ملخص: هده دروس في المنهجية موجهة لطلبة السنة الاولي ماستر لأجل تدعيم معارفهم في المنهجية المعمقة خاصة وانهم مقبلين على انجاز مدكرة تخرج في السنة القادمة. فهده الدروس عبارة عن دعامة اضافية مضافة الي الاعمال الحضورية التي يقومون بانجازها.


المـراحل الزمنيـة لإعــداد الإشكاليــة

يتجسد البناء التصوري لإشكالية البحث السوسيولوجي من خلال ثلاث مراحل زمنية

 
أولا: مرحلة الجرد الشامل:

 بادئ ذي بدء، يتعلق الأمر في هذه المرحلة بمعاينة المشكلة كما هي مطروحة في التساؤل الأولي، و كما تبدو لنا من خلال القراءات و المقابلات الاستكشافية. فعمليا، يتطـلب هذا الإجراء وضع جرد لمختلف الآراء المعتمدة، و ذلك بتبيان أوجه الارتباط و تعارض فيما بينها، و كذلك إبراز الإطار النظري الذي سيستخدم كمرجع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. إن أي بحث يرتكز على مخطط نظري ، فمثلا المؤلفون الذين يرون أن التسرب المدرسي ناتج عن الوظيفة  المحترمة لاختيار و إعادة توجيه الشباب في المجال الاجتماعي ، فإنهم يندرجون ضمن الإطار النظري " للتحليل الوظيفي " ، أما غيرهم الذين يتساءلون عن مقاييس الاختيار و يبينون أن هذا الأخير فيه تفضيل أكبر للطبقات المهيمنة و إعادة لتكريس امتيازاتها ، فإنهم يرتـكزون على نظرية " إعـادة إنتاج علاقـات الهيمنـة " بينما يرتبط آخرون بأسلوب " التحليل التنظيمي أو الاستراتيجي  ".
و لكشف الإشكالية الضمنية للمؤلفين تجدر الإشارة إلى أن ملاحظات القراءة المقتضبة لا تكفي دائما و لا تفي بالغرض ، و لذا ينبغي الرجوع أحيانا إلى النص نفسه.

ثانيا : مرحلة تكوين الإشكالية :

يتعلـق الأمر في هذه المرحلة بتكوين الإشكالية و ذلك إما بوضع تصور لإشكالية جديدة ، و إما بإدراج هذا الإنجاز ضمن أحد الأطر النظرية المكتشفة في القراءات السابقة. إن للخطوة المتعلقة باختيار الإطار النظري أهمية كبرى ، و ذلك لما لهذا الإطار النظري من دور مهم سواء في طرح التساؤل الأولي و تحديده ، أو المساهمة في بناء الفروض التي تمكن الباحث لاحقا من صياغة الإجابة المتناسقة مع هذا التساؤل الأولي .
تأخذ هذه المرحلة كل أهميتها حينما يتعلق الأمر بوضع تصور لإشكالية جديدة ، فمثلا يتضح من خلال دراسة " أميل دور كايم E.Durkheim " للانتحار كيف أنه وضع تصورا لإشكاليته الاجتماعية ، و ساهم بإجابة مكنت من إثراء المعرفة التي كانت لدينا حول هذه المشكلة ، لكن يجب التحلي بالتواضع فإن حدث و تمكنا من إعداد إشكالية جديدة تستخدم سابقاتها و تتعداها فإنه من الأحسن الاتسام باليقظة و الحذر. و ذلك لأنه قبل كل شيء ينبغي القيام باختيارات ، فلا يمكن شرح كل شيء في وقت واحد ، و كذلك فإن كل المداخل المتعلقة بأية مشكلة ليست متسقة فيما بينها ، فقد تكون ثمة رغبة متواترة تدفع إلى جمع كل وجهات النظر المحتملة و دمجها فيما بينها بحجة الوصول إلى الكمال ، غير أن هذا الإجراء غالبا ما يؤول بالبحث إلى الانزلاق في تأملات غامضة و غير منسجمة.
و في أغلب الأحيان بتعلق الأمر بإدراج مشروع البحث ضمن إطار نظري معد من قبل كما هو الشأن في مثال التسرب المدرسي. ففي هذه الحالة وضمن المرحلة الزمنية الثانية فإن العمل المزمع إنجازه يقتصر على الاستغلال الجيد لكل الوسائل النظرية المتوفرة، لذلك فالمسألة إذا تبقى في معرفة نوع الإطار النظري الذي يمكن إدراج العمل ضمنه. إن الموقف المنطقي يتطلب اختيار الإطار النظري الذي يبدو ذا علاقة أكبر بالتساؤل الأول و بالمعلومات المستسقاة من المقابلات الاستكشافية ، و كذا بالبيانات الإحصائية المتوفرة ، ففي ضوء الإشكالية المختارة سيأخذ التساؤل الأولي المعنى الخاص و الدقيق لشكله النهائي ، كما سيتضح التوجه النوعي الذي ستبحث ضمنه الإجابة عن هذا التساؤل . و حينما يكون التساؤل الأولي غير محدد تحديدا دقيقا مسبقا ، فإن الاختيار لإشكالية ما يصبح الفرصة الأخيرة لصياغتها صياغة سليمة ، و اعطائها هذا المعنى الخاص و الدقيق الذي من شأنه أن يجعل البحث هادفا


ثالثا : مرحلـة توضيـح الإشكاليـة:

