جامعة زيان عاشور-الجلفة-

كلية الحقوق والعلوم السياسية

قسم الحقوق

ملخص محاضرات مقياس المسؤولية الجنائية الدولية

-ماستر 1- السداسي الأول

 

تخصص : قانون دولي عام

 

مقدم من الدكتورة بلعباس عيشة

 

السنة الجامعية : 2021/2022

مقدمة :

سعت منظمة الامم المتحدة منذ نشأتها الى تحقيق جملة من الاهداف و المقاصد وكان أهمها حفظ السلم و الامن الدوليين ، وذلك من خلال فرض إلتزامات لا يجوز مخالفتها تفاديا للانتقادات التي وجهت لعصبة الأمم .

   وأمام التطورات التي شهدتها أحكام القانون الدولي بما فيها الخروج عن المفهوم التقليدي لمبدأ السيادة في إطار حماية حقوق الإنسان و تجاوز هذه الأخيرة للسلطان الداخلي للدول إلى الشأن العالمي ، بدأ التغير معها في عديد من المبادئ ومن بينها المسؤولية الدولية إذا أخذت منحى آخر بتطور القضاء الجنائي الدولي فظهرت معه ما يعرف بالمسؤولية الجنائية الدولية التي كانت لها ارهاصات حتى قبل الحرب العالمية الأولى ثم تطورت إلى غاية النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية سنة 2002 وسيتم التطرق في هذا الملخص إلى المحاور التالية :

المحور 1: التطور التاريخي للمسؤولية الجنائية الدولية .

المحور 2:المسؤولية الجنائية الدولية في ميثاقي نورمبورغ و طوكيو .

المحور3: تطبيقات المسؤولية الجنائية الدولية في النظامين الأساسين لمحكمتي يوغسلافيا

سابقا و روندا .

المحور 4: المسؤولية الجنائية الدولية في ظل نظام روما الأساسي .

المحور 5 : الإتجاهات الفقهية في المسؤولية الجنائية الدولية .

ملاحظة هامة :

تم الإعتماد على مجموعة من المراجع نذكر من بينها :

-علي عبد القادر القهوجي ، القانون الدولي الجنائي ، الطبعة الأولى ، منشورات الحلبي الحقوقية ، لبنان ، 2001.

-فتوح عبد الله الشاذلي ، القانون الدولي الجنائي أوليات القانون الدولي الجنائي ، الكتاب الأول ، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية ، 2002.

-زياد عيتاني ، المحكمة الجنائية الدولية و تطور القانون الدولي الجنائي ، الطبعة الاولى ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، لبنان ، 2009.

-علي جميل حرب ، القضاء الدولي الجنائي المحاكم الجنائية الدولية ، الطبعة الأولى ، دار المنهل اللبناني ، بيروت ، 2010.

-محمد عبد المنعم عبد الغني ، الجرائم الدولية ، دارسة في القانون الدولي الجنائي ، دار الجامعة الجديدة ، الإسكندرية ، 2011 .

-عليوة صبرينا ، المسؤولية أمام المحاكم الجنائية الدولية ، رسالة دكتوراه ، كلية الحقوق ، جامعة الجزائر 1 ، 2017-2018 .

 المحور الاول:التطور التاريخي للمسؤولية الجنائية الدولية

تعتبر الجريمة الدولية الأثر للعمل غير المشروع دوليا و ليست عنصر أساسيا فيه .

ولم يعترف القانون الدولي التقليدي بإمكان قيام المسؤولية الجنائية الدولية للدولة لانهاشخص القانون الدولي الوحيد المخاطب بأحكامه، و بالتالي لا يمكن أن تكون محلا للمسؤولية الجنائية ومن غير المنطقي توقيع عقوبات جنائية عليها ،وقد مرت هذه الفكرة بمراحل هي:

1-المسؤولية الجنائية عند المجتمعات القديمة

العصور البدائية كانت مبنية على الغرائز البشرية إذ كان الإعتداء على الإنسان في جسمه أو ماله أو عائلته يولد لديه رد فعل إتجاه المعتدي ورغبة الإنتقام منه ، و الاخذ بالثأر دون وضع حدود او ضوابط  لذلك وكانت ردة الفعل لا تكتفي بالأخذ بالثأر بل تتمادى إلى القدر الذي يشبع غريزته فلا تناسب بين الضرر وردة الفعل،وقد يمتد ذلك إلى القبيلة .

ثم ظهر نظام القصاص الذي يتمثل في المسؤولية الفردية للجاني دون أن يتجاوز ذلك إلى أفرادالقبيلة ، ثم جاء ما يعرف بنظام التخلي عند الرومان –يتخلى رب الأسرة على الجاني من عائلته إذ لم يشأ أن يدفع الدية بدلا عنه ، وعند العرب نظام الخلع ، فتحولت من مسؤولية جماعية تضامنية إلى مسؤولية فردية شخصية  في قانون حمورابي ،أما الإسلام  فقد وضع حدود المسؤولية ونهى على المسؤولية الجماعية .

2-المسؤولية الجنائية الشخصية في معاهدة فرساي :

     وقعت معاهدة السلام فرساي في جوان 1919 وتضمنت المادة 227 منها المسؤولية الجنائية الشخصية لامبراطور ألمانيا السابق غليوم الثاني.

   وجهت له تهم ارتكاب انتهاكات صارخة ضد مبادئ الاخلاق الدولية ،وقدسية المعاهدات فهذا النص اعترف بمبدأ المسؤولية الجنائية الشخصية بالنسبة لرئيس الدولة عن الأفعال التي يرتكبها أو يأمر بها وقد انتقد على أنه :

-لم يحدد على وجه الدقة الجرائم المنسوب ارتكابها للإمبراطور، بل اكتفى بذكر أنها أفعال مخالفة للمبادئ الاخلاقية في حين أن المسؤولية الجنائية تثور فقط في حالة مخالفة جسيمة للمبادئ القانونية .

-لم يحدد العقوبات التي يمكن توقيعها على الإمبراطور إذ ثبتت مسؤوليته بل ترك ذلك لضمير المحكمة  في اختيار العقوبة التي تتلاءم ودرجة  الخطورة و الجسامة لكل فعل مرتكب ،وهو ما يخالف مبدأ لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص .

   غير أن المحاكمة لم تتم ليس لأن الإمبراطور تنازل عن العرش و لجأ إلى هولندا ولكن لان الحلفاء عندما تقدموا بطلب رسمي إلى حكومة هولندا في جانفي 1920 تطلب تسليمه امتنعت هولندا عن ذلك .

    يلاحظ أن الإعتبارات السياسية غلبت على المحكمة لان المحاكمة اعتبرت قانونية شكلية فقط ، فالحلفاء تنازلوا عن مبدأ المحاكمة الجنائية الدولية وحل محلها المحاكمة السياسية و رفض هولندا كان لعدة أسباب :

-إن الإمبراطور لا تقع عليه أية مسؤولية شخصية سواء بالنسبة للقانون الهولندي أو بالنسبة لمعاهدات تسليم المجرمين المبرمة بين هولندا و بين بعض الدول .

