الدارس لعلوم اللسان العربي يعي جيدا أن كل علم من هذه العلوم كان في يوم من الأيام ملكة أو سليقة أو طبعا عند العرب مهما تعددت صوره وتنوعت مواضيعه ، فكان الطفل مثلا عندما يقول جملة من مثل جاء الولد فإنه يقولها سليقة دون خطأ ، وكذلك هو الحال عند الشعراء عند قولهم الشعر فهم لا يفكرون إلا في سلامة المعنى لأن التركيب عندهم سليم دون شك ، فاللغة عندهم ملكة بفروعها ، ولكن حدث بعد ذلك شيء مختلف أخطأ الناس فيه ، ألا وهو كيف تكون حركة الشفاه عند أواخر الكلمات ؟ لأن تغير حركة الشفاه هذا يؤدي الى تغير في المعنى ، فعندما تقول : قال زيد، كلمت زيدا ، ذهبت الى زيد ...، فكلمة زيد مختلفة في المعنى حسب سياق استعمالها ، فالمتكلم لا يعرف أين الفاعل والمفعول والمبتدأوالخبر...إلخ

فهنا وقع الخلاف في التمييز بين أواخر الكلمات فلأجل هذا الخلاف وضعوا علم النحو ، ومن هنا يمكن طرح الاشكالية: كيف كانت نشأة النحو؟ ومن أرسى قواعده؟ وما السبب وراء ذلك ؟ وماهي نظرة المدارس النحوية لهذا الدرس النحوي ؟ وما أبرز الصدامات النحوية التي وقعت بين علماء مدارسه؟