إن ظاهرة الانزياح تعد ذات أهمية بالغة في الدرس النقدي كونها تعتبر ركيزة من ركائز الدراسات الأسلوبية الحديثة، التي تكشف عن التحولات المختلفة للبنى التركيبية، بين البنية السطحية الإبداعية، والبنية العميقة المثالية. وتعالج كيفية الخروج عن البنية المثالية الأصلية، وتجاوز مستوى الخطاب العادي المألوف إلى مستوى أكثر رقي وإبداعية؛ والجمالية التي تقف وراء البنى الفكرية وتأثيرها في المتلقي. لذلك سأتناول كيفية خروج المبدع عن النسق المثالي للغة ليحقق من خلال ذلك وظائف أسلوبية جمالية تُحدث تأثيراً خاصاً في النص الشعري. فالانزياح أسلوب من أساليب صياغة الكلام وتقنية من تقنيات اللّغة يسمح لنا بمعرفة مدى وعى الشاعر بجماليات توظيف اللغة الشعرية وكيفية انزياحها عن معياريتها لأغراض جمالية فنية دون الوقوع في الغموض وضبابية المعنى؛ باعتباره أحد العناصر التقنية المكونة للنصوص الشعرية القائمة على كون النص خطاب تتكامل فيها جميع العناصر. وسنركز على الانزياح التركيبي والانزياح الدلالي وكيفية تكاملها ليشكلا نسيج النص وتتجسد من خلالهما دلالته، وعلى الجانب اللغوي حيث تحدث المفارقة وتتحول اللغة المعيارية إلى لغة شعرية خاصة تتمتع بكثير من الجمالية والتأثير.