تقديم

ميزة الخطاب الفلسفي أنّه حجاجي argumentatif، فالتفلسف هو الاستخدام

المنهجي للعقل بهدف الإجابة على الأسئلة الجوهرية والمصيرية التي تطرح على الإنسان عندما يعي بالبديهية الخادعة لما وحدود مالديه من مظومات تفسيرية للعالم ولوجوده فيه ،ولأنّ هذه الإجابة قد لا تبدو بديهية فلا بدّ من حجاج متين يقنع بها ويرّد على الاعت ارضات ضدّها.

إذا كان التلاميذ -من شعبة الآداب أو من الشّعب العلمية- أو طلبة الجامعة يدرسون نصوص الفلاسفة فليكتسبوا جملة من المها ارت ،منها التعرّف على أنواع الحجج وخطط الحجاج ليصبحوا هم بدورهم قادرين على انتقاء الحجج، وتنظيمها، واستخدامها استخدام ا 

عقليا رصينا للدّفاع عن أطروحة ما، أو تنسيبها أو دحضها، في إطار سعيهم إلى تعقّل منزلهم في الوجود وتأسيس علاقتهم بغيرهم على أسس معقولة.

ولهذا السّبب فإنّه لا توجد قطيعة بين خيار اعتماد النّصوص كسند للدّرس والتمارين التي يطالب التلاميذ بإنجازها سواء تع لّق الأمر بتحليل النصّ أو الإنشاء الفلسفي. فخلال الدّرس وبمساعدة الأستاذ يتعرّف التلمـيذ على حجاج الفلاسفة ويكتسب مهارة رصد حججهم وخططهم الحجاجية، وفي تحليل النصّ يظهر مدى امتلاكه لتلك المهارة ومدى قدرته على توظيفها في تقييم أطروحات الفلاسفة، وامّا في الإنشاء الفلسفي فهو يظهر قدرته على انتقاء الحجج وتنظيمها بكيفية منهجية في معالجة الإشكاليات التي تطرح عليه ، فأن نبني مقا لا فلسفيا معناه أن نبني خطة حجاجية بهدف إيجاد حلّ  الإشكالية التي يطرحها الموضوع.

وتأسيسا  على ذلك فإنّ التلمـيذ أو الطالب سيجد في هذه المطبوعة:

-                  تعريفا للحجاج الفلسفي وخصائصه.

-                  تصنيفا للحجج المعتمدة في النّصوص، وعيّنات تجسّمها.

 

-                  عيّنات من الخطط الحجاجية المعتمدة في النّصوص الفلسفية، من خلال نصوص مختارة لهذا الغرض ومبوّبة بحسب البرنامج الرّسمي. 

-                  جملة من النّصوص "مبوّبة أيضا وفق البرنامج الرّسمي" نقترحها لتكون بالنسبة إلى

التلاميذ والطلبة، وفي الآن نفسه، فرصة للتدرّب على الكشف عن الخطة الحجاجية في النصّ الفلسفي ومنطلقا لإكتساب القدرة على الحجاج.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

محاضارت في مقياس تعليمية الفلسفة

 

 

 

 

 

 

 

 

المحاضرة 11: الحجاج الفلسفي وخصائصه

الحجاج argumentation هو فن تقديم الحجج arguments بكيفية منظمة بهدف الدفاع عن أطروحة ما أو تنسيها أو دحضها. وهو من خصائص النصوص

الفلسفية، فالنص الفلسفي ليس وصفيا descriptif ولا هو سردي narratif، إنما هو حجاجي argumentatif. رغم أن لا شيء يمنع النص الفلسفي من أن يتضمن وصفا لتجارب كما هو الشأن لدى الخبريين empiristes أو الظاه ارتيين phenomenologues  -أو  سرد  لأحداث خيالية- كما هو الشأن في بعض نصوص أفلاطون وخاصة "أمثولة

الكهف" أو حتى لأحداث واقعية ،ولكن كجزء من مسار الحجاج هو بالضرورة مسار منطقي عقلي وليس مجرد وصف أو سرد.

على أن الحجاج الفلسفي ليس برهنة demonstration على طريقة الرياضيين ،بل سعيا إلى الإقناع. 

فالبرهان الرياضي خال من المعنى، ويتم في لغة رمزية خالية من اللبس، ويؤدي إلى نتائج ضرورية غير قابلة للنقاش ، لأنه يقوم على منطلقات لايهم مدى اقتناعنا بها ،إذ هي " حقائق"  -كما كان الشأن في الرياضيات القديمة- أو مواضعات -كما هو الشأن في الرياضات الحديثة-، تلزم عنها جملة من النتائج بكيفية ضرورية لاتقبل النقاش

أما الحجاج الفلسفي فهو يتعلق بقضايا جوهرية بالنسبة إلى الإنساني، قضايا الماهية والمعنى والغاية والقيمة، ولاتكون نتائجه ضرورية إلإ بقدر اقتناعنا بمسلمات الفيلسوف ووجاهة الطريقة التي يتوخاها في الدفاع عن اطروحة ما، أو حدودها ،

أوفسادها، وهي مسلمات يصعب الحياد في مجالها، ويمكن، إذا لم نقتنع بها، أن تصبح

هي ونتائجها موضوعا للنقاش. كما يعتمد الفيلس وف على لغة طبيعة لا تخلو من لبس قد تحول دون شفافية حجاجه، فلا نتبين تفصيلاته أو نسيء تأويله.

وقد يستخدم الفيلسوف نفس القواعد المنطقية التي يستخدمها الرياضي، ولكن على نحو مغاير لأنه لايتحرك في فارغ ولا يطبقها على قضايا خالية من المعنى ولا في غياب أطروحة يريد بها أو تنسيبها او دحضها.

وهو يستخدم أيضا طرقا بلاغية لا نجدها عند الرياضي مثل المجاز، والاستفهام ،والسخرية.

ولا شك أن الفيلسون قد يعجب بالرياضيات كما فعل افلاطون الذي كتب على واجهة أكاديميته: "لن يدخلن علينا من لم يكن رياضيا"، أو يستوحي منهجه منها مثل ديكارت الذي استخلص منها قواعده في المنهج ،أو يحاكي استنتاجاتها مثل سبينواز الذي أ ارد في "علم الأخلاق" ethipue أن يقدم أفكاره على الطريقة الهندسيةmore geometrico .

إلا أن الفرق يظل شاسعا بين تفكير يهدف إلى التأثير في قناعات الآخر المتعلقة بوجوده وبعلاقته بنفسه وبالآخر بالإعتماد على لغة طبيعة لا تخلو من اللبس مهما حاولنا تدقيقها، وتفكير رمزي صوري إلى بلوغ نتائج ضرورية دون الإكثارت لا بقناعات الاخر ولا بمواقفه الشخصية

إنّ الحجاج الفلسفي يستلزم دائما علاقة بالآخر ويتنزل دائما في إطار حوار إما بين الفيلسون ونفسه monologue أو بين الفيلسوف وطرف آخر dialogue فغايته ليست

الخروج بنتائج انطلاقا من أوليات، بل اقناع الأخر، بتحويل اقتناعه بجملة من المسلمات

إلى اقتناع بنتيجة ما[1]، حتى  وان كان هذا الآخر هو أنا، فالفيلس وف يريد دائما أن يقنع نفسه قبل أن يقنع الاخر، لأن هدفه هو بلوغ الحقيقة في ما يتعلق بالقضايا الجوهرية بالنسبة إلى الإنسان، وتبليغها وجعل الاخر يشاركه فيها.

