المنهج الأسلوبي:
مفهوم الأسلوب:
لعل المعضلة الأكبر من تحديد معيار اللغة تعريف مفهوم الأسلوب، بل لعلها المعضلة الأكثر إثارة للجدل في دراسة اللغة. يصف بينفيست الأسلوب على "أنه مألوف بقدر ما هو مخادع، فمعظمنا يتحدث عنه برقة وحنان مع أن لدى القليل منا الاستعداد لتحديد معناه بدقة".
وقد جرت محاولات عدة لتعريفه، فتدرّجت من رؤيته كوعاء للمعنى، مروراً بمطابقته مع شخصية المؤلف، وإنكاره جملة وتفصيلاً، ووصولاً إلى اعتباره خياراً لغوياً وظيفياً ومقرراً ومكوناً وجوهرياً للمعنى. وهذه أهم محاولات تعريف مفهوم الأسلوب.
1/ الأسلوب كوعاء للمعنى:
من أهم وجهات النظر القديمة الحديثة اعتبار الأسلوب وعاء لاحتواء المعنى المراد بداخله، فاللغة ثوب المعنى، والأسلوب زي هذا الثوب. يعبر الشاعر والناقد الإنجليزي الشهير دريدان" Dryden" عن هذه باعتبار الأسلوب..." فن خطابة، أو فن إلباس الفكرة وتزيينها". كما يشير الشاعر المعروف كوليريدج (Coleridge)
إن هذا المعنى بقوله "إن الأسلوب ما هو إلا فن نقل المعنى بشكل ملائم وواضح أياً ما كان هذا المعنى..
2/ الأسلوب كانحراف:
ارتأى الشكلانيون ونقاد آخرون أن الأدب انحراف عن معيار اللغة، وقد نبذه معظم الأسلوبيين المعاصرين نذكر على سبيل المثال، ساندل (Sandel) الذي يوافق بيزلي (1969) (Paisely) في قوله إنه "من الصعب قبول أن يكون الأسلوب هو الطريقة اللاتقليدية وغير المعتادة في الاستعمال".
3/ الأسلوب كلسان حال صاحبه:
قوام هذه الرؤية المعروفة للأسلوب أنها تطابق بين الأسلوب وصاحبه، من أنصارها المتشددين (ميدلتون مري) الذي يعتبر الأسلوب لسان حال الكاتب ومواقفه ومشاعره. إذ يقول (ويذيل): "الأسلوب خصيصة من خصائص اللغة تنقل بدقة عواطف وأفكار خاصة بالمؤول".
في الواقع لا يسعنا إلا أن نقول إن هذا المفهوم للأسلوب أخفق في إقناع القراء لأنه مجحف. إذ كيف لنا أن نحكم على شخصية الكاتب بهذه الطريقة؟ فكم من كاتب تعارضت شخصيته تماماً مع صورة في عمله. وكم من كاتب تناول أعمالاً واتجاهات متناقضة أشد التناقض، ولكنهم لم يتهموا بانفصام الشخصية.
4/ الأسلوب هو المعنى:
رفض أصحاب هذا الرأي عن مفهوم الأسلوب فكرة الثنائيين بالفصل بين الشكل والمضمون، من قبل في عام (1857) قالها (فلوبيرت): "كالروح والجسد، الشكل والمضمون بالنسبة إلى شيء واحد". كما أن النقاد الجدد قد تبنوا هذه الفكرة برفضهم الفصل بين المعنى والمبنى وحسب أصحاب هذا الرأي، الأسلوب نتاج الدمج بين الشكل والمضمون، وأي تغيير في الأول يستدعي تغييراً في الثاني.