إن توضيح الإشكالية معناه دقة التحديد للطريقة الشخصية في طرح المشكل.
و الإجابة عنه ذلك حتى و إن كان يدرج ضمن إطار نظري يتم اختياره بوضوح و حينما نكون بصدد مرحلة توضيح الإشكالية توضيحا معمقا ، فقد لا نمتلك أحيانا كل الوسائل النظرية الضرورية ، الأمر الذي يستدعي على أقل تقدير إجراء قراءات مكملة ، فمثلا و من خلال المثال السابق ، قد يـكون مفيدا القيـام بقراءة المفاهيم التي أصبحت شائعـة في الحديث العـادي ، و تحديدها تحديدا دقيقا ، و من هنا تظهر ضرورة الدروس النظرية ، المتبعة بالموازاة للتكوين المنهجي و تنال الأطر التصورية المجردة كل الأهمية.
إن توضيح الإشكالية معناه الوصف الدقيق للإطار النظري الذي يندرج ضمنه المسعى الشخصي للباحث ، أي تحديد المفاهيم الأساسية و الارتباطات الموجودة فيما بينها ، و كذلك رسم البناء المفاهيمي المتضمن لاختيار المقترحات ، و التي بدورها سيتم إعدادها لاحقا كإجابة على التساؤل الأولي. فمن هنا يتم وضع المخطط الذي يبنى عليه نموذج التحليل ( و هي مرحلة لاحقة من البحث ) و كذلك رسم الخطوط العريضة لهذا البناء الذي يسمى أحيانا بالفرضية العامة أو الموجهة. لكن نقول من الآن أن الإشكالية لا يمكن أن تبلغ الغاية فعلا إلا ببناء نموذج التحليل ، و صفوة القول .. فإن الإشكالية هي الإطار النظري الشخصي ، الذي من خلاله يتم طرح المشـكل و تتحدد الإجابـة عنه لاحقا.. و إن كلا من التساؤل الأولي ، و الاستكشاف و الإشكالية يمثل الخطوات الثلاث الأولى من مخطط البحث و التي يسودها تفاعل جلي فيما بينها. و تناول عملية إعداد الإشكالية أهمية كبرى خصوصا حينما يتعلق الأمر بطرح إشكالية جديدة و مع ذلك فالإشكالية في حد ذاتها تبقى خطوة ضرورية حتى و إن كان موضوعها يندرج ضمن إطار نظري موجود من قبل

إن إعادة صياغة التساؤل الأولي ضمن المفاهيم الخاصة بالمخل المختار ، و كذلك فتح آفاق للإجابة عنه ليست عمليات بسيطة و هينة ، ذلك حتى و إن تعلق الأمر بنظرية معروفة ، فإن إعادة صياغة الإشكالية بطريقة واضحة و منسجمة هو أمر ضروري لأن إهمال هذه العملية من شأنه أن يؤدي غالبا بالباحث المبتدئ إلى الفشل في المرحلة الموالية المتعلقة بالبناء و ستكون فروض هذا البناء متسمة بالسطحية و التفكك و من ثم فإذا كانت مرحلة البناء فاشلة فإن البحث كله سيكون كذلك.

الإشكاليـة و البنـاء المنهجـي في البحث السوسيولوجـي

أود أن أتحدث هنا عن جانب أراه في غاية الأهمية عند إعداد رسالة جامعية ، و يتعلق الأمر بكيفية طرح إشكالية بحثية معينة في مجال الدراسات السوسيولوجية ، و تأسيس بناء منهجي تتكامل فيه عناصر البحث و في هذه الحال لا أدعي تقديم نموذج مثالي ينهض عليه البحث السوسيولوجي أو عرض تصميم يتخذ كأسلوب في إعداد الأطروحات الجامعية ، بل أحاول إثارة بعض القضايا التي أراها تمثل أولويات الاهتمام في إعداد الرسائل الجامعية.لهذا أعتقد أن كلا من الإشكالية و البناء المنهجي يشكلان فيما بينهما العمود الفقري الذي يقوم عليه البحث السوسيولوجي ، فالتحكم في طرح الإشكالية و وضع بناء ينطبق لقضايا ضمن سياق منهجي يتوفر على التساند الوظيفي بين مكوناته ، من شأن ذلك المقاربة من إعداد رسالة جامعية تتوفر على الشروط العلمية .
و إذا ما تناولنـا التراث المعاصـر في المنهجية ، لاحظنا اهتماما بكيفيات طرح الإشكالية و علاقتها بالبناء النظري للدراسة ، ثم علاقة هذا البناء بالممارسة العلمية للبحث الاجتماعي.
و أعتقد أن مثل هذا الاهتمام يشجع كثيرا على مزيد من الدراسة و التقصي للبناء المنهجي الذي يطرح بصورة ميكانيكية ، رغم خضوعه لإجراءات و مراحل محددة ترتبط فيما بينها بطريقة دينامية تبادلية.
و قبل أن نشرع في تقديم صورة مبسطة عن الإشكالية و البناء المنهجي ، يتعين علينا الإشارة إلى بعض الملاحظات الأولية و أول هذه الملاحظات يتعلق بتكامل و تساند عناصر البناء المنهجي ، فعند مناقشة الإشكالية فإنه لا يمكن عزلها عن السياق الذي تطرح فيه ، و طبيعة التوجه النظري و الظاهرة البحثية ...إلخ . أما ثاني هذه الملاحظات فتتصل بصعوبة الصياغة العلمية للإشكالية في غياب الإطلاع الواسع على المستويين النظري و المنهجي ، و في ضوء هذه الملاحظات يمكننا البدء في تناول الإشكالية و البناء المنهجي في البحث السوسيولوجي ، و ذلك من حيث النظر إلى الإشكالية كمكون أساسي من مكونات البحث ، فضلا عن فحص و تبيان كيف تتكامل عناصر البناء المنهجي.

