مع بدايات القرن التاسع عشر الميلادي ، أدت ظروف معينة في أوربا إلى الاهتمام بالإبداعات الشعبية ، من أهمها الحركة الرومانسية التي مثلت مظهرا من مظاهر السأم والضجر من سيطرة الآلة على حياة الأوربي، ومظهرا من مظاهر الإرادة في العودة إلى الحياة البسيطة. ولهذا كان الاتجاه إلى الاهتمام بـ " فروع الثقافة الشعبية التي تمثل روح الشعب وتعبر عنها بوضوح ، مثل اللغة والشعر والحكايات والعقائد والعادات، وكان ذلك بسبب الارتباط بالتراث الذي بعثته آداب هذه الحقبة".[1]
يضاف إلى ذلك عامل الاهتمام بمظاهر حياة الشعوب البدائية والبعيدة وفنونها وإبداعاتها الذي تبع حركة الكشوف الجغرافية وحركة الاستعمار. كما أنّ كثيرا من الدارسين والمفكرين الأوربيين أدركوا أنّ إثبات القوميات الأوربية لنفسها يمكن أن يتمّ من خلال جمع عناصر التراث الشعبي لهذه الأمم ودراسته..
هذا ويرى ألكسندر هجرتي كراب أنّه قد حدثت موجتان عظيمتان من الاهتمام بالفلكلور. إحداهما تلك التي صاحبت حركة اكتشاف الإنسان لنفسه ( حركة النهضة) ، والأخرى رافقت حركة اكتشاف الإنسان المفكّر للرجل العادي ( الثورتان الفرنسية والصناعية)[2].
وقبل أن نتتبّع تاريخ مصطلح الفلكلور في إنجلترا ، تجب الإشارة الى جهود الألمان المهمة في هذا الميدان ، و التي جاءت مبكرة ، و تبلورت فيما بعد في مصطلح " فولكسكندة" .
الفولكسكندة ( أو الفلكلور في البلاد الناطقة بالألمانية ):
مرجع الكلمة الى سنوات 1806و1808 عندما نشر برنتانو (Brentano) و فون أرنيم (Von Arinim ) مجموعة الأغاني الشعبية الألمانية بعنوان : بوق الصبي السحري
اما المصطلح الأول ''فولك'' فقد كان مستعملا قبل هذا التاريخ بثلاثين عاما ، اذ كان كتاب هردر ( herder ) المعنون : اصوات الشعوب في الاغاني (1808م) قد نشر قبل التاريخ لأول مرة سنة 1778م بعنوان :الأغاني الشعبية .
ولم تترجم كلمة فولكسكندة الى كلمة فلكلور ، بالنظر للاختلاف في التركيب اللغوي للمصطلح وفي موضوعات الدراسة ... فمن حيث التركيب اللغوي تعني دراسة الشعب ، او علم دراسة الشعب أي انها تشير الى العلم لا الى موضوع الدراسة .
وهي تضم فيما تضم من اشياء ، دراسة فن الفلاحين و صنائعهم[3] .
الفلكلور:
من الناحية اللغوية تنقسم الكلمة الى قسمين ،أولهما (folk ( بمعنى الناس ، وهي من الكلمة الأنجليزية القديمة (folc ( ، وثانيهما (lore ) فتعني المعرفة او الحكمة .
فالكلمة تعني حرفيا : معارف الناس ، أوحكمة الشعب .
من الناحية التاريخية ، فإنّ أول من ابتدع هذا المصطلح هو الأثري الانجليزي "وليام جون تومز" وكان ذلك في 22 من شهر أوت عام 1846 حيث أرسل هذا الأول خطابا إلى مجلة أثينيوم ، وهي مجلة تخاطب ذلك القطاع من المثقفين المهتم بالغرائب والطرائف يقترح فيه كلمة "فولكلور"، بحيث تستخدم منذ ذلك الوقت فصاعدا بدلا من عبارة الأثريات الشعبية الدارجة Popular antiquities التي يصعب جريانها على الألسن بسهولة.[4]
ويرى كثيرون أنّ جون ويليام تومز تأثّر في صياغة هذا المصطلح بالكلمة الألمانية '' فولكسكندة '' التي عرفت منذ سنة 1806م .