5/ الأسلوب كاختيار مفهوم وظيفي:
لم يستطع أي من المفاهيم السابقة عن الأسلوب إقناعنا، لذلك نحن بحاجة إلى مفهوم أكثر فائدة وشمولية ودقة ينفعنا في وضعه موضع التطبيق في دراستنا للنصوص الأدبية فيما بعد في هذا العمل. ولعل هذا متاح من خلال رؤية الأسلوب كاختيار أساسه نحوي /قواعدي ودلالي/ معجمي بشكل رئيسي. هذا وإن كثيراً من الأسلوبين المعاصرين يرونه هكذا بشكل أو بآخر. وحسب هذا المفهوم كل الخيارات اللغوية أسلوبية من حيث المبدأ، فلكل منها وظيفة (أو أكثر) تختلف من نص على آخر ومن سياق على آخر.
ويعرّف كارتر الأسلوب بقوله: "يتأتى الأسلوب من التداخل المتزامن للتأثيرات (الأسلوبية) في عدد من مستويات اللغة". وهكذا يمكن إعطاء التعريف التالي الشامل والمبسط للأسلوب: "الأسلوب مجموعة الوظائف الأسلوبية/ اللغوية المنتقاة من المخزون القواعدي والمعجمي والصوتي والشكلي للغة العامة".
ماهية الأسلوب والأسلوبية:
الأسلوب والأسلوبية مصطلحان يكثر ترددهما في الدراسات الأدبية واللغوية الحديثة، وعلى نحو خالص في علوم النقد الأدبي والبلاغة وعلم اللغة.
ودائرة المصطلح الأول أكثر سعة من دائرة المصطلح الثاني على المستويين الأفقي والرأسي. ونعني بالمستوى الأفقي، الاستخدام المتزامن للمصطلح في حقول متعددة متجاوزة أو متباعدة، وبالمستوى الرأسي، الاستخدام المتعاقب في فترات زمنية متتابعة داخل حقل واحد. فكلمة الأسلوب من حيث المعنى اللغوي العام يمكن أن تعني "النظام والقواعد العامة، حين نتحدث عن "أسلوب المعيشة" ويمكن أن تعني كذلك "الخصائص الفردية" حين نتحدث عن "أسلوب كاتب معين".
وعن طريق هذين التصورين الكبيرين دخل استخدام مصطلح "الأسلوب" في الدراسات الكلاسيكية المعيارية التي تسعى إلى إيجاد المبادئ العامة لطبقة من طبقات الأسلوب، أو للتعبير في جنس أدبي معين.
هذا الاتساع الأفقي في دلالة معنى "الأسلوب" يقابله مجال أكثر تحديداً في دلالة معنى "الأسلوبية"، حيث تكاد تقتصر في معناها على الدراسات الأدبية، وإن كان بعض الدارسين، مثل جورج مونان، يحاول أن يمتد بها نظرياً لتشمل مجالات مثل الفنون الجميلة والمعيار والموسيقى والرسم، مع أنه يعترف في الوقت ذاته أن الحقل الذي أخصبت فيه علمياً حتى الآن هو حقل الدراسات الأدبية.
أما فيما يتصل بالمستوى الرأسي، الذي يقصد به التعاقب الزمني في حقل واحد ــ وهو حقل دراسات اللغة والأدب في حالتنا ــ فإن مصطلح "الأسلوب" سبق مصطلح "الأسلوبية" إلى الوجود والانتشار خلال فترة طويلة.
: الأسلوبية
هي العلم الذي يدرس الظواهر والوقائع التعبيرية واللغوية هي دراسة التعبير اللساني , إنها دراسة الخصائص اللغوية التي يتحول بها الخطاب عن سياقه الإخباري الى وظيفته ليؤثر ويمتنع في آن واحد ، هي تبحث في كل ما يتعلق باللغة من أصوات وصيغ وكلمات وتراكيب ، انها تتخذ من لغة النص وسيلة لفك رموز اللغة وتحليل جوانب الابداع والخصوصية فيها
اتجاهات الأسلوبية
تتنوع المدارس الأسلوبية وتتعدد، لكن يمكن رصد اتجاهين كبيرين في دراسة الأسلوب الحديث هما: الاتجاه الجماعي الوصفي، أو أسلوبية التعبير، والاتجاه الفردي، أو الأسلوبية التأصيلية، وسوف نحاول إعطاء فكرة عن كل من الاتجاهين.