أولا / الإشكالية كمكون للبحث:

على الرغم من كثرة المحاولات التي تتناول الإشكالية كإحدى المكونات الأساسية في البحث الاجتماعي ، إلا أن المعلومات و الشواهد المتاحة لدينا تؤكد أن عدد كبيرا منها يرتبط بالناحية التجريدية أكثر من ارتباطها بالناحية العلمية خاصة في البحث السوسيولوجي الذي يفرض علينا فهمه ، و معرفة حدوده و ضبط العناصر البنائية المكونة له ذلك باعتباره عنصرا في نسق التفكير العلمي .و لما كان البحث السوسيولوجي صورة من صور البحث العلمي ، فهو كذلك تطبيق لعملية التفكـير المنظـم المنتج ، أي أنه وسيلة للدراسة يمكن بواسطتها الوصول إلى حل لمشكلة محددة و ذلك عن طريق النقد الشامل و الدقيق لكل الشواهد التي يمكن التحقق منها و التي تتصل بمشكلة محددة .هذا الأمر يجرنا إلى النظر إلى عملية البحث السوسيولوجي كنشاط يمثل وحدة واحدة ، يمتزج فيها الجانب المعرفي بالجانب المنهجي ، و يتفاعل ضمنها الطرح النظري بالشواهد الميدانية ، و من ثم لا يوجد فاصل بين ما يسمى عند البعض بالنظري و التطبيقي  و عليه فثمة بحوث تنطلق مباشرة من الميدان مدمجة المعطيات الأمبريقية و الشواهد المحسوسة بالتراث السوسيولوجي أو العكس. و في هذا الإطار ينبغي أن نشعر إلى أن الباحث السوسيولوجي ينبغي أن يكون " براغماتيا " في التعامل مع المعطيات النظرية و الشواهد الأمبريقية على حد سواء ، و بالتالي لابد أن يطرح عن نفسه في كل مرة مثل هذه التساؤلات :

ـ ما هو الشيء الذي أبحث عنه ؟
ـ لماذا أبحث عنه ؟
ـ كيف أوظفه ضمن السياق العام للبحث ؟
إن عمليـة البحث السوسيولوجي تسير في مجموعـة من المراحل المتتابعـة تتابعـا منطقيا و المتساندة في أدائها الوظيفي بدءا بمرحلة التصور ( بناء الإشكالية ) فالمرحلة التجريبية ( التنفيذ) ثم مرحلة التفسير ( الشرح و التحليل ). و ذلك سعيا للوصول إلى صوغ المفهومات و التحقق من القضايا و وضع النظريات ، و بذلك تسعى عملية البحث السوسيولوجي ـ بكل ـ ما يستند إليه من عناصر البناء المنهجي إلى إقامة البناء النظري للعلم
ضمن هذا السياق فإن طرح إشكالية ما و بناء قضاياها يكون مسبوقا بصياغة تساؤل أولي وهو يمثل بداية تجسيد الشعور بمشكلة ما تدور في ذهن الباحث . و لهذا فإن بلورة الإشكالية كمـا يذهب إليـه كل من ريـمون كيفي. Raymond Quivy و لوك فون كامبنهـود
ففي المرحلة الأولى يتعلق الأمر بمعاينة المشكلة كما هي مطروحة في التساؤل الأولي و كما تبدو لنا من خلال القراءات و المقابلات الاستكشافية. فعمليا ، يتطلب هذا الإجراء وضع جرد لمختلف الآراء و تبيان أوجه الارتباط و التعارض فيما بينها و كذلك إبراز الإطار النظري الذي سيستخدم كمرجعية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة .و على هذا الأساس ، فإن تحديد المداخل المتنوعة للمشكلة يدفعنا في المرحلة الثانية إلى محاولة وضع إشكالية البحث ضمن إطار ، أي أن الباحث في هذه المرحلة التي تسمى مرحلة طرح إشكالية أي بناء إشكالية ، و هذا إما بوضع تصور لإشكالية جديدة و إما بإدراج هذا الإنجاز ضمن منظور نظري يكتشفه الباحث من خلال القراءات السابقة ، و عليه فإن اختيار افطار النظري أو ما يسمى بمرجعية البحث له دور مهم سواء عند طرح التساؤل الأولي أو عند بناء الفروض التي تمكن الباحث لاحقا من صياغة الإجابة المتناسقة مع التساؤل الأولي.
تأخذ هده المرحلة كل أهميتها حينما يتعلق الأمر بوضع تصور لإشكالية جديدة ، لكن ينبغي على الباحث في هذه المرحلة أن يتحلى بالتواضع و الحذر ، ذلك أن المداخل المتعلقة بأية مشكلة ليست متسقة فيما بينها ، و قد تكون للباحث ثمة رغبة متواترة تدفع به إلى جمع كل وجهات النظر المحتملة و دمجها فيما بينها بحجة الوصول إلى الكمال ، غير أن مثل هذا الإجراء غالبا ما يؤول بالباحث إلى الانزلاق في تأملات غامضة و غير منسجمة ، فلا يمكن شرح كل شيء في وقت واحد و لكن في أغلب الأحيان يعالج مشروع البحث ضمن إطار نظري معد من قبل ، لهذا فالعمل المزمع إنجازه يقتصر على الاستغلال الجيد لكل الوسائل النظرية و المنهجية المتوفرة ... و في هذه الحالة يبقى الإشكال مطروحا فقـط في معرفـة الإطـار النظـري الملائـم الذي يمكـن إدراج العمـل ضمنـه
أما في مرحلة توضيح الإشكالية و شرح قضاياها فإن هذا الإجراء يدعو الباحث إلى التحديد الدقيق لقضايا الإشكالية و بالتالي الطريقة الشخصية في طرح المشكلة حتى و إن كان ذلك يندرج ضمن إطار نظري معروف ، إلا أن العملية ليست هينة ، فالأمر يتطلب التحكم في المفاهيم الأساسية و الوصف الدقيق للمنظور الذي يندرج ضمنه المسعى الشخصي للباحث
هذا المنظور تتحكم فيه عوامل موضوعية تدفع الدارس للبحث عن الحقيقة بكل دلالتها . و هذا لا يتأتى بطبيعة الحال إلاّ إذا كانت المشكلة البحثية مصاغة بطريقة علمية تقبل الاختبار، كما تجيء في هذه الحالة محدودة على مستويات ثلاثة : الصياغة ، المفاهيم ، الطرح ، هذه الثلاثية تتطلب بالضرورة تفكيك الإشكالية إلى عناصرها الأولية و تجنب الأحكام الذاتية. و هذا في إطار الارتباط بوجهات نظرية و منهجية تحدد للباحث مساره البحثي. و من هذا المنطلق يمكن القول أن تحديد الإشكالية وفق بناء نظري محدد مطلب علمي لا يمكن تـجاوزه ، على اعتبار أن المشكلـة البحثية هي نقطة الانطلاق شريطة أن تكون واضحة و محددة تحديدا دقيقا يمكن التعامل معها سواء في طرح الأسئلة أو في صياغة الفروض و من ثم التجسيد الأمبريقي لها..


