Aperçu des sections

  • تقديم / أ. بشيري زين العابدين

    تحليل المعطيات الاجتماعية من المقاييس الموجهة لطلبة الثالثة علم الاجتماع في سداسيهم الخامس وهو مقياس يتضمن التوفيق بين المنهجية والأحصاء والنظريات. فالباحث أثناء تكوينه يكون في حاجة لاستخدام المعطيات التي يجمعها من ميدان الدراسة، لتوظيفها كحجة وبرهان لصدق فرضياته التي يفترضها للبحث. وحتى يكون البحث في ميدان السوسيولوجيا لا بد من الاعتماد على مقاربات سوسيولوجية يدمج فيها بين التحليل الوصفي والتحليل الاستدلالي الذي يمكنه من الوصول إلى نتائج تعكس الحقيقة كما هي في الواقع.

    ملاحظة مهمة: يتوفر لدى الأستاذ موقع خاص يُضاف لهذا الفضاء يمكن الرجوع إليه وهذا هو العنوان: www.drbachiri.weebly.com

  • المحاضرة 01 / محاضرة تمهيدية على شكل ملفpdf أسفل المحتوى

    المحاضرة الأولى: ( محاضرة تمهيدية ) على شكل ملفpdf أسفل المحتوى

    مدخل

           تحتاج الدراسات الاجتماعية إلى سيرورة منهجية لا غنى فيها عن الاحتكام للواقع المحسوس. فجميع الظواهر والمشكلات التي تثير حفيظة الباحثين، لا يمكن تفسيرها دون إخضاعها لمنطق التجريب والتحليل والتفسير. إلا أن الواقع العلمي في مجال البحوث الاجتماعية بات يلح على ضرورة تدقيق هذا الاتجاه الإمبريقي.

    " فالأمبريقية قامت على الاعتقاد السائد بأن الشيء الذي يمكن أن يُجرّب ويُحسّ هو الشيء الوحيد الصادق، وأن الاختبار النهائي للحقيقة العلمية هو التجربة الحسية"[1]. وهذه الأخيرة لا يمكن الوصول إليها دون استخدام المناهج و الأدوات اللازمة لتحويلها من مستواها النظري إلى مستوى القابلية للقياس. و من ثمة تفسيرها وتأويلها والوصول من خلالها إلى نتائج يمكن التنبؤ بها أو تعميمها.

           لأجل الوصول إلى الدقة في مستوى العمل البحثي يحتاج الباحث إلى أساليب وتقنيات متنوعة، تتماشى وخصوصية الظواهر المدروسة. إلا أنها تتقارب في مستويات تناولها في البحوث الاجتماعية. فالمعطيات التي تتوفر له أثناء إخضاع الظاهرة لمنطق التجريب، تتطلب اكتساب مهارات لازمة للتمكن من التفسير السليم لمسبباتها. إذ بعد طرح التساؤلات وفروضها وانتهاج خطوات البحث العلمي الاجتماعي المعروفة، ينتقل إلى تحويل ما تتوفر له من معطيات إلى مستوى التحليل و المعالجة التي تحتاج هي الأخرى إلى مهارات لتقريبها إلى مستوى الحقيقة العلمية المراد الوصول إليها. وهو ما نبتغي تقديمه في المحاور الثلاثة التالية:

     

     

    المحور الأول: تفريغ وعرض المعطيات

           يشمل : ـ تبويب وتفريغ المعطيات ( التبويب، الترميز، التفريغ المسطح ....)

                    ـ العرض الجدولي للمعطيات ( الجداول البسيطة والجداول المركبة )

                    ـ الرسومات البيانية

    المحور الثاني: طرق تحليل البيانات

           يشمل: ـ التحليل الوصفي للمعطيات

                  ـ أساليب الإحصاء الاجتماعي

                  ـ المقاييس والمعاملات الإحصائية

    المحور الثالث: المعالجة الآلية للبيانات

           يشمل: تطبيقات لبرامج الإعلام الآلي في عرض وتحليل المعطيات.

          ملاحظة: البرنامج مقترح في عروض التكوين

     

    [1] غريب عبد السميع غريب، البحث العلمي الاجتماعي بين النظرية والإمبريقية، مؤسسة شباب الجامعة، مصر، 2003، ص8

  • المحاضرة 02 موجودة بصيغةpdf أسفل المحتوى

    1 . 1 . تعريف البيانات وتحديد مصادر وطرق جمعها

                البيانات هي مجموعة من المشاهدات، أو الملاحظات التي تؤخذ أثناء دراسة معينة. وتجمع لغرض اختبار الفروض، وتقديم دليل تجريبي للتفسيرات والتنبؤات.[1]

    ومن أهم طرق جمع البيانات:[2]

    ـ طريقة المسح الشامل التي تجمع فيها المعطيات من جميع أفراد المجتمع الإحصائي ، أين تمتاز بالدقة العالية والوضوح والتفصيل والمصداقية، إلا أنها مكلفة ومجهدة وتحتاج عددا كبيرا من الباحثين.

    ـ طريقة العينة التي تمثل جزءا من المجتمع الكلي، والتي يراعى فيها ضرورة التمثيل الصادق للمجتمع بعد تعيينه وتحديد هدف الدراسة.

    تحدد مصادر جمع المعلومات عادة من مصدرين:[3]

    ـ مصدر مباشر: ويحصل من خلال النزول للميدان وجمع المعلومات مباشرة.

    ـ مصدر غير مباشر: ويندرج تحته:

    أـ السجلات والوثائق التاريخية

    ب ـ الاستبيان

    جـ ـ المقابلات الشخصية

    د ـ الاختبارات الخاصة  مثل اختبارات الذكاء.

    1 . 2 . خصائص المعطيات الاجتماعية

    ـ "المعطيات هي حلقة وصل بين النظرية والمفاهيم في مستوى التصور، وبين المنهجية المستخدمة في البحث من حيث مناهجها وأدواتها المستخدمة."[4] 

    ـ المعطيات الرقمية في علم الاجتماع تعكس التصورات النظرية المطروحة في البحث، أو تتجه نحو تأسيس نظرية جديدة.

    ـ الأرقام المتحصل عليها في أي بحث ميداني، هي تعبير عن الواقع الذي تكون عليه الظاهرة في حدودها الزمنية ( تطور البحث)، الجغرافية ( ريف ، مدينة ...)، وفي حجم انتشارها ( ضيقة ، واسعة)، وفي استمراريتها( متكررة أو ثابتة).

    ـ الأرقام قد تتجه نحو دحض النظرية ( قوانين ونتائج ) ، أو إثباتها و تطويرها في حال صدق النتائج.

    ـ البيانات تفسح المجال للتحليل من خلال تطوير المداخل النظرية.

    ـ المعطيات تدعم البحث الاجتماعي نحو الاستقلالية عن العلوم الطبيعية والدقيقة أو التلاقح معها، خاصة في مجال القوانين الإحصائية والرياضية، والتفاعل مع الحواسيب والوسائل التكنولوجية.

    ـ المعطيات تبحث في مجال المقارنة والموازنة بين الدراسات السابق بعضها بعضا.

    ـ للمعطيات الاجتماعية أثرها في توجيه الرأي العام وأصحاب القرار نحو سن القوانين واتخاذ القرارات التي تعكسها البحوث المبنية عليها.

    1 . 3 . علاقة المعطيات الاجتماعية بنوع البحث

           لنوع البحث علاقة مهمة بالمعطيات التي يسعى الباحث نحو جمعها وتحليلها. خاصة في البحوث الكمية و النوعية.

    ـ البحث الكمي: ترتبط فيه المعطيات الكمية بإجراءات رياضية، فتكون المعلومات المطلوب الحصول عليها قابلة للقياس، لأن الظواهر هنا قابلة للتقييم.

