المحاضرة الأولى: مدخل عام في دراسة المنظمة والتنظيم
بما أنّ المنظمة هي كيان اقتصادي، واجتماعي، وسياسي تضم منظومات فرعية تعمل بصورة متناسقة ومتعاونة في إطار تصميم محدّد لانجاز مهام وتحقيق أهداف معينة، فمن خلال ذلك تعمقت واتّسع مجال دراسة المنظمات من قبل الباحثين والمتخصصين في إدارة الأعمال، لفهم دور المنظمات وتفسير سلوكها وفق نظرة شمولية لتحديد ماهية نظرية المنظمة.
أولا: ماهية نظرية المنظمة:
تمثل نظرية المنظمة وعاء فكري يحتوي على مساهمات مفكري التنظيم والإدارة ومراكز البحوث والاستشارات المتخصصة في قطاع الأعمال، وكذلك القادة الذين يهيؤون متطلبات التطبيق، ويقصد بنظرية المنظمة ذلك الحقل المعرفي الذي يهتم بدراسة كيفية عمل المنظمات، وكيفية تأثيرها وتأثرها بالبيئة التي تتواجد فيها من خلال استخدام مجموعة مفاهيم ومبادئ وفرضيات مترابطة لتفسير سلوك مكونات المنظمة، وهذا يعني أنّ نظرية المنظمة تساهم في تهيئة معرفة علمية وعملية مفيدة يتعلق بالجوانب الآتية:
- المنظمات كنظم حية مفتوحة تميل إلى التطوير والتغيير؛
- فهم طبيعة عمل المنظمات في بيئة الأعمال المتجددة؛
- تهيئة آليات تساعد في تطبيق المفاهيم والمبادئ في مجال عمل المنظمات؛
- التنبؤ بسلوك المنظمات ومحاولة بناء منظومات التحكم بذلك السلوك لغرض تطويره باستمرار.
كما اختلفت المراجع العلمية كثيرا في وضع تعريف علمي شامل للتنظيم، وعلى الرغم من ذلك يُمكن القول أن التنظيم يُعد وظيفة من أهم أحد وظائف الإدارة، ليست هدفا بحد ذاته وإنما تستخدم وسيلة لتحقيق الهدف، ومصطلح "التنظيم" في الأطُر السياسية هو ما يُطلق عليه اسم "المنظمة" في العلوم الإدارية عموما لهذا فإننا سنستخدم المصطلحين (المنظمة والتنظيم) بنفس المعنى. إن وحدة التحليل التي تتناولها نظرية المنظمة هي التنظيم الإداري من منظور شمولي Macro Perspective، فهي تحلل المنظمة ككُل وكـوحدة، وهي تخص الأفراد مجتمعين في الأقسام والمنظمات في مختلف الهياكل، بمعنى أخر أنها تدرس سُسيُـولوجية المنظمة التي تركز على النظام الاجتماعي. فنظرية المنظمة تركز على التركيب التنظيمـي والهيكل ومواضيع التنظيم والقوة والسياسة والاتصالات ...إلخ، بمعنى أنها تتناول بالتحليل دراسة الظواهر التنظيمية وأهمها: أنواع الهياكل التنظيمية وخصائصها، تصميم المنظمة، فاعلية المنظمة، أهداف المنظمة، إدارة التغيير التنظيمي وإعادة الهندسة، التطوير التنظيمي، بيئة المنظمة (أنـواعها وإدارتها)، حجم وتعقيد المنظمة ودورة حياتها، إدارة ثقافة المنظمة، إدارة الصراع التنظيمي التخطيط الاستراتيجي، الاتصال، الإستراتيجية، طبيعة العمل أو التكنولوجيا المستخدمة وأثرها على المنظمة، القوة والسياسة في المنظمات، الإبداع وحاجة المنظمات إلى الإبداع.
ثانيا: لماذا نظرية المنظمات:
تفيد نظرية المنظمات في بناء منظومة تفكير منطقية تساعد المديرين:
- رصد المشكلات التنظيمية المختلفة وتحليل أسبابها؛
- بناء نماذج فكرية لحل المشكلات التي تخضع للاختبار؛
- تستعين بأدوات قياس متنوعة تتلاءم مع طبيعة أبعاد المشكلة التنظيمية؛
- فتح نوافذ التفاعل مع حقول معرفية أخرى بقصد بناء اتجاهات فكرية متجددة في دراسة المنظمة وعملها؛
- استفادة قيادة منظمات الأعمال من التراكم المعرفي قصد تحقيق نتائج أداء متميزة.
المحاضرة الخامسة: التكنولوجيا وعلاقته بالهيكل التنظيمي
أولا: تعريف التكنولوجيا:
التكنولوجيا هي جميع الوسائل المستخدمة لتوفير كل ما هو ضروري لمعيشة الناس ورفاهيتهم. وتُعرف التكنولوجيا بأنها الأساليب والعمليات الفنية التي تستخدمها المنظمة لتغيير المدخلات (مثل المواد والمعرفة والطاقة ورأس المال) إلى مخرجات تتمثل في السلع والخدمات.
ويرى Daft أنّ التكنولوجيا هي: "الأدوات والأساليب المستخدمة لنقل أو تحويل المدخلات التنظيمية إلى مخرجات". ووفقا للعالم Khandwalla فإنّ التكنولوجيا هي التطبيق والاستخدام العلمي المنظم للمعرفة الإنسانية في المجالات أو المهام العلمية، ووفقا للمحتوى التنظيمي بالإمكان النظر إلى التكنولوجيا على أنها أحد المتغيرات الهيكلية لأنها تؤثر وبشكل مباشر ومستمر في علاقات الأفراد بالمنظمة، فالمكائن سواء كانت بسيطة أم معقدة، تؤثر في قدرات الأفراد الذاتية ومعنوياتهم وعلى مواردهم سلبا أو إيجابا، كما تؤثر في نظم الاتصال أيضا.
ثانيا: الدراسات التي تناولت التكنولوجيا وعلاقتها بالهيكل التنظيمي:
اختلفت الدراسات التي تناولت التكنولوجيا وتنوعت في نتائجها نظرا لتناولها منظمات بأحجام ومستويات مختلفة من التحليل، ولتقليل الفوضى والارتباك سيتم تناول بعض المساهمات التي كان لها دورا واضحا ومهما في تحديد العلاقة بين التكنولوجيا والهيكل التنظيمي.
- دراسة جون وود وارد Jon Woodward: درست الباحثة وود وارد (100) شركة صناعية في بريطانيا تراوحت أحجامها بين (250) إلى أكثر من (1000) عامل، وجمعت من هذه المنظمات بيانات ذات علاقة بالهيكل التنظيمي مثل عدد المستويات الإدارية، نطاق الإشراف، المكون الإداري، الرسمية،...الخ، كما جمعت بيانات مالية عن كل شركة، كالربحية والمبيعات، والحصة السوقية، وهكذا. وقد ساعدت هذه البيانات في تصنيف الشركات إلى ثلاثة أصناف، هي:
فوق هذا المعدل، المعدل، وتحت المعدل (المتوسط)، على أساس النجاح أو الفاعلية التنظيمية، لقد كان هدفها واضحا صريحا إذ حاولت معرفة مدى وجود ارتباط بين شكل الهيكل والفاعلية، صنفت "وود وارد" الشركات تبعا لتكنولوجيا طريقة الإنتاج أو ما يطلق عليه أحيانا درجة التعقيد التكنولوجي للعمليات الإنتاجية، إلى ثلاث مجموعات أساسية هي:
- إنتاج بالوحدة دفعات صغيرة (Unit Production)؛
- إنتاج واســع (Mass Production)؛
- إنتاج مستمر (Continuos Process Production).