-الإتهام الموجه للإمبراطور ذو طابع سياسي أكثر منه قانوني .

-محاكمته أما محكمة استثنائية أمر يخالف مبادئ القانون الهولندي لأن الطلب لم تتقدم به هيئة قضائية، و إنما قدم من سلطات دول تعتبر أعداء للمطلوب تسليمه.

       أقرت نصوص معاهدة فرساي صراحة المسؤولية الجنائية لمرتكبي الأفعال التي تشكل جرائم حرب و أوكلت مهمة المحاكمة إلى المحاكم العسكرية الإقليمية للدولة التي وقعت فيها الجرائم إذا كان الضحايا من تلك الدولة ، و إذا كان الضحايا ينتمون إلى عدة دول فإن المحاكمة تتم أمام محكمة عسكرية مشكلة من ممثلين لتلك الدول .

-نظرا لرغبة الحكومة الألمانية الجديدة في محاكمة المتهمين امام محاكم ألمانية تفاديا لتسليم رعاياها إلى الدول الحليفة ، أصدرت قانون أنشئت بموجبه المحكمة الألمانية العليا في مدينة ليبزج تختص بمحاكمة مجرمي الحرب الألمان ، فقدم الحلفاء أمامها قائمة تضم المتهمين ثم قائمة تكميلية ،إلا انها لم تنجح  في تحقيق أهدافها لظهور صعوبات مثل هروب بعض المتهمين، وصعوبات إحضار الشهود لأنهم غالبا من رعايا الحلفاء.

فسحبت فرنسا مراقيبيها من المحكمة ،ولم يكتب لمعاهدة فرساي النجاح في إيجاد قضاء دولي جنائي يحدد مسؤولية مرتكبي الجرائم الدولة .

3-المسؤولية الجنائية الشخصية لمرتكبي الجرائم الدولية في معاهدة سيفر :

   عقدت معاهدة سيفر بين الحلفاء انفسهم و بين الدولة العثمانية  في أوت 1920 نصت المادة 230 على تعهد الحكومة العثمانية بأن تسلم لسلطات الدول الحليفة الاشخاص الذين ارتكبو مذابح في الاراضي التي كانت تعد جزءا من الأراضي العثمانية الخاصة بإبادة الأرمن و اليونانين على يدي الاتراك عامي 1914 و 1918،و لم تظهر هذه المحكمة لأنها لم تقترن بالتصديق، ثم جاءت معاهدة لوزان في جويلية 1923 ، ولم تضع فكرة المسؤولية الجنائية الدولية موضع التطبيق بل اتفق الطرفان على فترة عفو عام عن كل الجرائم الدولية و الاقتصار على وضع ضمانات قانونية دولية لحماية الأقليات في المستقبل

    وما يمكن ملاحظته إذ كانت الحرب العالمية الاولى نقطة البداية في تحريك فكرة المسؤولية الجنائية الدولية ضد مرتكبي الجرائم الدولية وتبلور فكرة إنشاء قضاء جنائي دولي لمحاكمتهم فإن الحرب العالمية الثانية هي نقطة ترسيخ فكرة المسؤولية الجنائية الدولية .

المحور الثاني :المسؤولية الجنائية الدولية  في ميثاقي نورمبورغ و طوكيو

     رغم أن معاهدة فرساي تعد تطورا قانونيا بإرسائها لمبدأ المسؤولية الجنائية الدولية في النظام القانوني الدولي، إلا أن ما يتعلق بالتطبيق  الفعلي فيما يخص الأفراد بقي نظريا فقط

     وكان نتيجة ذلك إندلاع الحرب الكونية الثانية فعليا في سبتمبر 1938 ولم تستطيع عصبة الأمم المسؤولة عن الأمن الدولي الجماعي، ولا المواثيق الدولية التحالفية السارية أنذاك من منع نشوبها و إتساعها عالميا فكانت نتائجها كارثية مما أدى إلى إنعكاسها على مسار العلاقات الدولية وتنظيمها .

    فمبدأ الحلفاء المنتصرين في الحرب بالإعداد لإصدار إعلانات تدين دول المحور  وكانت الإنطلاقة بالتصاريح العلنية الفردية للمطالبة بضرورة معاقبة مجرمي الحرب وهي:

-تصريح رئيس وزراء بريطانيا ونستون تشرشل  في 25/10/1941 الذي يعد اللبنة الأولى المؤسسة لسريان المسؤولية الجنائية الشخصية دوليا، ثم تلاه تصريح مشابه للرئيس الأمريكي روزفلت  في27/10/1941 .

-يشكل مؤتمر سان جيمس بالاس المنعقد في لندن 13-01-1943 لحكومات  تسعة دول ( اليونان –هولندا-فرنسا –النرويج .....) و الإعلان الصادر عنه أول وثيقة دولية تعتبر الجرائم ضد الإنسانية ، دولية يسال مرتكبوها .

-أما مؤتمر موسكو في 30/10/1943 الذي ضم 32 دولة من دول الحلفاء يعد المحطة البارزة في إقرار المسؤولية الجنائية الفردية ،و بإنعقاد مؤتمر يالطا بتاريخ 3-11-1945 بين المنتصرين الثلاثة روزفلت و تشرشل و ستالين تم الإعلان بصفة رسمية عن محاكمة المسؤولين عن ارتكاب جرائم الحرب أمام القضاء الدولي (حصر الأفراد من دول المحور ) .

   وعادت الدول الثلاث في مؤتمر بوتسدام أوت 1945 تأكيد مقررات يالطا .

    واستنادا إلى ذلك اجتمع مندوبو الدول الثلاث  في لندن لنقل ما تضمنه المؤتمرين من صيغة الإعلان إلى صيغة التنفيذ ، فتم الإعلان إتفاقيتين متلازمتين الاولى لمحاكمة مجرمي الحرب التابعين لدول المحور، و الثانية لإقرار نظام المحكمة الجنائية الدولية التي تقوم بالمحاكمات .

-المحكمة الدولية العسكرية لمحاكمة كبار مجرمي الحرب من الألمان (محاكمة نورمبورغ)20-11-1945/31-08- 1946

   أنشئت المحكمة بموجب إتفاقتي لندن وباشرت أعمالها في 20/11/1945 وجاء تشكيلها مقتصرا على قضاة من مواطني الدول المنتصرة .

-حددت المادة 6 من نظام محكمة نورمبورغ اختصاص المحكمة كالآتي : محاكمة كبار مجرمي الحرب الذين ارتكبوا لحساب دول المحور بصفتهم الشخصية أو بصفتهم أعضاء في إحدى المنظمات أيا من الجرائم المنصوص عليها أدناه ، علما أن الأفعال الآتي ذكرها أو أي فعل منها تكون جرائم خاضعة لإختصاص المحكمة وتترتب عليها المسؤولية الجنائية الفردية وهي :

-الجرائم ضد السلام : المساهمة و التخطيط أو الإدارة أو التحضير بقصد ارتكاب حرب عدوانية مخالفة للمعاهدات أو المواثيق الدولية .