أولاً: الأسلوبية التعبيرية:
يرتبط مصطلح الأسلوبية التعبيرية، وكذلك مصطلح الأسلوبية الوصفية، بعالم اللغة السويسري شارل بالي (1865 ــ 1947). تلميذ اللغوي الشهير "فرديناند دي سوسير" (1857 - 1913). وخليفته في كرسي الدراسات اللغوية بجامعة جنيف. ويعد بالي مؤسس الأسلوبية التعبيرية، وقد كان دي سوسير يرى أن اللغة خلق إنساني ونتاج للروح، وأنها اتصال ونظام رموز تحمل الأفكار، فجانب الفكر الفردي فيها ليس أقل جوهرية من جانب الجذور الجماعية.
ومن ثم فإن الفرد والجماعة يسهمان في إعطاء قيمة تعبيرية متجددة للأسلوب، ولا يكتفيان بتلقي القيم الجمالية عن السابقين، وهذه النقطة الأخيرة هي التي حاول بالي التركيز عليها.
فقد كانت البلاغة القديمة في هذا الصدد تلجأ إلى فكرة "قوائم القيمة الثابتة" التي تستند إلى كل شكل تعبيري "قيمة جمالية" محددة. ومن خلال هذا التصور كان يتم تقسيم التصور إلى "صور زيادة"، مثل الإيجاز والحذف والتلميح، والانطلاق من ذلك إلى تقسيم الأسلوب ذاته إلى طبقات: أسلوب سام، وأسلوب متوسط، وأسلوب مبتذل.
لكن نظرية "القيمة الثابتة" تعرضت لألوان كثيرة من النقد، كان من أشهرها ما أشار إليه "رينيه ويليك" من أن "قيمة الأداة التعبيرية" تختلف من سياق إلى سياق، ومن جنس أدبي إلى جنس أدبي آخر. فحرف العطف "الواو" عندما يتكرر كثيراً في سياق قصة من قصص الكتاب المقدس، يعطي للتعبير معنى الاطراد، والوقار. لكن هذه الواو لو تكررت في قصيدة رومانتيكية فإنها قد تعطي مشاعر تعويق وإبطاء في وجه مشاعر ساخنة متدفقة.
الأسلوبية البنائية:
هي أكثر المذاهب الأسلوبية شيوعاً الآن، وعلى نحو خاص فيما يترجم إلى العربية أو يكتب فيها عن الأسلوبية الحديثة، وهي تعد امتداد لآراء سوسير الشهيرة، التي قامت على التفرقة بين ما يسمى اللغة وما يسمى الكلام. وقيمة هذه التفرقة تكمن في التنبه إلى وجود فرق بين دراسة الأسلوب بوصفه طاقة كامنة في اللغة بالقوة، يستطيع المؤلف استخراجها لتوجيهها إلى هدف معين، ودراسة الأسلوب الفعلي في ذاته، أي أن هناك فرقاً بين مستوى اللغة ومستوى النص، والبلاغة التقليدية لم تكن تعهد هذا التفريق وقد أخذ هذا التفريق أسماء ومصطلحات مختلفة في فروع المدرسة البنائية، فجاكوبسون يدعو إلى التفريق بين الثنائي (رمز ـ رسالة) وجيوم يطلق عليه (لغة ـ مقالة) أما يلمسليف فيجعل التقابل بين (نظام ـ نص)، ويتحول المصطلح عند تشومسكي إلى ثنائية بين (قدرة بالقوة ـ ناتج بالفعل) وهذه المصطلحات على اختلافها تشف عن مفهوم متقارب في دراسة اللغة والأسلوب، كان قد أطلق شرارته سوسير، وطوّره بالي، وأكمله البنائيون المعاصرون.
ويركز جيوم على أثر هذه التفرقة في الأسلوب، حين يبين أن هناك فرقاً بين المعنى وفاعلية المعنى في النص، وأن كل رمز يمر بمرحلة القيم الاحتمالية على مستوى المعنى، ومرحلة القيمة المحددة المستحضرة على مستوى النص وقد تقود هذه المبالغة في هذا التحليل إلى القول بأن الرمز اللغوي لا يوجد له معنى قاموس، ولكن توجد له استعمالات سياقية.