ووجدت "وود وارد" علاقات ممتازة بين هذه التصانيف والهيكل التنظيمي كما وجدت فاعلية المنظمة ترتبط بطبيعة التلاؤم بين التكنولوجيا وهيكل المنظمة؛ حيث وجدت أن درجة التمايز العمودي (عدد المستويات الإدارية) تزداد بزيادة التعقيد التكنولوجي. كما وجدت أن المكون الإداري يتغير مباشرة مع التغير التكنولوجي، أي كلما تعقدت التكنولوجيا ازدادت نسبة الإداريين. لقد أثبت بحث "وود وارد" وجود علاقة تربط كلا من التكنولوجيا والهيكل وفاعلية المنظمة، وكانت الشركات التي تمكنت من جعل هيكلها النموذجي موائما مع نـوع التكنولوجيا التي تستخدمها هي الأكثر فاعلية. كما أشارت "وود وارد" إلى أن الفاعلية هي دالة مُلائمة للهيكل الملائم للتكنولوجيا. لذلك تكون الشركات التي تطور هياكلها كي تتكيف مع التكنولوجيا التي تستخدمها أكثر نجاحا من تلك التي لا تقوم بذلك. وأخيرا، مهما قيل بشأن بحث "وود وارد" من انتقادات لاسيما الانتقادات الخاصة بالمقياس الذي استخدمته في قياس التكنولوجيا (حيث اعتمدت على الملاحظات الشخصية)، أو تلك الانتقادات التي وُجهت إلى المقياس التي استخدمتها في قياس النجاح التنظيمي، فإن لهذه الباحثة الفضل في أنها وضعت بداية النهاية للنظرة القائلة بوجود مبادئ موحدة في الإدارة والتنظيم. فلقد شكل عملها تحول حقيقي لعلماء نظرية المنظمة من منظور المبادئ إلى النظرية الظرفية للمنظمات.
- دراسة بيرو Charles Perrow: يُعد اعتماد "وود وارد" على منظمات صناعية فقط احد المآخذ الأساسية لبحثها في تأثير التكنولوجيا على الهيكل التنظيمي، فالمنظمات الصناعية لا تمثل كل أنواع المنظمات في المجتمع، فهناك المنظمات الخدمية، والزراعية، والمالية...الخ. لذلك يتوجب إيجاد وسيلة تكون بها التكنولوجيا أكثر شمولا بالنسبة لجميع أنواع المنظمات. وهذا ما أقترحه "Charles Perrow. لقد عرف بيرو التكنولوجيا بأنهّا "الإجراءات التي يؤديها الفرد على شيء ما، باستعمال أدوات أو أجهزة ميكانيكية أو بدونها لغرض إحداث تغيير في هذا الشيء، ومن هنا فإن Charles Perrow قد بحث في تكنولوجيا المعرفة Knowledge Technology وأعتبرها أكثر أهمية من تكنولوجيا الإنتاج وأنها تعتمد على بُعدين أساسيين هما:
أ- مدى تغيير المهام: أي عدد الاستثناءات التي تواجه العامل أو الشخص في عمله. فالاستثناءات تكون قليلة في الأعمال الروتينية، والعكس صحيح أيضا؛
ب- قابلية تحليل المشكلة: أي نوع طرق البحث المتبعة في إيجاد حل للمشكلة أو الاستثناء الذي يواجهه الفرد في عملهن هل يتم حل المشكلة بشكل جيد أم لا، وعندما نقيم ما فعله Charles Perrow نجد أنه أكثر قبولا بين الباحثين مقارنة مع ما عملته "وود وارد" إلا أن الذي يُؤخذ عليه أنه لم يختبر مصفوفته (2X2) عمليا، ومع ذلك فإن هناك تأييدا أو بالأحرى دعما لتنبؤاته في مجال طبيعة العلاقة بين التكنولوجيا وهيكل المنظمة. حيث وجدت إحدى الدراسات التي أجريت على (16) منظمة صحية وجمعية خيرية، أن لهذه المنظمات تكنولوجيا مختلفة، وأن العمل كلما كان روتينيا ازدادت مركزية اتخاذ القرار.
- دراسة ثومبسون James D.Thompson: يرى ثومبسون أن التكنولوجيا تحدد اختيار الإستراتيجية الخاصة بعدم التأكد وأنه يمكن من خلال إجراء تعديلات معينة في هيكل المنظمة تسهيل عملية تقليل حالة عدم التأكد. وبناء عليه قام ثومبسون بتحديد تكنولوجيا المنظمات المعقدة بثلاث أنواع حسب طبيعة المهام المنجزة من قبل الوحدات التنظيمية هي:
أ- تكنولوجيا طويلة مترابطة: وتتمثل بوجود اعتماد متبادل تتابعي بين المهام أو العمليات، وتتصف بتسلسل ثابت للخطوات المتكررة. ومن أمثلتها خطوط التجميع في الإنتاج الواسع. وتقع حالة عدم التأكد الرئيسية فيها على جانبي المدخلات والمخرجات في المنظمة. وأحد أفضل الوسائل للاستجابة لحالة عدم التأكد هو التكامل العمودي للأمام أو الخلف أو كليهما معا من أجل تطويق الكثير من المصادر المهمة لعدم التأكد داخل حدودها.
ب- تكنــولـوجيا وسيطـة: وهى التكنولوجيا التي تربط بين الزبائن في كلا الجانبين؛ المدخلات والمخرجات. ومن أمثلتها خدمات الهاتف، والمصارف (البنوك)، ومكاتب البريد. فالمصارف أو البنوك مثلا تجمع المودعين الذين يرغبون في الادخار مع أولئك الذين يريدون الاقتراض على الـرغم من عدم معـرفة بعضهم البعض وفي ذلك تقليل لحالة عدم التأكد.
ت- تكنولوجيا كثيفة: وهى استجابة موحدة أو متماثلة لمجموعة من المواقف المختلفة، وتعتمد الإجابة الصحيحة على طبيعة المُشكلة ومدى تنوعها والتي لا يُمكن التنبــؤ بها أو توقعها بدقة، كالتكنولوجيا المستخدمة في المستشفيات، والجامعات ومختبرات البحوث.. وغيرها.
ثالثا: التكنولوجيا وهيكل المنظمة:
لكي نحدد العلاقة وطبيعتها بشكل متكامل يستلزم الأمر بحث هذه العلاقة بين التكنولوجيا والأبعاد الثلاثة الأساسية للهيكل التنظيمي وهى (التعقيد، والرسمية، والمركزية).
- التكنولوجيا والتعقيد: تشير بعض الدراسات إلى أنّ للتكنولوجيا الروتينية علاقة ضعيفة مع التعقيد التنظيمي. إذ كلما ازدادت روتينية العمل قل عدد المجموعات المهنية وقلت الحاجة إلى تدريب العاملين، ومن جهة أخرى كلما ازدادت التكنولوجيا تعقيدا وأصبحت غير روتينية زادت سمات التعقيد في هيكل المنظمة. فعند زيادة التخصص ودرجة المهارية، يزداد التمايز العمودي.