ولذلك فإنّ الحجاج الفلسفي يتميز أيضا عن الحجاج السفسطائي، إذ الحجاج السفسطائي تلاعب بقواعد المنطق واستغلال لبس اللغة الطبيعية لإبارز مهارة السفسطائي دون الإكتارث بمطلب الحقيقة، فيغدو الحجاج على هذا النحو أداة من أدوات العنف ووسيلة يمكن أن تستخدم في المغالطة والإيهام والسعي إلى إقناع الغير حتى بما نحن لسنا مقتنعين به خدمة للأهواء ولأغارض لا تمت على الحقيقة بصلة[2]. رغم أن السفسطائين كانوا من الأوائل الذين تفطنوا إلى أهمية اللغة وبينوا كيف أن كل خطاب يمكن قلبه، وكل حجاج يمكن الرد عليه بحجاج آخر[3]، غير أن الحجاج عندهم لا تحكمه إ اردة الحقيقة بل الرغبة في النجاعة.

على أن لا نخلط بين عبارتي "مطلب" الحقيقة "وامتلاك" الحقيقة، فالفيلس وف لا "يملك" الحقيقة، بل يطلبها، ويدعو إلى السعي إليها، ويحاول الإقتناع بما توصل هو إليه في سبيل بلوغها. ولكن دون تعصب، ومع استعداد دائم للإنصات إلى الآخر، والاستفادة منه ،وتصحيح مواقفه أو التخلى عنها كلما اقتضى الأمر ذلك يقول سق ارط: "لاأخجل من التعلم ،استزيد من المعارف وأسأل، واعت ارف بالجميل لكل الذين يردون عن أسئلتي، ولم أتخلف أبدا في ذلك مع أي منهم. لم أأسف أبدا أنني تعلمت من غيري، ولم أنسب أبدا لنفسي ما تعلمته منهم3 ".

                                                 

صحيح أن الفيلس وف وهو يدافع عن أطروحته ويدافع أيضا عن "الحقيقة"، ولكن "مطلب" الحقيقة هو نفسه الذي يملي علينا أن لا نأخذ بهذه الأطروحة مسلمة وأن نخضعها لاختبار العقل، طالما أن الحقيقة "نقطة مثالية " نسعى إليها معا  وليست "شيئا" يمكن ادعاء امتلاكه بكيفية فردية .

علما أن الفيلسوف قد لا يصرح بمسلماته، أو ببعضها

قد لا يعتمد على أسلوب واحد في الحجاج أو أنواع واحدة من الحجج، وقد يرتب حججه بطرق مختلفة، كأن يدعّم حجّة بحجّة أخرى، أوأن يجعل من نتائج حجّة منطلقا لحجّة جديدة أو أن يترك أقوى الحجج إلى الآخر )تقاس قوّة الحجّة بمدى قدرتها على

الإقناع، وتقاس قدرتها على الإقناع بمدى انسجامها المنطقي وانسجام مقدّماتها ومسلماتها مع قناعات المتقبل(. 

كما أنّ الفيلس وف قد لا يصرّح بالأطروحة التي يحاورها، أو حتى بأطروحته هو، وقد يعلن عنها في البداية أو في النّهاية.

كما أنّ المسار الحجاجي قد لا يكون متطابقا مع النّظام الخطي للنصّ . 

من هنا صعوبة الكشف عن "الخطة الحجاجية" strategie argumentativ للفيلس وف، إذ يتطلب ذلك رصد أنواع الحجج، وكيفية تكاملها في النصّ  )شرط تكاملها أن لا تناقض وان تخدم بعضها البعض(. غير أنّ ذلك يتطلب أيضا رصد إشكالية النصّ ورهاناته، وأطروحة الكاتب والأطروحة المستبعدة، وكذلك المفاهمية للنصّ

بل إنّ ما قد يجعل الكشف عن الخطة الحجاجية في النصّ الفلسفي أمر صعبا أنّ الفيلس وف قد لا يستخدم روابط منطقية صريحة، وقد يلجأ إلى طرق خطابية مثل التعجّب أو الاستغ ارب[4]... فيكون الكشف عن النّظام الحجاجي متوقفا على مدى تمثلنا لأفكار النصّ والعلاقات الضّمنية بينها. 

من هنا كان اهتمام هذا الكتاب بأنواع الحجج المعتمدة في النّص الفلسفي، وتقديم عيّنات متنوّعة من النّصوص يتعرّف التلاميذ من خلاها على "الخطة الحجاجية" الخاصّة بكلّ نصّ، حتى يصبحوا هم أنفسهم قادرين على انتاج مثلها.

ملاحظة هامّة: لأنّ الخطة الحجاجية ليست ظاهرة للوهلة الأول في النصّ الفلسفي فإنّ الوصول إليها لا يكون إلاّ منهجيا بواسطة القيام بافتارضيات بين مختلف أجازء النصّ واثقين من انه يتضمّن نظاما لا بدّ من الكشف عنه فالكاتب لا يرمي بأفكاره جازفا  وانّما حسب منهج. يقول ديكارت متحدّثا عن ضرورة المنهج في كلّ شيء: حتى لو تعلق الأمر بنصّ  مكتوب بحروف مجهولة، فإنّه يجب أن نكون منهجين و "أن نتخّيل فيه نظاما، ليس فقط للتحقق من كلّ الفروض التي يمكن أن نضعها بشأن كلّ علامة، أو كلمة، أو فكرة فيه، بل أيضا لأجل ترتيب هذه العلامات والكلمات أو الأفكار، على نحو يسمح لنا بأن نعرف كلّ استنتاجه منها . ينبغي قبل كلّ شيء ألاّ نضّيع الوقت في تخمين مثل هذه الأشياء بالصدفة وبدون منهج، إذ رغم أنّنا قد نتوصّل إليها بدون منهج، إلاّ أنّنا نضعف بذلك من نور العقل ونعوّده على التوافه إلى حدّ أنه يصبح بعد ذلك متعلقا بظواهر الأشياء عاجاز عن التوغّل في بواطنها[5]"

وهذه الطريقة هي التي اعتمدناها في الكشف عن أنواع الحج في النصّ الفلسفي وعن خطته الحجاجية. علما أنّنا في هذه الإطار "لا نكتشف شيئا إلاّ بقدر ما نبنيه".

 

 

                                                

المحاضرة 18: أنواع الحجج في النص الفلسفي

الحجاج في النص الفلسفي مسار منطقي يتخذ شكل الاستدلال raisonnement

الذي هو إقامة الدّليل على صحّة قضّية ما أو كذبها بالاعتماد على قضية أوقضايا أخرى تمثل شرطها أو علتها .

على أنّ الفيلسوف قد يستخدم أكثر من دليل، أو حجّة في استدلاله.

ويتوقف الكشف عن "الخطة الحجاجية" stratege argumentative في النصّ الفلسفي على رصد أنواع الحجج التي يعتمدها الفيلسوف وكيفية تكاملها. من هنا ضرورة

التعرّف على أنواع الحجج في النصّ الفلسفي. علما  أنّه لا وجود لحجج فلسفية في المطلق ،

بل هنالك استخدام فلسفي للحجج: هنالك حجا ج  فلسفي  ولكن ليس هنالك حجج فلسفية. وعلى سبيل المثال فإنّ الفيلس وف يستخدم حججا منطقية، ولكنّه لا يستخدمها كما يستخدمها المنطقي أو الرّياضي، ويستخدم أمثلة من العلوم التجريبية أومن الواقع ولكنه لا يستخدمها كما يستخدمها الفيزيائي أو عالم التاريخ أو الأديب...