-جرائم الحرب : وهي الجرائم التي تنتهك قوانين الحرب وعاداتها فتم اسنادها إلى اتفاقيات لاهاي لعام 1907 و اتفاقية جنيف 1929 وإلى الأعراف و التقاليد الحربية .

-الجرائم ضد الإنسانية : وتشمل الأفعال المرتكبة ضد المدنين ( القتل  الابادة –الاسترقاق –الابعاد) ،ويعد تدوينها سابقة على الصعيد الدولي و الصعيد القانوني كجرائم دولية معاقب عليها أمام القضاء الدولي الجنائي .

*المحكمة العسكرية الدولية لمحاكمة كبار مجرمي الحرب من اليابانيين (محكمة طوكيو ) 19-01-46 إلى 12-11-48 :

    إنشاءها مخالف لإنشاء محكمة نورمبورغ إذ تم إنشاؤها بموجب قرار صادر عن القائد الأعلى لقوات الحلفاء في الشرق الجنرال الامريكي مارك آرثر في 19/01/1946 .

    وجاءت آلية إنشاء محكمة طوكيو العسكرية الدولية مستندة إلى مضمون معاهدتي لندن السالفتين كسند قانوني لإنشاءها ، ورغم التشابه بينهما إلا أن هناك فوارق موضوعية و إجرائية بينهما وهي :

-تطابق اختصاص المحكمتين في الجرائم الثلاث وهي :

الجرائم ضد السلام ، وجرائم الحرب و الجرائم ضد الانسانية بينما أضافت لائحة طوكيو على الجرائم ضد الإنسانية مايلي :

-اعتبار الاضطهاد القائم على أسس سياسية أو عنصرية من ضمن الجرائم ضد الانسانية .

-حذفت اللائحة تجريم الأفعال ضد الإنسانية أي ضد السكان المدنيين الواردة في لائحة محكمة نورمبورغ وعوضتها بعبارة غامضة وهي : معاقبة القتل على نطاق واسع للعسكريين في حرب غير قانونية و أيضا يختلف نظام محكمة طوكيو في جهة ترتيب المسؤولية الفردية في :

-اعتبار المركز الرسمي للمتهمين ظرفا من ظروف تخفيف العقوبة،أما في نظام نورمبورغ في مادته 07 اعتبر أن المركز الرسمي لا يخفف العقاب .

-لم يجز نظام محكمة طوكيو إلصاق الصفة الإجرامية على الهيئات أو المنظمات، أما نظام نورمبورغ فاعتمدته المادة 09 منه .

     إلا أن الكثير من الباحثين انتقدوا محكمة طوكيو الدولية كونها كانت تخضع لإرادة ومزاجية الجنرال الأمريكي حتى قضاة من المحكمة انتقدوا اجراءاتها .

*جاء القانون رقم 10 الذي أصدره مجلس الرقابة للحلفاء الأربعة (الو.م.أ ، بريطانيا ، فرنسا ،الإتحاد السوفياتي ) بتاريخ 20/12/1945 الذي يعتبر مكملا لمحاكمات المحكمتين السابقتين ، الغاية منه محاكمة مجرمي الحرب من غير العظماء الذين لا يمكن محاكمتهم أمام المحاكم الدولية المنشأة و السماح لكل دولة من دول الحلفاء بإقامة محاكمها في المناطق و الأقاليم التي تحتلها دول المحور، وكانت تجري طبقا للأنظمة القانونية الجزائية الوطنية القائمة في الدولة المنتصرة .

1-أهم المبادئ التي كرسها النظامان  و أدت إلى إكتمال قيام منظومة القانون الدولي الجزائي وهي :

1-إقرار مبدأ المسؤولية الدولية الجنائية للأشخاص الطبيعيين في القانون الدولي وفقا للمادة 6 من نظام نورمبورغ ، ومنذ صدور هذا النظام أصبح القانون الدولي يهتم بالأفراد ويخاطبهم و أيضا يحميهم و يعاقبهم، ولم يعد قاصرا على مخاطبة الدول .

2-إقراروتطبيق مساءلة الأشخاص ومعاقبتهم دوليا على أساس الجرائم الموصوفة دوليا و أفعالها: الجرائم ضد السلام ، جرائم الحرب ،الجرائم ضد الإنسانية ، ومنه تطبيق القاعدة الشرعية لا جريمة ولا جزاء بدون نص .

فترسخت على هذين المبدأين مايلي :

أ-إسقاط مبدأ الحصانة التي يتمتع به الرئيس أو الحاكم أو كبار الموظفين بموجب الدساتير و القوانين الوطنية  التي تعفيهم من المساءلة الجنائية عن أفعالهم الجرمية .

ب-إقرار مبدأ عدم الإعفاء من المسؤولية الجنائية لمرتكبي الجرائم تنفيذا للأوامر العليا،  ومن قبل كان ارتكاب الجريمة تنفيذا لأمر الرئيس من أسباب الإباحة و الإعفاء .

ج-إقرار مبدأ المسؤولية الجنائية على الأشخاص المشاركين أو المدبرين أو المساهمين أو المحرضين في الجريمة الدولية .

3-إعتبار مبدأ سمو القواعد القانونية  الدولية على القواعد القانونية الوطنية نتيجة حتمية وملازمة سريانها وتطبيقها .

4- تجسيد المبادئ السالفة في إجراءات المحاكمات وعدالتها .

2- سلبياتها :

-طبقت المحاكم العسكرية نورمبورغ وطوكيو قوانينها بصفة حصرية على مجرمين من بعض الدول المنهزمة بالحرب العالمية الثانية.

-المحاكم العسكرية طبقت العدالة الإنتقائية لأنها أكدت محاكمة ومعاقبة مجرمي الحرب من دول المحور الأوروبي ولكنها استبعدت المجرمين الإيطاليين الذين ارتكبوها في كل من اثيوبيا و ليبيا .

-فنظام محاكم نورمبورغ وطوكيو هو نظام قانوني أقره وطبقة الأقوياء على المنهزمين بصفة قانون لا جدال في قواعده القانونية الدولية أو الجزائية، بل فقط الخضوع و الإلتزام بها.