- التكنولوجيا والرسمية: ترتبط التكنولوجيا الروتينية مع الرسمية بشكل موجب. ويرافق التكنولوجيا الروتينية قواعد ووصف الأعمال كي تساعد الإدارة في تنفيذ القواعد والتعليمات والإجراءات على أساس أن طريقة العمل معروفة بشكل جيد والعمل متكرر مما يبرر كلفة استخدام الأنظمة الرسمية. بينما تحتاج التكنولوجيا غير الروتينية إلى نظم سيطرة تسمح بالمرونة وحرية التصرف.
- التكنولوجيا والمركزية: لم نجد علاقة واضحة المعالم بين التكنولوجيا والمركزية، نظرا لارتباط الأخيرة بمتغيرات سيكولوجية عديدة إلى جانب المتغيرات الهيكلية الأخرى. ومع ذلك فإن المناقشة المنطقية لطبيعة العلاقة تؤشر أنه حيثما ازدادت التكنولوجيا روتينيةً، ازدادت مركزية اتخاذ القرار بينما في التكنولوجيا المعقدة أي غير الروتينية التي تعتمد مباشرة على معرفة المتخصصين فيها تكون عملية اتخاذ القرارات مركزية في الغالب.
المحاضرة السابعة: الأجزاء الأساسية في المنظمة
لكي نفهم كيف تنظم المنظمات نفسها في هياكل تنظيمية مميزة لابد أن نعرف كيف تؤدي وظيفتها، ويتطلب ذلك التعرف على الأجزاء المكونة للمنظمات والوظائف التي يؤديها كل جزء فيها، وبالإمكان ملاحظة خمسة أجزاء رئيسية في المنظمات الكبيرة، وهي:
- القمة الإستراتيجية؛
- الخط الوسط؛
- الهيكل الفني؛
- الجهاز المساند؛
- مركز التشغيل / العمليات.
والشكل التالي يوضح هذه الأجزاء كما يلي:
الشكل الثاني: الأجزاء الأساسية الخمسة في المنظمة
القمة الإستراتيجية
الخط الوسط
مركز التشغيل/ العمليات
- القمة الإستراتيجية: هي الإدارة العليا المسؤولة مسؤولية كاملة عن المنظمة، وتكون مسؤولة عن تأمين قيام المنظمة بتقديم رسالتها بطريقة فعالة وكذلك ضمان قيام المنظمة بتلبية حاجات الإفراد الذين يسيطرون أو يملكون قوة تجاه المنظمة مثل المالكين ونقابات العمال والمجموعات الضاغطة، وتقوم القمة الإستراتيجية بثلاث واجبات وهي: الإشراف المباشر وإدارة الظروف البيئية وتطوير استراتيجيات المنظمة.
- الإشراف المباشر: تعتمد المنظمة هذه الآلية كوسيلة للتنسيق، ويكون المديرين في القمة الإستراتيجية والخط الوسط تأثير في أسلوب الإشراف المباشر بشكل كبير، كتوزيع الموارد وتعيين الأفراد والموارد للمهام، وضمان انسيابية العمل.
- إدارة البيئة: نجد أن القمة الإستراتيجية تلعب دورا كبيرا في تقليص حالات عدم التأكد من خلال تحديد الاستراتيجيات الداخلية والخارجية ذات العلاقة بالبيئة، حيث تحاول تقليص نقاط الضعف وتعزيز نقاط القوة في البيئة الداخلية، وتعمل على تحديد واستثمار البيئة الخارجية وجعلها أكثر فائدة للمنظمة.
- تطوير الاستراتيجيات: وذلك من خلال إبداعات متواصلة، واتخاذ قرارات إدارية جوهرية وطويلة الأمد.
- الخط الوسط: ترتبط القمة الإستراتيجية بمركز التشغيل عن طريق مدراء الخط الوسط، فهم مجموعة من المديرين يحتلون مواقع إدارية دون القمة الإستراتيجية، ويقومون بجميع الأدوار القيادية الخاصة برئيسه المباشر، وعليه أن يقوم بتنمية وسائل الاتصال الجيدة ليتمكن من إدارة بيئته، كما يقوم بتوزيع الموارد على العاملين في وحدته، ويتفاوض مع الجهات الخارجية.
- الهيكل الفني: المقصود بهم هم المحللين ومعاونوه من العاملين، هؤلاء يخدمون المنظمة من خلال ما يقدمونه من آراء ومقترحات تؤثر في عمل الآخرين، إذ يقومون بتصميم العمل والتخطيط له، ومن أبرز المحللين مهندسي الإنتاج والمحاسبين ومحللي أنظمة المعلومات في التخطي وإدارة الجودة، ويتم تنسيق عملهم من خلال آلية التكيف المتبادل مع الآخرين.
- الجهاز المساند: في أغلب المنظمات الكبيرة يظهر لنا وجود عدد كبير من الوحدات المتخصصة التي تساند المنظمة خارج نطاق سير العمل فيها، هذه الوحدات هي التي تتألف منها الجهاز المساند، إنّ هذه الوحدات المساندة كانت قد أهملت في الكتابات الخاصة بموضوع هيكلة المنظمة، وفي أحيان كثيرة تدمج مع وحدات الهيكل الفني رغم ابتعادها تماما عن اختصاصات الهيكل الفني، وتوجد الوحدات المساندة في مختلف المستويات الإدارية تقريبا، ففي معظم الشركات الصناعية يكون موقع العلاقات العامة والمستشار القانوني بالقرب من القمة الإستراتيجية، في مستوى الإدارة الوسطى نجد الوحدات المساندة وجدت لكي تدعم القرارات هناك مثلا العلاقات الصناعية والبحث والتطوير، أما في المستويات الإدارية الدنيا فنجد الوحدات المساندة ذات العمل المتّصف بدرجة عالية من التقييس مثل المطعم، مركز البريد ....الخ.
- مركز التشغيل/ العمليات: يشتمل مركز العمليات في المنظمة على الأفراد الذين يقومون بوظائف أساسية أربعة وهي:
- تأمين مدخلات لأغراض الإنتاج كما هي في الشركة الصناعية؛
- تحويل المدخلات بموجب عمليات إنتاجية إلى مخرجات ممثلة في سلع أو خدمات؛
- توزيع المخرجات من خلال عمليات التسويق؛
- صيانة العمليات الإنتاجية والمساندة في عمليات التحويل وتخزين المواد الأولية.
ومركز التشغيل هو بمثابة القلب بالنسبة للمنظمة لأنه الجزء الذي ينتج المخرجات الأساسية التي تديم حياتها.
ويمكن لأي جزء من هذه الأجزاء الخمسة (مركز العمليات، والقمة الإستراتيجية والخط الوسط، والهيكل الفني، والجهاز المساند) أن يهيمن على منظمة ما. ويعتمد ذلك على أي الأجزاء هو المسيطر.