على أنّه توجد حجج لا تصلح أصلا في الفلسفة رغم أنّها تصلح في ميادين أخرى كالخطابة، أو الأدب، من ذلك مثلا ،"حجّة السّلطة" لأنّ الفيلسوف لا يحتكم إلاّ إلى العقل ولا يقبل إلاّ بما يوجبه.

-      هذا وتنقسم الحجج في النصّ الفلسفي، بصفة عامّة، إلى: الإستنتاج، والاستقارءويعدّان من الحجج المنطقية-، والمماثلة والمقارنة -وقيمتهما في عملية الإقناع أقلّ -  كذلك يعتمد الفيلسوف في حجاجه على الأمثلة لا لتجسيم أفكاره، أو لتكون منطلقا للمماثلة أو المقارنة فحسب، بل أيضا كمرتكز للرد على أطروحة مضادّة.

 

 

 :déduction  الاستنتاج

ويتمثل في استخارج قضّية، تسمّى "نتيجة"، من قضّية أو قضايا أخرى بكيفية

لا زمة. على أن نميّز بين أنواع عديدة من الإستنتاج: الإستنتاج  من العامّ إلى  الخاصّ،

والإستنتاج من البسيط إلى المركّب، والإستنتاج من المركّب إلى البسيط، والإستنتاج  بالخلف، والإستنتاج بواسطة التقسيم .

الإستنتاج من العامّ إلى الخاصّ  

ويتمثل "الإستنتاج من العامّ إلى الخاص", في "القياس" syllogismالذي  هو

قول  يتألف من مقدّمتين، "المقدّمة الأول" و "المقدمة الثانية"، و "نتيجة" تلزم عنهما لزوما ضروريا. مثلا :

-      كلّ إنسان فانٍ )المقدّمة الأول( 

-      سق ارط إنسان )المقدّمة الثانية(،

-      سق ارط فانٍ )النتيجة(.

وكما هو ملاحظ فإنّ النتيجة في هذا القياس لا تضيف شيئا إلى المقدّمة الأول، بل هي متضمَّنة فيها منذ البداية.

وبإمكان هذا القياس أن يتحوّل من استنتاج غير مباشر إلى استنتاج مباشر فتكون صيغته:

-      كلّ إنسان فان.

-      إذن سق ارط فان.

ولكنّ هذا الإستنتاج ليس ممكنا إلاّ إذا سلمنا ضمنيا بأنّ سقارط إنسان، فنعود  إلى الإستنتاج غير المباشر أو القياس.

ويمكن أن نجد تطبيقا لهذا في ن ص  لأفلاطون من محاورة ألقيبيادس  Alcibiade كالآتي :

"سقارط: من المتعارف أنّ الذي يستخدم شيئا ما إنّما يختلف عن الشّيء الذي يستخدمه. القيبيادس: نعم. سقارط: فينتج عن ذلك أنّ الإنسان يختلف عن جسده".

في هذا الجزء من النصّ يدافع سق ارط عن فكرة أنّ الإنسان يختلف عن جسده تمهيدا للإقناع بأنّ ماهيته تتحدّد بالنفس، وذلك بالإعتماد على استنتاج مباشر في الظاهر: 

كلّ من يستخدم شيئا ما يختلف عن الشّيء الذي يستخدمه إذن يختلف الإنسان عن جسد.

غير أنّ هذا الإستنتاج المباشر  -في الظاهر- يقوم على مقدّمة أولي مصرّح بها وهي أنّه من المتعارف أنّ "كلّ من يستخدم شيئا إنّما يختلف عن الشّيء الذي يسـتخدمه" ولكنّه يقوم أيضا على مقدّمة ثانية ضمنية -غير مصرّح بها- وهي أنّ الإنسان يستخدم جسده"، فتكون النتيجة الضّرورية لهاتين المقدّمتين هي أنّ "الإنسان يختلف عن جسده1".

أي أنّنا أمام قياس كالآتي: 

 كلّ من يستخدم شيئا إنّما يختلف عن الشّيء الذي يستخدمه

-         الإنسان يستخدم جسده.

-         إذن الإنسان يختلف عن جسده.

ملاحظة: يقوم القياس الذي يستخدمه سقارط على مسلمة أنّ  الجسد شيء. ومن شأن

الكشف عن هذه المسلمة أن يساعد، فيما بعد، على مناقشة  أطروحة سقارط القائلة بأنّ  النّفس هي التي تحدّد ماهية الإنسان وليس الجسد )لا يعتبر الجسد "شيئا" -كما يشير إلى

ذلك سارتر- إلاّ إذا انطلقنا من "الجسد الموضوعي"، أي الجسد كما يرى من خا رج، فنقصيه عندما نحدّد ماهية الإنسان، أمّا إذا انطلقنا من "الجسد الذّاتي"، أي الجسد المعيش، فإنّ الجسد يصبح كينونتي: "لا أملك جسدا، أنا جسدي"، فيكون من المستحيل إقصاؤه(.

1 - Platon, Alcibiade, traduction et notes par E. Chambry, ed, G,F, 129 c                                         -130a                   

المحاضرة 13: الحجاج في النص الفلسفي )الاستنتاج من البسط إلى المركّب(

ويسمى أيضا "الإستنتاج التأليفي" deduction synthetique لأّنه إنشاء بواسطة التأليف synthese لمعارف جديدة إنطلاقا من مبادئ، أو حقائق مسلمة، أو تعريفات، أو قضايا معلومة بسيطة. والفرق بينه وبين القياس أنّ القياس عقيم في حين أنّه منتج، والقياس انتقال من العامّ إلى الخاصّ، في حين أنّه انتقال من قضايا بسيطة إلى قضايا مركّبة أو أعمّ .

فالنّتيجة في القياس داخلة في المقدّمات، وهو ما نجده في المثال الوارد في العنصر السّابق، حيث نرى أنّ النّتيجة   "سق ارط فان" -متضمّنة منذ البدء في المقدّمة العامّة-  "كلّ إنسان فان"، في حين أنّ علاقة المقدّم  antecedent بالتالي  conse quent  في الاستنتاج من البسيط إل المركّب، أو "الإستنتاج  التأليفي"،ليست علاقة تضمّن  وانما هي علاقة لزوم يستخلص فيها المجهول من المعلوم.

ويمكن أن نجد تطبيقا للإستنتاج من البسيط إلى المركّب في نص ديكارت "ضرورة الشكّ " كما يلي:

"بما أنّنا كنّا أطفالا قبل أن نكون رجالا، وكنّا، قبل حصولنا على قدرة الوعي الكاملة، نصيب تارة في أحكامنا ونخطئ تارة أخرى، لأجل ذلك، كانت الأحكام التي كوّناها على هذا النحو من التسرع، تعوقنا عن إد ارك الحقيقة، وتؤثر فينا بحيث لا يحتمل أن نتخلص منها، ما لم نعزم، ولو مرّة واحدة في حياتنا، على الشكّ  في جميع الأشياء التي نجد فيها أقلّ موضع للشكّ أي أنّنا أمام استدلال يمكن عرضه كما يلي:

  • •         بما أنّنا كنّا أطفالا قبل أن نكون رجالا )قضية بسيطة أولى(.
  • •         و بما أنّنا كنّا لم نحصل بعد على قدرة الوعي الكاملة لأنّنا كنّا أطفالا )قضية بسيطة ثانية(.
  • •         وبما أنّنا كنّا نصيب تارة في أحكامنا ونخطئ تارة أخرى لأنّنا كنّا لم نحصل بعد على قدرة لوعي لكاملة )قضية بسيطة ثالثة(.