    ـ البحث الكيفي أو النوعي: يصعب فيه تقييم الظواهر كميا. فيكون جمع المعطيات هنا لا لقياسها، وإنما لتأويلها وفق تصورات الباحث. فالبحث الكيفي لا يسمح بنفس الدقة التي يسمح بها البحث الكمي.[5]

    ملاحظة: يراعى أثناء جمع المعطيات بالضرورة حجم البحث الذي تتواجد فيه. فحينما يكون بحثا بسيطا أو تقريرا  لغرض التدريب، يختلف الأمر عنه في البحوث الشاملة والمتخصصة. حيث لا بد من تلاؤم وسائلها وحجمها للأغراض التي تجمع لأجلها.

    1 . 3 . واجبات الباحث اتجاه المعطيات الاجتماعية

           يتطلب البحث العلمي في العلوم الاجتماعية مجموعة من القواعد التي تعكس اقترابه من التفسير السليم لمسببات الظواهر الاجتماعية ونتائجها. وللمعطيات في خضم ذلك أكبر الأثر نحو تشخيص الواقع بما يحمله من تفاعلات في مختلف الميادين الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها. و في كثير من الأحيان تكون النتائج المتحصل عليها من معطيات البحوث موجها لعدد من المسارات البحثية من جهة وللتفسيرات والتأويلات المكونة لثقافة المجتمع من جهة ثانية. ولذلك فالباحث مطالب بمجموعة من الواجبات اتجاه المعطيات التي يجمعها في بحثه، نذكر منها:

    ـ الدقة: فكلما كانت المعطيات دقيقة كانت الدراسة البحثية أكثر قربا من تفسير الواقع، وأقوى حجة للباحث في الوصول إلى النتائج الصحيحة. كما قد تساهم في تطوير البحث العلمي من خلال التواصل في الدراسات الاجتماعية.

    ـ الأمانة: فالمعطيات قد ينتج عنها قرارات مهمة لدى الساسة وأصحاب القرار، كما أنها تساهم في  تكوين الوعي الثقافي وتطويره نحو الظواهر الحاصلة في المجتمع. إضافة إلى كونها تراث علمي تنبني عليه مواقف و واتجاهات لدى الباحثين في مجالات مختلفة.

    ـ الموضوعية: فيجب أن تتلاءم المعطيات و الأهداف التي وُجد من أجلها البحث. وعليها أن تتجه نحو التشخيص المبني على الأسس العلمية التي تجعلها متوافقة مع الحاجات المجتمعية من جهة، والرغبة في إشباع الفضول العلمي لدى الباحثين.

    ـ الواقعية: فيجب أن تعكس الواقع الذي تحصل فيه الظاهرة دون توجيه من الباحث نحو أغراض غير نزيهة.         

    وعلى كل فالشروط الموضوعية تتعلق بالباحث ذاته، وما تتوفر فيه من مميزات، تجعله أكثر قربا من تحقيق ما سبق من خصائص.



    [1] المرجع السابق، ص187

    [2]  أحمد عبد السميع طبيّه، مباديء الإحصاء، ط1، دار البداية، عمان، الأردن، 2008، ص14

    [3]  أحمد عبد السميع طبيّه، مرجع سابق، ص13

    [4]  موريس أنجرس، ترجمة بوزيد صحراوي وآخرون، منهجية البحث العلمي في العلوم الإنسانية. تدريبات عملية، ط 2، دار القصبة للنشر، الجزائر،  2004، ص82

    [5]  موريس أنجرس، المرجع السابق، ص72

  • المحاضرة 03على شكل pdfأسفل المحتوى

    1 ـ  تبويب وتفريغ المعطيات ( التبويب، الترميز،....)

    1 . 1 . تبويب البيانات

    يمثل تبويب البيانات، الخطوة الأولى لبناء الأدوات البحثية. فيعمد الباحث إلى تصنيف المعطيات إلى فئات، معتمدا على نوعها وخصائصها. وموظفا مختلف الشروط الموضوعية والمنهجية التي تربط تساؤلات الدراسة وفروضها بالأهداف التي وضعت من أجلها البيانات. بمعنى أن التبويب يتجه نحو تصنيف المعطيات، وفق ماهو شائع في قسميها من بيانات نوعية، وأخرى كمية.

    أـ البيانات النوعية أو الوصفية: تقيس صفة ما لظاهرة معينة دون أن تأخذ قيما عددية. ويمكن أن تعبر على صفات اسمية  كالجنس ، الديانة ، الوظيفة. أو صفات ترتيبية مثل: مقبول ، جيد ، حسن ، متوسط.

    ب ـ البيانات الكمية: تأخذ قيما عددية صحيحة أو كسرية، حسب ظروف الحالة المدروسة. كالعمر أو علامات الطلاب أو أجور العمال.

           يتعلق ترتيب الفئات بفائدتها الإحصائية من جهة، ودلالتها السوسيولوجية من جهة ثانية. كما يتعلق أيضا بارتباطها بالعلاقات السببية والمدخل النظري المتناول.[1]

     

    1 . 2 . ترميز البيانات

           يعرف الترميز على أنه عملية تصنيف الاستجابات إلى فئات. كما يعبر على إحلال الرموز أو الدلائل مكان الكلمات والصفات والأسماء.[2]

     1 . 2 . 1 . طرائق الترميز

    الطرائق الشائعة والمعاصرة في تحضير وترميز البيانات اثنتان:

    ـ الترميز الاستنباطي: يختبر الباحثون الذين يتعاملون مع التحليل الكمي عادة فروضا مشتقة من نظرية. ولذلك فإن نظام الترميز الذي يستخدمونه لا بد أن يكون مرتبطا بالنظرية التي يسعون لتأييدها أو دحضها. في هذه الحالة يكون الحدس هو أحد أهم العوامل التي تستخدم في صنع قرار الترميز.[3] 

    ـ الترميز الاستقرائي: يصمم الباحث برنامج الترميز على أساس عينة تمثيلية. ويستخدم في غياب نظرية توجه الباحث. ويتميز بمرونته وغناه، حيث يمكن من توليد تفسيرات ملائمة للنتائج. ويساعد على إيجاد فئات جديدة. كما أنه يتلاءم عادة مع البحوث النوعية.

    1 . 2 . 2 . قواعد الترميز

    ـ يجب أن تتبع الأعداد الرمزية الإدراك الحدسي للمتغيرات الترتيبية على سبيل المثال، تخصص الأعداد الرمزية الأعلى للعلامات الأعلى.

    ـ يجب أن تقع كل وحدة تحليل في فئة واحدة ووحيدة فقط.

    ـ يجب أن يكون برنامج الترميز شاملا .

    ـ يجب أن تكون الفئات محددة بشكل كاف لتضم جميع الفروقات الموجودة في إجابات المبحوثين.

    1 . 2 . 3 . خصائص الترميز

    ـ  يجب أن لا يكون غامضا (رمز وحيد لكل معلومة )

    ـ يجب أن يتكيف مع حاجيات المستعملين (سهولة الاستعمال )

    ـ إمكانية التمديد و الإدراج

    ـ يجب أن يكون الرمز قصيرا قدر الإمكان.

    ـ  يجب أن يكون ذا معنى بقدر الإمكان (معبر)

    1 . 3 . تفريغ البيانات

                بعد مراجعة البيانات يتم صبها وفق التصميم الذي أعده الباحث في برامج الترميز في نظام التفريغ اليدوي أو بالاعتماد على برامج الإعلام الآلي. ويكون ذلك بالاعتماد بشكل كبير على الجداول التكرارية المختلفة بحسب نوع الدراسة ونوع البيانات المجمعة.

    اختيار أدوات جمع البيانات له علاقة مهمة بأساليب الترميز المتبعة من طرف الباحث والمؤدية إلى تفريغ سليم لها. ولذلك فالبناء المنهجي للاستبيانات وبطاقات الملاحظة وغيرهما من أدوات جمع البيانات تستدعي التفكير المسبق لمرحلة التفريغ. بمعنى أن الفئات المرتبة ترتيبا منطقيا للبيانات العامة ثم بيانات الفرضيات المقترحة في البحث يسهل صبها في برامج التفريغ حينما تكون مرتبة ومرقمة بشكل محضر مسبقا لها للبرنامج المتوفر للباحث.