وتبعاً لذلك سيكون لدينا خمسة أشكال تنظيمية كل منها يرتبط بالهيمنة المقرونة بأحد الأجزاء الأساسية، فإذا كانت السيطرة بيد مركز التشغيل فإن القرارات سوف تكون غير مركزية وهذه الحالة تخلق لنا هيكلاً تنظيمياً هو البيروقراطية المهنية أو الاحترافية، وحينما تسيطر القمة الإستراتيجية وتصبح السيطرة مركزية ينشأ لدينا الهيكل التنظيمي البسيط، أما إذا سيطرت الإدارة الوسطى فسنجد مجموعات من الوحدات المستقلة الأساسية تعمل في هيكل تقسيمي، وعندما يسيطر المحللون العاملون في الهيكل الفني، ستكون السيطرة من خلال المعيارية، وسيكون الهيكل التنظيمي الناتج هو البيروقراطي الميكانيكي أو الآلي، وأخيرا فإننا في الأوضاع التي يسيطر فيها الجهاز أو الموظفين المساعدين سنجد السيطرة تكون من خلال التكيف المتبادل، وسينشأ لدينا الهيكل التنظيمي الغرضي.
المحاضرة الثامنة: خيارات تصميم المنظمة
Henry Mintzberg كاتب وأكاديمي رائد يُدرّس حالياً في كندا وله من الأبحاث ما يزيد على 150 بحثاً ولديه 15 كتاباً في العلوم الإدارية ومن أشهر دراساته ما كتب حول أنماط الهياكل الإدارية، ويشتهر Mintzberg بنقده المستمر للجامعات التي تدرس إدارة الأعمال ومحاولاتها الحثيثة لتحويل علم الإدارة إلى علم رقمي محض بدلا من معاملة الإدارة على أنها فن وعلم اجتماعي في المقام الأول.
وحسب Mintzberg فإنّه ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺼﻤﻴﻢ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻬﻴﻜﻞ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻲ ﺑﺄﺷﻜﺎل وﻃﺮق ﻋﺪﻳﺪة، ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﻟﻜﻞ منظمة ﻫﻴﻜﻠﻬﺎ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻲ اﻟﻤﻤﻴﺰ ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻩ، وﻗﺪ ﺣﺎول اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن واﻟﻜﺘﺎب ﺗﺼﻨﻴﻒ اﻟﻬﻴﺎﻛﻞ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪدت أﺷﻜﺎﻟﻬﺎ، وﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻫﺬﻩ اﻟﺘﻘﺴﻴﻤﺎت اﻷﻛﺜﺮ ﻗﺒﻮﻻ وﺷﻴﻮﻋﺎ اﻟﺘﺼﻨﻴﻒ اﻟﺬي اﻗﺘﺮﺣﻪ.
ﻟﻘﺪ ﺻﻨﻒ Mintzbergأﻧﻮاع اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ إﻟﻰ خمسة أﻧﻮاع واستند ﻓﻲ ذﻟﻚ إﻟﻰ أن أي منظمة ﺗﻀﻢ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻜﻮﻧﺎت رﺋﻴﺴﻴﺔ وﺗﺘﻤﺜﻞ بما ﻳﻠﻲ:
- اﻹدارة اﻟﻌﻠﻴﺎ: وﺗﺸﻐﻞ ﻗﻤﺔ المنظمة.
- اﻹدارة اﻟﻮﺳﻄﻰ: وﺗﻀﻢ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻤﺪﻳﺮﻳﻦ واﻟﺮؤﺳﺎء اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺮﺑﻄﻮن ﺑﻴﻦ اﻟﻘﻤﺔ واﻟﻘﻮة اﻟﺘﺸﻐﻴﻠﻴﺔ.
- اﻟﻘﻮة اﻟﺘﺸﻐﻴﻠﻴﺔ: وﺗﺸﻤﻞ ﻗﺎﻋﺪة المنظمة وﺗﻀﻢ اﻟﻤﻨﻔﺬﻳﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻨﺠﺰون اﻷﻋﻤﺎل ﻹﻧﺘﺎج اﻟﺴﻠﻊ واﻟﺨﺪﻣﺎت.
- اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺘﻘﻨﻲ"الفني": وﻳﻀﻢ اﻻﺧﺘﺼﺎﺻﻴين أو اﻟﻤﻬﻨﻴﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻀﻌﻮن اﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ واﻷﺳﺲ ﻟﺘﻨﺴﻴﻖ أﻋﻤﺎل المنشأة ﻣﺜﻞ اﺧﺘﺼﺎﺻﻴﻲ اﻟﺘﺨﻄﻴﻂ واﻟﺮﻗﺎﺑﺔ واﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت واﻟﺘﺤﻠﻴﻞ.
- اﻟﺠﻬﺎز اﻟﻤﺴﺎﻧﺪ: وﻳﻘﻮم ﺑﺘﻮﻓﻴﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎﺟﻬﺎ اﻟﻮﺣﺪات اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ اﻷﺧﺮى، ﻣﺜﻞ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ والسكرتارية كما وضحناه في الشكل السابق.
وحيث أن مكونات الهيكل التنظيمي ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣﻦ منظمة ﻷﺧﺮى ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺑﻌﺾ اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ واﻟﺘﻲ ﺳﺘﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﻧﻮع اﻟﻬﻴﻜﻞ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻲ فقد ﻣﻴﺰ Mintzberg ﺑﻴﻦ ﺧﻤﺴﺔ أﻧﻮاع ﻟﻠﻬﻴﺎﻛﻞ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ هي:
الهيكل التنظيمي البسيط والهيكل البيروقراطي الآلي والهيكل البيروقراطي المهني والهيكل التقسيمي والهيكل الغرضي.
أولا: الهيكل البسيط:
هو هيكل لا توجد فيه تفضيلات كثيرة وقليل التعقيد والرسمية وتكون السلطة مركزية، وهذا الهيكل يجسد المنظمات المسطحة، والقمة الإستراتيجية يمثلها شخص واحد هو المالك والذي يمتلك سلطة اتخاذ القرارات المختلفة، والشكل التالي يوضح هذا الهيكل كما يلي:
الشكل الثالث: الهيكل البسيط
القمة الإستراتيجية
مركز التشغيل/ العمليات
من خلال الشكل نلاحظ أن تنظيم المنظمة هو تنظيم مسطح، وغالبا ما تكون صناعة القرارات عملية غير رسمية وكل القرارات هي بيد صاحب المنظمة، مع توفير المعلومات بشكل مباشر مع الاستجابة السريعة للظروف، ويمتلك المدير نطاق سيطرة بشكل واضح.
فمن مميزات هذا النوع من الهياكل هو البساطة والسرعة والمرونة العالية، ولا توجد فيه مستويات إدارية معقدة، والأهداف والمسؤولية واضحة.
أما نقطة الضعف الأساسية في هذا الهيكل هي محدوديته في التطبيق، فكلما زاد حجم المنظمة أصبح هذا الهيكل غير مناسب.
نستخدم هذا النوع من الهياكل التنظيمية عندما تكون المنظمة صغيرة أو في بداية تكوينها أو إذا كانت البيئة بسيطة وحركية، ويكون هذا نوع من الهياكل فعّالا عندما يكون عدد العاملين قليل والحجم صغير، ويستطيع الهيكل البسيط تلبية احتياجات المنظمة عندما تكون في بداية نشأتها، وتقريبا فإنّ كل المنظمات تمر بمرحلة الهيكل البسيط، وتميل المنظمات ذات الهيكل البسيط مع مركزية اتخاذ القرارات ومركز التشغيل العضوي
ثانيا: الهيكل البيروقراطي الآلي:
إنّ المعيارية هي المفهوم الأساسي الذي يتخلل كل الهياكل البيروقراطية الآلية، وتتمتع البيروقراطية الآلية بمهام تشغيلية ذات روتينية عالية وإجراءات وقواعد رسمية عالية جدا ومركزية عالية، كما أنّ القرارات يتمّ اتخاذها عبر سلسلة الأوامر، ويوضح Mintzberg أنّ هذا التنظيم يتصف بأنّ القواعد والتشريعات تسيطر تماما على مجمل العمليات، كما أنّ الجزء الرئيسي في هذا التنظيم هو الهيكل الفني.