لأجل ذلك كانت الأحكام التي كوّناها على هذا النحو من التسّرع تعوقنا عن إد ارك الحقيقة و تؤثر فينا، بحيث لا يحتمل أن نتخلص منها، ما لم نعزم، ولو مرّة واحدة في حياتنا، على الشكّ في جميع  الأشياء التي نجد فيها أقلّ موضع للشكّ )نتيجة مركّبة(.

ملاحظة رقم 1: يقوم هذا الاستدلال على جملة من المسلمات الضّمنية والاستتباعات:

- المسلمات الضمنية:

*    إد ارك الحقيقة يشترط التروي والتأني في التفكير.

*    التروي والتأني في التفكير يشترطان الحصول على قدرة كاملة على الوعي.

*    الطفل لا يملك قدرة كاملة على الوعي ولذلك فأحكامه متسرعة وهو ما يعوقه عن إد ارك الحقيقة.

*    الحقيقة المطلوبة هي الحقيقة اليقينية التي لا يداخلها الشكّ أبدا.

- الإستتباعات:

1-    يجب التحرّي من الأفكار التي كوّناها و نحن صغار.

2-    التحرّي من تلك الأفكار يكون بواسطة الشّك فيها. 

3-    هذا الشكّ هو الشكّ المنهجي لأنّ غايته هي الإخبار. 

4-    يمكن الاكتفاء مرّة واحدة، ما دامت غايته هي الإخبار. 

5-    لأنّ الحقيقة المطلوبة هي الحقيقة اليقينية فإنّ هذا الشكّ سيطال جميع القضايا حتى تلك التي فيها أقلّ داع للشكّ .

ويمكن أن نضيف استتباعا ضمنيا آخر:

- هذا المشروع لم يفكّر فيه ديكارت إلاّ بعد خروجه من طور الطفولة أي بعد حصوله على قدرة الوعي الكاملة هي شرط التأنّي والتروي والبحث عن الحقيقة. 

ملاحظة رقم 8: إذا كان الإستنتاج التأليفي برهانا يؤدّي إلى نتائج ضرورية في الرّياضيات فلأنّه يقوم على أوّليات تعريفات ليست للنّقاش ، وأمّا في الفلسفة فهو حجّة يمكن عكسها أو الرّد عليها بحجّة أخرى، لأنّه قد لا يقوم على بديهات، كما هو الشأن في الرّياضيات أو حتى في هذا النصّ لديكارت، بل على تعريفات )مثل تعريفات الإنسان، أو تعريف الدّولة( أو أحكام قيمة )مثل الحكم بأنّ الجمال أفضل من القبح، أو الخير أفضل من الشرّ ( أو فروض... قابلة للنّقاش

ملاحظة رقم 3: إذا أقام الفيلسوف حجاجه على تعريف، فإنّه يمكن الحديث عن

"حجّة بالتع ريف1"  )أي باستخدام التعريف، لأنّ التعريف في حدّ ذاته ليس حجّة(. 

  و اذا أقامه على حكم قيمي جمالي )مثلا الجمال أفضل من القبح( أو أخلاقي )مثلا الخير أفضل من الشّرّ (، فإنّه يمكن الحديث عن "حجة إستيتيقية" او عن "حجّة أخلاقية[6] ". )دون أن يكون الحكم القيمي هو الذي يمثل في حدّ ذاته حجّة( ... مثلا، إذا انطلقت من مسلمة أنّ الجمال أفضل  من القبح، وأنّ النّفايات التي تلقي بها المصانع تسيء إلى جمالية البيئة، فإنّه يجب التفكير في حلّ لهذه النّفايات حتى لا يُقضى  على جمال الطبيعة. وكما هو ملاحظ فإنّ هذه الحجّة هي "حجة إستيتيقية"  لأنها تقوم على مسلمة من الحكم القيمي الجمالي ،رغم أنّ شكلها منطقي.

 

1 - Christian Plantin, L'argumentation, éd. Seuil : "A. argumentation par la                                                  définition : - a : Schématisation :

      1.On définit une notion N au moyen d'une série de traits distinctifs : Une démocratie suppose l'existence d'une constitution, l'existence d'une assemblée élue, la tenue d'élections périodiques régulières et fixée par la loi ...

      2.On considère un être particulier X, dont on se demande s'il appartient à cette catégorie : Question : tel pays est-il ou non une démocratie ?

  1. On confronte les caractéristiques propres de cet être X aux exigences de la définition : Ce pays a-t-il une constitution, une assemblée élue, les élections ont-elles lieu à période régulière et fixée par la loi... ?
  2. On décide que cet être particulier correspond ou ne correspond pas aux exigences de la définition; sur cette base on l'admet ou non comme un N : Ce pays est-il ou n'est-il pas une démocratie ...". P. 52 .

المحاضرة 10: الحجاج في النص الفلسفي )الإستنتاج  من المركّب إلى البسيط(

يسمّى أيضا "الإستنتاج التحليلي" déduction  analytique، ويتمثل في اثبات قضية مركّبة، مجهولة أو نحن غير متأكّ دين من صحّتها، بإرجاعها إلى مبادئها الأولى قضايا معلومة أبسط منها. والفرق بينه وين الاستنتاج  التأليفي، هوأ نّ الإستنتاج التأليفي انتقال من البسيط إلى المركّب، في حين أنّ  الإستنتاج التحليلي هو انتقال المركّب إلى

البسيط. يجب أيضا التمييز بين كيفية استخدامه في الفلسفة وفي الرّياضيات )انظر ما قيل بخصوص الاستنتاج التأليفي(.

ويمكن أن نجد تطبيقا لذلك في نصّ أرسطو الدّهشة بداية الفلسفة وهو نصّ  يبدأ  كالاتي1

"إنّ الدّهشة هي التي دفعت بالمفكّرين الأوائل، كما هو الشّأن اليوم إلى النظر الفلسفي في البداية انصبّت دهشتهم على الصّعوبات التي مثلت الأولى في الذّهن. ثم إنّهم بتقدّمهم على هذا النحو شيئا فشيئا، سحبوا استطلاعهم على مشكلات أهمّ مثل الظواهر المتصّلة بالقمر وبالشّمس وبالنّجوم، وصولا إلى نشأة الكون. غير أنّ المرء الذي يتبّين صعوبة ويندهش لها إنّما يعترف بجهله الخاصّ )لذلك حتى حبّ الأساطير كان من جهة ما حبّا للحكمة، فلأساطير نسيج من العجائب(. وهكذا فلما كان هدف الفلاسفة الأول من تعاطي الفلاسفة هو التخلص من الجهل، فبديهي أنّ سعيهم إلى العلم كان لغاية المعرفة وحدها ...".