 المحور الثالث:تطبيقات المسؤولية الجنائية الدولية في النظامين الاساسيين لمحكمتي

              يوغسلافيا و روندا

    أثرت النتائج السلبية للحرب الباردة العالمية طيلة أربعة عقود (1946-1989) بين  القوتين العالمتين المتنافسين الغربية و الشرقية أنذاك على أداء جميع أجهزة الأمم المتحدة لوظائفها الميثاقية ومن أهمها وظيفتها في  تطوير القانون الدولي الجنائي ، وبزوال الثنائية القطبية تأسس ما يعرف بالنظام العالمي الجديد يرتكز على وجود دولي غربي متجانس المصالح تنفرد الولايات المتحدة الامريكية بزعامته ، اعطى لمجلس الأمن دورا موجها جديدا

1-المسؤولية الجنائية الدولية في النظام الأساسي لمحكمة يوغسلافيا

 *تداعيات الأزمة :

   نتيجة تفكك دول المنظومة الإشتراكية انفصلت واستقلت جمهوريات يوغسلافيا السابقة الست( البوسنة و الهرسك ، صربيا ، كرواتيا ، سلوفينيا ، مونتينغرو و مقدونيا ) ، مما سبب فيها منازعات دامية عام 1991 ، وارتكب الصرب مخالفات فاضحة للقانون الدولي و القواعد الدولية ، فأبادوا القرى و قتلوا المدنيين ، وانتشرت المعتقلات التي مورس فيها أشد  أنواع التعذيب ، فكل ما أرتكب من جرائم يمثل إنتهاكا لإتفاقيات جنيف الأربعة .

*تشكيل المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة :

    بناءا على طلب فرنسي أصدر مجلس الأمن بموجب القرار 808 بتاريخ 22/2/1993 ينص على انشاء محكمة جنائية دولية و كلف الأمين العام للأمم المتحدة إعداد نظامها والذي تضمن ديباجة و34 مادة ، ثم صدر القرار 827 من مجلس الامن بتاريخ 25/05/1993 بالموافقة على نظامها، وهو القرار الذي أكسبها وجودها القانوني الدولي وحدد مقرها في لاهاي –هولندا- مع الإشارة إلى أن الحكومة الفيدرالية اليوغسلافية رفضت الاعتراف و التعامل مع المحكمة و اعتبرتها  بمثابة تدخل بشؤونها السيادية، وكانت مدتها دون قيد زمني على انتهاء عملها، تتكون المحكمة من 11 قاضيا منتخبا لولاية مدتها أربع سنوات ويجوز تجديد ولايتهم وانتخابهم مرة أخرى وقد اعتمد نظام التقاضي على مرحلتين ابتدائية واستئناف ، وقراراتها و أحكامها تتمتع بالحجية المطلقة ولا تقبل المراجعة أمام أي جهة ، المدعي العام يعينه مجلس الأمن .

*الإختصاص من حيث الموضوع : ويشمل

-الإنتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف لعام(1949جرائم الحرب) .

-إبادة الأجناس

-الجرائم المناهضة للإنسانية (جرائم ضد الإنسانية ).

*الإختصاص الشخصي : المادة السادسة وتضمنت أن المحكمة تختص بمحاكمة الأشخاص الطبيعيين فقط الذين يرتكبون الجرائم الدولية المحددة في نظام المحكمة .

فلا تختص بمحاكمة الأشخاص الإعتبارية ويحال إلى المحكمة الاشخاص الطبيعيين أيا كانت درجة مساهمتهم  في إحدى الجرائم السابقة ولا يعفى أحدهم من المسؤولية الجنائية أيا كانت صفتهم الرسمية .

الإختصاص المكاني و الزماني :

   يتحدد اختصاص المحكمة مكانيا على كل أقاليم جمهورية يوغسلافيا الإتحادية الإشتراكية السابقة ،بما فيها مسطحها الأرضي ومجالها الجوي ومياهها الإقليمية .

   أما الإختصاص الزماني فيدخل ضمنه جميع الجرائم المنصوص عليها في نظامها و المرتكبة ابتداءا من 01 جانفي 1991 ولم يتم تحديد نهاية عملها وربط ديمومتها بإعادة وصيانة السلم و الامن الدوليين في إقليم يوغسلافيا و بقرارات من مجلس الامن .

-الإختصاص المشترك : أقرت المادة 09 من النظام على الإختصاص المشترك بين المحكمة الدولية و المحاكم الوطنية في مقاضاة الاشخاص الطبيعيين المسؤولين على الجرائم المنصوص عليها في النظام ، وهذه ليست مطلقة بل للمحكمة الأسبقية على المحاكم الوطنية أن تطلب منها في أي مرحلة من مراحل الدعوى التنازل رسميا عن اختصاصها للمحكمة الدولية .

 

2- المسؤولية الجنائية الدولية في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لروندا :

   ترجع الأزمة الرواندية إلى النزاع المسلح الذي نشب بين القوات الحكومية وميشليات الجبهة الوطنية الرونداية على أثر عدم السماح لمشاركة كل القبائل في نظام الحكم وبصفة خاصة قبيلة التوتسي ، حيث كان الحكم في يد قبيلة الهوتو وكانت الاحداث متقطعة عام 1993 وانفجرت بشكل مأساوي في ربيع 1994 موقعة ألاف الضحايا في عملية إبادة منظمة استهدفت المدنيين من قبائل التوتسي ، ورغم الجهود التي بذلتها منظمة الوحدة الإفريقية إلا أنها لم تنجح، وجاء التدخل الاممي متأخرا من قبل مجلس الامن .

*إنشاء المحكمة :

       أنشئت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا بناءا  على طلب رسمي من الحكومة الرواندية حتى و أن قدمت فيما بعد رفضها لإعتماد القرار الإنشاء .

      فأصدر مجلس الأمن القرار 935 في 01/07/1994 بإنشاء لجنة الخبراء للتحقيق في الانتهاكات و استنادا على تقريرها أصدر القرار 955/94 بتاريخ 08/01/1991 بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية لروندا، وتضمن النظام الأساسي لها المكون من 32 مادة ، وجعل دائرة الطعون و الاستئناف مشتركة بينها وبين المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا سابقا لتصبح مشتركة بين المحكمتين ومركزها لاهاي وكذلك مدعى عام واحد يتولى رئاسة مكتب الإدعاء فيهما معا، وتتشكل من 11 قاضيا منتخبا في الجمعية العامة للأمم المتحدة لولاية مدتها 4 سنوات ، التقاضي امامها على درجتين، اختيرت مدينة أروشا في تنزانيا مقر رسمي للمحكمة .

*الإختصاص الموضوعي : جرائم الإبادة الجماعية ، جرائم ضد الإنسانية ، وانتهاكات المادة الثالثة المشتركة بين إتفاقيات جنيف و انتهاكات البروتوكول الإضافي الثاني .    *الإختصاص الشخصي ، الأشخاص الطبيعيين أيا كانت مناصبهم  ومسؤولياتهم او أيا كانت مساهمتهم في الجريمة ( التخطيط –الإعداد ، التشجيع ...).

*الإختصاص المكاني و الزمني: يشمل إقليم روندا بما فيها مسطحها الارضي ومجالها الجوي، وكذلك أراضي الدول المجاوزة فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة من جانب الرونديين

أما الإختصاص الزمني : من 1 جانفي 1994 و ينتهي في 21 ديسمبر 1994

3-أهم مبادئ المحكمتين:

*إقرار مبدأ المسؤولية الجزائية المزدوجة (الدولة و الفرد) وتدوينه وتطبيقه في القانون الدولي الجزائي المعاصر .

*التدوين الجزئي لبعض الجرائم الدولية وتطبيقها أمام قضاء دولي جنائي .