وقد أكدّت ''جمعية الفلكلور الأنجليزية '' التّي تأسّست سنة 1877م هذا الاصطلاح ليدلّ على دراسة العادات الماثورة والمعتقدات ، وكذلك ما كان معروفا حتى ذلك الوقت بشكل غامض بـ "الاثار الشعبية القديمة" .
تعريف الفلكلور حسب جون تومز :
يعرفه بانه : المعتقدات و الأساطير والعادات التقليدية الشائعة بين الناس ، اداب الناس ، وما يراعيه الناس ( Observances ) والخرافات والأغاني الروائية ( Ballades ) ،و الأمثال التي ترجع الى العصور السالفة .
ويلاحظ هنا تأثّر تومز بالروح الرومانسية التي سادت في عصره من حيث اهتمامه الكبير بالخرافات والعادات الغريبة والمؤثرة , والحق أن الدارسين يتفقون على أن علم الفلكلور نتاج الحركة الرومانسية.[5] هذا وقد وصف التقرير الأول جمعية الفلكلور الأنجليزية وظيفتها ومجال عملها في العبارة التالية :
>> ان الفلكور يمكن ان يطلق على ما يشمل جميع ثقافة الشعب التي لا تدخل في نطاق الدين الرسمي ، ولا التاريخ ، ولكن تنمو دائما بصورة ذاتية ،وعلى هذا فان ما في الحضارة من الموروثات ( Survivals ) الفلكلورية الباقية ، وكذلك مظاهر الفلكلورية لدى القبائل البدائية ينتمي كلاهما التاريخ البدائي للنوع الأنساني . وعند جمع وطبع هذه المخلفات او الذخائر ( Relics ) الخاصة بعصر من العصور ، من مثل هذين المصدرين المختلفين اخلافا كبيرا ، فان الجمعية ستاخذ على عاتقها تقديم ما تدعوا الحاجة اليه من المقارنات والتفسيرات التي تخدم عالم الأنتروبولوجيا بشكل واضح <<
والملاحظ من هذا النص :
- التردد في تحديد اصطلاح دقيق للفلكلور .
- وان الفلكلور لم ينشا علما مستقلا ، وانما بوصفه فرعا من الأنتروبولوجيا .
كتاب مختصر الفلكلور (1890م) لجمعية الفلكلور :
قررت الجمعية نشر مختصر للفلكلور سنة 1890م وفي مقدمته حددت الفلكلور بانه : دراسة مخلفات الماضي الذي لم يدوّن ...
وحددت عمل الجمعية بانه : مقارنة وتحقيق الموروثات من المعتقدات القديمة ، والعادات والمأثورات ، والتي ماتزال باقية الأن ...
الموضوعات التي ينتظمها الفلكلور حسب المختصر :
1 - المعتقدات الخرافية والعقائد والممارسات .
2 – العادات الماثورة .
3 – المرويات الماثورة .
4 – الأقوال الحكيمة الماثورة .
وسرعان ما تبنى الباحثون في مختلف البلدان هذا المصطلح ، ومن ثم اصبح اصطلاحا عالميا ، لا سيما وان الاهتمام بالمادة الشعبية والفلكلورية قد بدأ يتنامى في هذا الوقت ( القرن التاسع عشر ) .
ولكن ينبغي التنبيه الى أنّ المصطلح استخدم أوّل الأمر ليشير فقط إلى المادّة الفلكلورية ، ثمّ تردّد استعماله بعد ذلك ليدلّ على ذلك الفرع من العلم الذي يكرّس نفسه لدراسة هذه المادة .
مع بدايات القرن التاسع عشر الميلادي ، أدت ظروف معينة في أوربا إلى الاهتمام بالإبداعات الشعبية ، من أهمها الحركة الرومانسية التي مثلت مظهرا من مظاهر السأم والضجر من سيطرة الآلة على حياة الأوربي، ومظهرا من مظاهر الإرادة في العودة إلى الحياة البسيطة. ولهذا كان الاتجاه إلى الاهتمام بـ " فروع الثقافة الشعبية التي تمثل روح الشعب وتعبر عنها بوضوح ، مثل اللغة والشعر والحكايات والعقائد والعادات، وكان ذلك بسبب الارتباط بالتراث الذي بعثته آداب هذه الحقبة".[1]
يضاف إلى ذلك عامل الاهتمام بمظاهر حياة الشعوب البدائية والبعيدة وفنونها وإبداعاتها الذي تبع حركة الكشوف الجغرافية وحركة الاستعمار. كما أنّ كثيرا من الدارسين والمفكرين الأوربيين أدركوا أنّ إثبات القوميات الأوربية لنفسها يمكن أن يتمّ من خلال جمع عناصر التراث الشعبي لهذه الأمم ودراسته..