فالأطروحة المارد إثباتها هي أنّ الدّهشة هي بداية الفلسفة، وقد قدّم أرسطو على

ذلك حجّة أولى استمدّها من الواقع التاريخي ومن الواقع ال ارّهن: لم يشرع المفكّرون الأوائل النّظر الفلسفي إلاّ عندما اندهشوا، وهذا هو أيضا حال المفكّرين اليوم. غير أنّ هذه "الحجّة" ليست حجّة كافية، إذ لماذا لم يشرع المفكّر ون الأوائل في النظر  الفلسفي إلاّ عندما

              1 - Aristote, Métaphisique, A II, 982, p10-.52                                                                                

إندهشوا؟ ولماذا هذا هو حال المفكّرين اليوم؟ من هنا لجأ أرسطو إلى حجّة منطقية تحليلية بالتارجع تسند تلك الحجّة وذلك  على النحو التالي: 

  • •            القضية المركّبة، المجهولة، المارد اثباتها هي أنّ الدّهشة هي بداية الفلسفة.
  • •            غير أنّنا نعلم أنّ من يندهش يعي بجهله، وهذه قضية أبسط منها )يوردها أرسطو ص ارحة في النصّ (. 

  ونعلم أيضا أنّ الفلسفة هي السعي إلى التخلص من الجهل عند الوعي به، وهذه ايضا قضية بسيطة نفهمها من قوله: "وهكذا فلما كان هدف الفلاسفة الأول من تعاطي الفلاسفة هو التخلص من الجهل". 

  • •            إذن الدّهشة هي بداية الفلسفة...

ملاحظة رقم 1: يمكن ردّ هذا الاستنتاج التحليلي المباشر أو بالتارجع إلى استنتاج تأليفي، وذلك على النحو التالي :

إذا سلمنا بأنّ الفلسفة هي السعي إلى المعرفة عند الوعي بالجهل،  واذا سلمنا بأنّ من يندهش يعي بجهله، إذن الدّهشة بداية الفلسفة.

ملاحظة رقم 8: يقوم استدلال أرسطو على تعريف ضمني للفلسفة بما هي "حبّ الحكمة" نفهمه من خلال قوله "حتى حبّ الأساطير كان من جهة ما حبّا للحكمة"، وعلى تعريف ضمني للحكمة. بما هي "المعرفة" )الفلسفة التي هي حبّ للحكمة هي سعي إلى التخ لّص من الجهل. وكيف التخلص من الجهل إن لم يكن بالمعرفة؟ إذن حبّ  الحكمة ام هو حب المعرفة، المعرفة هي الحكمة(.

ملاحظة رقم 3: الكشف عن الخطة الحجاجية في هذا النصّ، وفي النّصوص الفلسفية بصفة عامّة، يستلزم قدرة على الاشتغال على المفاهيم وتبّين شبكة العلاقات بينها )مثلا بالنّسبة إلى هذا النصّ : الدّهشة - الجهل - المعرفة - الحكمة - الفلسفة ...(. المحاضرة 10: الحجاج في النص الفلسفي )الإستنتاج بالخلف(

يتمثل "الاستنتاج بالخلف" déduction l’absurde في اثبـات  قضّية ما بببيان

فساد نقيضها، ويسمى أيضا "الإستنتاج التحليلي غير المباشر" لأنّه يتم بالت ارجع وعن طريق واسطة: الت ارجع إلى "مبدإ عدم التناقض" الذي يملي أن تكون القضية مختلفة عن نقيضها، وأمّا الواسطة فهي فساد القضية النقيضة.

ويمكن أن نجد تطبيقا لذلك في هذا النصّ لبرجسون من كتاب "الضحك".

"لو كان للواقع أن ينفذ إلى ح واسّنا ووعينا مباشرة، ولو استطعنا أن نكون على اتصال مباشر بالأشياء وبأنفسنا، لأصبح الفنّ في اعتقادي غير ذي جدوى، أو لكّنا بالأحرى جميعا فنّانين لأنّ انفسنا ستهتزّ ساعتها اهت ازاز متجاوبا مع الطبيعة. ولسوف تعمد عيوننا، ترفدها ذاكرتنا، إلى أن تقتطـع في الفضـاء لوحـات لا مثـيل لـها ... لسـوف نستمع في أعماق أنفسـنا إلى لحن حياتنا الدّاخلية الموصلة... كلّ ذلك محيط بنا، كلّ ذلك قائم فينا، ومع ذلك فإنّنا لا نتبين منه شيئا. فما بين الطبيعة وبيننا - مثل قولي كذا؟ بل بيننا وبين وعينا، يقوم حجاب ،هو لدى عامّة النّاس حجاب سميك وهو لدى الفنان والشّاعر حجاب رقيق يكاد يكون شفاف. فأيّة ساحرة نسجت هذا الحجاب أت ارها نسجته مك ار أم مودّة؟ لقد كان علينا أن نعيش، والحياة تقتضي أن نتناول الأشياء في علاقتها بحاجاتنا. فأن نحيا هو أن نفعل ... وسواء أكان الفنّ رسما أو نحتا أو شع ار أو موسيقى فليس من هدف له إلاّ استبعاد الرّموز المفيدة عمليا والعموميات المقبولة اصطلاحا واجتماعيا، وأخي ار استبعاد كلّ ما يحجب عنا الحقيقة والواقع لكي نكون وجها لوجه مع الواقع ذاته". 

فالأطروحة المارد اثباتها هي أنّ الفنّان وحده يستطيع بفنه أن يقرّبنا من الواقع ويجعلنا في اتصال به، وحتى يقنعنا بهذه الأطروحة، يلجأ برجسون إلى بيان فساد

الأطروحة النقيضة: أن يكون الواقع في متناولنا وأن نكون جميعا في اتصال به. فلو كان الواقع في متناولنا ولو كنّا في اتصال مباشرة به "لأصبح الفنّ ... غير ذي جدوى، او لكنّا بالأحرى جمعيا فنانين" غير أنّ هذا لا يستقيم لتناقضه مع التجربة، فالفنّ قائم ومطلوب، وليس ذلك إلآ تعبي ار عن "جدواه" -أي عن قيمته هنا- ولسنا كلنا فنّانين، وسبب ذلك هو وجود حجاب سميك بيننا وبين الواقع وبيننا وبين أنفسنا هو حجاب المنفعة، في حين أنّه حجاب "رقيق يكاد يكون شفاف لدى الفنّان" لتميّز الفنّ بأنّه غير نفعي. لذلك فإنّ الفنّان وحده يستطيع أن يجعلنا في علاقة حميمة بالواقع وبأنفسنا وأمّا العامّة أي نحن فبمنأى عنه وعن أنفسنا.

ملاحظة رقم 1: أسلوب برجسون  - وهو أسلوب شعري - لا ييسّر تبّين طريقته الحجاجية بل يضاعف الع ارقيل أمام القارئ الذي عليه أن يضاعف الجهد والتركيز . 

ملاحظة رقم 8: في الإستنتاج بأنواعه يعتمد الفيلسوف على مبادئ العقل، مثل مبدإ الهوية، ومبدإ عدم التناقض، ومبدأ الثالث المرفوع، ومبدأ العلة، إضافة إلى إعتماده على العلاقات النسبية 1 التي تكشف عنها التجربة أو قيم أو مسلمات فلسفية أو ميتافيزقية. 

مثلا: في برهان الخلف يعتمد الفيلسوف على مبدإ عدم التناقض الذي يقتضي أن

تكون القضية مختلفة عن نقضيها، وعليه فإمّا أن تكون القضية صادقة ويكون نقيضها صحيحا أو العكس. 