أما رومان ياكبسون فقد ركز في تحليله للثنائي (رمز ــ رسالة) على الجزء الثاني منهما ــ دون أن يهمل الأول ــ لأنه يعتقد أن الرسالة هي التجسيد الفعلي للمزج بين أطراف هذا الثنائي، وهو مزج عبر عنه ياكبسون حين تسمى إحدى دراساته حول هذه القضية: "قواعد الشعر وشعر القواعد" وهو يعني بقواعد الشعر دراسته الوسائل التعبيرية الشعرية في اللغة، وبشعر القواعد دراسة الفعالية الناتجة من وضع هذه الوسائل موضع التطبيق.
ثانياً: الأسلوبية التأصيلية:
إذا كانت السمة العامة للأسلوبية التعبيرية الوصفية هي طرح السؤال: "كيف" حول النص المدروس، فإن الأسلوبية التأصيلية تهتم بأسئلة أخرى مثل "من أين" و"لماذا" وهذا اللون من التساؤل يقود الباحث بحسب اتجاه المدرسة التي ينتمي إليها، وبحسب لون اهتماماتنا التاريخية أو الاجتماعية أو النفسية أو الأدبية..
ويمكن أن نقف سريعاً أمام اتجاهين من اتجاهات المدرسة التأصيلية:
الأسلوبية النفسية الاجتماعية:
في سنة 1959 كتب الباحث الفرنسي" هنري مورير "كتاباً عن سيكولوجية الأسلوب".
طرح فيه نظريته الخاصة التي حاول من خلالها استكشاف ما أسماه "رؤية المؤلف الخاصة للعالم" من خلال أسلوبه. واكتشاف هذه الرؤية يقوم على أن هناك خمسة تيارات كبرى تتحرك داخل "الأنا العميقة". وأن هذه التيارات ذات أنماط مختلفة. والتيارات الخمسة الكبرى هي: القوة والإيقاع والرغبة والحكم والتلاحم، وهي الأنماط التي تشكل نظام "الذات الداخلية".
وقد يظهر كل نمط منها في شكل إيجابي أو سلبي، فالقوة قد تكون قاعدتها الشدّة أو الضعف، والإيقاع قد يكون متسقا أو ناشزاً، والرغبة قد تكون صريحة أو مكبوتة، والالتحام قد يكون واثقاً أو متردداً، والحكم قد يكون متفائلاً أو متشائماً.
5 ـ الأسلوبية الأدبية:
تعدّد الأسلوبية الأدبية أخصب ما تفرع عن فكرة "الأسلوبية التأصيلية" أكثرها في تاريخ "التعبير" في القرن العشرين، ونبه كارل فسلر في أوائل القرن إلى ضرورة بالغة بالاهتمام في التاريخ الأدبي: "لكي ندرس التاريخ الأدبي لعصر ما، فإنه ينبغي على الأقل الاهتمام بالتحليل اللغوي بنفس القدر الذي يهتم فيه بتحليل الاتجاهات السياسية والاجتماعية والدينية لبيئة النص".
ولكن الذي طور هذا الاتجاه وحوله إلى نظرية متكاملة في النقد اللغوي أو الأسلوبية الأدبية هو العالم النمساوي ليو سبيتزر وقد ألف كتاب اللسانيات واللغة التاريخية قد عرض فيه للمنهج الذي اتبعه هو في دراسة سرفانتس، وفيدر، وديدرو، وكلوديل. وتتلخص خطوات المنهج عند سبيتزر في النقاط التالية:
1 ــ المنهج ينبع من الإنتاج وليس من مبادئ مسبقة. وكل عمل أدبي فهو مستقل بذاته كما قال برجسون.
2 ــ الإنتاج كل متكامل، وروح المؤلف هي المحور الشمسي الذي تدور حوله بقية كواكب العمل ونجومه، ولابد من البحث عن التلاحم الداخلي.
