يعد التطور التنظيمي للمؤسسات العامة ومراكز العمل المختلفة من السمات الرئيسية المميزة للمجتمع المعاصر، وهو معيار أساسي من معايير تنميته في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، لما يؤديه التنظيم من دور تتعاظم أهميته مع الاتساع الكبير في الوظائف المنوطة بهذه المؤسسات التي أصبحت معنية بالأداء الإنساني في مجالات السياسة والقضاء والتعليم والصحة والزراعة والصناعة والتجارة، ومختلف ألوان النشاط الإنساني رهن بتطور الطابع التنظيمي فيها، ورهن بتطور البعد المؤسسي في جوانبها المختلفة.
ويستمد التطور التنظيمي للمؤسسات أبعاده وخصائصه من السمات الكلية والعامة التي يتصف بها المجتمع الأوسع، فالتنظيم المؤسسي جزء لا يتجزأ من التنظيم الاجتماعي العام ويحمل خصائصه، مما يجعل التطوير التنظيمي للمؤسسات بمعزل عن التنظيم الاجتماعي العام عاملا من عوامل الاضطراب، ويؤدي إلى انتشار مظاهر الخلل وضعف الأداء في المؤسسات حتى مع اتصافها بخصائص التنظيم النموذجي الذي تنتشر ملامحه في المجتمعات الأخرى.
ويسهم التحليل الاجتماعي للنظم في دراسة المعايير التي تشاد عليها المؤسسات الفاعلة في المجتمع، وفي توضيح مقدار توافق أهدافها وغاياتها مع المعايير الاجتماعية والقيم الأخلاقية السائدة في التنظيم الاجتماعي العام، ذلك أن الأداء الإنساني في التنظيمات الاجتماعية إنما يرتبط بمقدار التوافق بين الأسس المعيارية التي تشاد عليه هذه التنظيمات مع المعايير الأخلاقية والاجتماعية السائدة في المجتمع بصورة عامة.
وتحفل دراسات علم اجتماع التنظيم بتراث نظري غني وواسع، يقدم الباحثون الاجتماعيون فيه تصورات نظرية متعددة لأسس تحليل النظم الاجتماعية وكيفية معالجة المشكلات التي تعاني منها المؤسسات بصورة عامة، ومشكلات العمل بصورة خاصة.
- Créateur de cours: KHADER SALIH