولة دراسة معنى التاريخ وقوانينه والاتجاهات الرئيسية لتطوره وصياغة النظريات واكتشاف القوانين التي تفسر حركة الإنسان فى الكون، وانتقل التاريخ من محاولة الإجابة عن السؤال «ماذا حدث؟ « إلى محاولة الإجابة عن السؤال: «لماذا حدث ما حدث؟ وكيف حدث، وما الغاية مما حدث ؟ هل هناك قوانين تحكم هذه الصيرورة التاريخية ؟ وحول هذه الأسئلة المفصلية كان مدار بحث الفلاسفة الذين قدموا نظريات في فلسفة التاريخ.
تهدف هذه المحاضرات إلى الوقوف على أهم الإشكاليات التي طرحتها فلسفة التاريخ سواء في شقها النظري التأملي المتعلق بمحاولة اكتشاف معنى أو دلالة في طبيعة المسيرة التاريخية أو في شقها النقدي المتعلق بالتحليل الفلسفي للتاريخ أي تشخيص منطق ومفاهيم وأساليب عمل المؤرخ .