ملاحظة رقم 3: كلّ أطروحة لا تحترم مبادئ العقل يمكن دحضها. 

 

 

                                                

1. Christian Plantin, L'argumentation, éd. Seuil : "Argumentation par la cause : - Définition:

Ce moded'argumentation conclut à l'existence d'un effet dérivé de l'existence d'une cause. En shéma:

   1.Question : L'événement X se produira-il ?

   2.Il existe actuellement tel fait A .

   3.Il existe une loi causale reliant les faits FI aux faits de type F2 : FI -> F2 ,

   4.A est du type FI .

   5.X est du type F2 .

   6.Donc X se produira " . P. 43 .

المحاضرة 10: الحجاج في النص الفلسفي )الإستنتاج بواسطة التقسيم( ويتمثل في تقسيم القضايا إلى أصناف، والقيام باستنتاجات. 

كأن نقسّم القضايا إلى صنفين مختلفين، إذا بطل أن تكون القضية من الصنف الأول فهي من الصّنف الثاني،  وان بطل أن تكون من الصنف الثاني فهي من الصّنف الأوّل.

وهو ما نجده في القياس الشّرطي المنفصل  syllogoisme hypothétique disjonctif وصورته: إمّا أن تكون القضية "ب" أو "ج" فإن لم تكن "ب" فهي "ج"،  وان لم تكن "ج" فهي "ب" .

يقول الغازلي، في "الإقتصاد في الإعتقاد"، متحدّثا عن التقسيم: "هو أن نحصر الأمر في قسمين، ثم يبطل أحدهما، فيلزم منه لا محالة أن يكون حادثا ... وهذا الثالث قد نسمّه دعوى إذا كان لنا خصم ونسمّه مطلوبا إذا لم يكن لنا خصم لأّنه مطلوب النّاظر، ونسمّه فائدة وفروعا، بالإضافة إلى الأصلين، فهو مستفاد منهما. ومهما أقرّ الخصم بالأصلين، يلزمه لا محالة الإقارر بالفرع المستفاد منهما، وهو صحّة الدّعوى".

ويمكن أن نجد تطبيقا لذلك في هذا النصّ لدافيد هيوم: 

"لا شيء يبدو أكثر إثارة للدّهشة، بالنّسبة إلى الذي يتأمّل الأمور الإنسانية بعين فلسفية، من أن يرى السّهولة التي بها يخضع عدد كبير من النّاس إلى أقلية، والإذعان الذليل الذي يجعل البشر يضحّون بمشاعرهم وميولهم لإرضاء مشاعر حكّامهم وميولهم. ما هو سبب هذه المعجزة؟ ليست القوّة: المحكومون هم دائما الأقوى. لا يمكن أن يكون هذا السّبب إذن سوى ال أرّي. إنّما على ال أرّي يتأسّس كلّ حكم، الأكثر استبدادا والأكثر اعتمادا على الجيش، كما الأكثر شعبية والأكثر حرّية. بإمكان ملك مصري، أو امب ارطور روماني أن يجب ار شعبيهما البريئين على القيام بأفعال ما، ولكنّ بعد أن يكونا قد ثّبتا مكانتهما في أري ح ارّسهما: بإمكان كل منهما أن يعامل أف ارد رعيته كحيوانات متوحّشة، ولكن يجب أن يعامل أحدهما مماليكه، والاخر  ح ارّسه كبشر[7] )ترجمة لطفي العربي(.

من خلال هذا النصّ نفهم أنّ دفيد هيوم يدافع عن دور ال أرّي في تكريس سلطة الحاكم، ولذلك فهو يحصر سبب إذعان عدد كبير من النّاس )الرّعية( للأقلية )الحاكم( في احتمالين: القوّة أو ال أرّي ولأنّ الإحتمال الأوّل خاطئ لأنّ المحكمومين هم دائما الأقوى، فالنتيجة المنطقية، الضّرورية، هي أنّ هذا السّبب لا يمكن أن يكون إلاّ ال أرّي . 

كذلك يمكن عن طريق التقسيم أن نحصر الأمر في أكثر من احتمالين، وأن نخرج باستنتاجات بواسطة الطرح. كأن نحصر الإحتمالات في أن تكون القضية "أ"، أو"ب"، أو"ج"، فإن تبّين أنها ليست "أ" وليست "ب"، فهي "ج". وهوما يسمّى بالإستنتاج عن طريق

الطرح"Le raisonnement par elimination". ويمكن أن نجد تطبيقا لذلك في هذا النصّ لأفلاطون من محاورة ألقيبيادس )وهو تتمة للنصّ السّابق المعتمد كسند في "الاستنتاج من العامّ إلى الخاصّ "(:

"سق ارط: ألا يمكن أن نمّيز ثلاثة أشياء، أحدها ضرورة هو الإنسان؟ ألقيبيادس: وما تلك الثلاثة؟ سق ارط: النّفس، الجسد، والكلّ المؤتلف من اتحادهما. ألقيبيادس: بدون شكّ . سق ارط: وقد سلمنا السّاعة بأنّ الذي يدير الجسد هو الإنسان عينه. القيبيادس: أجل لقد سلمنا بذلك. سق ارط: أيكون الجسد هو الذي يصدر أوامر إلى ذاته؟ القيبيادس:كلا، لا يكون ذلك أبدا. سق ارط: فلقد سبق أن قلنا إنّه إنّما يتلقى تلك الأوامر. ألقيبيادس: أجل. سق ارط:

فليس الجسد هو الذي نبحث عنه. القيبيادس: لا يبدو أنّه هو. سق ارط: لعلّ الجملة الحاصلة من الجسد والنّفس  هي التي تدير الجسد، إذن أفيكون ذاك هو الإنسان؟ ألقيبيادس: قد يكون الأمر كذلك. سق ارط: كلاّ، فإذا كان أحد الج أزين لا يشترك في هذا التحكّم، تعذّر إطلاقا أن تكون الجملة المؤتلفة منهما هي التي تمارسه. ألقيبيادس: ذلك عين الصّواب. سق ارط: فلما لم يكن الإنسان هو الجسد، ولا هو الجملة المؤتلفة من الجسد والنّفس، لزم إذن أن نستنتج من ذلك أنّ  الإنسان هو النّفس. ألقيبيادس: تماما "[8].

ففي هذا النّصّ وبخصوص ماهية الإنسان تنقسم الإحتمالات إلى ثلاثة: فإمّا أن يكون الإنسان هو الجسد، أو النّفس، أو الكلّ المؤتلف من اتحادهما، فإذا ثبت أنّ الإنسان ليس الجسد،  واذا ثبت أنّه ليس الكلّ المؤتلف من الاتحاد بين النفس والجسد، فهو إذن النّفس. 

وهو ما عمل سق ارط على إثباته. بالإعتماد على مسلمة أنّ الجسد لا يأمر نفسه: فإذا كان الجسد لا يأمر نفسه فهو ليس الإنسان، ولا يمكن أن يكون الإنسان هو الكلّ المؤتلف من اتحاد النّفس والجسد لأنّ أحد الج أزين وهو الجسد لا يشترك في الحكم، والنتيجة الضّرورية إذن، بعد طرح الإحتمالين، الأوّل والثاني، هي أنّ الإنسان هو النّفس وليس الجسد أو الكلّ المؤتلف من الجسد والنّفس. 