   أرسى نظاما المحكمتين الجنائيتين المعاصرتين في كل من يوغسلافيا السابقة و رواندا تقنينا لبعض الجرائم الدولية التي يمكن المعاقبة عليها .

-جرائم الحرب .

-جريمة الإبادة الجماعية .

*مقاضاة الرؤساء الدول عمليا وتنحية الحصانة الوطنية التي يتمتعون بها جانبا  حتى و إن كان مبدأ محاكمة رؤساء الدول  قد اعترف به القانون الدولي ضمن معاهدة فرساي، إلا أنه بقي نظريا ولم يعرف طريق التطبيق إلا أمام المحكمة الجنائية الدولية لرواندا فيما يخص رئيس وزراء رواندا و الحكم عليه بالسجن المؤبد (جان كامباندا)، وتمت محاكمة رئيس دولة الاتحاد اليوغسلافي الفيدرالي سابقا (سلوبودان ميلوسيفيتش)حضوريا ، رئيس البرلمان لصرب البوسنة السابق .

المحور الرابع :المسؤولية الجنائية الدولية في ظل نظام روما الأساسي :

اولا/نشأة المحكمة واختصاصها:

   يعود الفضل إلى وجود فكرة القضاء الجنائي الدولي إلى الفقيه غوستاف مونيه سنة 1872  الذي اقترح إنشاء محكمة جنائية دولية تأخذ على عاتقها محاكمة الأشخاص المسؤولين عن ارتكاب جرائم ضد الانسانية ، إذ لاحظ فراغا قانونيا في اتفاقية جنيف 1864 بشأن تحسين حال العسكريين الجرحى في الميدان إلا أنها لم تنص على العقوبات المترتبة على خرق أحكامها .

   وقد كان لتجربة المحاكم المؤقتة و التي أنشئت من أجل النظر في انتهاكات القانون الدولي الانساني وتوقيع العقاب على مرتكبيها الأثر البالغ في إنشاء القضاء الجنائي الدولي الدائم حيث استكملت لجنة القانون الدولي و التي كلفت من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بإعداد مشروع النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وقدمته لها سنة 1994 .

   واستكمالا لهذه الجهود قررت الجمعية العامة سنة 1995  إنشاء لجنة تحضيرية لإجراء المزيد من المناقشات حول المشروع .

وفي دورتها 52 المنعقدة بتاريخ 16-09-97 قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة عقد المؤتمر الدبلوماسي للأمم المتحدة بحضور 160 دولة ، 31 منظمة دولية ، 236 منظمة غير حكومية بصفة أعضاء غير مراقبين.

وعقد هذا المؤتمر في روما من 15/6 لغاية 17/07/1998 والذي تم فيه الإعلان عن إنشاء المحكمة الجنائية الدولية ، ودخل حيز النفاذ في 01/07/2002 .

1- أسباب وجود المحكمة الجنائية الدولية :

-تحقيق العدالة للجميع نظرا لإختصاصها بمحاكمة الأفراد على عكس محكمة العدل الدولية التي تختص بنظر نزاعات الدول وبذلك يفلت الافراد من العقاب عند ارتكابهم جرائم دولية خطيرة تهدد أمن البشرية فهي على الأقل تضمن تحقيق بعض العدالة لمن عانى من الانتهاكات .

*أنها تشكل على الأقل رادعا قويا لمن قد يرتكب جرائم خطيرة كإبادة الاجناس من تنفيذ أفعالهم خوفا من العقاب .

*وضع حد للإفلات من العقاب وخاصة بالنسبة للرؤساء وكبار القادة الذي يرتكبون الجرائم الدولية ويحاولون الاحتماءبحضانتهم .

*ينجم عن تحقيق المحكمة لأهدافها السابقة منع وجود مجرمي حرب مستقبلا .

*سد الثغرات الموجودة في أنظمة المحاكم الخاصة مثل محكمتي يوغسلافيا سابقا وروندا و أهمها الانتقائية في التعامل مع الجرائم ، كما انها تعد بديلا فعالا عن القضاء الوطني في حالة عجزه أو عدم رغبته في محاكمة المجرمين .

   وقد كان هناك اختلاف حول مشروع إنشاء المحكمة ويعد من اهم الأسباب التي حالت دون إنشائها .

2- حجج معارضي إنشاء المحكمة الجنائية الدولية :

* إن القضاء الجنائي المحلي يعد أهم معالم سيادة الدولة وبوجود هذه المحكمة يعني الإنتقاص و الحد من هذه السيادة .

* إنشاء هذه المحكمة يتعارض مع الإختصاص المكاني الذي جاء به تصريح موسكو 1943 وتصريح لندن 1943 ومبادئ نورمبورغ والتي تنص على مقاضاة المجرمين ومعاقبتهم في أوطانهم .

* فعالية هذه المحكمة مقتصرة على الحروب فلامبرر لديمومتها .

* إن القضاء الوطني يمكنه القيام بإجراءات المحاكمات الجزائية في أغلب الأحيان دون الحاجة إلى تدخل من أي جهة .

3-حجج مؤيدي إنشاء المحكمة الجنائية الدولية :

-أنه في ظل تشعب العلاقات الدولية ووجود التكتلات الإقليمية ، الإتحاد الأوروبي ، جامعة الدول العربية لم يعد مفهوم السيادة بذات القيمة وتقلص دوره .

-إن وجود المحكمة السابقة على وجود الجريمة هو الاصل وهو الاكثر عدلا من المحاكم التي تنشأ بسبب الجريمة .

-إن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لا يتعارض مع الإختصاص الشامل للمحاكم الوطنية بل يكمله .

-محاكمة مرتكبي الجرائم الدولية امام محاكم وطنية قد يؤدي إلى صدور أحكام متناقضة وعقوبات مختلفة مما يعرقل تطور القضاء الجنائي الدولي .

4إختصاص المحكمة بالنظر في الجرائم ( الجرائم المستوجبة للمسؤولية الجنائية الدولية )

*جريمة الإبادة الجماعية :

  نصت عليها  المادة السادسة  وقد حظيت بالإجماع الدولي و الإجماع القانوني بالنسبة إلى إدراجها ضمن اختصاص نظام روما وحول تعريفها ، ووفقها تعني الإبادة الجماعية أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد اهلاك جماعة قومية أو اثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه إهلاكا كليا أو جزئيا :

- قتل أفراد الجماعة

-إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة.

-إخضاع الجماعة عمدا لاحوال معينة يقصد بها اهلاكها الفعلي كليا أو جزئيا .

-فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة .

-نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى .

*الجرائم ضد الإنسانية :

     ونصت عليها المادة السابعة إذ جاء فيها يشكل أي فعل من الافعال الآتية جريمة ضد الإنسانية متى ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين وعن علم بالهجوم –القتل العمد-الابادة –الاسترقاق –ابعاد السكان أو النقل  القسري للسكان ، السجن ، الحرمان الشديد ، التعذيب ،الاغتصاب ، الإضطهاد ، الاختفاء القسري للاشخاص.