هذا ويرى ألكسندر هجرتي كراب أنّه قد حدثت موجتان عظيمتان من الاهتمام بالفلكلور. إحداهما تلك التي صاحبت حركة اكتشاف الإنسان لنفسه ( حركة النهضة) ، والأخرى رافقت حركة اكتشاف الإنسان المفكّر للرجل العادي ( الثورتان الفرنسية والصناعية)[2].
وقبل أن نتتبّع تاريخ مصطلح الفلكلور في إنجلترا ، تجب الإشارة الى جهود الألمان المهمة في هذا الميدان ، و التي جاءت مبكرة ، و تبلورت فيما بعد في مصطلح " فولكسكندة" .
الفولكسكندة ( أو الفلكلور في البلاد الناطقة بالألمانية ):
مرجع الكلمة الى سنوات 1806و1808 عندما نشر برنتانو (Brentano) و فون أرنيم (Von Arinim ) مجموعة الأغاني الشعبية الألمانية بعنوان : بوق الصبي السحري
اما المصطلح الأول ''فولك'' فقد كان مستعملا قبل هذا التاريخ بثلاثين عاما ، اذ كان كتاب هردر ( herder ) المعنون : اصوات الشعوب في الاغاني (1808م) قد نشر قبل التاريخ لأول مرة سنة 1778م بعنوان :الأغاني الشعبية .
ولم تترجم كلمة فولكسكندة الى كلمة فلكلور ، بالنظر للاختلاف في التركيب اللغوي للمصطلح وفي موضوعات الدراسة ... فمن حيث التركيب اللغوي تعني دراسة الشعب ، او علم دراسة الشعب أي انها تشير الى العلم لا الى موضوع الدراسة .
وهي تضم فيما تضم من اشياء ، دراسة فن الفلاحين و صنائعهم[3] .
الفلكلور:
من الناحية اللغوية تنقسم الكلمة الى قسمين ،أولهما (folk ( بمعنى الناس ، وهي من الكلمة الأنجليزية القديمة (folc ( ، وثانيهما (lore ) فتعني المعرفة او الحكمة .
فالكلمة تعني حرفيا : معارف الناس ، أوحكمة الشعب .
من الناحية التاريخية ، فإنّ أول من ابتدع هذا المصطلح هو الأثري الانجليزي "وليام جون تومز" وكان ذلك في 22 من شهر أوت عام 1846 حيث أرسل هذا الأول خطابا إلى مجلة أثينيوم ، وهي مجلة تخاطب ذلك القطاع من المثقفين المهتم بالغرائب والطرائف يقترح فيه كلمة "فولكلور"، بحيث تستخدم منذ ذلك الوقت فصاعدا بدلا من عبارة الأثريات الشعبية الدارجة Popular antiquities التي يصعب جريانها على الألسن بسهولة.[4]
ويرى كثيرون أنّ جون ويليام تومز تأثّر في صياغة هذا المصطلح بالكلمة الألمانية '' فولكسكندة '' التي عرفت منذ سنة 1806م .
وقد أكدّت ''جمعية الفلكلور الأنجليزية '' التّي تأسّست سنة 1877م هذا الاصطلاح ليدلّ على دراسة العادات الماثورة والمعتقدات ، وكذلك ما كان معروفا حتى ذلك الوقت بشكل غامض بـ "الاثار الشعبية القديمة" .
تعريف الفلكلور حسب جون تومز :
يعرفه بانه : المعتقدات و الأساطير والعادات التقليدية الشائعة بين الناس ، اداب الناس ، وما يراعيه الناس ( Observances ) والخرافات والأغاني الروائية ( Ballades ) ،و الأمثال التي ترجع الى العصور السالفة .