 Induction الإستقارء

إذا كان القياس هو الانتقال من العامّ إلى  الخاصّ فإنّ الاستق ارء هو على العكس من ذلك انتقال من الخاصّ إلى العامّ . بحيث يقابل الاستق ارء القياس وليس الاستنتاج.

ويمكن أن نجد تطبيقا لذلك في نصّ انجلز "مسار التحرّر" وهو نصّ  يدافع فيه انجلز عن أطروحته القائلة بأنّ الحرّية مسار يتحقق في الزمّن في علاقة بالضّرورة وبواسطة التقدّم التقني والعلمي، بالإعتماد على أحداث مقتبسة من تاريخ الإنسانية. يقول هذا النصّ :

"...إنّ النّاس الأوائل الذين انفصلوا عن عالم الحيوان لم يكن لهم أساسا من الحرّية إلاّ النّزر القليل، شأنهم في ذلك شأن الحيونات نفسها، على أنّ كلّ تقدّم في الحضارة كان خطوة نحو الحرّية، ففي بداية التاريخ البشري، تم اكتشاف تحويل الحركة الميكانيكية إلى ح اررة، أي توليد النار بواسطة الاحتكاك، وفي التطوّر الذي قادنا إلى يومنا هذا، وقع اكتشاف تحويل الح اررة إلى حركة آلية، وهي الالة البخارية".

و يمكن تلخيص أهمّ م ارحل هذا الاستق ارء فيما يلي:

*                  المرحلة الأول: في البداية كان الإنسان يجهل قوانين الطبيعة ولم تكن له وسائل للسّيطرة عليها، فكان تحت رحمتها ولم يكن نصيبه من الحرّية بالتالي يتعدى نصيب الحيوانات منها.

*                  المرحلة الثانية: لما اكتشف الإنسان "تحويل الحركة الميكانية إلى ح اررة أي توليد النّار بواسطة الإحتكاك" حقق خطوة أولى نحو الحرّية.

*                  المرحلة الثالثة، حقق خطوة ثانية عند اكتشاف تحويل الح اررة إلى حركة ميكانيكية )وهنا إشارة إلى اكتشاف الالة البخارية(.

- و النّتيحة المنطقية هى أنّ الحرّية مسار يتحقق ق الزمّن في علاقة بالضّرورة وبواسطة التقدّم التقني  والعلمي .

 

 

 

المحاض رة 17: الحجاج في النص الفلسفي  )الاستدلال بالمماثلة Raisonnement par analogie(

الاستدلال بالمماثلة raisonnement par analogie هو بصفة عامّة الخروج بنتائج انطلاقا من التماثل أو التشابه بين شيئين أو وضعين أو ما إلى ذلك. وهو يهدف إلى الإقناع بواسطة تحويل المجرّد المستعصي على الذّهن إلى محسوس قريب منه.

مثال ذلك مانجده في نصّ "إبيكتات"منطلق الفلسفة عند قوله : 

"... أيعتبر صائبا كلّ ما يظهر على هذا النّحو لأيّ مّ نا؟ كيف يكون ممكنا للا ارء المتناقضة أن تكون صائبة؟ أي لماذا هي كذلك عندنا لا عند السورين أو المصريين؟ ولماّ كانت هي دون غيرها ممّا يبدو لي أنا أو يبدو لغيري صائبا؟ ما من آ ارء تمتاز بالصّواب عن غيرها. إنّ أري الواحدِ منّا غيرُ كاف لتحديد الحقيقة. كذا شأن الموازين والمقاييس، فإنّنا لا نكتفي بالمظهر،  وانّما ابتكرنا معيا ار لمختلف الحالات. وفي هذه الحالة بعينها، ألا يوجد معيار يعلو على ال أرّي؟ وهل من الممكن ألاّ توجد البتة وسيلة لتحديد واكتشاف ما يكون النّاس في أشدّ الحاجة إليه".

في هذا النصّ ثمة مماثلة بين ما يحدث في مجال المعرفة وما يحدث في مجال كلّ من الوزن والقيس: في غياب المعيار نكتفي بالظاهر في المجالين، غير أنّ الإكتفاء  بالظاهر قد يؤدّي إلى الخطإ والاختلاف، من هنا ظهور موازين ومقاييس في مجالي الوزن والقيس لوضع حدّ للخطإ والإختلاف، ولا بدّ بالمثل من معيار في مجال المعرفة يحوط من الخطإ والإختلاف كما هو الشّأن في الوزن والقيس.

 :Comparaison المقارن ة

من الوسائل الأخرى التي يستخدمها الفيلسوف للدفاع عن أطروحة ما أو تنسيبها أودحضها - إضافة إلى الإستنتاج والإستق ارء والمماثلة- المقارنة، التي قد يرمي بواسطتها إلى الإقناع بأفضلية حال على آخر، أو بتميّز طرف على, طرف آخر بخاصّية ينفرد بها مثلما هو الشّأن في نصّ ديكارت "اللغة ميزة الإنسان" وهو نص يقول فيه:

"... ثم إنّه يمكن أيضا معرفة الفرق بين الإنسان والحيوان، إذ من الملاحظ أنّه ليس في النّاس، ولا أستثني البلهاء منهم، من هم من الغباوة والبلادة بحيث يعجزون عن ترتيب الألفاظ المختلفة بعضها مع بعض، وعن تأليف كلام منها يعّبرون به عن أفكارهم، في حين أنّه لا يوجد حيوان يستطيع أن يفعل ذلك مهما يكن كاملا، وظروف نشأته مؤاتية. وهذا لا ينشأ عن نقص في الأعضاء، لأنّك تجد العقعق* والببّغاء يستطيعان أن ينطقا ببعض الألفاظ مثلنا، ولكنّك لا تجدهما قادرين مثلنا على الكلام، أعني كلاما يشهد بأنّهما يعيان ما يقولان...".

فأطروحة ديكارت في هذا النصّ هي أنّ اللغة هي ميزة الإنسان دون الحيوان لأنّه وحده يملك العقل. ويعتمد ديكارت، للإقناع بها، على مقارنة بين الإنسان والحيوان. وهي مقارنة تتخللها استنتاجات تساعد القارئ على الاقتناع تدريجيا بتلك الأطروحة: 

الإنسان وحده، حتى  وان كان غبيا، يملك القدرة على تأليف الكلام للتعبير عن عن أفكاره، أمّا الحيوانات فهي لا تملك تلك القدرة مهما كانت كاملة ومهما كانت ظروف نشأتها مؤاتية، فالعقعق والببّغاء يستطيعان النّطق ببعض الألفاظ مثل الإنسان ولكّنهما يعج ازن عن التصرّف في ما ينطقان به بكيفية تدلّ على أنّهما يملكان العقل والوعي. وه وما يستنتج منه أنّهما لا يملكان اللغة بسبب نقص في الأعضاء، بل بسبب غياب الفكر الذي هو  شرط إمكان اللغة.

والنّتيجة هي إذن أنّ الإنسان يتمّيز وحده باللغة، لأنّه وحده يتميّز بالفكر. 

                                                

* العَقْعَ ق  )الاسم العلمي:Pica pica( اسمٌ يطُلق على عدد من الطيور المختلفة من فصيلة الغرابيات، لها أذيال طويلة.  

                            ملاحظة رقم 1: تقوم هذه المقارنة على تعريف ضمني للغّة بما هي القدرة على

التعبير عن الأفكار بواسطة الكلام، ومما أنّ العقعق والببّغاء لا يملكان هذه القدرة بينما يملكها الإنسان ، فاللغة ميزة إنسانية.