           لبرامج التفريغ المتنوعة مستويات متفاوتة في تنقيح وتنظيف البيانات من العيوب التي قد تشوبها. وذلك من خلال إعادة القراءة والمراجعة والتنقيح بغية الوصول إلى اتساق كامل للمعطيات بهدف وضعها في مستوى قابل للتحليل والوصول إلى نتائج دقيقة.

    1 . 4 . علاقة التبويب والتفريغ  بالمفاهيم والفروض

           يرتبط تبويب البيانات وترميزها وتفريغها بمستويات متعددة من مراحل البحث الاجتماعي. حيث أن البناء المنهجي لفروض الدراسة المشتقة من مفاهيمها  يستدعي البحث منذ البداية على مجموعة من القواعد التي تجعل من البيانات ذات دلالة إحصائية للصيغ المقدمة في فرضيات الدراسة. ولذلك يتوجب مراعاة الشروط التالية:

    ـ يجب أن تكون الفروض قابلة للقياس من طريق إحصائي يعكس ضرورة اللجوء إلى البيانات لتحقيقها أو دحضها.

    ـ يجب توضيح الأبعاد المستخرجة من مفاهيم الدراسة وتخطيطها في مسودات الباحث كي يسهل استخراج المؤشرات منها. وتحويلها إلى رموز وأرقام قابلة للتنظيم في جداول التحليل.

    ـ الفروض تحمل ارتباطات بين متغيرات، ولذلك يحتاج الباحث إلى تصميم أساليب مناسبة لكل نوع من المتغيرات حتى يسهل إحداث التقاطعات الضرورية، خاصة منها في الجداول المركبة.

    1 . 5 . علاقة التبويب والتفريغ  بأدوات الدراسة ونتائجها

                يعد البناء السليم للأدوات البحثية والاستبيان منها خاصة مرحلة أساسية يعتمد عليها الترميز وتفريغ البيانات. ويستدعي ذلك التفكير في نوع الأسئلة الممكن تقديمها للمبحوثين وعلاقتها بالبحث عن نتائج منطقية تعكس الحقيقة التي هي عليها الظاهرة أو توصل إلى أقرب مسافة من التفسيرات الحقيقية لمسبباتها. وتظهر تلك العلاقة في مستويات ثلاث:

    البيانات التي ينطلق منها الباحث في محل الظاهرة تستثيره نحو التفكير في مشكلة الدراسة وتحويلها إلى المستوى البحثي. ولذلك فهي تعبير أولي يستدعي التساؤل وفرض الفروض، وهنا تظهر البيانات بشكل خفي محفز يتطلب البحث في دلالات انتشاره لدى أفراد المجتمع. وهذا هو المستوى الأول الذي يشغل الباحث ويضعه في موقف الحيرة العلمية والاستفهام الموضوعي نحو الظاهرة.

    مثال على ذلك بروز ظاهرة اختطاف الأطفال كظاهرة منتشرة في المجتمع الجزائري في السنوات الأخيرة. فمستوى الانتشار تثيره وسائل الإعلام، ويثيره حديث العامة من أفراد المجتمع، ويصبح التفكير في الظاهرة من جانبها الرقمي أكثر تأثيرا رغم أنها ليست ظاهرة جديدة في المجتمع. فهي تاريخيا موجودة في كل المجتمعات، إلا أن الرقم الخفي الذي يبرز الظاهرة يستفز الباحث بكمونه نحو البحث فيها وفي أسبابها. وهنا تظهر العلاقة التي أشرنا إليها للبيانات غير المعلنة بالتفكير في وضع تساؤلات وفروض لها.

    المستوى الثاني ينتقل فيه الباحث إلى جمع البيانات وترتيبها وترميزها وتحويلها إلى مستويات التحليل بالجداول والرسومات البيانية. وهنا تبرز العلاقة التي كانت كامنة في بداية البحث والتي تستدعي التنظيم والبناء المنطقي في عنوان الدراسة وتساؤلاتها وفروضها، بحيث تحمل ضمنها ضرورة البيانات كطريق منهجي يبعث على إيجاد التفسيرات المنطقية للفروض بالتدليل على صحتها أو دحضها. وفي هذه المرحلة تبرز أهمية المناهج والأدوات البحثية كوسائل ضرورية لتحويل البيانات إلى مستوى القابلية للتحليل والتأويل والمعالجة.

    المثال الذي يوضح ذلك توضحه ظاهرة العنوسة في الجزائر، حيث ومن خلال رقم واحد تثيره الجهات الرسمية في سنة ما ( 51% في 2016 لما هن أكثر من 35 سنة) تجعل من الباحث يتجه نحو البحث في دلالة هذه الرقم بتحويله إلى بحث كامل تكون فيه الأرقام ضرورة لتفسير أسباب انتشار الظاهرة. لكن المستوى المشار إليه هنا هو في المجتمع الإحصائي أو العينة المقترحة للدراسة حيث يبني الباحث تصميما تكون فيه البيانات المجموعة بأدوات الدراسة ومرمزة ومفرغة في جداول إحصائية طريقا لتفسير أبعاد الظاهرة وأسبابها أو أي زاوية أخرى للعلاج.

           المستوى الأخير للعلاقة بين جمع البيانات وترميزها وتفريغها يظهر في الأهداف التي وضعها الباحث لمسار البيانات التي استدعاها من محل وقوع الظاهرة، وهنا تبرز أهمية النظريات المفسرة التي ينتهجها الباحث في البحث عن الحقائق الموصلة إلى تحقيق الفروض أو دحضها في مرحلة النتائج. أين تظهر البيانات بصورة أخرى كامنة تحمل في دلالاتها أهمية الدراسة ككل وأهدافها التي وجدت من أجلها.    

           للتوضيح بمثال عن هذه العلاقة نثير قضية التسرب المدرسي كظاهرة تعتمد على بحث إمبريقي لتفسيرها، فالبيانات هنا تتجه نحو طرائق جمع البيانات وترتيبها وترميزها وتفريغها في جداول التحليل. فالأرقام التي قد يجمعها الباحث من مصادر أو وثائق رسمية لن تكون دلالاتها الإحصائية ذات جدوى ما لم ترسم لها أهداف مسبقة للوصول إلى نتائج تشخص الظاهرة من زاويتها السوسيولوجية. بمعنى أن الأرقام الموجودة مسبقا في المؤسسات المعنية ليس لها اي دلالة سوى الاعتبار أن الظاهرة في تزايد أو أنها تسبب مشاكل معينة. لكن الطرق الإحصائية المبنية على خطوات البحث والمعتمدة على بيانات أخرى مجموعة من محل حصول الظاهرة يحول الظاهرة إلى مستوى آخر من التفسير وهو الدلالات الإحصائية لمعطيات اجتماعية أخرى مسببة لها أو ناتجة عنها أو محيطة بها. فإذا كانت الإحصاءات تشير مثلا إلى أن التسرب المدرسي في مرحلة التعليم الثانوي هي 10% فإن ذلك لا يستدعي سوى محاولة تقليص هذه النسبة. أما الدلالات المقصودة في المستوى الأخير للعلاقة بالنتائج فيظهر في بحث المتغيرات التي تسبب الظاهرة وتفسر أبعادها، وتفسح مجالات واسعة لبيانات أخرى لها دلالاتها الاجتماعية.