ويلاحظ هنا تأثّر تومز بالروح الرومانسية التي سادت في عصره من حيث اهتمامه الكبير بالخرافات والعادات الغريبة والمؤثرة , والحق أن الدارسين يتفقون على أن علم الفلكلور نتاج الحركة الرومانسية.[5] هذا وقد وصف التقرير الأول جمعية الفلكلور الأنجليزية وظيفتها ومجال عملها في العبارة التالية :
>> ان الفلكور يمكن ان يطلق على ما يشمل جميع ثقافة الشعب التي لا تدخل في نطاق الدين الرسمي ، ولا التاريخ ، ولكن تنمو دائما بصورة ذاتية ،وعلى هذا فان ما في الحضارة من الموروثات ( Survivals ) الفلكلورية الباقية ، وكذلك مظاهر الفلكلورية لدى القبائل البدائية ينتمي كلاهما التاريخ البدائي للنوع الأنساني . وعند جمع وطبع هذه المخلفات او الذخائر ( Relics ) الخاصة بعصر من العصور ، من مثل هذين المصدرين المختلفين اخلافا كبيرا ، فان الجمعية ستاخذ على عاتقها تقديم ما تدعوا الحاجة اليه من المقارنات والتفسيرات التي تخدم عالم الأنتروبولوجيا بشكل واضح <<
والملاحظ من هذا النص :
- التردد في تحديد اصطلاح دقيق للفلكلور .
- وان الفلكلور لم ينشا علما مستقلا ، وانما بوصفه فرعا من الأنتروبولوجيا .
كتاب مختصر الفلكلور (1890م) لجمعية الفلكلور :
قررت الجمعية نشر مختصر للفلكلور سنة 1890م وفي مقدمته حددت الفلكلور بانه : دراسة مخلفات الماضي الذي لم يدوّن ...
وحددت عمل الجمعية بانه : مقارنة وتحقيق الموروثات من المعتقدات القديمة ، والعادات والمأثورات ، والتي ماتزال باقية الأن ...
الموضوعات التي ينتظمها الفلكلور حسب المختصر :
1 - المعتقدات الخرافية والعقائد والممارسات .
2 – العادات الماثورة .
3 – المرويات الماثورة .
4 – الأقوال الحكيمة الماثورة .
وسرعان ما تبنى الباحثون في مختلف البلدان هذا المصطلح ، ومن ثم اصبح اصطلاحا عالميا ، لا سيما وان الاهتمام بالمادة الشعبية والفلكلورية قد بدأ يتنامى في هذا الوقت ( القرن التاسع عشر ) .
ولكن ينبغي التنبيه الى أنّ المصطلح استخدم أوّل الأمر ليشير فقط إلى المادّة الفلكلورية ، ثمّ تردّد استعماله بعد ذلك ليدلّ على ذلك الفرع من العلم الذي يكرّس نفسه لدراسة هذه المادة .
[1] فوزي العنتيل، بين الفلكلور والثقافة الشعبية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1978، ص ص: 11ـ12.
[3] إيكة هولترانكس، قاموس مصطلحات الإثنولوجيا والفلكلور، تر: محمد الجوهري وحسن الشامي، دار المعارف، ط 2، القاهرة، 1973، ص 206.
[4] د. دورسون، نظريات الفلكلور المعاصرة، تر: حسن الشامي ومود الجوهري، مكتبة الملك فهد الوطنية، ط1، الرياض، 1428ـ 2007، ص20.
[5] فوزي العنتيل، بين الفلكلور والثقافة الشعبية، مرجع سابق، ص 11.
[1] فوزي العنتيل، بين الفلكلور والثقافة الشعبية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1978، ص ص: 11ـ12.
[3] إيكة هولترانكس، قاموس مصطلحات الإثنولوجيا والفلكلور، تر: محمد الجوهري وحسن الشامي، دار المعارف، ط 2، القاهرة، 1973، ص 206.
[4] د. دورسون، نظريات الفلكلور المعاصرة، تر: حسن الشامي ومود الجوهري، مكتبة الملك فهد الوطنية، ط1، الرياض، 1428ـ 2007، ص20.
[5] فوزي العنتيل، بين الفلكلور والثقافة الشعبية، مرجع سابق، ص 11.