ثانيـا: البناء المنهجي و صورة التكامل :

يقول إميل دور كايم ، يجب أن نعلم قبل البدء في البحث عن الطريقة التي تتناسب مع دراسة الظواهر الاجتماعية حقيقة الظواهر التي يطلق عليها الناس هذا الإسم من هذا المنطلق يسعى الدارسون في مجال علم الاجتماع إلى تحقيق هدفين مثاليين من أهداف العلم :
ـ وضوع الرؤية.
ـ الدقة القاطعة.
و يرتبط تحقيق هذين الهدفين بمدى التحكم في وضع بناء منهجي يسود عناصره التساند الوظيفي و الارتباط المنطقي لقضايا الإشكالية ، و هو أمر اتسم بمناقشات عديدة آلت إلى خلاف في الرؤى و تباين في التبرير. و في ذلك يقول " روبرت مبرتون " معبرا عن هذا الوضع : " إن علماء الاجتماع يقسمون إلى فئتين إحداهما ترى أن ما تقوله قد يكون صادقا و لكنها على يقين من أن ما تقوله له دلالة علمية ، و الأخرى ترى أن ما تقوله قد لا تكون له دلالة و لكنها على يقين من صدق ما تقول
في الواقع أن هذا الخلاف يعكس تفاوتا في أسلوب الإدراك المعرفي للظواهر الاجتماعية ... و يستند التفاوت في هذا الأسلوب إلى عنصرين :
ـ عنصر يعكس الاختلاف بينهما في طريقة التفكير ؛
ـ عنصر يشير إلى تباينهما في أسلوب التعبير عن نتائج هذا التفكير .
و عمليا تتحدد عملية البحث وفقا لنقتين هما :
ـ نوع الظاهرة التي يخضعها الباحث للملاحظة.
ـ نموذج التفسير الذي يستعين بع في شرح النتائج.
و بالنظر إلى هاتين النفطتين يتشكل البناء المنهجي من مجموعة من العناصر التي تحدد مسار عملية البحث ، و هذا بمثابة تصور استقراري لعناصر البناء المنهجي في علم الاجتماع ، و هذه العناصر هي :
ـ الاتجاهات المعرفية للبحث السوسيولوجي ؛
ـ الاتجاهات المنهجية للبحث السوسيولوجي ؛
ـ الأدوات المستخدمة في جمع المعطيات من الواقع الاجتماعي ؛
ـ الأساليب العامة لدليل و تنظيم و تفسير هذه المعطيات.
أما إذا أخذنا في الاعتبار ( المشكلات ) و التفسير كعنصرين في عملية البحث السوسيولوجي ، و هو تصور دينامي لهذه العملية ، فإننا نواجه عند إجراء البحث باحتمالات أربعة هي:
ـ الاحتمال الأول: تكون فيه ( المشكلات ) و التفسيرات على المستوى الجزئي ، و في هذه الحالة يتم الاقتصار على المفاهيم العملية على الوقائع المحسوسة فقط ، و من ثم يختار الباحث مشكلاته و يقيم تفسيراته على أسس أمبريقية خالصة ، و هو أسلوب يتميز به البحث الذي يعتمده أنصار الاتجاه الأمبريقي.
ـ الاحتمال الثاني: تكون فيه ( المشكلات ) و التفسيرات على المستوى الشامل بحيث يختار الباحث موضوعا عاما يتميز بالتجريد و القيام بعملية التفسير استنادا إلى البناء الاجتماعي العام. و هذا النوع تتميز به البحوث و الدراسات الكلاسيكية في علم الاجتماع.
ـ الاحتمال الثالث: تكون فيه ( المشكلات ) على المستوى الجزئي و التفسيرات على المستوى الكلي ، كأن يبدأ الباحث دراسته لعناصر محددة ثم يحاول وضع تفسيراته لهذه العناصر في مفاهيم كلية لها صفة الشمولية.
ـ الاحتمال الرابع: تكون فيه المشكلات ذات طابع كلي و التفسيرات على المستوى الجزئي ، و في هذه الحالة يختار الباحث موضوعا ذا شمولية ( واسعا ) ثم يقيم تفسيراته بالرجوع إلى الإحصائيات و الوقائع الأمبريقية.
إن هذه الاحتمالات تعكس لنا التصور المنهجي في كل حالة و بالتالي صورة البحث المرتبطة بحدود الموضوع و كيفية معالجته ، ففي الاحتمالين الأخيرين ( الثالث و الرابع ) يمكن ملاحظة أن الباحث يعتمد إما على النظرة الجزئية أو الكلية في مرحلة اختيار ( المشكلات ) و كذلك الحال بالنسبة لمرحلة التفسير و هو أمر يؤدي إلى الهوة بين المرحلتين ولا يخلق ارتباطا منطقيا بينهما. و بالتالي لا يحقق النموذج المثالي الذي ينبغي أن يكون عليه البحث السوسيولوجي.