ويشترط هنا لدخول هذه الجريمة ضمن اختصاص المحكمة شرطين :

*أن تكون ناتجة عن هجوم واسع أو منهجي موجه ضد السكان المدنيين تحديدا .

-إلزامية توافر العلم عما سينتجه ذلك الهجوم .

*جرائم الحرب ونصت عليها المادة الثامنة

الفقرة الاولى :  يكون للمحكمة اختصاص فيما يتعلق بجرائم الحرب و لاسيما عندما ترتكب في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم .

أما الفقرة الثانية عددت جملة من الجرائم وضمنتها تحت اربع فئات من جرائم الحرب و يتعلق الأمر بـ:

-الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة في 12/08/1949 .

-الانتهاكات الخطيرة الاخرى للقوانين و الأعراف السارية على النزاعات المسلحة .

-الانتهاكات الجسيمة للمادة الثالثة المشتركة بين إتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 .

-الانتهاكات الخطيرة الاخرى للقوانين و الاعراف السارية على النزاعات المسلحة ذات الطابع غير الدولي .

      فالنظام الاساسي  للمحكمة الجنائية الدولية قد أضاف بعض الاحكام المستحدثة لجرائم الحرب ،فقد جرم العديد من الافعال التي ترتكب أثناء النزاعات المسلحة ذات الطابع غير الدولي  واعتبرها جرائم حرب ، ايضا الجرائم التي ترتكب ضد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة و أعضاء المنظمات الإنسانية ، وادخل بعض التعديلات في مؤتمر كامبلا على المادة الثامنة بإضافة جرائم إلى الفقرة 2 و يتعلق الامر باستخدام السموم أو الاسلحة المسممة و استخدام الغازات الخانقة أو السامة .

*جريمة العدوان :

       هي الجريمة الرابعة التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وقد تم ذكرها في الفقرة (1/د) من المادة الخامسة من نظام روما الأساسي .

   إلا أنه لم يتم تحديدها وتعريفها ضمن مواد النظام كما هو الامر بالنسبة للجرائم السابقة بل جاء في الفقرة الثانية من نفس المادة بأن المحكمة تمارس اختصاصها على جريمة العدوان متى تم تعريف هذه الجريمة وفقا للمادتين 121-123، و اشترطت وجوب أن يكون الحكم المتوصل إليه متسق مع احكام الأمم المتحدة، وقد سبق للجمعية العام للأمم المتحدة وبتاريخ 14-12-74 وفي قراراها 3314 أن وافقت على تعريف للعدوان .

   إن مسألة تعريف هذه الجريمة تمثل حجر الزاوية في بنية نظام الامن الجماعي الذي يهدف إلى المحافظة على الامن و السلم الدوليين، لأنه يكفل تحديد الشروط المعرفة للمعتدي و بذلك تتمكن الجماعة الدولية من توجيه جهودها نحو توقيف الانتهاك ضد السلم الدولي .

وبموجب نص المادة الثامنة مكرر من نظام روما الاساسي الذي صدر بناء على المؤتمر الإستعراضي الاول لنظام روما الاساسي في كامبلا بأوغندا خلال الفترة من 31 ماي إلى 11 جوان 2010، إذ تبنى المؤتمر قرار بإدخال تعديل على نظام روما الأساسي يتضمن تعريفا لجريمة العدوان و يضع شروطا التي يمكن لمحكمة بموجبها ان تمارس اختصاصها فيما يتعلق بهذه الجريمة .

5- الإختصاص الشخصي للمحكمة : المادةالخامسة والعشرون وما بعدها

   ويقصد به اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة الاشخاص الطبيعيين فقط فلا يسأل أمامها الاشخاص المعنوية أو الإعتبارية من دول أو منظمات أو هيئات تتمتع بالشخصية الإعتبارية .

6-الإختصاص الزمني و المكاني :  المادة الحادية عشر

    تقر بأنه ليس للمحكمة اختصاص إلا فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بعد بدء نفاذ هذا النظام و الذي نظمته المادة 126 ، فاختصاص المحكمة اختصاص مستقبلي فقط الإختصاص المكاني :

تختص بنظر الجرائم التي تقع في اقليم اي دولة طرف أو قد تصبح طرف .

أما إذا كانت غير طرف فالقاعدة ان المحكمة لا تختص بنظر تلك الجريمة إلا إذا قبلت الدولة بإختصاص المحكمة .

ثانيا/المسؤولية الجنائية الفردية في نظام المحكمة الجنائية الدولية :

   أكد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على إقرار المسؤولية الجنائية للفرد إذ نصت المادة الاولى منه على :'' تنشأ بهذا محكمة جنائية دولية وتكون هيئة دائمة لها السلطة لممارسة اختصاصها على الاشخاص وعلى أشد الجرائم خطورة موضع الاهتمام الدول'' .

فإختصاص المحكمة بمحاكمة الأفراد دون سواهم صفة لازمة للمحكمة وهذا ما سنطرق إلى توضيحه :

1-المسؤولية الجنائية الفردية وفق المادة الخامسة والعشرين:

نصت  هذه المادة  على :

-يكون للمحكمة اختصاص على الاشخاص الطبيعيين عملا بهذا النظام الأساسي .

-الشخص الذي يرتكب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة يكون مسؤولا عنها بصفته الفردية وعرضة للعقاب وفقا لهذا النظام الأساسي .

فهذه المادة  تتكلم على :

أولا - المساهمة الاصلية : الفقرة الثالثة/أ

     فالمساهم الأصلي هو كل شخص يقوم بالنشاط المادي أوالسلوك الاجرامي الذي تتحقق به الجريمة ويستوي في ذلك ان يقوم المساهم الاصلي أو الفاعل الاصلي بالسلوك الإجرامي وحده أو مع غيره .

ووفقا للفقرة 3/أ فإن صور المساهمة الجنائية الأصلية هي :

أ-الفاعل المباشر : وهو من يحقق عناصر الجريمة كفاعل أصلي حتى ولو كان ذلك بمساعدة أشخاص آخرين، لان الجرائم الدولية تتطلب تعدد الفاعلين غير أن الأمر يتعلق بالدور الأساسي .

ب-الفاعل مع غير: وحسب نظام روما فهو يعد شكل مستقل بذاته في ارتكاب الجريمة  و يساعد المساهم الاصلي في اتمام السلوك الإجرامي متى كان الركن المادي للجريمة يتكون من عدة أفعال و أتى كل من المساهمين فعلا منها .

ج-الفاعل المعنوي : وهو الشخص الذي يدفع شخصا غير اهل للمساءلة الجنائية أو شخصا حسن النية لارتكاب الجريمة، حيث يكون هذا الاخير مجرد أداة لارتكاب الجريمة  .

ثانيا-المساهمة التبعية :

إن نص الفقرتين 3/ب و ج جرمت صور الإشتراك في الجريمة  و هي :

أ –الامر و الاغراء و الحث على ارتكاب الجريمة أو الشروع فيها .

ب-العون و التحريض .