    [1]  شافا فرانكفورت – ناشمياز و دافيد ناشمياز، مرجع سابق، ص136

    [2]  شافا فرانكفورت – ناشمياز و دافيد ناشمياز، مرجع سابق، ص319

    [3]  نفس المرجع، ص320

  • المحاضرة04 على شكلpdfأسفل المحتوى

    2 ـ العرض الجدولي للمعطيات ( الجداول البسيطة والجداول المركبة )

           تُعدّ الجداول التكرارية إحدى النماذج التنظيمية لتجميع المعطيات الاجتماعية حتى تعكس صورة الواقع الذي أخذت منه من جهة. ومن جهة ثانية حتى تكون قابلة للتحليل بشكل يناسب احتياجات البحث الذي أعدت لأجله.

           فبمجرد الانتهاء من ترتيب المعطيات المتحصل عليها، لا بد من عرضها بكيفية أو بأخرى، ليتم تحليلها ولكي يكون لها عندئذ معنى قد نسعى إلى اختصارها وتقديمها بكيفية مرسومة أو مصورة وإقامة علاقات بينها.دائما بهدف جعلها دالة بالنسبة إلى مشكلة البحث.[1]

    بالنسبة للجدولة يضع الباحثون ممن هم ذو خبرة خططا لعمليتها في نفس الوقت تقريبا الذي يقومون فيه بالتصميم لأدوات جمع البيانات واختيار العينة. في حين يقوم المبتدؤون منهم بأنفسهم بالتخطيط للجدولة حتى ينتهوا من جمع البيانات فالجدول يعتبر بمثابة أسلوب لعرض البيانات الرقمية المرتبة بأسلوب منسق في أعمدة لكل منها عنوان ( رأسيا) وصفوف (أفقيا). [2]

           الجدول إذا هو شكل تقني مختصر تجمع فيه البيانات بشكل متناسب مع خصائصها البحثية التي جمعت من أجلها، كما أنه الطريق المنهجي نحو تحويل المعطيات إلى دلالاتها الإحصائية التي تنقل الظاهرة المدروسة من مستوى وقوعها إلى مستوى تفسيرها واستخلاص النتائج منها.

    2 . 1 . أنواع الجداول

           يعرض الباحثون مختلف البيانات الإحصائية بأشكال متباينة، ترجع درجة تعقيدها إلى مستوى التناول الذي يجعلها شاملة، ومختصرة وقابلة للقراءة والتحليل. ونجد أهم أنواع الجداول ممثلة فيما يلي:

    أـ الجدول التكراري البسيط

    ب ـ الجدول التكراري ذو الفئات

    جـ ـ الجدول التكراري المتجمع الصاعد

    د ـ الجدول التكراري المتجمع الهابط

    ه ـ الجدول المزدوج أو المركب

    أـ الجدول التكراري البسيط

           يشير الجدول البسيط إلى ذلك النموذج الذي تجمع فيه البيانات بشكل بسيط، فتعرض في عموده الأول صفات أو خصائص مرتبة ترتيبا منطقيا يليه عمودين أو ثلاث للتكرارات أو النسب المئوية. مقابل الصفوف التي تعبر على تلك الصفات والمجاميع.

    مثال: علامات مجموعة من التلاميذ في مادة دراسية،

    التقدير

    التكرار

    مقبول

    16

    جيد

    8

    جيد جدا

    6

    ممتاز

    4

    المجموع

    34

    ب ـ الجدول التكراري ذو الفئات

           المقصود بالفئات هي البيانات المتشابهة في خصائصها والتي تختصر عرض عدد كبير منها في أقسام متجانسة مقابل عدد تكراراتها. وهناك عدة طرق لكتابة الفئات في جداول منها:

     

    78

    60

    74

    61

    54

    73

    73

    68

    64

    67

    65

    77

    66

    72

    69

    60

    63

    65

    74

    80

    55

    70

    63

    78

    66

    68

    69

    76

    50

    74

    77

    65

    57

    72

    72

    61

    76

    64

    67

    67

    67

    73

    66

    74

    63

    58

    78

    79

    71

    59

    55

    84

    61

    64

    81

    73

    68

    69

    71

    61

     

    الفئة

    التكرار

    ـ 10

    5

    ـ 20

    20

    ـ 30

    50

    ـ 40

    25

    طرق الكتابة للفئات:

    الفئة

    التكرار

    10 ـ 19

    5

    20 ـ 29

    20

    30 ـ 39

    50

    40 ـ 49

    25

     

    الفئة

    التكرار

    10 ـ 20

    5

    20 ـ 30

    20

    30 ـ 40

    50

    40 ـ 50

    25

     

    الفئة

    التكرار

    ـ 20

    5

    ـ 30

    20

    ـ 40

    50

    ـ 50

    25

     

    وللتذكير بالعملية الإجرائية في الإحصاء حيث يطلب تحديد طول الفئة الذي يساوي المدى على عدد الفئات.

     

     

     

     

     

     

     

     

    جـ ـ الجدول التكراري المتجمع الصاعد

           يقصد به تجميع تكرار كل فئة على جميع التكرارات السابقة لها بحيث يكون مجموع التكرار التصاعدي للفئة الأخيرة مساوٍ لمجموع التكرارات.

    مثال:  حساب التكرار المتجمع الصاعد للمعطيات التالية: 

    حدود الفئات

    التكرار

    05 -  10

    5

    11 -  20

    7

    21 - 30

    12

    31 - 40

    6

    41 -  50

    18

    51 -  60

    2

    المجموع

    50

    نضيف عمود نسجل فيه الحدود العليا لكل فئة

    حدود الفئات

    التكرار

    أقل من

    05 -  10

    5

    10

    11 -  20

    7

    20

    21 - 30

    12

    30

    31 - 40

    6

    40

    41 -  50

    18

    50

    51 -  60

    2

    60

    المجموع

    50

     

        

    نضيف عمود آخر لحساب التكرار المتجمع الصاعد ابتداءً بأول تكرار على أساس أنه ممثل لجميع من هم اقل من 10 يعني (5)

    نضيف لها تكرار الفئة الموالية ( 5 + 7 ) فنحصل على تكرار الفئة الثانية الأقل من 20 نحصل على (12)

    نضيف لها تكرار الفئة الموالية ( 12+12) فنحصل على تكرار الفئة الثانية الأقل من 30 فنحصل على (24) وهكذا مع بقية الفئات بحيث نحصل في نهاية الفئة تكرار متجمع صاعد مساوٍ لمجموع التكرارات.

     

    حدود الفئات

    التكرار

    أقل من

    التكرار المتجمع الصاعد

    05 -  10

    5

    10

    5

    11 -  20

    7

    20

    12

    21 - 30

    12

    30

    24

    31 - 40

    6

    40

    30

    41 -  50

    18

    50

    48

    51 -  60

    2

    60

    50

    المجموع

    50

     

     

    فالتكرار المتجمع الصاعد يبدأ بالصفر وينتهي بمجموع التكرارات

     

     

     

     

    د ـ الجدول التكراري المتجمع الهابط

    نقصد به تجميع تكرار كل فئة على جميع التكرارات التالية لها بحيث يكون مجموع التكرار التنازلي للفئة الأولى مساوٍ لمجموع التكرارات.

    مثال: حساب التكرار المتجمع الهابط لنفس المثال السابق

    حدود الفئات

    التكرار

    05 -  10

    5

    11 -  20

    7

    21 - 30

    12

    31 - 40

    6

    41 -  50

    18

    51 -  60

    2

    المجموع

    50

    نضيف عمود نحدد فيه الحدود الدنيا للفئات لكل فئة

     

    حدود الفئات

    التكرار

    أكبر من

    05 -  10

    5

    0

    11 -  20

    7

    11

    21 - 30

    12

    21

    31 - 40

    6

    31

    41 -  50

    18

    41

    51 -  60

    2

    51

    المجموع

    50

     

    نضيف عمود آخر لنحسب من خلاله التكرار المتجمع الهابط

    ننطلق من الخلية الأولى لأول فئة ( أكبر من 0 ) فنسجل فيها قيمة مجموع التكرارات أي (50) على أساس أنها هي التكرار المتجمع الهابط لها.