و لهذا فإن التكامل المنهجي في الدراسة السوسيولوجية يتمثل في الإجراء الذي يكون فيه الباحث قادرا على التجريد في داخل المرحلة الواحدة من مرحلتي اختيار ( المشكلة ) و التفسير. أي أن الباحث يحاول أن ينتقل بين المستويين الكلي و الجزئي سواء عند اختياره للمشكلات أو عند صياغته للتفسيرات و على هذا الأساس تبدو النظرة العلمية التي توجه مسار البحث السوسيولوجي و تحدد مراحله في الروح النقدية التجريبية ، انطلاقا من التحليل النقدي للتصورات و النظريات ، و العودة إلى المشاهدة الميدانية لتصحيح المفهومات و كذلك النظريات ، و ذلك في ضوء حركية الحوار بين المتصور و المشاهد. لأن البحث ليس عملية ميكانيكية تتم بانفصام الفكر عن الواقع.
و كما يذهب " كلود برنار " فإن المناهج لا يمكن أن تدرس نظريا كقواعد عامة تفرض على الباحث السير وفقا لها ، إنما تتكون في داخل المعمل الذي هو معيد العلم الحقيقي و إبان الإتصال المباشر بالوقائع
و صفوة القول ، فإن الإشكالية تشكل عنصرا بنائيا هاما في عملية البحث السوسيولوجي فهي بمثابة الإطار النظري الشخصي المتضمن لصياغة المشكلة و تحديد أبعادها حتى و إن كان موضوع الدراسة يندرج ضمن نظرية معروفة.
كما أن القيمة المنهجية لإجراءات البحث السوسيولوجي رهينة بالدور الوصفي لهذه الإجراءات نفسها ، و أن صورة التكامل المنهجي المرتبطة بوضوح الرؤية و تحقيق الدقة تظهر في قدرة الباحث على المزج بين النظـرة الشمولية ( الحدسيـة ) في تحديد بنـاء الواقع الاجتماعي و كذلك في محاورة هذا الواقع بالاستناد إلى الشواهد الميدانية ضمن نظرة تحليلية نقدية في سياق منهجي واضح المعالم.
و على هذا الأساس ، يبدو جليا أن الإشكالية يمكن تحديدها بطرق مختلفة ، لكنها تتفق في الشروط الإجرائية و النظرية مثل صياغتها بطريقة يمكن اختبارها ، وضوحها ، تمحورها حول فكرة أساسية ، ارتباطها بنتائج الدراسات السابقة ، وضوح مفاهيمها و ترابط مكوناتها واندراجها ضمن سياق نظري محدد.

فروض البحث: ماهيتها وأنواعها وشروطها ومصادرها

 أولاً: مقدمة:

1- تعرف الفروض Hypotheses بأنها إجابة مؤقتة عن الأسئلة البحثية التي تطرحها مشكلة الدراسة، وتتم صياغتها في شكل علاقة بين المتغير المستقبل والمتغير التابع، أو هي توقعات خاصة للباحث يتصورها من خلال المتغيرات الخاصة بمشكلة البحث.
2- من الخصائص التي يتميز بها الفرض العلمي أنه يحدد أولاً المتغيرات التي ستتمحور حولها الدراسة، ويشير ثانيًا إلى النتائج المتوقع الوصول إليها، وأخيرًا هو بمثابة محاولة لتفسير ظاهرة معينة تستدعي اختبارًا للتثبت من صدقها.
3- توضع الفروض بعد تحديد مشكلة البحث أو الظاهرة المراد دراستها، وبعد الدراسات السابقة والتعليق عليها؛ لأنها في الأساس معتمدة عليها، وعلى نتائجها، ومستمدة منها.
4- تتم صياغة الفروض بغرض اختبارها، وهي مرشحة للقبول أو الرفض على حدٍّ سواء، ومن ثَم فإنه ليس من الضروري أن تكون جميع الفروض صحيحة.
5- هناك دراسات تتكون من فرض رئيس ودراسات أخرى لها أكثر من فرض، ومن الأفضل أن يستخدم الباحث عدة فروض.

6- تختلف الإجراءات والتصميم المستخدم والأدوات والمعالجة الإحصائية من فرض إلى فرض، وأحيانًا في الفرض الواحد.