ثالثا-جريمة الاتفاق الجنائي : احدى صور المساهمة الجنائية

وهي المساهمة بأية طريقة أخرى في قيام جماعة من الأشخاص يعملون بقصد مشترك بارتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها على أن تكون هذه المساهمة متعمدة .

رابعا-الشروع في الجريمة الدولية :

   يشير النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في الفقرة الثالثة/و صراحة إلى تجريم الشروع ، كما حدد هذا الاخير بما يتم عن طريق إتخاذ إجراء يبدأ في تنفيذ الجريمة بخطوة ملموسة دون أن تقع الجريمة لظروف غير ذات صلة بنوايا الشخص .

خامسا-مسؤولية الدولة :

نصت الفقرة 4 من المادة 25 على مسؤولية الدول عن مخالفة إلتزاماتها الدولية عند مساءلة الاشخاص جنائيا عن الجريمة الدولية ، و المقصود هو مساءلتها عن طريق دفع التعويضات و غيرها كوسيلة لجبر الضرر المترتب على الجريمة الدولية للشخص الذي ينتمي إليها ويكون قد حكم ضده جنائيا في هذه الجريمة .

2 /عدم الاعتداء بالصفة الرسمية :

   تعتبر المادة السابعة والعشرين من نظام روما الركيزة القانونية الوحيدة فيما يخص مسالة تعليق الحصانة القضائية الجنائية لرئيس الدولة بهدف إقامة مسؤوليته في ارتكاب جرائم في حق المجتمع الدولي أو أي شخص يتمتع بصفة رسمية .

ينتج عن هذه المادة مسألتين قانونيتين ، الأولى هي غياب أي عامل أو مبرر يسمح بالإعفاء  من المسؤولية و التخفيف من العقوبة ، الثانية إقامة اختصاص المحكمة في مواجهة قاعدة قانونية كانت تعتبر حاجزا قانونيا ينجم عنه عادة عدم اختصاص القاضي .   فهذا الاخير ينظر في مسؤولية المتهم أو عدمها دون التحقق من مسألة اختصاصه الشخصي والمادي لانه لا يمكن لاي حصانة  قضائية أن تمنع المحكمة من إعلان اختصاصها .

   مما يعني امكانية إقامة المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة أمام هيئة قضائية دولية ، وبالتالي تدويل هذه المسؤولية .

3/المسؤولية الجنائية وفقا للمادة الثامنة والعشرين من النظام الأساسي

 نصت هذه المادة  على:

*المسؤولية الجنائية للقائد العسكري :

والقائد العسكري هو عضو من أعضاء القوات المسلحة لبلد ما عهدت إليه أو أخذ على عاتقه مهمة قيادة وحدة أو عدة وحدات عسكرية، ويملك سلطة إصدار الاوامر إلى تابعيه أو الوحدات التابعة له .

-الشخص القائم بأعمال القائد العسكري :

وهو أي شخص يمارس في الواقع قيادة لقوات عسكرية أو لقوات من الشرطة أو قوات شبه عسكرية .

-القوات الخاضعة للقائد العسكري أو للشخص القائم فعلا بأعماله .

 -القيادة و السلطة والرقابة الفعلية

فالنظام يقر المسؤولية الجنائية للقائد العسكري بالنظر إلى السلوك الإجرامي للمرؤوسين الخاضعين لقيادته ورقابته الفعلية، وتقوم المسؤولية الجنائية  للشخص القائم فعلا بأعمال القائد العسكري بناء على السلوك الإجرامي للمرؤوسين الخاضعين لسلطته و رقابته الفعلية .

*المسؤولية الجنائية للرؤساء الآخرين :

   الفقرة 2 من المادة 28 نصت على المسؤولية الجنائية للرئيس المدني بحيث بشرط لقيام مسؤوليته ضرورة أن يكون المرؤوسين خاضعين لسلطته أو سيطرته الفعلية، وأن تقع الجريمة الدولية بسبب أنه لم يمارس سلطته أو سيطرته على هؤلاء المرؤوسيين .

فنص المادة 28 هو النص الوحيد في نظام روما الذي يشير إلى المسؤولية الجنائية عن الامتناع كعنصر في الركن المادي ،إذ أقرت هذه  المادة مسؤولية القائد و الرئيس الاعلى عن أفعال مرؤوسيهما حتى لو أنهما لم يأمرا مباشرة بارتكاب الجرائم استنادا لحقيقة من له السلطة في أن يمنع الجريمة و لا يقوم بذلك ، يعتبر مسؤولا عن ارتكابها لحد ما فهو يفيد التصريح لمرؤوسيه بالاستمرار في جرائمهم  دون خوف من العقاب.

 المحور الخامس :الإتجاهات الفقهية في المسؤولية الجنائية الدولية

    لم يتفق فقهاء القانون الدولي حول موضوع المسؤولية الجنائية الدولية وكان بينهم خلاف واسع ،و أساس ذلك هو الشخص الذي يكون محلا للجريمة الدولية و بالتالي يسأل عنها ، فقد يكون الفرد بصفته المخاطب بالقاعدة الجنائية مما يجعل المسؤولية عن الجرائم الدولية تقتصر على الاشخاص الطبيعيين، وقد تكون الدولة فتسأل عن الجرائم الدولية التي ترتكب بإسمها بالإضافة إلى المسؤولية الجنائية الشخصية لمرتكبي الجريمة الدولية .

   و الإشكالية الأكثر إثارة كانت حول الشخصية الدولية للفرد ومدى خضوعه للقانون الدولي الجنائي ،فانقسم الفقه الدولي الجنائي إلى ثلاثة اتجاهات وهي :

*الاتجاه الأول : ويرى بمسؤولية الدولة وحدها عن الجريمة الدولية

  يرى الفقيه " فون ليست " أن الدولة هي الشخص الوحيد الذي يرتكب الجريمة الدولية لأن القانون الدولي لا يخاطب إلا الدول وجرائمه لايرتكبها إلا المخاطبون به .

أما " فيبر" فلا يقر بالمسؤولية الدولية للأفراد لأنه حسب رأيه خضوع الشخص الطبيعي لنظامين قانونيين مختلفين في نفس الوقت ، القانون الداخلي و القانون الدولي لايمكن تصوره لعدم وجود تنظيم عالمي يحكم ،ومنه هناك صعوبة في تقرير المسؤولية الدولية للأفراد على الأقل في الوقت الحاضر و تكون الدولة هي المسؤولة جنائيا عن الجرائم الدولية و يؤكد انه إذا كان هناك إمكانية ان تدفع الدولة تعويض عما تسببه من أضرار عند إساءة استعمالها لسلطتها في شقها المدني فهناك أيضا إمكانية لمساءلتها جنائيا عندما ترتكب نفس السلطة جرائم دولية فلا حرية دون مسؤولية .