ومن مزايا هذا النوع من الهياكل التنظيمية ما يلي:
- اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻧﺠﺎز اﻟﻤﻬﺎم واﻷﻧﺸﻄﺔ ﺑﻜﻔﺎءة ﻋﺎﻟﻴﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ واﻟﻨﻤﻄﻴﺔ؛
- وﺿﻊ اﻟﺘﺨﺼﺼﺎت اﻟﻤﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﻣﻌﺎ ﻳﺤﻘﻖ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﺤﺠﻢ اﻟﻜﺒﻴﺮ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ تحقيق وفورات ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ؛
- إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﻄﻮﻳﺮ اﻟﻤﻮارد اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﻲ المنظمة ﻓﻲ ﻣﻬﻦ وﺗﺨﺼﺼﺎت ﻣﺘﻌﺎرف ﻋﻠﻴﻬﺎ.
ومن عيوب هذا النوع من الهياكل التنظيمية ما يلي :
- ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﺨﺼﺺ اﻟﺪﻗﻴﻖ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﺎن ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎﻻ ﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻛﻞ ﻗﺴﻢ أو وﺣﺪة إدارﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ وﺗﻐﻠﺐ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻧﺘﺸﺎر ﺻﺮاع اﻟﻮﺣﺪات ﻓﻲ المنظمة؛
- اﻟﺘﺨﺼﺺ واﻟﺮوﺗﻴﻦ ﻳﺆدي إﻟﻰ اﻟﻤﻠﻞ وإﺿﻌﺎف اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻹﺑﺪاع؛
- ﻇﻬﻮر أﻣﺮاض اﻟﺒﻴﺮوﻗﺮاﻃﻴﺔ ﻛﺎﻟﻤﻐﺎﻻة ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻨﻈﻢ واﻟﻠﻮاﺋﺢ واﻟﺘﺸﺪد ﻓﻲ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ وإﻋﺎﻗﺔ اﻟﻌﻤﻞ.
يكون الهيكل البيروقراطي الآلي أكثر كفاءة في المنظمات الكبيرة التي تعمل في بيئة بسيطة ومستقرة أو خالية من الأزمات، وكذلك في المنظمات التي تمتلك تكنولوجيا يتميز عملها بإمكانية إخضاعه للتقييس، وبالإمكان رؤية البيروقراطية الآلية في المنظمات الكبيرة التي تمتلك عمرا طويلا في البيئة.
ثالثا: الهيكل البيروقراطي المهني
شهدت العقود الأخيرة ولادة هيكل تنظيمي جديد يعمل على توظيف متخصصين على درجة عالية من التدريب للعمل في مركز التشغيل أو العمليات الإنتاجية، ويمثل هذا الهيكل في البيروقراطي المهني التي تجمع بين المعيارية واللامركزية في آن واحد، عملها ثابت يقوم إلى سلوك ممكن التنبؤ به وإخضاعه للتقييس وفي نفس الوقت سلوك معقد لابد من السيطرة عليه مباشرة من قبل الأفراد الذين يؤدونه، وتتطلب هذه الأعمال التي يمارسها الأفراد خبرة متخصصة على مستوى عالي وبشكل متزايد، وتتمركز القوة في هذا النوع من الهيكل في مركز التشغيل، وذلك لأنّ الأفراد العاملين هنا يملكون المهارات الأساسية التي تحتاجها المنظمة وهم يمتلكون استقلالية عالية لاستخدام مهاراتهم وخبراتهم، والجزء الآخر المهم هو الجهاز المساند، والشكل التالي يوضح ذلك:
الشكل الرابع: التنظيم البيروقراطي المهني
مركز التشغيل/ العمليات
من مزايا هذا النوع من الهياكل التنظيمية ما يلي :
- اﻷداء الكفء ﻟﻠﻌﻤﻞ ﺑﺴﺒﺐ اﺳﺘﺨﺪام أﺳﺎﻟﻴﺐ ﻧﻤﻄﻴﺔ وﻧﻈﻢ ﻋﻤﻞ ﻣﺤﺪدة؛
- المساعدة في الحصول ﻋﻠﻰ ﻣﻬﻨﻴﻴﻦ ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﻔﺎءة؛
- ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﺤﺠﻢ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ وﻓوﺮات ﻓﻲ اﻟﺘﻜﺎﻟﻴﻒ.
ومن عيوب هذا النوع من الهياكل التنظيمية ما يلي :
- ﺑﺴبب التخصص اﻟدقيق ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﺎن ﻫﻨﺎك اﺣﺘﻤﺎﻻ ﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻛﻞ ﻗﺴﻢ أو وﺣﺪة إدارﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ وﺗﻐﻠﺐ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻣﺔ واﻧﺘﺸﺎر ﺻﺮاع اﻟﻮﺣﺪات ﻓﻲ المنظمة؛
- اﻟﺘﺨﺼﺺ واﻟﺮوﺗﻴﻦ ﻳﺆدي إﻟﻰ اﻟﻤﻠﻞ وإﺿﻌﺎف اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻹﺑﺪاع؛
- ﻇﻬﻮر أﻣﺮاض اﻟﺒﻴﺮوﻗﺮاﻃﻴﺔ ﻛﺎﻟﻤﻐﺎﻻة ﻓﻲ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻨﻈﻢ واﻟﻠﻮاﺋﺢ واﻟﺘﺸﺪد ﻓﻲ ﺗﻄﺒﻴﻘﻬﺎ وإﻋﺎﻗﺔ اﻟﻌﻤﻞ أحيانا.
تكون البيروقراطية المهنية في أحسن أحوالها عندما تكون المنظمة كبيرة الحجم وتعمل في بيئة معقدة وثابتة نسبيا، وتتخلل التكنولوجيا الروتينية المهنية، وعندما يكون مركز التشغيل هو المسيطر عن طريق المهنية الذين واجهوا صعوبة في الحصول على معارفهم المميزة.
إنّ الانفجار المعرفي جعل من التنظيم البيروقراطي المهني خيارا شائعا خلال العقدين الماضيين، فكلما استخدمت المنظمة متخصصون أو مهنيون أكثر كلما اتجهت إلى اختيار البيروقراطية المهنية بديلا عن البيروقراطية الآلية.
رابعا: الهيكل التقسيمي:
يعتمد هذا الهيكل على الوحدات في الخط الوسط وهذه الوحدات تدعى أقسام كما يطلق على الإدارة المركزية بالمركز الرئيسي للقيادة، يوضح الشكل التالي أنّ قوة الهيكل تكون في الإدارة الوسطى، وذلك لأنّ الهيكل في الحقيقة عبارة عن مجموعة من الوحدات المستقلة، وتمثل كل وحدة نموذجا حقيقيا للبيروقراطية الآلية، ويتمّ التنسيق بين هذه الوحدات بواسطة المركز الرئيسي، ولما كانت هذه الأقسام مستقلة عن بعضها البعض فإنّ ذلك يسمح للإدارة الوسطى بمجال أوسع للسيطرة.