ملاحظة رقم 8:  رّكز ديكارت بصفة خاصّة على مثال العقعق والببغّاء لأنّهما من أكمل الحيوانات فيما يتعلق بالقدرة على النّطق مثل الإنسان، فإذا ثبت أنّهما لا يملكان اللغة، فما بالنا بالحيوانات التي هي اقلّ كمالا؟

 Les exemples الأمثلة

يعتمد الفيلسوف في حجاجه على الأمثلة أيضا ،على أن ننتبه أنّ الامثلة لا

يستخدمها الفيلسوف لتجسيم أفكاره فحسب )كما هو الشأن في النص السّابق لديكارت مثلا(، بل أيضا كأمثلة مضادّة لدحض أطروحة نقيضة. وهو ما نجده على سبيل المثال في نصّ سبينواز "هل نعرف الجسد؟".

في هذا النصّ :

يردّ سبينواز على الذين يقولون "سواء أعرفنا بأيّة وسائل تحرّك النّفس الجسد أم لم نعرف ذلك، فإنّنا -مع ذلك- على بيّنة بواسطة التجربة أنّ الجسد سيكون عاطلا لو كانت النّفس قاصرة عن التفكير. ونحن نعرف أيضا بالتجربة أنّه في مقدور النّفس كذلك أن تتكلم أو أن تصمت وأشياء أخرى نظنها بعدئذ خاضعة لأمر النّفس".

بقوله: "إنّي أطلب من الذين يعتمدون التجربة ما إذا لم تكن هذه التجربة تفيد أيضا أنّه إذا كان الجسد من ناحيته ساكنا فإنّ النّفس في ذات الوقت تكون قاصرة عن التفكير، فحينما ينقاد الجسد إلى ال ارحة في النوم فإن النفس تكون قاصرة عن التفكير... كذلك يظنّ المخمور أنّ ما يقوله ق ارر حرّ صادر عن النّفس في حين يودّ  -حال تخلصه من تأثير الخمر عليه- أن لا يتفوّه بما تفوّه به، كذا الشّأن بالنّسبة إلى الهاذي والثرثار والطفل وعدد كبير جدّ ا من الأف ارد من نفس الطينة الذين يعتقدون أنّهم يتكلمون بق ارر حرّ من النّفس في حين أنّه ليس بوسعهم التحكّم في ما دفعهم إلى الكلام".

وهدف سبينواز، من وارء ذلك، هو بيان فساد الحجّة التي يعتمدها القائلون بأنّ النّفس متميّزة عن الجسد. فهؤلاء يرون أنّ النّفس منفصلة عن الجسد لأنّ النفس هي التي تتمّيز بالحرّية، تتكلم متى شاءت وتصمت متى شاءت، وهي التي تأمر وتنهى، أمّا الجسد فهو مأمور ولا تأثير له على النّفس، ودليلهم في ذلك التجربة. ويتولى "سبينواز" بواسطة التجربة نفسها و بالإعتماد على أمثلة )انقياد الجسد إلى ال ارّحة في النوم - الهاذي -  الثرثار -  الطفل( قلب هذا الموقف مبيّنا أنّ حرّية النفس مزعومة، وأنّ للجسد تأثي ار على النّفس.



[1] - Ch. Perelman, L'empire rhéthorique )rhéthorique                                          et argumentation),         

Librairie philosophique j. Vrin :"Le but de l'argumentation n'est pas comme celui de la démonstration, de prouver la vérité de la conclusion à partir de celle des prémisses, mais de transférer sur les conclusions l'adhésion accordée

au prémisses" . P. 35.

[2] - Michel Tozzi, Penser par sois-même, ed. Chronique sociale : "En philosophie au contraire, on dénonce lasophistique : On ne cherche pas à vendre une idée, à l'imposer par la force, par le recours aux passions . On cherche à convaincre rationnellement, et d'abord sois-même avant autrui. Le meilleur argument n'est jamais l'argument efficace, celui qui emporte le morceau et jouit de la faiblesse de l'adversaire . C'est l'argument vrai, parce que tout homme qui l'examine sincèrement avec raison doit se rendre à son évidence" .P. 122 .

[3] - Christian Plantin, L'argumentation, ed. Seuil : "On doit aux sophistes la pratique systématique de la mise en opposition du discours, qu'on peut appeler l'antiphonie . Tout argument peut être renversé, et à tout discours répond un contre-discours". P. 6 3 - Platon, Hippias Mineur, traduction et notes par E. Chambry, ed. G.F : "Socrate : ...je ne rougis pas d'apprendre, je m'informe, je questionne et je sais beaucoup de gré à ceux qui me répondent, et jamais ma reconnaissance n'a fait faute à aucun d'eux . Jamais je n'ai nié que je m'étais instruit auprès de quelqu'un et jamais je ne suis atüibué ce que j'avais appris comme ma propre découverte" . 372 a - 373 a

[4] - Christian Plantin, méme référence  : «  L’argumentation en langage naturel manie

conjointement logique et rhéthorique » P.9.

[5] - Descartes, Régmes pour la direction de léesprit, in Œuvres, La pleiade, régle X

[6] - Michel Tozzi, Penser par soi-même, éd. Chronique Sociale : "L'argument éthique : ... je change ici de registre, je me place d'un point de vue juridique, politique, plus largement éthique, car je me pose un problème de légitimité, ici de sanction pénale, au nom d'un certain nombre de valeurs; par exemple le respect de l'intégrité physique des individus, la cohésion sociale ... L'argument esthétique : Maintenant si je prétends que la peine de mort, par son caractère exemplaire, donne à réfléchir aux éventuels candidats au crime, j'en appelle à l'efficacité . Mais si j'ajoute qu'il faut rétablir les exécutions publiques, pour que cette dissuation s'enracine dans la vue horrible de la tête qui tombe, je suis dans le registre de la sensibilité, et par exemple de l'esthétique (au sens large)... " . P. 129 - 130 .

[7] . 450 - 452 عن تيسير الشيخ الأرض ، الغزالي ،سلسلة أعلام الفكر العربي ، ص -. Texte cité dans Anabac 87, Amiens, juin 1983 Cet D :"Rien ne paraît plus surprenant à ceux qui contemplent les choses humaines d’un oeil philosophique que de voir la facilité avec laquelle le grand nombre est gouverné par le petit et l'humble soumission avec laquelle les hommes sacrifient leurs sentiments et leurs penchants à ceux de leurs chefs . Quelle est la cause de cette merveille ? Ce n'est pas la force : les sujets sont toujours plus forts . Ce ne peut donc être que l'opinion . C'est sur l'opinion que tout gouvernement est fondé, le plus despotique et le plus militaire, aussi bien que le plus populairebet le plus libre. Un Sultan d’Egypte, un empereur de Rome peut forcer les actions de ces peuples innocents mais ce

n’est qu'aprèscomme des bêtes brutes, mais il faut qu'ils traitent comme des hommes, l'un ses mameluks,  s'être affermi dans l'opinion de ses gardes : ils peuvent mener leurs sujets l'autre sa cohorte prétorienne" . P. 83 .

 

[8] 1 . Platon , Alcibiad , traductionetnotes parE. Chambry, ed. G.F, 129 c                                          – 130 a               

( قدّم هذا النص مترجما في بكالوريا الآداب، دورة جوان 1991(