إن ظاهرة الهجرة فرضت نفسها على علماء الاجتماع كموضوع للتناول والتحليل السوسيولوجي بعد ما كانت تحتكرها حقول معرفية اخرى والتي اشتغلت على الهجرة كظاهرة هي الجغ ا رفيا البشرية وبعد ذلك الديمغرافيا التي تقوم بما يمكن أن نسميه بالإحصاء الوصفي مثلا الفرق ما بين عدد النازحين وعدد الوافدين في مكان معين ثم أيضا مقاربة الجغرافيين الذين حاولوا أن يرصدوا توزع المهاجرين في بلد الوصول وأيضا في بلد الانطلاق نجد أيضا اللسنين أو اللسانيين الذين حاولوا الاشتغال حول مدى تملك أو احتفاظ المهاجرين بلغتهم الأصلية ثم أيضا مقاربة ما يمكن أن نسميه مقاربة العلوم السياسية التي حاولت أن تشغل على مسألة مهمة وهي ظهور النخب السياسية المهاجرة أما علم الاجتماع فقد سعى من خلال تبنيه لسوسيولوجيا الهجرة إلى بلورة نظرية معينة أي بناء مفاهيمي منظم يسمح بتشخيص المحددات والحواجز المتحكمة في الحركات الهجرية فقد اعتبر علم الاجتماع الهجرة ظاهرة اجتماعية كلية حيث يسعى عادة إلى عزل الدوافع الغير الاقتصادية للهجرة ويعمل على موضعتها في سياق الكل الاجتماعي الذي تندرج فيه . وقد قسمنا هدا البحث الى مجموعة من العناوين اشتملت بدورها على مباحث جاء في مقدمتها: المبحث الأول: خصص لعموميات عن الهجرة ثم مبحث ثاني اهتم بالاتجاهات النظرية المفسرة لظاهرة الهجرة على المستوى الجماعي وكذا الفردي . ثم ثلاث مباحث كنماذج لدارسة الهجرة أولها نموذج محلي خصص لدارسة عبد المالك الصياد وثانيها مبحث لنموذج عربي اهتم بدارسة فيولت داغر واخيرا نموذج عالمي لدارسة الفلاح البولندي ثم اختتمت الدارسة بمبحث خصص لعلاقة الهجرة بقضايا العرق والاثنية.