7- تفسر الفروض - بصورة تقريبية - أنماطًا سلوكية محددة، ترتبط بظاهرة ما، أو حدث ما، أو واقعة أو مشكلة تامة حدثت يتم التفسير عنها، ويتوقع الباحث أنها سوف تحدث في المستقبل.

ثانيًا: شروط صياغة الفروض:

هناك مجموعة من الشروط والضوابط التي يجب مراعاتها؛ حتى تكون الفروض قائمة على أسس صحيحة، وهي:
1- أن يتوقع الباحث أن تعطي فروضه حلاًّ فعليًّا للمشكلة التي يدرسها.

2- الوضوح والإيجاز: بمعنى أن تكون العبارات التي تصاغ فيها الفروض واضحة ومختصرة، وموجزة توحي بوجود علاقة بين المتغيرات.
3- القابلية للاختبار بمعنى ألا تكون ذات عمومية بطريقة يستحيل التحقق منها.
4- أن تعرف المصطلحات التي تتضمنها الفروض إجرائيًّا بألفاظ تجعلها قابلة للقياس.
5- أن تكون صياغة الفروض خالية من التناقض، وألا تكون منافية لوقائع علمية مُتفق عليها، وأن تكون متسقة مع نتائج البحوث الأخرى التي سبقتها في مجالها.
6 - أن تكون خالية من الأحكام ذات الصلة بالقيم، وألا تتناول العقائد، فالعقائد لا تخضع للتحقق.

ثالثًا: المصادر التي تساعد الباحث على وضع الفروض: 
1 - أقوى الفروض هي تلك التي يستخلصها الباحث من خبرته المتخصصة في ميدان معرفي معين، ومن اطلاعه وقراءاته في النظريات والدراسات السابقة المتعلقة بموضوع دراسته، وعلى الباحث أن يتأكد في حالة تبنيه لنظرية ما يشتق منها فروضه، أن هذه الفروض تعبر عن بعض مضامين تلك النظرية.
2- الخيال العلمي للباحث، ويشمل قدرته على الربط المنطقي بين خياله والواقع، وهذا ما يسمى بالقدرة الابداعية؛ لأنه ينطلق من ملاحظة وتجربة سابقة.
3- المصادر البيئية مثل المجتمع والمحيط الذي يعيش فيه الباحث.
4- عن طريق الحدس أو من خلال توليفة من كل هذه الأساليب المذكورة.

رابعًا: أنواع الفروض: 
يقسم الباحثون الفروض إلى فروض بحثية وفروض إحصائية: 
تُصاغ الفروض البحثية بطريقة إثباتية تقريرية في صورة جمل قصيرة وبسيطة، يعبر من خلالها الباحث عن تفسيره لظاهرة، أو استنتاجه علاقة سببية أو ارتباطية معينة، وتنقسم إلى فروض موجهة أو مباشرة، وفروض غير موجهه أو غير مباشرة، ويقوم تبني الفروض البحثية على أساس دليل أو برهان أو حقائق علمية، يظهر من خلال الإطار النظري والدراسات السابقة للموضوع.