ومن مزايا هذا النوع من الهياكل التنظيمية ما يلي:
- ﻗﺪرة ﻋﺎﻟﻴﺔ للمنظمة ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﻛﺒﺔ ﺗﻄﻮرات اﻟﻤﺤﻴﻂ وﻣﻮاﺟﻪ اﻟﻈﺮوف اﻟﻤﺘﻐﻴﺮة؛
- ﺗﺤﻘﻴﻖ درﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ للمنظمة؛
- ﺗﺨﻔﻴﻒ اﻟﻌﺐء ﻋﻠﻰ اﻹدارة اﻟﻌﻠﻴﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﺎﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺑﻌﻴﺪ اﻷﻣﺪ؛
- توفير وﺳﻴﻠﺔ ﺟﻴﺪة ﻟﺘﺪرﻳﺐ ﻣﺪﻳﺮﻳﻦ ﻋﺎﻣﻴﻦ ﺟﻴﺪﻳﻦ ﻛﻤﺎ اﻧﻪ ﻳﻮﻓﺮ أﻳﻀﺎ ﻣﺰاﻳﺎ اﻟﺘﺨﺼﺺ.
ومن عيوب هذا النوع من الهياكل التنظيمية ما يلي:
- اﻟﺘﻘﺴﻴﻢ إﻟﻰ قطاﻋﺎت ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻳﻔﻀﻲ إﻟﻰ ﻋﺪم إﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺎت اﻟﺤﺠﻢ الكبير؛
- ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻨﺴﻴﻖ وﺗﻜﺎﻣﻞ ﺑﻴﻦ ﻗﻄﺎﻋﺎت ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ ﺑﻌﻀﻬﺎ؛
- ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺗﻨﻤﻴﻂ اﻷﻧﻈﻤﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﺎت واﻟﻘﻮاﻋﺪ ﻋﺒﺮ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت.
إنّ المعيار الذي يعتمد عليه استخدام الهيكل التقسيمي هو تنوع السلعة أو السوق، فإذا أرادت المنظمة إنتاج سلع متعددة أو تخدم أسواق متعددة، يصبح الهيكل التقسيمي هو المناسب، كما أنّ هناك عوامل موقفية أخرى كالحجم والتكنولوجيا والبيئة لها دور كبير في اختيار هذا الشكل التنظيمي.
خامسا: الهيكل الغرضي أو المؤقت:
إذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻬﻴﺎﻛﻞ اﻟﺒﻴﺮوﻗﺮاﻃﻴﺔ (اﻵﻟﻴﺔ واﻟﻤﻬﻨﻴﺔ) ﻫﻲ اﻷﻛﺜﺮ ﺷﻴﻮﻋﺎ واﻧﺘﺸﺎرا ﻓﻲ المنشآت اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة، ﻓﺎن ﻫﻨﺎك ﻫﻴﺎﻛﻞ ﺟﺪﻳﺪة ﺑﺪأت ﺑﺎﻟﻈﻬﻮر ﻟﺪواﻋﻲ اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﺬي ﻧﺸﺄت ﻓﻴﻪ أو ﻟﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟﻈﺮوف وﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻬﻴﺎﻛﻞ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻴﺔ (وﻟﻴﺪة اﻟﻤﻮاﻗﻒ واﻟﻈﺮوف) اﻟﻬﻴﺎﻛﻞ اﻟﻤﺆﻗﺘﺔ أو اﻟﻐﺮﺿﻴﺔ، وﺗﺘﺴﻢ هذه الهياكل ﺑﺪرﺟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻤﺎﻳﺰ اﻷﻓﻘﻲ ﻟﻜﻮن ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻣﻬﻨﻴﻴﻦ وﻟﺪﻳﻬﻢ ﺧﺒﺮات ﻣﻜﺜﻔﺔ وانخفاض ﻋﺪد اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎت اﻹدارﻳﺔ إﺿﺎﻓﺔ لقلة اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻟﻺﺷﺮاف واﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﻌﻴﻖ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﺑﺘﻜﺎر، وﻟﻠﻬﻴﻜﻞ اﻟﺘﻨﻈﻴﻤﻲ اﻟﻤﺆﻗﺖ ﻋﺪة أﻧﻮاع أﻫﻤﻬﺎ ﻫﻮ اﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﻤﺼﻔﻮﻓﻲ، وﻫﻮ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﺧﻠﻴﻂ ﺑﻴﻦ ﻫﻴﻜﻠﻴﻦ اﻷول ﻳﻤﺜﻞ اﻟﻬﻴﻜﻞ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ للمنشأة واﻟﺬي ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﺒﻊ اﻷﺳﺎس اﻟﻮﻇﻴﻔﻲ، واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻫﻮ ﻫﻴﻜﻞ ﺧﺎص ﺑﺎﻷﺳﻮاق أو اﻟﻤﺸﺮوﻋﺎت أو اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺎت واﻹﻧﺘﺎج وﻳﻈﻬﺮ ﻫﺬا اﻟﺠﺰء اﻷول ﻓﻲ اﻟﻬﻴﻜﻞ ﺑﺼﻮرة راﺳﻴﺔ واﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺎﻧﺒﻲ أوأفقي.
ومن مزايا هذا النوع من الهياكل التنظيمية ما يلي:
- اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ ﻟﻠﺒﻴﺌﺔ واﻟﻈﺮوف اﻟﻤﺤﻴﻄﺔ بالمنشأة؛
- ﺗﺴﻬﻴﻞ اﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﺑﻴﻦ اﻻختصاصيين؛
- اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻹﺑﺪاع واﻻﺑﺘﻜﺎر وﺗﻮﻟﻴﺪ الأﻓﻜﺎر الجديدة.
ومن عيوب هذا النوع من الهياكل التنظيمية ما يلي:
- اﻟﺼﺮاع ﺑﻴﻦ اﻷﻋﻀﺎء أﻣﺮ ﺣﺘﻤﻲ بسبب عدم وﺟﻮد ﻫﻴﺎﻛﻞ ﻣﺤﺪدة وأﻧﻈﻤﺔ واﺿﺤﺔ؛
- ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺗﻘﺴﻴﻢ اﻟﻌﻤﻞ إﻟﻰ وﺣﺪات ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ؛
- ﺻﻌﻮﺑﺔ اﺳﺘﺨﺪام أﻧﻈﻤﺔ رﺳﻤﻴﺔ وﺗﻄﺒﻴﻖ ﻗﻮاﻋﺪ وإﺟﺮاءات ﻣﺤﺪدة.
يقول منتزبرغ أنّ الغرضية لا يمكن أن تكون بمثابة فنجان شاي للمنظمة تشربه ساعة ما تشاء، فالعوامل التي تحدد متى يكون استخدام الهيكل الغرضي فعالا هي استراتيجية المنظمة، والتكنولوجيا والبيئة والمرحلة العمرية للمنظمة، فالغرضية ترتبط مع استراتيجيات التنويع والتغيير والمخاطر العالية.