3 ــ ينبغي أن تقودنا التفاصيل إلى المحور "الأدبي"، ومن المحور نستطيع أن نرى من جديد التفاصيل، ويمكن أن نجد مفتاح العمل، كله في واحدة من التفاصيل.
4 ــ الدراسة الأسلوبية ينبغي أن تكون نقطة البدء فيها لغوية، ولكن يمكن لجوانب أخرى من الدراسة أن تكون نقطة البدء فيها مختلفة: "إن دماء الخلق الشعري واحدة، ولكننا يمكن أن نتناولها بدءاً من المنابع اللغوية، أو من الأفكار، أو من العقدة، أو من التشكيل". ومن خلال هذه النقطة وضع سبيتزر طريقاً بين اللغة وتاريخ الأدب.
5 ــ النقد الأسلوبي ينبغي أن يكون نقداً تعاطفياً بالمعنى العام للمصطلح، لأن العمل كل متكامل وينبغي التقاطه في "كليته" وفي جزئياته الداخلية. لقد كان هذا المنهج التفصيلي الذي أورده سبيتزر في كتابه ذا أثر كبير في إخصاب النقد الأدبي وتخليصه من بعض الآثار السلبية للاتجاه الوضعي الذي كان لانسون يمثل قمّته في بدايات هذا القرن، وارتكزت في النقد الأدبي مبادئ لم تكن شائعة من قبل.
أ ــ النقد الأدبي ينبغي أن يكون داخلياً، وأن يأخذ نقطة ارتكازه في محور العمل الأدبي لا خارجه.
ب ــ أن جوهر النص يوجد في روح مؤلفه، وليس في الظروف المادية الخارجية.
ج ــ على العمل الأدبي أن يمدّنا بمعاييره الخاصة لتحليله، وأن المبادئ المسبقة عند النقاد الذهنيين ليست إلا تجريدات تعسفية.
د ــ أن اللغة تعكس شخصية المؤلف، وتظل غير منفصلة عن بقية الوسائل الفنية الأخرى التي يملكها.
هـ ــ أن العمل الأدبي بوصفه حالة ذهنية لا يمكن الوصول إليه إلا من خلال الحدس والتعاطف.
6 ــ الأسلوبية اللغوية:
يهتم هذا المنهج بشكل رئيسي بالوصف اللغوي للسمات الأسلوبية إنها بهذا المعنى الشكل الصرف للأسلوبية. يستهدف مؤيدوها الإفادة من بحث اللغة والأسلوب الأدبيين في إصلاح طرائق تحليلهم للغة، وذلك لتحقيق تقدم في تطوير نظرية اللسانية.
وعليه فقد كان الوصف اللغوي للسمات الأسلوبية هدفاً للتحليل الأسلوبي الذي اعتمده من يسمون بالأسلوبيين التوليديين أمثال: أومان وثورن، كما ظهر في الحقبة نفسها (أي بين الخمسينيات وأوائل السبعينيات) فئة أخرى من الأسلوبين اللغويين المعروفين بالأسلوبيين الحسابيين، منهم ما يليك (1967) الذي قام بدراسة حسابية بالكومبيوتر لأسلوب جاناثان سويفت، وجيبسون (1966) و(دراسته الإحصائية لأساليب النثر الأمريكي)، وأومان أيضاً (1962) و(دراسته لأسلوب جورج برنارد شو)
7 ـ الأسلوبية اللغوية المعاصرة:
من بين الأشكال الحديثة الأسلوبية اللغوية دراستان قامت بهما بيرتون للحوار الدرامي (1980) وبانفيلد للخطاب الروائي
(1982) على الرغم من أن طريقة بلومفيلد المعتمدة على القواعد التوليدية للجمل الروائية أكثر تطوّراً ودقّة من سابقاتها، فهي في حقيقة الأمر عودة إلى طريقة الأسلوبية التوليدية، لأنها تركز بشكل صرف على الصيغ اللغوية للجمل الروائية لا أكثر ولا أقل.