    نحسب قيمة التكرار المتجمع الهابط للفئة الموالية ( أكبر من 21) بطرح تكرارها من التكرار المتجمع الهابط السابق أي ( 50 -  5) فنحصل على 45.

    نحسب قيمة التكرار المتجمع الهابط للفئة الموالية ( أكبر من31) بطرح تكرارها من التكرار المتجمع الهابط السابق أي ( 45-7) فنحصل على 38.

    وهكذا مع بقية الفئات حتى نحصل على التكرار المتجمع الهابط للفئة الأخيرة بحيث يكون مساوٍ لتكرارها. ( وينتهي بالصفر كقيمة غير مسجلة )

    حدود الفئات

    التكرار

    أكبر من

    التكرار المتجمع الهابط

    05 -  10

    5

    0

    50

    11 -  20

    7

    11

    45

    21 - 30

    12

    21

    38

    31 - 40

    6

    31

    26

    41 -  50

    18

    41

    20

    51 -  60

    2

    51

    2

    المجموع

    50

     

     

    فالتكرار المتجمع الهابط يبدأ بمجموع التكرارات وينتهي بالصفر

     

    ه ـ الجدول المزدوج أو المركب

           يلجأ الباحث أحيانا في الجدول المركب إلى الأسلوب الذي يساعد على التعرف على الارتباط أو العلاقة بين خاصيتين أو متغيرين، حيث أنها تعمل على تسهيل تجميع الحالات التي يحدث أن ترتبط ببعضها ف اثنين أو أكثر الفئات.[3]

           يتم بناء الجدول الذي يربط بين متغيرين في نفس الوقت بالخطوات التالية:[4]

    ـ تحديد المتغير المستقل والمتغير التابع

    ـ تحديد فئات كل متغير

    ـ تحديد المتغير المستقل في السطر الأفقي الأول والمتغير التابع في العمود الأول.

    ـ وضع العلامات التي تمثل التكرار ومن ثمة الأرقام.

    مثال: توزيع مشترك بين الجنس والحضور للمحاضرة

     

    الجنس

    المجموع

    ذكور

    إناث

    الحضور

    12

    40

    52

    عدم الحضور

    108

    80

    188

    المجموع

    120

    120

    240

     

    2 . 2 . قواعد مهمة في وضع الجدول

           يشترط في تصميم الجدول بعض الملاحظات التي نجد من أهمها:

    ـ وضع عنوان للجدول يوضح خصائصه أو متغيراته أو العلاقات بينها.

    ـ إسناد الجدول إلى مصدره

    ـ ترتيب الجداول إن كانت متعددة بترتيب تسلسلي يتناسب مع صفحات البحث في تقارير التربص أو المذكرات، حتى يسهل وضعها في فهرس عام لها.

    2 . 3 . قراءة الجدول عامة

                لا تعكس الأرقام المرتبة في الجداول دائما صورتها الحقيقية التي جمعت منها في واقع الظاهرة الاجتماعية. إذ أنها تحتاج إلى قراءة وتفسير يربطانها بمفاصل البحث الذي تتواجد فيه، ولذلك فالباحث في حاجة إلى مجموعة من القواعد التي تمكن من القراءة السليمة للجدول، والتي نجد منها:

    ـ استحضار قيمتها المعنوية لأجل الإقناع والمحاججة في ميدان البحث الاجتماعي.

    ـ ضرورة القراءة الإحصائية للمعطيات بإحداث المقارنات والفروق بينها.

    ـ ضرورة القراءة التفسيرية أو السوسيولوجية التي تعكس الفروق والمقارنات الإحصائية باستخدام الأساليب الإحصائية والمقاييس التي يتبعها الباحث.

    ـ محاولة التحضير لتحقيق الفروض أو دحضها.

    ـ الاستناد إلى المعطيات الموجودة في الدراسات السابقة التي استعان بها الباحث.

    ـ محاولة الاقتراب من المداخل النظرية المتبناة في الدراسة.

    ـ الارتباط بأداة الدراسة من حيث القياس.

     

    2 . 4 . قراءة الجداول المزدوجة ( المركبة )

    تستخدم الجداول المزدوجة أو المركبة في ربط المتغيرات ببعضها، واستخراج العلاقات السببية والارتباطية بينها. ولذلك يلجأ الباحث في حقل علم الاجتماع إلى استخدامها في إحداث العلاقة بين المتغير التابع والمستقل خاصة في الدراسات الأكاديمة لدى المبتدئين . ولذلك يتجه في قراءتها إلى الالتزام  بمجموعة من الخطوات التي نبسطها بالمثال التالي:

    جدول يبين علاقة الشهادة المحصل عليها بتوظيف المدرس للوضعية المشكل

              م . تابع

    م . مستقل

    الشهادة المحصل عيها

    المجموع

    بكالوريا

    ليسانس

    ماستر

    التكرار

    النسبة

    التكرار

    النسبة

    التكرار

    النسبة

    التكرار

    النسبة

    توظيف الوضعية المشكلة

    دائما

    85

    64.88

    68

    70.10

    14

    8.13

    167

    41.75

    أحيانا

    12

    9.16

    21

    21.64

    120

    69.76

    153

    38.25

    أبدا

    34

    25.95

    8

    8.24

    38

    22.09

    80

    20

    المجموع

    131

    32.75

    97

    24.25

    172

    43

    400

    100

     

    أ‌.       التحليل:  يتم بشكل أفقي بالشكل التالي:

    ـ نقارن بين نسب العمود الأخير، ونبدأ بالتعبير عنها من أعلاها إلى أدناها ( 41.75 تليها 38.25 تليها 20 ).

    ـ في نفس الوقت نرفقها بأعلى نسبة تجمع بين المتغير التابع والمستقل (  70.10 ثم 69.76 ثم 25.95 ).

    نجمع الفقرتين السابقتين بالشكل التالي: تعتبر نسبة 41.75% أعلى نسبة للمجيبين بأنهم يستخدمون الوضعية المشكل دائما، تمثلها نسبة المجيبين من حاملي شهادة الليسانس بـ  70.10 % . تليها نسبة المجيبين بأنهم يستخدمون الوضعية المشكل أحيانا بـ 34.25% تمثلها نسبة المجيبين من حاملي شهادة الماستر بـ 69.76%. بينما تُعدّ أصغر نسبة للمجيبين بأنهم لا يستخدمون الوضعية المشكل أبدا بـ 20% تمثلها نسبة المجيبين من حاملي شهادة البكالوريا بـ 25.95%.

    ب . التوجيه: كما في الجدول ومن خلال الأسهم التي نصلها من أكبر نسبة إلى أقلها، نقول أن الحاملين لشهادة الليسانس هم أكثر المستجوبين في استخدامهم للوضعية المشكلة. يليهم حاملوا شهادة الماستر باستخدام الوضعية المشكلة أحيانا. بينما يعبر حاملو شهادة الماستر أنهم لا يستخدمون الوضعية المشكل أبدا.

    2 . 5 . علاقة الجداول بالفروض والنتائج

           تعتبر الجداول حلقة وصل بين مرحلتين مهمتين في البحوث الأمبريقية، هما مرحلة البناء المفهومي وفرض الفروض من جهة، وبين استخلاص النتائج لتحقيقها أو دحضها من جهة ثانية.

    ـ العلاقة بالفروض:

           المعطيات الكمية التي يسعى الباحث نحو جمعها تبنى بالضرورة من خلال تصور منهجي للفروض القابلة للتحليل من خلال قابليتها للقياس. والمقصود هنا بالقياس القدرة على الانتقال من مستوى المفاهيم إلى مستوى الأبعاد ومن ثمة إلى مستوى المؤشرات التي تعتبر بالضرورة متغيرات رقمية يُرجى اختبارها. فإذا كان البناء منذ البداية مرتكز على علاقات سببية واضحة بين متغيرين. فهذا يستدعي اللجوء إلى تجميع البيانات في جداول قصد تحويل الفروض إلى نموذج عملياتي قابل للقياس والاختبار.