المحاضرة العاشرة: القوة والنفوذ والمناورات التنظيمية
يرى جون تشايلد John Child أنّ الأشكال التنظيمية لا تتشكل، وأنّ القرارات الإدارية لا تتخذ على أسس عقلانية وموضوعية ولا يحكمها فقط متغيرات موضوعية مثل: الإستراتيجية، الحجم، التكنولوجيا والعوامل البيئية، فهو يرى أنّ الدور الأساسي والاستراتيجي هو للمديرين ومواطن القوة، حيث يحدد هؤلاء الإستراتيجيات والأهداف وسياسات التوظيف، وصولا إلى تبني أنماط الرقابة واختيار الأشكال التنظيمية بما يتوافق يتناسب مع مصالحهم.
والفكر الأساسي في المنظور السياسي للتنظيم أنّ متخذي القرارات يتمتعون بسلطات تقديرية واسعة في تحديدهم لاستراتيجيات العمل، وفي تحديد نمط الهياكل الإدارية، وأنّهم ليسو معنيين بالضرورة باختيار القرارات المثلى للمنظمة.
أولا: مفهوم القوة التنظيمية:
تعد القوة التنظيمية عاملا رئيسيا في تفسير كيفية أداء المنظمات لأعمالها، وهي ضرورية لكل من القيادة والإدارة، فالقوة هي تحديد نمط القرارات وآليتها في المنظمة، أو هي قدرة الشخص أو المنظمة على التأثير في الآخرين، ويبيّن قسم من الباحثين القوة من حيث علاقتها بالمقاومة والصراع، فقد عرفت احتمالية بأنّ الناشط من خلال العلاقات الاحتمالية سوف يكون في موضع تنفيذ رغباته على الرغم من المقاومة، وضمن هذا المفهوم هناك مفهومين للقوة، هو القوة الواضحة والتي تعني القدرة على ضمان المخرجات المطلوبة بوجه المنافسة والصراع بين الخصوم الواضحين، والقوة الضمنية وهي القدرة على ضمان النتائج من خلال منع ظهور الصراع، بينما يعّرف Daft 2001 القوة بقدرة الأفراد على التأثير في القرارات، وأوضحها بقدرة الشخص أو القسم في المنظمة على التأثير في أشخاص آخرين لإنجاز النتائج.
كما عرّفها رشيد وجلاب بالقدرة على التأثير في النتائج التي تسعى المنظمة إلى تحقيقها، أي أنّ القوة التنظيمية تتأتى ثمارها النهائية في بلوغ الفاعلية التنظيمية.
فالقوة التنظيمية هي ذات اتجاهين مختلفين في تحديد مجالات تأثيرها: الاتجاه الأول محصور ضمن المجال الفردي في علاقات العمل ويترجم في مجال مصادر القوة العمودي، والاتجاه الثاني هو الاتجاه البنائي للقوة وينحصر في مصادر هيكلية والذي يعتمد على قوة الأقسام الوظيفية وهذا ما يسمى بمصادر القوة الأفقية.
- القوة التنظيمية تعمل على تغيير سلوك واتجاهات الآخرين طوعا أو كرها؛
- القوة التنظيمية تسعى على التغلب على المقاومة وفرض السيطرة بالأسلوب الملائم؛
- القوة التنظيمية هدفها الإقناع واحتمالية أو قابلية ممارسة التأثير في قرارات الآخرين ومن يملك القوة هو صاحب القرار النهائي والأخير.
ومن خلال ما سبق فالقوة التنظيمية هي القدرة التي يمتلكها فرد أو مجموعة من الأفراد تستعملها اتجاه جهة أخرى وذلك بالتأثير في سلوكهم واتجاهاتهم نحو تحقيق أهدافها المرغوبة. فالقدرة هي مصدراً واحداً أو أكثر من مصادر القوة التنظيمية.
ثانيا: مصادر القوة التنظيمية:
اختلفت مصادر القوة التنظيمية، فمنهم من ركّز عليها من الجانب السلوكي، أي دراسة قوة القائد، بينما ركّز البعض الآخر على قوة الفرد وقوة الوحدات ومنهم، وتأتي هذه القوة من مصادر مختلفة، منها ما يتعلق بالمركز الوظيفي، ومنها ما يتعلق بجوانب الشخصية، فقد صّنفFrench و Raven في دراسة سنة 1959 مصادر قوة الفرد إلى:
- القوة الشرعية، وهي التي تستمد من موقع الفرد في المنظمة الذي يعطيه الحق في الطلب من المرؤوسين تنفيذ الأعمال الموكلة إليهم وعليهم الالتزام بالطاعة.
- قوة الارتباط، وهي ارتباط الفرد مع الناس المؤثرين داخل المنظمة وخارجها والذي تكون معرفتهم وأفكارهم ودعمنه مهمة لتحقيق متطلبات القيادة الفعّالة.
- قوة الخبرة، وتتمثل في تلك المقدرة المبينة على كفاءات ومواهب ومعرفة متخصصة معترف بها.
- القوة المرجعية، وهي قوة التأثير التي تنبع من الاحترام والإعجاب والمحبة التي يحملها الفرد تجاه فرد آخر.
- قوة المعلومات، وتتمثل في السيطرة على تدفق وتفسير البيانات المعطاة إلى الآخرين وقدرة الأفراد على التعامل مع التأكد التنظيمي.
ثالثا: القوة ومفهوم السلطة والنفوذ:
تستخدم كلمةPower الانجليزية بمعنى القوة تارة، والسلطة تارة أخرى، مما يوحي بأنّ ثمة ترادفا بين المصطلحين، وذلك من منطلق أنّها وسيلة لتأثير شخص في سلوك شخص آخر، وغالبا ما تتواجد القوة والسلطة معًا، والسلطة والقوة قد تتحول من شخص إلى شخصٍ آخر تدريجيا أو فجأة، أو قد تنتقل من مجموعة إلى أخرى.
وبالرغم من وجود ارتباط عضوي بين القوة والسلطة فمن حيث أنّ اللفظتين تشيران إلى التأثير في سلوك الآخرين إلا أنّ السلطة تشير إلى القوة المشروعة في المجتمع.
والسلطة هي الهيمنة المشروعة على الإشراف والتوجيه والرقابة، كما قد يحقق بعض الأفراد لأنفسهم القوة نتيجة لضخامة معلوماتهم مما جعل لهم مركزاً عالياً بين زملائهم أو نتيجة لسلوك معينة مع الآخرين.
والسلطة هي قدرة شخص واحد في التأثير على شخص آخر لتحقيق نتائج مرغوب فيها وفقا لمتطلبات التنظيم الرسمي للعلاقة بين الطرفين.
وعلى ذلك فإنّ السلطة هي العنصر المركزي، او المحرك الرئيسي المشروع لأي تنظيم، أمّا القوة فهي انعكاس لسلوك الأفراد وناتج من نتائج التنظيمات غير الرسمية التي قد تتكون داخل التنظيم، أمّا القوة بمعناها العام فهي القدرة على فرض الإدارة وحمل الناس على تحقيق رغبة ما، أو تنفيذ سياسة معينة، أو هي قدرة الفرد أو الجماعة على مباشرة السلطة والنفوذ إزاء الآخرين، أي الضغط عليهم ومراقبتهم والتحكم فيهم، وضبط سلوكهم والتأثير في أفعالهم بغية تحقيق غايات محددة بالقسر والعقاب أو الرضا والقناعة.