أما الفروض الإحصائية، فتصاغ في صورة رياضية لذلك التفسير أو الاستنتاج، يتم اختبارها من خلال الاختبارات الإحصائية المختلفة، وهي على نوعين: الفرض الصفري، والفرض البديل.
1- الفروض البحثية:
أ- الفرض الموجه:
يستخدم الباحث الفرض الموجه عندما يتوقع أن هناك علاقة مباشرة بين متغيرات الدراسة؛ سواء أكانت إيجابية، أو سلبية، أو أن تكون هناك فروق ذات اتجاه واحد محدد، كأن يتسبب وجود متغير مستقل في وجود متغير آخر تابع، أو عدم وجود متغير مستقل معين في عدم وجود المتغير التابع، أو أن تتسبب زيادة أو نقص في المتغير المستقل في زيادة أو نقص في المتغير التابع. ومن أمثلة الفرض الموجه: "كلما حصل الموظف على ترقية، زاد طموحه الوظيفي"، أو "كلما زاد دخل الفرد، قلَّ رضاه"، أو "كلما زادت الرقابة المباشرة، انخفضت معنويات الموظفين وغيرها من الأمثلة الموجهة".
ب- الفرض غير الموجه:
يستخدم الباحث الفرض غير الموجه عندما يريد أن يعبر عن وجود علاقة بين المتغيرات، لكنه لا يعرف بالتحديد اتجاه تلك العلاقة، أو لا يمكنه تحديد اتجاه معين لتلك العلاقة بين المتغيرات، أو أنه ينفى معرفة اتجاه العلاقة، ومن أمثلة هذا النوع من الفروض: "توجد علاقة بين طبيعة العمل والانتظام في الدوام الرسمي"، أو "توجد علاقة بين تسرُّب أعضاء هيئة التدريس وأنماط القيادة السائدة".
يشير الفرض غير الموجه إلى وجود فرق دالٍّ، لكن مستوى دلالة أو مقداره هذا الفرق هنا غير محدد، ومن ثَمَّ فالفرض هنا غير موجه؛ لأنه لم يتم تحديد مستوى الدلالة بالضبط.
2- الفروض الإحصائية:
الفروض الإحصائية عبارة عن جملة أو عدد من الجمل تعد باستخدام بعض النماذج الإحصائية ذات العلاقة ببعض خصائص مجتمع البحث، والتي تستخدم من أجل تأكيد العلاقات أو السببية أو الارتباط بين المتغيرات، والتي يسهُل اختبارها إحصائيًّا على شكل فرض صفري أو فرض بديل، وبالتالي قبول أو رفض الفرض الإحصائي، ويمكن تعريف كل منهما كما يلي:
أ- الفرض الصفري:
يسمَّى هذا الفرض بفرض النفي؛ حيث يقدم الباحث فرضه على أنه لا يوجد هناك أي علاقات أو فروق ذات دلالة إحصائية بين متغيرات الفرض، وأن الفرق المتوقع يساوى صفرًا، وإذا حصل أن هناك علاقات ضعيفة أو فروقًا بسيطة، فإن مرجع ذلك إلى الخطأ في تصميم البحث، أو اختيار العينة أو لمجرد الصدفة.
وعند ظهور علاقات أو فروق جوهرية بين متغيرات الدراسة، فإن ذلك يستوجب رفض الفرض الصفري، وقَبول الفرض البديل الذى يمكن أن يستخدم في بعض الأحيان كفرض بداية.
وتتم صياغة الفرض العلمي في الدراسات التجريبية عادة في شكل فرض صفري؛ مثال ذلك: "لا توجد أية اختلافات ذات دلالة إحصائية بين متوسطات تواتر استخدام مصادر المعلومات الرسمية وغير الرسمية من قِبَل الباحثين في كل من العلوم الطبيعية العلوم الاجتماعية والإنسانيات".
ومن عيوب الفرض الصفري أنه نادرًا ما يكون معبرًا عن التوقعات الحقيقية للباحث، أو النتائج الحقيقية للدراسة.
ب- الفرض البديل:
يقصد بالفرض البديل أنه بديل عن الفرض الصفري، ويأتي الفرض البديل على أساس غير صفري بمعنى أن الباحث يرى عكس ما ورد في الفرض الصفري؛ أي: إن هناك علاقات أو فروقًا ذات دلالة إحصائية بين متغيرات البحث، وتستخدم هذه الصياغة كحلٍّ مناسب لوجود علاقات أو فروق حتى ولو كانت بسيطة بين متغيرات الدراسة، والتي يعزوها الباحثون في حالة الفرض الصفري إلى الأخطاء الصدفية أو أخطاء في العينة؛ حيث يرون أن هذه الطريقة أفضل في صياغة الفروض. 
وعندما يملك الباحث أسبابًا محددة يتوقع منها وجود فروق ولمصلحة طرف معين، يكون الفرض على النحو التالي: "يكون مستوى القلق عند الطلبة الذين يملكون درجات ذكاء عالية أعلى من مستوى القلق عند الطلبة الذين يملكون درجات ذكاء منخفضة"، ويسمى هذا بالفرض البديل المتَّجه.
وعندما يملك أسبابًا محددة بوجود فروق دون أن يكون قادرًا على توقع اتجاه هذه الفروق لمصلحة أي من الطرفين؛ مثل: "يوجد فرق في مستوى القلق بين الطلبة الذين يملكون درجات عالية، والطلبة الذين يملكون درجات ذكاء منخفضة"، يسمى بالفرض البديل غير المتجه.

خامسًا: اختبار الفروض:

يعتبر اختبار الفروض محور البحث، ولكي يختبر الباحث فرضًا، فإن عليه أن يحدد العينة، ثم يحدد ما هي أدوات القياس المستخدمة، والإجراءات التي سوف يستخدمها؛ حتى يتمكن من جمع البيانات الضرورية، وبعد الانتهاء من جمع البيانات يجب عليه تحليل تلك البيانات التي جمعها على نحو يُتيح له أن يحدد صدق ذلك الفرض، باستخدام معالجات إحصائية معينة؛ ليُبرهن على صحة الفرض، أو عدم صحته؛

سادسًا: تنبيه:

يلجأ بعض الباحثين إلى الفروض غير الموجهة -ومنها الفروض الصفرية -كحيلة هروبية يتخلصون بها من الجهد المعرفي اللازم لبناء إطار نظري سليم للبحث، ومما يؤسف أن كثيرًا مما يطلق عليه الإطار النظري لبعض البحوث، ليس إلا مجموعة أفكار متناثرة قد لا يربطها رباط، وهذا في حد ذاته يفقد البحث الصلة بين نظريته وفروضه، وبهذا يفتقد الوحدة الأساسية اللازمة له.
ا

المؤشر وشروط بنائه وأنماطه

-تعريف المؤشر: هو الذي يشير أو يوجه الانتباه إلى شيء ما أو هو الذي يؤشر أو يشير إلى درجة تزيد أو تنقص من الدقة، وهو أداة مهمة تسمع بالمقارنة وتحديد التقدم نحو الهدف   إن المؤشرات في منهجية البحث العلمي تعني تجسيد دلالة المفهوم ميدانيا والأقرب الى الواقع، ويجب أن لا تقل مؤشرات المتغير أو المفهوم عن مؤشرين وأن تراعي متطلبات الدلالة الاجرائية للمفهوم والذي هو في حد ذاته متغيرا.

-شروط بناء المؤشرات:

-ضرورة وجود إطار نظري يساعد على تحديد مفهوم وجوهر البعد أو الجانب المراد صوغ مؤشر حوله مثال ذلك اتجاها نظريا يعني بمتوسط الدخل الفردي فيصدر حكما على تحسين أوضاع البشر، ويساعد الاطار النظري على تحديد مستويات التحليل ووحداته وبالتالي وحدات القياس التي سيبنى المؤشر عليها فالاطار النظري هو الذي يحدد هوية المؤشر ويساعد على صوغه وبنائه.