           وهذا الطريق الذي يسلكه الباحث في بداية الإنجاز ، والذي يتجه فيه من بناء الفروض إلى تصميم الجداول، يتطلب منه الاختيار الدقيق للعينة ولأداة الدراسة التي يستهدفها بها. إذ كلما كانت الأسئلة أو الملاحظات التي ينزل بها إلى الميدان مبنية على مؤشرات لها دلالاتها الرقمية، كلما كان ذلك أدعى للتفسير والتأويل والاقتراب من اختبار الفروض وتحقيقها أو دحضها.

    ـ العلاقة بالنتائج:

           الطريق الثاني الذي يسلكه الباحث من الجداول نحو استخلاص النتائج يقود نحو استغلال الدلالات الإحصائية التي تحملها المعطيات المرتبة في الجداول. إذ أن تجميع تلك الدلالات الإحصائية المستقاة أصلا من الفروض تحتاج إلى تجميع وترجيح، بمختلف الأساليب الإحصائية التي قد تحقق الفروض أو تنفيها. بمعنى أن الباحث وهو يحلل المعطيات في الجداول يتجه نحو استكمال البناء المفهومي بتجميع نتائج المؤشرات المختبرة لدى المبحوثين وتحويلها من مجرد أرقام إلى خلاصات تفسيرية وسوسيولوجية تربط العلاقات السببية أو تربط بين متغيرات الدراسة وتفسح المجال نحو تفسير الواقع بالأرقام. وهو الاقتراب المنهجي الذي تحاول العلوم الاجتماعية فيه أن تقترب من الحقيقة الاجتماعية بحقيقة أخرى علمية قد ترتقي إلى مستوى النظرية لتثبت قوانينها وأطروحاتها. أو قد تكون سندا لتأسيس رؤى مستقبلية لتفسير الوقائع على مستوى الباحث.

     

     

     

     

    مثال تطبيقي يبين كيفية بناء جدول مركب من خلال متغيرين

    يتعلق المثال بعلاقة المشاهدة لبرامج التلفاز وجنس الأفراد المشاهدين،

    لنفترض أنه لدينا عينة مكونة من 40 فرد من الجنسين، ونريد أن نعرف الفرق بين الجنسين من حيث مشاهدة البرامج المتلفزة.

    نجري ذلك على ثلاث مراحل:

    المرحلة الأولى: تصميم جدول بسيط يفترض أنه يعكس إجابات المبحوثين عن بيانات عامة

    الجدول (01) يبين جنس المبحوثين

     

    التكرار

    النسبة

    ذكور

    16

    40%

    إناث

    24

    60%

    المجموع

    40

    100%

           نقوم بتفسيره بالطريقة المشار إليها سلفا

    المرحلة الثانية: تصميم جدول بسيط يفترض أنه يعكس إجابات المبحوثين عن فرضية وجود فروق في المشاهدة بين الجنسين.

    الجدول (02) يبين مشاهدة البرامج المتلفزة لعينة الدراسة

     

    التكرار

    النسبة

    يشاهد

    35

    87.5%

    لا يشاهد

    5

    12.5%

    المجموع

    40

    100%

    نقوم بتفسيره بالطريقة المشار إليها سلفا

    المرحلة الثالثة: نقوم بتركيب الجدول المزدوج الذي يجمع بين المتغيرين ( مشاهدة البرامج المتلفزة حسب جنس المبحوثين )

    جدول رق (03) يبين علاقة مشاهدة البرامج المتلفزة حسب جنس المبحوثين

        الجنس

    المشاهدة

    ذكور

    إناث

    المجموع

    ك

    %

    ك

    %

    ك

    %

    يشاهد

    12

    34.28

    23

    65.71

    35

    87.5

    لا يشاهد

    4

    80

    1

    20

    5

    12.5

    المجموع

    16

    40

    24

    60

    40

    100

    ملاحظة: أرقام العمود الثاني( 12 و4) والرابع(23 و1) نحصل عليها بفرز المشاهدين من الذكور والإناث أثناء التفريغ.

    تفسير الجدول إحصائيا:

    تشير معطيات الجدول رقم 03 الذي يبين علاقة مشاهدة البرامج المتلفزة حسب جنس المبحوثين أن الذين يشاهدون البرامج المتلفزة هم الذين يشكلون النسبة الأعلى بـ 87.5% وأغلبهم من الإناث بنسبة 65.71% . بينما لا يشكل الذين لا يشاهدون سوى النسبة الأضعف بـ 12.5% وأغلبهم من الذكور بنسبة 80%.

    تفسيره سوسيولوجيا:

    يستخدم الباحث تأويلاته المنطقية و يضيف لها الدعامات السوسيولوجية من الأفكار الواردة في النظريات والدراسات السابقة التي تربط متغيري الدراسة ببعضهما.



    [1]  موريس أنجرس، مرجع سابق، ص384

    [2] سلاطنية بلقاسم، حسان الجيلاني، أسس البحث العلمي، الكتاب الأول، ط2، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2009، ص166

    [3]  بلقاسم سلاطنية وحسان الجيلاني، مرجع سابق، ص167

    [4]  مهدي محمد القصاص، مبادئ الإحصاء والقياس الاجتماعي، جامعة المنصورة، مصر، ص138

  • المحاضرة 05 على شكلpdf أسفل المحتوى

    3 . الرسومات البيانية

           تمثل الرسومات البيانية إحدى أهم الوسائل التقنية التي يعتمد عليها الباحث في تفسير المعطيات الاجتماعية، حيث أنها تعكس الصورة التي تكون عليها المتغيرات في علاقتها ببعضها بصورة أكثر بساطة مما تكون عليها وهي في الجداول، رغم أنها مرتبطة بها بشكل كبير. " فقد يجد الناس صعوبة في قراءة وفهم الجداول العددية، لذلك تقدم الرسوم البيانية طريقة بديلة لعرض المعلومات المنظمة في توزيعات تكرارية. باستخدام الرسوم البيانية لخلق انطباع بصري عن البيانات لكي يستطيع الباحث إيصال المعلومات بطريقة أكثر فاعلية. يسود استخدام ثلاثة أنواع من الرسوم البيانية من قبل الباحثين : الدائرة البيانية، الأعمدة البيانية والمدرج التكراري. يستخدم كل من الدائرة البيانية والأعمدة البيانية لعرض البيانات التي تم قياسها عند المستويين الاسمي والترتيبي. كما يستخدم الباحثون المدرج التكراري لتمثيل بيانات المستويين الفئوي والنسبي"[1].

    هناك علاقة كبيرة بين التمثيل البياني وعرضها في الجداول، حيث أن نوع المعطيات المعروضة يجعلها تصنف إلى نوعين من التمثيلات البيانية:

    النوع الأول: رسومات خاصة بالبيانات غير المبوبة ( نوعية، متقطعة، منفصلة ):

    (البيانات غير المبوبة هي البيانات المفردة التي لا توجد بها فئات).

    وتشمل:    ـ الأعمدة البيانية

                ـ  الدائرة البيانية

                ـ الخط البياني

                ـ  المنحنى البياني.

    النوع الثاني: رسومات خاصة بالبيانات المبوبة ( متصلة )

    وتشمل:    ـ المدرج التكراري

                ـ المضلع التكراري

                ـ  المنحنى التكراري.