وتتضمّن ممارسة القوة على المكافآت أو فرض العقوبات أو كليهما، فالقوة موجودة حين يستطيع شخص أو جماعة التأثير في سياسة وتنفيذها، وترتبط القوة بشخصية الأفراد، أمّا السلطة ترتبط بالمواقع والأدوار الاجتماعية وعلى ذلك فالقوة علاقة اجتماعية واقعية، والسلطة علاقة رشيدة.
وقد أشار هربرت سايمون إلى أنّ السلطة هي إصدار الأوامر، والقوة في اتخاذ القرارات التي توجه أفعال الآخرين، فالقوة أشمل وأوسع من السلطة والنفوذ، وانّ هذين الأخيرين هما جناح القوة.
رابعا: النفوذ:
تؤثر عمليات النفوذ في المنظمة على الأفراد، وطرق تعاملهم مع بعضهم البعض، وتؤثر أيضا في صنع القرارات، والاتصال والقيادة، وتعتبر النفوذ في المنظمة امتدادا طبيعيا ومكملا لعمليات صنع القرار، إذ ينطوي النفوذ على تكوين تحالفات بين أعضاء المنظمة، وقد يرجع النفوذ على مصادر شخصية كامنة في الفرد ذاته، أو إلى مصادر تنظيمية ترجع إلى المركز الوظيفي الذي يشغله الفرد، وتختلف مصادر النفوذ باختلاف المستوى التنظيمي الذي ينتمي إليه الفرد في المنظمة.
- مفهوم النفوذ: هو قدرة شخص معين في التأثير على شخص آخر أو مجموعة من الأشخاص للقيام بعمل معين من أجل تحقيق نتائج يرغب في الحصول عليها، ويعتبر النفوذ عنصرا غير مرئي ولكنّه غالبا ما تكون له نتائج مرئية ، والنفوذ يظهر من خلال علاقة تبادل بين شخصين أو أكثر.
ويمكن أن يمارس النفوذ رأسيا من طرف يملك نفوذا على طرف لا يملكه، وهنا يستطيع ممارس النفوذ أن يحصل على النتائج التي يرغب فيها بدون مقابل كما هو الحال في العلاقة بين الرئيس والمرؤوسين، ويمكن أن يكون النفوذ أفقيا من طرف يملك النفوذ على طرف آخر يملك نفوذا مماثلا، ويضطر ممارس النفوذ أن يلتزم برد المقابل للطرف الآخر من أجل الحصول على النتائج التي يرغب فيها، كما هو الحال في العلاقة بين طرفين ينتميان لنفس المستوى الإداري.
وبما أنّ السلطة هي قدرة شخص واحد في التأثير على شخص آخر لتحقيق نتائج مرغوب فيها وفقا لمتطلبات التنظيم الرسمي للعلاقة بين الطرفين، فهي تعتبر نوعا ضيقا من النفوذ، فالسلطة تمارس رأسيا، أمّا النفوذ فيمارس أفقيا ورأسيا، ومن الخصائص التي تميز السلطة عن النفوذ ما يلي:
- السلطة كامنة في المركز الوظيفي، أما النفوذ فهو ناتج عن شخص؛
- قبول السلطة من قبل المرؤوسين بحكم أنها حق مشروع؛
- السلطة تمارس من الأعلى إلى الأسفل، أمّا النفوذ فيمارس من الأعلى إلى الأسفل أو من الأسفل إلى الأعلى.
- مصادر النفوذ: هناك نوعين من المصادر وهما النفوذ الشخصي والنفوذ التنظيمي:
أ. مصادر النفوذ التنظيمي: ويتمثل في:
- نفوذ الإدارة العليا: هو النفوذ الذي يمارس من الأعلى إلى الأسفل؛
- نفوذ الإدارة الوسطى: وهو النفوذ الذي يمارس من الوسط إلى الأعلى أومن الوسط إلى الأسفل؛
- نفوذ مستويات الإدارة الدنيا: هو النفوذ الذي يأتي من الأسفل إلى الأعلى.
ب. مصادر النفوذ الشخصي: وتتمثل في:
- الخبرة: وهو الفرد الذي يمتلك خبرة ويفرض نفوذاً أكبر على الآخرين؛
- المركز الوظيفي: هو النفوذ المستمد من سلطة الفرد من مركزه الوظيفي؛
- الإثابة: وهو النفوذ المستمد من قدرة الفرد على إثابة الآخرين والتحكم في مصالحهم؛
- القهر: وهو النفوذ المستمد من قدرة الفرد على عقاب الآخرين؛
- الصفات الشخصية: وهو تمتّع الفرد ببعض السمات التي تجعله يفرض نفوذا على الآخرين مثل القائد الكارزمي.
خامسا: المناورات التنظيمية:
- مفهوم المناورات التنظيمية: هي السلوك الذي يحصل الفرد من خلاله على النفوذ والتأثير على الآخرين ويظهر سلوك المناورات في الحالات التالية:
- عندما يوجد تعارض بشأن الأهداف والإستراتيجيات أو الموارد بين أكثر من طرف؛
- عندما يكون للقرار تأثير واضح على مصالح أكثر من طرف داخل المنظمة؛
- عندما تتمتّع جميع الأطراف بنفوذ متساوٍ في التأثير على القرار.
ولقد صنّف Field و House سلوك المناورات الذي يمارسه الفرد لتحقيق أهداف معينة وفقاً لثلاثة أبعاد حسب الشكل التالي:
الشكل الخامس: أبعاد سلوك المناورات التنظيمية
|
|
سلوك مشروع |
|
سلوك غير مشروع |
||
داخلي |
رأسي |
أفقي |
رأسي |
أفقي |
||
التحدث المباشر مع الآخرين الشكوى للرئيس تخطي الرئيس المباشر لجهة أعلى الاعتراض |
بناء التحالفات تبادل المصالح |
الكذب والخداع رفض الأوامر |
التهديد |
|||
خارجي |
اللجوء للقضاء |
التحدث مع نظيره في منظمة أخرى التحدث مع مستشارين خارجيين |
إثارة الفتن التضحية بشخص عاقل |
تشويه صورة المنظمة لدى الغير |
مجالات ممارسة المناورات التنظيمية: صنّفDaft المجالات التي تنشط فيها ممارسة المناورات التنظيمية:
- التغيرات الهيكلية: تكثر المناورات في فترة إعادة التنظيم، والتغيرات الهيكلية التي تعيد توزيع السلطة الرسمية، لذلك يلجأ معظم المديرين إلى عمليات التفاوض والمساومة.
- التنسيق بين الأقسام: مثلاً في حالة تكوين لجان عمل مشتركة بغرض حل مشكلات تنظيمية عامة ينشط سلوك المناورات، حيث تعمل كل وحدة تنظيمية على تحقيق أكثر قدر من أهدافها.
- التغيير في المناصب الإدارية: عادة ما يتبع تغيير القيادات الإدارية إعادة توزيع السلطة وعادة ما يقرب إليه بعض الأشخاص، ويبعد عنه البعض الآخر
- تخصيص الموارد: تنشط المناورات في مراحل توزيع الموارد المادية، والمالية، والبشرية، وتزداد المناورات في حالة ما إذا كانت هذه الموارد تتصف بالندرة النسبية.
- Créateur de cours: TOUMI HASSINA KADIRA