    وأساس هذا الرأي هو الوضع السائد آنذاك و الذي يرتكز على مبدأ أن الدولة هي صاحبة السيادة وحدها ،وهي المسؤولة فقط وليس الفرد وهذا الاخير ليس من أشخاص القانون الدولي العام ، وهناك من قال أن رجال الدولة مكلفون برعاية مصالح شعبهم فإذا فشلت سياستهم فإن البلد الذي يعملون من اجله هو الذي يستحمل نتائج هذا الفشل و انه من الناحية القانونية فهم غير مسؤولين إلا في مواجهة بلادهم عن الأفعال المتهمين بها لقول المحامي (يبينروب) .

   وقد تعرض هذا الراي للانتقاد الشديد من قبل فقهاء القانون الدولي ، من بينهم الفقيه فليور الذي قال في هذا الصدد إن الحديث عن تطبيق عقوبة على الدولة إنما يعني تغيير مبادئ القانون الجنائي و الطبيعة القانونية للجماعات ، فهو قانون يخاطب الاشخاص الطبيعيين أي الشخص الذي يفكر و له إرادة أما من يفتقد هذه الخصائص فلا يسأل فالّإرادة الفردية هي التي تخضع لتطبيق القانون الجنائي ( قانون العقوبات ) .

الإتجاه الثاني : يأخذ بالمسؤولية المزدوجة للدولة و الفرد عن الجريمة الدولية

     من بين رواد هذا الإتجاه الفقيه الروماني فسبيان بيلا "pella" إذ يرى أنه إذ كان هناك اعتراض على فكرة مسؤولية الدولة الجنائية بمبرر انه ليس لها إرادة خاصة متميزة و إنما هي شخص معنوي يباشر عمله عن طريق ممثليه من الافراد ، و بالتالي فالمسؤولية الجنائية لا تقع إلا على أفراد حقيقيين فهم من يمكن معاقبتهم ومن الواجب الأخذ  بعين الإعتبار أن القانون الدولي مهمته حماية الدول ضد الإعتداءات التي تتعرض لها ومن غير الممكن أن لا تتحمل نفس الدول الجزاءات الجنائية عندما تكون مدانة في جرائم دولية .

    ويؤكد رأيه بأن الاعتراف بالشخصية الدولية للدولة تتضمن أيضا الاعتراف بإمكانية  تحمل تبعة المسؤولية الجنائية الدولية فالإعتراف يترتب عنه صفة الاهلية لإرتكاب الجرائم الدولية .

    ومن ناحية أخرى يقرر هذا الفقيه أن القانون الدولي الجنائي لا يمكن ان يتجاهل المسؤولية التي تقع على الأشخاص الطبيعيين بمناسبة الأفعال الإجرامية التي يرتكبونها باسم الدولة ،و بالتالي يجب أن يمتد العقاب لهم فهو يرى أن الأفعال المستوجبة للمسؤولية الجنائية الدولية ينشأ عنها نوعان من المسؤولية : مسؤولية جماعية للدولة ، و مسؤولية فردية للأفراد الطبيعيين الذين قاموا بارتكاب الأفعال المكونة للجريمة ، أما الفقيه "سالدانا " فركز على أن للدولة إرادة وقد تكون تلك الإرادة إجرامية وعلى ذلك يجب ان يمتد اختصاص محكمة العدل الدولية الدائمة إلى المسائل الجنائية كما يجب أن تختص بنظر كل الجرائم التي ترتكب ضد القانون الدولي .

 ويرى الفقيه " فابر" مسؤولية الدولة و الفرد جنائيا تعتبر جماعية تلك التي تثير الحرب أو التي تشجع الإعتداءات الدموية في أراضيها و ينادى الفقيه جرافن "graven"  بالمسؤولية المزدوجة للفرد و الدولة إذ يقول :''أنه  لا يقيم مسؤولية الدولة على أساس المسؤولية الأدبية المؤسسة عليها الأفكار التقليدية للإسناد المعنوي و الأخلاقي و بالتالي أخضاعها للعقاب الرادع، و إنما يقيمها على معايير أخرى تتفق مع طبيعة الدولة كشخص معنوي ومنه فعقابها لا يمكن إلا من خلال تدابير تتفق مع تلك الطبيعة .

 ومن أنصار هذه المسؤولية الفقيه "لوترباخت "الذي يقول أن فكرة الخروج على احكام القانون الدولي تعني أن هناك عددا من التصرفات الممنوعة تتدرج من مجرد الإخلال العادي بالإلتزامات التعاقدية الذي لا يترتب عليه سوى التعويض المالي إلى المخالفات الجسيمة التي تمثل جرائم دولية بمعناها الواسع، فالدولة و الاشخاص الذي يتصرفون بإسمها يتحملون  المسؤولية الجنائية عن مخالفة ذلك ،وقد انتقد هذا الإتجاه ومن بينهم الفقيه "دانييل" الذي اعتبر أن مسؤولية الدولة  تقتصر على المسؤولية المدنية فقط اعتمادا على نص المادة الثالثة من اتفاقية لاهاي الرابعة لسنة 1907 التي استند إليها فقهاء هذا الرأي لأن هذه الاخيرة تنص على أن الدولة مسؤولة عن الافعال التي ترتكب بمخالفة نصوص اللائحة الملحقة بها من أشخاص تابعين لجيوشها .

 *الإتجاه الثالث : الشخص الطبيعي هو المحل الوحيد للمسؤولية الجنائية الدولية

  يرى فقهاء هذا الإتجاه وهم الغالبية  أن المسؤولية الجنائية لا تقع إلا على الاشخاص الطبيعيين الذين ارتكبوا الافعال المستوجبة لتلك المسؤولية، أما الدولة فلا يمكن أن تكون محلا لها باعتبارها شخصا معنويا لا يمكن أن تتحقق لديه النية الإجرامية والتي تمثل عنصرا أساسيا في الجريمة .

وهذا ماعارضه الفقيه تريانيين إذ رأى أن المسؤولية الجنائية تقوم على خطأ يتجسد في سبق الإصرار أو في عدم التبصرو الحيطة، و أن المفاهيم والأنظمة الخاصة بإسناد التهمة إلى الجاني ومراحل اقتراف الجريمة و الاشتراك في افتراقها و العقوبة دورا رئيسيا في القضاء الجنائي، و لايمكن تصور المسؤولية الجنائية خارج هذه المفاهيم التي لاتطبق على الدولة، ومنه فقد استبعد مسؤولية الدولة جنائيا .

اما الفقيه جلاسير "glaser"فيقول أن مرتكب الفعل المستوجب للمسؤولية الجنائية الدولية لا يمكن أن يكون سوى الفرد الطبيعي سواءا ارتكب هذا الفعل لحسابه الخاص أو لحساب الدولة و باسمها ،و إن هذه الاخيرة لا تسأل جنائيا لأنها شخص معنوي .

    ويعد هذا  الاتجاه الاخير هو السائد في الفقه الدولي المعاصر وما يدل على ذلك ما سارت عليه السوابق وما قررته المعاهدات و الوثائق الدولية من معاهدة  فرساي إلى المحاكم الجنائية سواء العسكرية أو المؤقتة وصولا إلى المحكمة الجنائية الدولية الدائمة .