    1 ـ الأعمدة ( البسيطة، المزدوجة، المجزأة )

    مثال01: الأعمدة البيانية البسيطة

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

    مثال02: الأعمدة البيانية المزدوجة

     

     

     

    مثال 03: الأعمدة البيانية المجزأة

     

    2 ـ الدائرة البيانية

    الزاوية المركزية = ( تكرار القيمة / مجموع التكرارات ) x  3600        

     

    الزاوية الممثلة لعلم الاجتماع مثلا: 850 + 320 + 240 = 1410

    ( 850 / 1410 ) x 360 = 217.02 0

     

     

    3. الخط البياني

     

    4. المنحنى البياني

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

    النوع الثاني: رسومات خاصة بالبيانات المبوبة ( متصلة )

    1ـ المدرج التكراري[2]

    هو تمثيل بياني يعرض البيانات العددية منظمة في فئات متساوية.

    في حالة الجداول غير المنتظمة نوجد التكرار المعدل من القانون التالي:

    التكرار المعدل = التكرار الأصلي لكل فئة / طول الفئة المقابلة

    يتم تخصيص عمود لكل فئة وتكرارها، بحيث يكون طول الفئة هو قاعدة العمود وتكرارها هو ارتفاع العمود. ومركز الفئة هو منتصف العمود.

    فئات العمر

    -20

    -25

    -30

    -35

    -40

    -45

    عدد العمال

    2

    6

    9

    11

    7

    3

     

     

     

     

     

    مثال:

    الفئة

    التكرار

    مركز الفئة

    -20

    2

    22.5

    -25

    6

    27.5

    -30

    9

    32.5

    -35

    11

    37.5

    -40

    7

    42.5

    -45

    3

    47.5

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

     

    2. المضلع التكراري[3]

    تخصص لكل فئة وتكرارها نقطة، بحيث يكون الإحداثي السيني في المحور الأفقي لها هو مركز الفئة، بينما الإحداثي العيني على المحور العمودي هو التكرار.فنفترض فئة سابقة للفئة الأولى وفئة لاحقة للفئة الأخيرة وتكرار كل منهما صفر، ثم نوصل بين كل نقطتين متتاليتين بخط مستقيم بالمسطرة.

     مركز الفئة = ( الحد الأدنى + الحد الأعلى ) /2

     

    المثال السابق: نفس المعطيات

     

     

     

     

     

     

    3. المنحنى التكراري

    بعد رصد النقاط كما هي في الطريقة السابقة، نوصل متتاليتين بمنحنى باليد.

    نفس المثال السابق:

    ملاحظات مهمة حول الرسوم البيانية:

    ـ تُعرض الرسومات البيانية في البحوث الاجتماعية لإضفاء صورة أوضح عن البيانات المقدمة في الجداول. إلا أن تقديمها يحتم على الباحث مراعاة الأساليب الإحصائية التي تربط بعض أنواع الاختبارات .

    ـ علاقة الرسوم البيانية بالفروض المقدمة في البحث، تعكس نفس الصورة التي تقدمها الجداول. ولذلك يطلب من الباحث توظيفها عند التحليل بنفس المستوى الذي تقدمه المعطيات الجدولية.

    ـ علاقة الرسوم البيانية بنتائج البحث هي أيضا نفسها التي تعكسها الجداول، ولذلك يطلب من الباحث توظيفها أيضا عند التحليل مثلما تقدمها المعطيات الجدولية.

    ــ تغني البرامج التي تعالج المعطيات الاجتماعية في الحواسيب والتي يمكن من خلالها اختيار ما يناسب الباحث من الرسومات البيانية مختلف الجهود اليدوية التي يمكن أن تستغرق وقتا أطول،ومن بينها برنامج الإكسيلExcel و برنامج الحزم الإحصائية للعلوم الاجتماعية  spss 



    [1]  شافا فرانكفورت – ناشمياز و دافيد ناشمياز، مرجع سابق، ص340

     

    [2]   مهدي محمد القصاص، مبادئ الإحصاء والقياس الاجتماعي، جامعة المنصورة، مصر ، 2007، ص146

    [3]  مهدي محمد القصاص، المرجع السابق، ص148

  • المحاضرة 06على شكلpdfأسفل المحتوى

    المحاضرة 06على شكلpdfأسفل المحتوى

    المحور الثاني: طرق تحليل البيانات

    1ـ التحليل الوصفي للمعطيات

           يمثل التحليل محورا ترتكز عليه البحوث الاجتماعية في الانتقال من مستوى التصورات النظرية والافتراضات، إلى التجريب والاختبار، ومنه إلى استخلاص النتائج التي يستهدفها الباحث في دراسته. والتحليل أنواع ومستويات تتعلق بنوع الدراسة ومجال تخصصها، نجد من بينها التحليل الوصفي الذي يكمن في استخراج دلالات من المعطيات، تتناسب ومجال الاختبارات والمقاييس المقدمة من طرف الباحث. ويرتبط كثيرا بالإحصاء الوصفي الذي يعتمد هو بدوره على القوانين والحسابات الرياضية التي تطبق قوانينها في مستويات ومجالات مختلفة بحسب خصائص الظاهرة و طرق علاجها.

           "ففي حالة الدراسات الوصفية، فإن الباحث يلجأ إلى استخدام الأساليب الإحصائية الوصفية التي تصف الظاهرة أو المشكلة موضوع البحث ولا تتطرق إلى التعمق بدراسة الظاهرة والتعرف على بعض نواحي العلاقة أو الارتباط بمتغيرات الدراسة. ومن أهم الأساليب الإحصائية الوصفية: التكرار، الوسط الحسابي، المنوال، والوسيط والانحراف المعياري والتشتت.أما في حالة التعمق في الدراسات الارتباطية ووضع الفروض قصد فحصها إحصائيا، يلجأ الباحث إلى استخدام مقاييس الارتباط مثل اختبار سيبرمان والانحدار و Ttest"[1].

           هذا المسار الإحصائي هو الطريق الذي يقود الباحث نحو توظيف الأساليب الإحصائية في توصيف الظواهر من منطلق كمي، تكون فيها البيانات المجموعة من المبحوثين أو الملاحظة لديهم هي الركيزة التي يبنى عليها تصميم البحث، بداية من وضع الفروض وتساؤلاتها ومرورا بتنظيمها في الجداول والرسومات البيانية ووصولا إلى استخلاص النتائج.

    1 . 1 . الإحصاء الوصفي والإحصاء الاستدلالي     

    التحليل كما أشرنا ينبني على  مختلف الأساليب الإحصائية التي تحول الظاهرة من موقعها الحاصل في محلها إلى مستوى الدلالات الرقمية التي تجعلها ملاحظة و مقاسة بأبعاد رياضية، ويتفق كثير من المختصين في تقسيم الإحصاء في هذا المجال إلى قسمين ( وصفي واستدلالي ).

    أ ـ الإحصاء الوصفي

    يهدف إلى إدماج وتلخيص البيانات الرقمية بغية تحويلها من مجرد كمّ من الأرقام إلى شكل أو صورة أخرى يمكن فهمها واستيعابها بمجرد النظر. ومن أغلب الأساليب المستخدمة مقاييس النزعة المركزية ومقاييس التشتت ومقاييس الارتباط والانحدار. ويتوقف استخدام أيّا منها على نوعية البيانات ومستوى القياس، سواء أكان اسميا أو وصفيا أو ترتيبيا أو فئويا أو نسبة ... فالمقاييس الوصفية لا تفيد في حدّ ذاتها في الاستنتاج أو التنبؤ، وإنما تصف الكيفية التي تتوزع بها البيانات التي تمّ الحصول عليها فقط."[2]

    فالوصف في الإحصاء يعتمد على مجموعة من المقاييس والاختبارات التي لا تتجاوز في مستواها كشف الحقائق وإظهار الارتباطات وتحديد الخصائص العامة للمتغيرات والظواهر. لكنها لا تصل إلى حد النتائج والاستدلالات الخاصة بالمجموعات الأساسية للظاهرة.[3]

     

     

    ب ـ الإحصاء الاستدلالي

           "يستند إلى مجموعة من النظريات الإحصائية أهمها نظرية الاحتمالات ونظرية العينات، اللتان تمثلان حلقة الوصل بين الإحصاء الوصفي والإحصاء الاستدلالي ... ويهدف هذا الأخير إلى الوصول إلى تعميمات عن مجتمع الدراسة من خلال العينة المسحوبة من هذا المجتمع، ويشمل هذا النوع من الأساليب الإحصائية، الاحتمالات، العينات، اختبار الفروض مثل اختبار ك2 "[4]

    1 . 2 . علاقة التحليل الوصفي بالفروض والنتائج

           التحليل المستند على الأساليب الإحصائية لا ينطلق من فراغ ولا من مسلمات ، كما لا يصل إلى نتائج معروفة مسبقا. بمعنى أن الظاهرة التي تثير الباحث من خلال ما يثار حولها من أحكام وتصورات لدى العامة أو غير المختصين، قد تحتاج إلى أكثر من تفسير في ميدان العلوم الاجتماعية. ولا يمكن قبول أي مستوى من التحليل دون إخضاع الظاهرة ومتغيراتها إلى حقل التجربة العلمية التي تكون فيها المعطيات الرقمية في البحوث الكمية هي الفيصل الذي لا يمكن الوصول إلى الحقيقة فيه إلا من خلال القياس والاختبار للفروض مهما كان مستواها.