-تحديد هدف المؤشر تاريخيا وديناميكيا وهذا يعني أن يعكس حالة البعد أو الظاهرة المراد التأشير عليها في فترة مضت وفي وضعها الحالي وأن يحمل رؤية مستقبلية.

-أن يكون المؤشر قادرا على تجميع وحذف واضافة وطرح الوحدات التي يقيسها بمعنى أن لا يكون المؤشر صالحا فقط لدراسة أوضاع الأفراد منفصلين بل دراسة أوضاع الجماعات التي ينتمي إليها الأفراد على أن ثمة حدود للتجمع والتخصيص منها:

-أن يكون المؤشر مساعدا على المقارنة بين الأفراد داخل الجماعات والطبقات المراد تحديد أوضاعها وفهمها، بمعنى أن يركز المؤشر على الخصائص المشتركة بين الأفراد والجماعات >فبناء مؤشر حول جماعة ما لا يقابلها مؤشرات مماثلة لدى الجماعات المقابلة لها لا يساعد على المقاربة.

-أن يحوي المؤشر في داخله تدرجات ذات مسافات متساوية منطقية وواقعية وصادقة فاذا قسمنا الدخل الى فئات كبيرة كأن نقول ألف دينار فأقل وألف دينار جزائري فأكثر فإننا لا نحصل على مؤشر واقعي بل يمكن أن يساعد هذا المؤشر على تشويه الواقع واختزال حقائقه.

-أن يكون المؤشر دالا وصادقا وبسيطا يسهل استخدامه وتوظيفه.

-أنواع المؤشرات: هناك عدة أنواع من المؤشرات هي:

-المؤشرات النوعية والعامة.

-المؤشرات الكيفية والكمية: ثمة أبعاد يمكن صوغ مؤشرات كمية حولها كالدخل وحجم الملكية وكيفية كتغير قوانين الملكية

-المؤشرات البسيطة والمؤشرات المركبة: هي مؤشرات لا تتجاوز المتوسطات وتعنى ببعد واحد، في حين أخرى تقتضي تركيب أكثر من مؤشر كالمؤشرات الطبيعية والتوزيعية

خلاصة.    أول ما يختار الباحث موضوع بحثه فهو بذلك قد حدد متغيرات الدراسة التي تتضح أكثر بعد التحديد الاجرائي للمفاهيم، هذا الأخير الذي يحدد الحالات التي يمكن أن يكون عليها المتغير باعتبار أنه يأخذ عدة حالات، يقوم الباحث بتحديدها شريطة أن يلتزم بها في بحثه. والمؤشرات ما هي إلا توضيحا لمفهوم ودلالة كل بعد للمتغير.

 

من المجتمع إلى العينة

1      

   إن العينة تعريفا هي وحدات الاستطلاع الميداني التي تعكس خصائص مجتمع البحث بما يلزم من تمثيلية كمية وكيفية.لاختيار عينة البحث، هناك بعض الخطوات التي ينصح باتباعها للحصول على عينة مناسبة للدراسة أو البحث:

  1. تحديد الوحدة المستخدمة: هل وحدات العينة هم أفراد أم شركات؟ مثلا، قد تكون الدراسة تهدف إلى دراسة الاختلافات بين الأفراد بينما في دراسة أخرى، قد يكون الهدف هو دراسة مجموعة من الشركات.
  2. تحديد المجتمع الأصلي: ما هو المجتمع الأصلي للدراسة والذي يسعى الباحث إلى الحصول على عينة ممثلة له. مثلا: إن كانت الدراسة أو البحث تهدف إلى دراسة كافة الشركات الكبرى في دولة ما فإن مجتمع البحث في هذه الحالة هي كافة الشركات الكبرى في هذه الدولة. لذلك، على الباحث تجهيز قائمة دقيقة وحديثة بأسماء هذه الشركات حتى يتمكن من الحصول على عينة ممثلة لكل المجتمع مع ضرورة أن تكون هذه القائمة شاملة لكافة وحدات المجتمع حتى تسهل اختيار العينة منها لاحقا.
  3. تحديد حجم العينة: تحديد حجم العينة يعتمد على بعض الاعتبارات:
    1. مدى التجانس أو التباين بين وحدات المجتمع. إن كانت وحدات المجتمع متجانسة، يمكن اختيار عينة صغيرة تمثل المجتمع، بينما، إن كانت وحدات المجتمع متباينة فلا بد من اختيار عينة أكبر للتقليل من مقدار الخطأ.

الإمكانيات والموارد والوقت المتاح للباحث لجمع البيانات. فإذا كان الوقت المتاح ليس كافيا، هناك صعوبة في اختيار عينة كبيرة وجمع البيانات منها

               

 

 

 

    = لعل الهدف المنهجي الأساسي لاستخدام العينات هو إمكانية تعميم نتائج البحث على مجمل المجتمع الدراسي موضوع البحث وهذا ما يعرف بالصلاحية؛

      = لا تتحقق صلاحية العينة من غير تحقيق شرط سابق ألا وهو هو ما يعرف بالتمثيلية الكافية؛

      = إلا أن ذلك لا يتحقق من غير صعوبات:

       بعض هذه الصعوبات ذات طابع تقني أو إحصائي وعملي(تنفيذي) خاص بكل نوع، وبعضها الآخر مشترك بين أغلب أنواعها...لذلك يتم اللجوء إلى تقليص هامش الخطأ أو إلى تقويم العينة,..

إليكم السؤال الاتي

ما هي في نظرك الحاجة المنهجية التي تفرض علي الباحث استخدام المعاينة في البحث الاجتماعي و ما هي النتائج المترتبة علي هذا الاستخدام؟