أسلوبيات أخرى :
الأسلوبية الصوتية : تهتم بالأصوات والأنغام وعلاقة الصوت بالمعنى
الأسلوبية الوظيفية : تهتم بالانحراف والعدول والانزياح
الأسلوبية الإحصائية : تقوم على إحصاء الظواهر اللغوية ودراسة التعبير لحذف الكلمات والجمل التي تعبر عن حدث والتعبير بالوصف ،والكلمات التي تعبر عن صفة و إحصاء وتفسير الظواهر .
الأسلوبية النحوية : تهتم بدراسة الترابط والانسجام والعلاقات الداخلية للنص ''الروابط والتراكيب '
المحاسن والمساوئ:
محاسن المنهج الأسلوبي:
ــ تقدم الأسلوبية طرائق علمية ومنظمة في تحليل اللغة ووصفها. ويعدّ هذا إسهاماً جيّداً في تطوير مداركنا ومعرفتنا للغة، خاصة بالنسبة للقراء والطلبة الأجانب.
ــ تزودنا بمعايير يعول عليها في وضع أيدينا على السمات الأسلوبية الهامة في النصوص .
ــ تقدم الأسلوبية فرصة للسانيين والقراء والطلبة للاضطلاع باكتشافات جديدة في التحليلات اللغوية التي تسهم بدورها في تطوير نظرية اللسانية، وقد يمكن اعتبار الأسلوبية اللغوية خطوة أولية في "دراسة بنيوية وأدبية وتاريخية أوسع لنص لغوي ما"، كما يشير بينيفست
عيوب هذا المنهج:
-شحه في الإسهام في التحليل الأدبي إسهاماً كبيراً. إذ يقوم بإعطاء قدر من التحليل، لكنه قدر غير كاف، بل أقل أهمية من القدر الأكبر الأساسي منه، وهو الوظائف الأسلوبية وعلاقتها بالمعنى وتأثيرها عليه.
- "اللسانية غير كافية وحدها في التحليل الأدبي، والمحلل الأدبي ــ لا اللساني ــ هو وحده الذي يحدد مكان اللسانية في الدراسة الأدبية
- لا تهتم الأسلوبية اللغوية بالتأويل، ولا تتخذه كغاية من غاياتها. بل غايتها القصوى تقديم وصف لغوي دقيق لنص ما. على الرغم من أن الوصف وجه من وجوه التأويل فإنه ليس تأويلاً. بل هو تمهيد وأرضية أساسية ينطلق منها التأويل.
مستويات التحليل الأسلوبي :
المستوى الصرفي : يدرس مظاهر إتقان الصوت ومصادر الإيقاع فيه ويبحث عن النغم والتعبير والتكرار والوزن والتوازي ....، وكل ما يتعلق بظاهرة الصوت ''ظواهر صوتية متكررة ''
المستوى المعجمي الدلالي :يدرس طريقة توظيف الألفاظ وأنواعها وطبيعتها والانزياحات الموجودة في المعنى والحقول الدلالية ...
المستوى النحوي التركيبي : يدرس الروابط الزمانية والمكانية والصوتية وأنواع الجمل والتراكيب وطرائقها فأنتجت الجمل الاسمية والفعلية ،الطول والقصر ،مكونات الجملة ....
المستوى البلاغي : يدرس أنواع الأساليب والحقيقة والمجاز ومختلف أنواع الصور الفنية والرمز والأسطورة ..