           يمكن توصيف العلاقة المفصلية التي تتموضع فيها المعطيات الاجتماعية في البحوث في المخطط التالي: مخطط 1 العلاقات بين الفروض والنتائج

    مسار 1

    مسار 2

     

    الفروض      مرورا بالمنهج والأدوات     الجداول والرسومات البيانية               النتائج                                                         

                                                                     مستوى التحليل 

    مسار 3

                 الرجوع إلى التحقق من الفروض

    يصف المخطط 1 ثلاث مسارات مهمة يضعها الباحث في تصميمه منذ اللحظة الأولى التي ينطلق فيها نحو البناء المفهومي لمتغيري الدراسة (المتغير المستقل والمتغير التابع) في حالة الدراسات الكمية:

    المسار1: من بناء الفروض إلى تجميع البيانات في الجداول أو التمثيلات البيانية

    ـ بعد تحديد المتغيرين وضبط التعريفات الإجرائية التي يتبناها الباحث، يضع تصورا مبدئيا للعلاقة التي تربطهما، والتي ترمي إلى مستوى القياس والتجريب الذي يستطيع الباحث حسب قدراته من انتهاجه. بمعنى أن الباحث يفكر في مستوى الأساليب الإحصائية التي سيطبقها في دراسته.

    ـ يراعي الباحث هنا الحدود التي تحيط بالظاهرة، خاصة منها العينة التي سيتعامل معها، فيضع تصميما للأدوات التي سيواجه بها المبحوثين.

    ـ يضبط العبارة التي تربط المتغيرين ببعضهما في تساؤلات الدراسة و فرضياتها لأن الأساليب التي سيستخدمها في وصف الظاهرة ترتبط بشكل كبير بالأسلوب الإحصائي الذي سيطبقه بعد جمع البيانات.

    المثال التالي يوضح الفرق في استخدام العلاقة التي تربط المتغيرين بالأسلوب الإحصائي المستخدم:

    الصياغة الأولى للفرضية: جنس المتعلمين له علاقة بتحصيلهم الدراسي

    الصياغة الثانية للفرضية: يؤثر الاختلاط في الجنس على تحصيل المتعلمين

    الصياغة الثالثة للفرضية: وجود الإناث في الصف يسبب ضعف التحصيل الدراسي للذكور

    الصياغة الرابعة للفرضية: لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية لمتغير الجنس على التحصيل الدراسي للمتعلمين.

    رغم أن هذه الصياغات غير مكتملة منهجيا في ربط المتغيرين ( جنس المتعلمين والتحصيل الدراسي ) إلا أن كل منها يفتح مجالا مختلفا عن الآخر في مستوى التحليل الوصفي للظاهرة في جانبها الإحصائي. فالبحث عن مجرد وجود العلاقة بين المتغيرين في الصياغة الأولى لا يمكن علاجه بنفس الأساليب الإحصائية التي تثيرها الصياغة الثانية التي تتطلب اختبارات أكثر دقة في البحث عن مستوى التأثير لوجود الجنسين معا في الصف. وكذلك الأمر في البحث عن الأساليب التي تقيس التالتأثير التأثيرضعف التحصيل لدى الذكور في الصياغة الثالثة، أو في الرابعة التي تحتاج أساليب غير التي تتواجد في سابقاتها.

    من خلال هذا المثال يتضح للباحث أن وضع الفروض لا ينبني على المطالعات النظرية أو الاقتباس من الواقع المعاش فحسب ـ ونحن هنا نخص البحوث الكمية ـ بل إن التفكير في تحويل مؤشرات الأبعاد المقترحة لكل مفهوم من متغيري الدراسة ينبغي أن يراعى فيه التوافق بين ثلاثة محطات مهمة ( العلاقة السببية أو الارتباطية بين متغيري الدراسة خاصة في مستوى الأبعاد ـ  المؤشرات والأسئلة الموجهة للمبحوثين في أدوات الدراسة وخاصة منها الاستبيان ـ الجداول والتمثيلات البيانية التي تعبر على بيانات الدراسة ) .

    المسار الثاني: من الجداول و التمثيلات البيانية إلى النتائج

           بعد أن يصمم الباحث دراسته ويجمع فيها البيانات في الجداول أو الرسومات البيانية أو في كليهما، ينطلق نحو التحليل ( وهنا لا نريد التركيز على التحليل بحد ذاته لأن ذلك سيأتي لاحقا في محور آخر ) حاملا معه التساؤلات التي وضعها في بداية البحث وفروضها، و هو في هذا الموقف سيكون أمام عدة اعتبارات:

    ـ مراعاة الربط المقصود في البحث بين المتغيرين ومستواه ( تأثير، سبب، علاقة، ارتباط...إلخ)

    ـ توظيف الأسلوب الإحصائي المنتهج في الجداول وما يلحقها.

    ـ الصياغة السليمة للنتائج بحيث يحصل فيها التوافق بين ثلاث مستويات ( الفروض ـ النتائج الإحصائية ـ نتائج التحليل ).

    نشير في هذا المستوى إلى بعض الأساليب الإحصائية المستخدمة لدى الباحثين في العلوم الاجتماعية:

    مقاييس النزعة المركزية: الوسط الحسابي، الوسيط والمنوال.

    مقاييس التشتت: المدى ، التباين، الانحراف المعياري والمتوسط.

    اختبار الفروض: اختبار سيبرمان، الانحدار Ttest.

    المسار الثالث: من النتائج إلى الفروض

           يعود الباحث بعد تحليل المعطيات و استخلاص النتائج ليربطها بالفروض التي وضعها في بداية البحث. ولكن الموقف العلمي و السوسيولوجي هنا يقتضي منه التفكير في مستوى أكبر من مجرد تحقيق الفروض والوصول إلى ربط المسارات السابقة ببعضها. بل إنه يتعداه إلى مستوى الواقع الذي استخرجت منه الظاهرة بأبعادها ومفاهيمها. فلا تكون الخطوات المنهجية والأساليب الإحصائية التي تتبعها الباحث محصورة في مستوى البحث، بل يجب الارتباط بما هو أدعى وأرقى للوصول إلى الحقيقة العلمية التي تفسر الظاهرة في محلها وحدودها وكل ما يحيط بها. 



    [1]  محمد عبيدات وآخرون، منهجية البحث العلمي. القواعد والمراحل والتطبيقات، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، الجامعة الأردنية، ص129

    [2] مهدي محمد القصاص، جامعة المنصورة، مصر، 2007، ص41 ( نقلا عن : اعتماد علام ويسرى رسلان، أساسيات الإحصاء الاجتماعي، دار الثقافة للنشر والتوزيع، ص10)

    [3]  نفس المرجع، ص43

    [4]  المرجع السابق، ص 44