مقولات الأسلوبية : تنطلق الأسلوبية من ثلاث مقولات ،التركيب ، الاختيار والانزياح
الاختيار : لغة النص مميزة ومختارة بدقة غايتها أحداث الأثر ،يقول جوزيف ميشال شريم ''إن الكتابة إجمالا والكتابة الشعرية خاصة هي نوع من الاختيار'' ويقول نعوم تشومسكي من الاختيارات للكلمات داخل الجملة
التركيب : إن تركيب النص الإبداعي يكون خاصا وجديدا غير مألوف عند المتلقي ليثير ويدهش ويخلق توتر لدى القارئ يقول جون كوهن ''لا يتحقق الشعر إلا بقدر تأمل اللغة وإعادة خلقها مع كل خطوة ''،إذ إن لكل مبدع طريقة خاصة في توظيف اللغة وتركيب الجمل
الانزياح : أو الانحراف وهو الخروج عن الاستعمال المألوف للغة وتجاوز الدرجة صفر للكتابة يرى بول فاليري أن الأسلوب هو ''انحراف عن قانون النحو وهذا ما يؤكده مصطفى ناصف بأنه انحراف عن الأسلوب الواضح الدقيق
بين البلاغة والأسلوبية :تعد الأسلوبية امتدادا للبلاغة ونفي لها في آن واحد معا ، لكن:
ü البلاغة معياري يهدف إلى تعليم مادته موضوعه بلاغة البيان ،يتميز بإحكامه التقييمية بينما تنفي الأسلوبية عن نفسها المعيارية وإرسال الأحكام التقييمية وهي لا تسعى إلى غاية تعليمية .
ü البلاغة تحكم بمقتضى أنماط مسبقة وقواعد جاهزة بينما تلتزم الأسلوبية بتشخيص الظاهرة ووصفها وتفسيرها .
ü تهدف البلاغة إلى خلق الإبداع بوصاياها التقييمية، بينما تسعى الأسلوبية إلى تعليم الظواهر بعد أن تقرر ودها .
ü اعتمدت البلاغة فصل الشكل عن المضمون بينما ترفض الأسلوبية مبدأ الفصل بين الدال والمدلول .
ü تنظر البلاغة إلى الصورة نظرة منطقية فيما تتعامل الأسلوبية مع الصورة من منظور جمالي وظيفي
أهم الدراسات العربية الأسلوبية :
عرف النقد العربي الحديث والمعاصر المنهج الأسلوبي منذ بدايات القرن 20 على يد احمد الشايب في كتابه الأسلوب ثم توسعت الدراسات البحوث مع كل من :
ü عدنان بن ذريل، النص والأسلوبية
ü عبد السلام المسدي ، الأسلوبية والأسلوب
ü صلاح فضل ،علم الأسلوب مبادئه وإجراءاته
ü محمد عبد المطلب ، البلاغة والأسلوبية
ü نور الدين السد ، الأسلوبية وتحليل الخطاب
ü موسى ربابعة ، الأسلوبية مفاهيمها وتحليلها
ü منذر عياشي، الأسلوبية دراسته اللغوية الإحصائية
ü محمد الهادي الطرابلسي ، الشوقيات دراسة أسلوبية
ü إدريس قصوري ، أسلوبية الرواية زقاق المدق لنجيب محفوظ،
ü حسن ناظم البني ـــ الأسلوبية في أنشودة المطر ،
في الجانب النظري :
--الأسلوبية والأسلوب : لعبد السلام المسدي (1982) وتناول هذا الكتاب :
ü -الأشكال وأسس البناء
ü -العلم وموضوعه
ü -مصادرة المخاطب
ü -مصادرة الخطاب
ü -العلاقة والإجراء
ü -الملاحق والفهارس
--البلاغة والأسلوبية : لمحمد عبد المطلب (1994) وتناول :
ü -مفهوم الأسلوب في تراث القدامى
ü -الأسلوب في تراث المحدثين
ü -الأسلوبية نظرة تاريخية
ü -علم الأسلوب واتجاهاته وآلياته
ü -البلاغة والأسلوبية
في الجانب التطبيقي :
ü الأسلوبية دراسة لغوية اصطلاحية لسعد مصلوح 1982:
ü طعن هذا الكتاب المنهج اللساني الذي يعني بالظاهرة اللغوية واشتغل على الأسلوب الروائي بأداة إحصائية فاستخدم النسبة بين الصفات والافعال في النصوص لتشخيص الأساليب بين العلاقة وبين الكاتب والقارئ وكشف الأبعاد الدرامية
ü البنى الأسلوبية في أنشودة المطر للسياب للدكتور حسن ناظم :
ü وضمت هذه الدراسة مدخل نظري لدرس الأسلوبي الحديث ثم ثلاثة فصول تطبيقية .